الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صور المالكي ... فجوة بين الواقع والشعار

محمد ناجي
(Muhammed Naji)

2010 / 2 / 13
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


في أكثر من مناسبة اشرنا إلى حقيقة إن صدام ونظامه قد انتهى ، ولكن الشارع العراقي لا يزال يرقص على إيقاعات الصدّامية ، التي عززت ثقافة وأنماط سلوكية استبدادية ، تستقر عميقا في خلايا العقل وثنايا الروح العراقية . هذه الثقافة لا يمكن أن تزول بمجرد سقوط رمز الطغيان والاستبداد ، بل بإشاعة ثقافة بديلة ، غائبة حتى الآن ، محورها المواطن الإنسان فتحترم عقله وتصون كرامته وتحافظ على حقوقه في دولة القانون والمؤسسات ، لا يكون الحاكم فيها أكثر من موظف مكلف بإدارة شؤون المواطنين والمحافظة على مصالحهم وحقوقهم .
غياب هذا البديل لثقافة الاستبداد الصدّامية نلاحظه في الشارع يوميا ، حين تصفع وجوهنا أكثر من ممارسة ، وعلى أكثر من مستوى ، منها ما ظهر أخيرا من صور للمالكي الذي اصدر توجيه بإزالتها "وعبر دولة رئيس الوزراء ا عن شكره لمناصري القائمة داعيا إلى عدم اعتماد صوره كأساس في الحملة الانتخابية".
وليس غريبا ألاّ يوضح التوجيه ، الذي اشك في مصداقيته ، ما إذا سترفع الصور فقط أم اللوحات كاملة ؟ حيث يمكن أن تحل بدلا منها في موعد لاحق صور ودعاية أخرى ، تنطلق من نفس العقلية والخطاب السياسي الدعائي (العائلي – الأبوي ... ) الاستبدادي البائس ، المأخوذ من أرشيف الطغيان ، ومنها الصدّامية البالية .
إن هذه اللوحات أكثر من مجرد صورة ودعاية انتخابية قبل الأوان ، لأنها وبغض النظر عن محتواها ، تمثل خطوة في سباق التجاوز على الحق العام الذي فاز به دولة رئيس الوزراء ، بعد أن سيطر على مساحة وأماكن دعائية مناسبة قبل المنافسين ، بينما من واجب دولة الرئيس أن يحمي الحق العام ، خاصة وهو يرفع راية وشعار (دولة القانون) ! ولديه وهو يتربع على رأس السلطة التنفيذية إمكانيات دعائية واسعة ، أساسها عمله على أرض الواقع ، الأكثر مصداقيةً من ( بيع السمك في الشط ) واللعب بعواطف الناس – يمه إبشري ... أنتم أملنا ... أنتم في قلوبنا ... – وإذا وضعنا جانبا إنه وقائمته وأنصارهم يملكون صحيفة وقناة فضائية وعدد كبير من مواقع الانترنت ، تبقى لديهم إمكانية استخدام مقار تنظيماتهم أو استئجار أسطح البيوت والبنايات واللوحات ، كما تفعل الشركات التجارية مثلا .
إن هذا الخطاب الدعائي السياسي البائس والتجاوز على الحق العام سيتكرر حتما من قبل نفس الجهة أو غيرها من الفعاليات المرشحة في الانتخابات المقبلة ، لأن العقل السياسي العراقي ، كما كتب عنه بواقعية إسماعيل شاكر الرفاعي في كتابه (تشريح الاستبداد - النظام العراقي نموذجا) الذي كتبه في دمشق في آذار 1998 " إنهم – يقصد المعارضة العراقية حينها ، ومنها بالطبع المالكي الذي كان مقيما في دمشق - الضحايا الذين يماهون في وعيهم جلادهم ، فهم لا يعارضون طريقة في الحكم أو منهجا في السياسة بل شخصاً بعينه ، فكما حول صدام العراق إلى ضيعة ، يريد هؤلاء إعادة إنتاج الاستبداد والدكتاتورية " .
لقد تحدث مؤخرا سياسي عراقي بارز ، في مقابلة تلفزيونية ، عن ضرورة الحرص على الحق العام ، وأشار إلى الموقف المعروف لعلي بن أبي طالب (ع) من شمعة بيت المال ، وإنها المثل والمعيار . نعم حرّي بنا ، وخاصة من يدّعي الانتماء إلى مدرسة محمد وعلي وآل البيت ، وما أكثرهم هذه الأيام ، أن يثبت بالفعل وليس بالقول أنه يقتدي ويهتدي بنور تلك الشمعة ، بل وذاك النعل المخصوف ، ومعها تلك العنزة وعفطتها ، ويمجد تلك اليد التي لم تمتد لتصافح أبا سفيان وتنتهز فرصة الوصول للسلطة واستلامها بأي ثمن ، وكل تلك المواقف الإنسانية النبيلة والمثل السامية ، والوصايا ، الدستور ، لإمام المتقين ورمز العدالة الإنسانية على مر العصور ، في عهده لمالك الأشتر حين ولاه مصر ، ومنها :
( ثم اعلم يا مالك أني قد وجهتك إلى بلاد قد جرت‏ عليها دول قبلك من عدل وجور ، وأن الناس ينظرون من أمورك ‏في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك ، ويقولون فيك‏ ما كنت تقول فيهم .... فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح . فأملك هواك ، وشح بنفسك عما لا يحل لك ، فإن الشح بالنفس‏ الإنصاف منها فيما أحبت أو كرهت .... وإياك والاستئثار بما الناس فيه أسوة ، والتغابي عما يعنى ‏به مما قد وضح للعيون فإنه مأخوذ منك لغيرك ....)
ويا علي ! يا مولاي ... قتلتنا الردة إن الواحد منا يحمل في الداخل ... ضده !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد