الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيخ سعد الحريري ما بين العملية السياسية والدهنية الديمقراطية( المحنة السورية )

هيبت بافي حلبجة

2010 / 2 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


آنما نستقرىء حيثيات الوقائعية الفردية في المنطقة ، العربية والكوردية ، ينتابنا مغص قاهر يطيح بكل مرتكزات المنطق والعقل ، يعتورنا إحباط مستديم وشعور بالغبن يهصران كل بذرة حية في إرادة تشرئب بعنقها نحو التاريخ والحياة هصراً مقيتاً . كما لو إن مصيرنا أن تستبد بنا العقلية الجاهلة التي لاتقتات إلا من زبل التاريخ وعورة العقدة الدونية ، أو أن تستبد بنا إرادة القمع والفتك التي يعانون أصحابها من الشيزوفرانيا والميلانخوليا وآلام نقصان الفحولة . أنما نجول بطرفنا الناقد ما بين معطيات الأحداث التاريخية القائمة ، ندرك أيما إدراك مدى غياب إرادة الشعوب في تصور مستقبلها ، عمق الزيف والنفاق والإحتيال والعهر الذي يخنقنا أي خناق ، يميت فينا أواصر الرؤية والتبصر ، لنغدو قطعان من أشلاء بشرية نستجدي رحمة الموت . أجل دولة رئيس الوزراء اللبناني الشيخ سعد الحريري ، الأوجاع عديدة ، والآلام باطشة ، واليقين والتيقن يشكوان الغياب ، نعم دولة الرئيس الفاضل ، عناصر التهديم والغدر تقوض أساس كل خطوة نحو بناء العملية السياسية المتكاملة ذات الأبعاد المعرفية الراسخة ، كل خطوة متقدة في الدروب الوعرة للذهنية الديمقراطية ليكتنفنا البؤس ومشتقاته . أجل فخامة الصديق ، إن الأنظمة اللاديمقراطية تجتث كافة العوامل والمسوغات التي تؤدي إلى الإئتلاف والتناغي والأتحاد ما بين العملية السياسية والذهنية الديمقراطية وتألق صيرورة التاريخ ، وتقترف المحظور وتتاجر بالمقدس لتدهس بضراوة لامثيل لها على شرف وكرامة المنطقة ، ولتستبدل بنا أشباح من الوهم ، أشباح نحاكي الموتى ، نصاهر العدم والفناء ، نتلمظ أوار اليأس والعربدة والضغينة ، ولتستبدل جغرافية وديمغرافية المنطقة بأخرى لاتظهر آثارها إلا بعد فوات الأوان حينما يمسي الندم جزءاً من الماضي . وللأسف فإن تاريخ المنطقة لايدعو إلى الأعتزاز ، بل إلى الخيبة والتعاسة ، وإذا ما أحدجنا البصر في الأحداث الأخيرة ، نعي إن ما وسم آنذاك بمفهوم الثورة لم يكن في الحقيقة سوى تآمر وأنقلاب ( على سبيل المثال ما جرى في مصر عام 1952 على يد الرئيس جمال عبد الناصر الذي ملأ صحراء سيناء بالجثث ، ناهيك عما حدث في اليمن ) . وإذا ما أنبزغت ، في الجهة المضادة ، أشعة دافئة ناعمة ( الشهيد كمال جنبلاط ، الدكتور نور الدين الأتاسي ) أو تجربة واعدة على الصعيدين الدولي والأقليمي ( الشهيد الشيخ رفيق الحريري ) فإن الذهنية المجرمة والآيادي الآثمة ، سواء على شكل إغتيال أو انقلاب ، تتربص بها لتستأصلها ، وتقتل كل من ينحو هذا النحو ، جبران تويني ، سمير قصير ، جورج حاوي ، بيير جميل الأبن ، والقائمة ثقيلة ، ثقل المفارقة ما بين الأستبداد والبطش والقهر من جهة ، والعملية السياسية والذهنية الديمقراطية من جهة أخرى ، ثقل التفارق ما بين الغدر والخيانة من جهة ، والتضحية والفداء من جهة أخرى ، جسامة الفرق ما بين الإنتماء واللاإنتماء ، هول الشرخ ما بين الفاجعة والعظمة . صديقي حضرة الشيخ الفاضل ، كما إن الفكر والتاريخ لايتجزءان ، فإن العملية السياسية في المنطقة هي ذات وحدة واحدة لاتتقاسم ، تغرف من منهل ومعين الأذهان النبيلة والشخوص التاريخية المدركة لعوامل التطور والنمو والتواصل ، وإذا ما نضبت أو أغتيلت ( لاقدر الله ) ، فإن الكارثة سوف تحدق بكل شعاب ووديان المنطقة برمتها ، ومن هنا تحديداً بات لدينا بحكم البات إن قوى 14 آذار عظيمة بكل ما تعني هذه المفردة من المعنى ، وهي إزاء مهام ومسؤولية قد تغير ملامح المنطقة إيجابياً ، وهي إزاء أدوار تاريخية مفصلية قد تجعل من لبناننا الصغير الحبيب سراجاً وقاداً ، سواء في إعادة الدفق للعملية السياسية المدحورة في الشرق الأوسط ، سواء في إلإنطلاقة المحمودة للذهنية الديمقراطية . نعم ، إن قوى 14 آذار ، ولاسيما من خلال شخوصها الناضجة تاريخياً ( نذكر على سبيل المثال ، الشيخ سعد الحريري ، الشيخ امين الجميل ، الدكتور سمير جعجع ) تتمتع بأركان لاتهتز في أنضاج العملية السياسية على صعيد المعرفة التاريخية ، ووفقاً للمبادىء التالية ، المبدأ الأول : وحدة لبنان حسب التفاهم المشترك هي العمود المستنطق لكل أجزاء الحوار ، فلاحوار خارج وحدة لبنان ، ومصيره المشترك ، ومصالحه الجوهرية . المبدأ الثاني : لاتوجد تصورات مسبقة إقصائية لدى هؤلاء السادة ، فالكل يملك تمام الحق والفاعلية في إغناء وحدة لبنان ، وإضفاء خصوصيته هو على خاصية لبنان ، وهذا هو أهم مرتكز في العملية السياسية والذهنية الديمقراطية . المبدأ الثالث : الأجندات الأجنبية معدومة الأدوار في ذهنية هؤلاء السادة ، وتلك القوى ، إذ لاإعتبار فوق لبننة لبنان كمختبر واحد ، كوحدة حال ، وإذا ما أنتصر لبنان فالكل منتصرون ، وإذا ما أنهزم فالكل مهزومون ، وهذه هي اللبنة الثانية في العملية السياسية ترادفاً مع ذهنية الدمقرطة . المبدأ الرابع : التنافس المنطقي والتزاحم الإيجابي هما معياران للأبداع في سوسيولوجية لبنان . لكن ، دولة الرئيس ، ثمة إشكالية كبرى في ذهن المجتمع الدولي ( ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية ، جمهورية فرنسا العظمى ، المملكة المتحدة ، دولة أسرائيل ) تكمن في المفارقات التالية فيما يخص الزمرة الحاكمة في دمشق . المفارقة الأولى : لايرغب المجتمع الدولي في إعادة إنتاج التجربة العراقية في منطقة تتكالب عليها الأنظمة القمعية وعوامل الأرهاب ، وتتكاثر فيها عوامل الجهل بصورة سرطانية ، وتندحر في أزقتها أسباب العلم والمعرفة ، ويغدو المعدوم السالب كنه الوجود . المفارقة الثانية : إن القوى العربية والكوردية مابرحت أسيرة الجهل بالعملية السياسية ، ولاتدرك مفهوم التحرر الإجتماعي المرتبط بأسس الديمقراطية ، ولأنها مريضة في الذاكرة الشوفونية ، لاتعي علم السياسة إلا من خلال المناورات السياسية التافة ، لذلك فإن المجتمع الدولي لايثق بسيرورة التطور في سوريا ، على غرار الأشكال الكاريكاتورية ( مقتدى الصدر ، صالح المطلق ، أحمد جلبي ، الحارث الضاري ، وألوف آخرون ) في السياسة العراقية . المفارقة الثالثة : إن القوى التي تسمي نفسها زوراً بالديمقراطية ، واليسارية ، والماركسية ، هي أساس الإشكالية في سوريا ، وهي الوحيدة المسؤولة تاريخياً عن حدوث هكذا مأساة فيها ، لإنها لم تفهم التناقض في عملية التناقض ، وقتلت ماركس في لب فلسفته ، لذا ساهمت في قهر التطور وإذلال المواطن وقمع السوسيولوجيا . المفارقة الرابعة : لقد أدرك الغرب إن المعارضة السورية ، بكل أطيافها ، غير جديرة بأستلام السلطة ، وإن التناحر فيما بينها مهزلة طفولية حقيقية ، بل ذهنية بدائية تدعو إلى الشفقة والأشمئزاز ، ومن هنا تحديداً ، تظل الزمرة الحاكمة في دمشق ، بالنسبة للغرب وإسرائيل ، على الرغم من جرائمها العديدة في لبنان وتصديرها للأرهاب إلى العراق وتميرها لشعبها في سوريا ، أفضل صمام أمان لكبح دفق المزيد من الكوارث . المفارقة الخامسة : لقد بات مؤكداً إن القوى المسيطرة على صناديق الأقتراع في المجتمع السوري ، بعد سقوط الأسد ، ستتمثل في حركة أخوان المسلمين وأنصارها . ومن سخرية القدر أن هذه الحركة هي الوحيدة التي قرأت المبدأ ( التناقض في عملية التناقض ) قراءة سليمة ، لذا أدركت خطأها وتراجعت عن عضويتها في جبهة الإنقاذ ، وأستكملت اللعبة القذرة مع الأطراف الأخرى ( الغرب ، دولة أسرائيل ، الزمرة الحاكمة في دمشق ، حزب الله ، حماس ، أيران ) . من مجمل هذا الموقف ، ولوحدة شرط المختبر في المنطقة ، فإن الذكرى الخامسة ل14 شباط ، ومدى وقوة التعبير عنها ، لايمكن إلا أن تكون ذات دلالة عميقة ومؤثرة في الساحة السياسية كلها ، لذا فإن مجلس التضامن الكردي في سوريا ، يقوم هذه الذكرى بطريقة غير أعتيادية ، ويتمنى أن يقف الشعب اللبناني الشقيق وراء ذهنية القوى 14 آذار ، ليتتأصل المقاييس التاريخية للعملية السياسية وذهنيتها الديمقراطية المباشرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية الى السيد هيبت بافي حلبجة
سعيد علم الدين ( 2010 / 2 / 14 - 16:50 )
على هذا التحليل الراقي لمجمل الاوضاع الاليمة التي تعصف بمنطقتنا وتعيدنا في كل مرة الى نقطة الصفر او الى المربع الخانق الاول. مربع الدتاتوريات التي تتربع على مصائر شعوبنا . اقول للاخ هيبت ان ثورة الارز انطلقت شعلتها الديمقراطية الحضارية وستححق كل اهدافها. فهي ثورة شعب وليست انقلاب عسكري لضابط متامر على رفاقه.

اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر