الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقل...والقفل

ليلي عادل

2004 / 7 / 7
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


يولد الإنسان بعقل منفتح على كل الأفكار , وقد أثبتت بحوث حديثة ان الطفل خلال السنين الثلاث الأولى من عمره يكتسب 80% من المعلومات التي تختزن في الدماغ , والتي يستخدمها بالتالي على مدى حياته لذا فأن هذه السنين الثلاث و بحسب هذه النتائج هي من أهم السنوات المؤثرة في طريقة تفكير و اتجاهات الشخص مستقبلا" , نستنتج من ذلك ان المفاهيم والاتجاهات التي تسود مجتمع ما, ما هي إلا نتاج هذه الأفكار المكتسبة خلال فترة قصيرة نسبيا" من حياة الإنسان و تفاعلها مع الأفكار السائدة , لذا فأن الباحثين يركزون على ضرورة الاهتمام بما يكتسبه الطفل و ما يشهده خلال أولى سنوات عمره .
وعلى النقيض , يعاني الأطفال العرب و العراقيين تحديدا" إهمالا" فكريا"كبيرا" حيث تشيع فكرة ان هذه السنوات من عمره هي فترة لا يمكن ان يدرك فيها الطفل او ان يتعلم و غالبا" ما يبقى الطفل في المنزل مع أمه التي تزوده بالأكل و الشرب فقط ولا يتم تعريضه لأي نوع من النشاط الفكري او العقلي , حتى عندما يحاول الطفل تلقائيا" ان يدرك الأشياء من حوله فأنه يجابه بالقمع و المنع ولا يحصل بالنتيجة على الإجابات التي يسعى إليها مما يتسبب مستقبلا" في إيجاد فراغات و استفهامات داخل العقل تظهر على شكل توقفات فكرية و ما نطلق عليه باللهجة العاميّة (الصفنة) .
يمكننا بالنتيجة ان نفهم كيف يتبنى الشخص فكر معين من خلال دراسة البيئة التي أحيط بها و الأفكار التي اكتسبها خلال سنين عمره الأولى فضلا عن مدى تقبله للتجديد الفكري و إصغائه للرأي المختلف فيما بعد , فكلما كان العقل غنيا" بالأفكار البناءة و المعلومة الحقيقية كلما كان أكثر انفتاحا و تقبلا وقدرة على نقاش وتحليل ما يجدّ عليه من فكر , وعكس ذلك فأن الشخص الذي يتعرض الى وهم و قمع فكري خلال سنيه الأولى , يتوقف لديه النمو العقلي عند نقطة محددة يتبناها و تشكل مرجعيّته وهي غالبا ما تكون موروثة او مكتسبة من البيئة المحيطة و هذا الشخص يكون غير قادر على استيعاب او نقاش الفكر المغاير , ويبتعد دوما عن التجديد ويمكن تسميته صاحب العقل المقفل .
ومن هنا تنشأ العصبية والانحياز الى فكر واحد يخدم هدف واحد , وغالبا ما لا ينسجم مع التطور الحياتي و الدفق الفكري بل يواجهه و يعاديه , ويمكننا تطبيق هذا على الفكر الديني فمن يتبنى هذا الفكر كما عرض عليه ..وخوّف به وارعب بالوعيد نجده متطرفا في آرائه متعصبا لخياراته الحياتية و يسعى الى فرض أسلوبه و لو بالسيف , وهذا ينطبق على الاتجاهات العصبية الأخرى كالقومية و المذهبية اللتان تنشآن كمصدر للوجود منذ وقت مبكر..
لذا فالعصبية هي توقف في النمو العقلي سببه النقص او التشويه في المعلومات المكتسبة خلال مرحلة الطفولة .
ان صناعة الوهم و الأيمان به هي من أكبر الكوارث التي أدت الى تدهور مستوى العقل العربي وأوصلت العرب الى ما هم فيه من تخلف عن ركب الحضارة و التطور العلمي العالمي وعدم قدرتهم على الانسجام مع هذا العالم ورفضهم الظاهري لكل جديد و مختلف مع علمهم ان لا غنى لهم عنه .
قبل أيام و في نقاش إذاعي صرح أحد المشاركين العرب ان صدام هو فارس العرب و ان محاكمته هي محاكمة للأمة العربية وبرر كلامه انه الوحيد الذي قال (لا ) لأمريكا …ان هذا هو مثال صارخ على ان الفرد العربي مبني على الوهم اللفظي , فهذا الشخص مهتم بكلمة (لا) التي لم تؤخر او تقدم وحولت الجبان الى فارس و بطل , ويمكننا ان نقيس على هذا المثال , كم هو منغمس الفكر العربي بأوهامه و عصبيته , وكم يفتقر الى الأداء المتطور المنفتح , حيث انه عندما يدخل العربي في نقاش لا يجد سوى الشتيمة إنقاذا" له من الجدل الفكري البناء , وهكذا فقد بلينا بالإهمال الطفلي و الوهم العربي ومعضلة العقل المقفل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة أمام وزارة الدفاع اليابانية رفضا لشراء طائرات مسيرة م


.. عادل شديد: مسألة رون أراد تثير حساسية مفرطة لدى المجتمع الإس




.. دول غربية تسمح لأوكرانيا باستخدام أسلحتها لضرب أهداف داخل رو


.. ما دلالات رفض نصف ضباط الجيش الإسرائيلي الاستمرار بالخدمة بع




.. أهالي جباليا يحاولون استصلاح ما يمكن من المباني ليسكنوها