الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برامج الوزراء و الرؤساء

بودريس درهمان

2010 / 2 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


يستطيع أي مغربي يتوفر على تعليم متوسط و يستعمل الانترنيت أن يسرد البرامج السياسية لمجموعة من الحكومات و الوزراء الأوروبيين ويمكنه بتتبع حثيث القيام بمقارنة بين محتويات البرامج السياسية المعلنة قبل دخول الحكومة، و البرامج السياسية المنجزة بعد نهاية مدة صلاحية الحكومة، و لكن حينما يتعلق الأمر بحكومة المملكة المغربية أو أحد حكومات الدول المنتمية إلى الضفة الجنوبية لبحر الأبيض المتوسط يجد المرء صعوبة جمة في العثور على البرامج السياسية لأحد هؤلاء الحكومات و البرامج.
في الحكومة المغربية الحالية وزير فقط هو من يتوفر على برنامج و لكن المثير للانتباه هذا الوزير لم يكن يتوفر فترة استوزراه على حزب سياسي. هذا الوزير هو وزير التربية الوطنية, كل وزراء الحكومة الحالية، باستثناء وزير التربية الوطنية و يمكن إضافة حتى وزير التجهيز فمن غير هاذين الوزيرين كل الوزراء لا يتوفرون على شيء اسمه برنامج للوزير. وزير التربية الوطنية لديه برنامج اسمه البرنامج الاستعجالي ووزير التجهيز لديه برنامجا خاصا يتعلق بمدونة السير على الطرق وزير التربية الوطنية الحالي سبقه في هذا التقليد وزراء سابقون مثل سعيد السعدي في البرنامج الذي يخص إدماج المرأة في مسلسل التنمية أو محمد الكحص في البرنامج الذي يخص المخيمات الصيفية و الجامعات الشعبية، حتى التهامي الهاروشي يمكن إضافته إلى هذه الطينة من الوزراء لما قام بتحديد برنامجه السياسي البسيط المتعلق بنظافة المستشفيات و تجهيزها بالا فرشة و الأغطية، فمن دون هؤلاء نكاد لا نعثر على برامج سياسية للوزراء. كل ما يتوفر عليه هؤلاء الوزراء هي وظيفة سامية لا اقل و لا أكثر. وزير التربية الوطنية الحالي هو الوحيد في هذه الحكومة الذي يلوح صباح مساء ببرنامجه السياسي المعروف بالبرنامج ألاستعجالي للتربية و التكوين و الذي يتكون من ثلاثة وعشرون مشروعا.
التقاليد السياسية لدى الحكومات و الوزراء الأوروبيين تقتضي دائما التوفر على برنامج و تحديده بشكل واضح قابل للتقويم البعدي، بما فيها حتى برامج رؤساء الدول. مثلا رئيس الجمهورية الفرنسية الحالي السيد نيكولا ساركوزي، قبل أن يصبح رئيسا وضح أثناء اللقاءات العمومية و في مواجهته مع وسائل الإعلام برامجه السياسية المحددة، و بمجرد ما أصبح رئيسا بدا في أجرأتها. في الرسالة التي وجهها لوزير خارجيته يوم 27 غشت2007 و التي تتعلق بتهيئ كتاب ابيض حول السياسة الخارجية الفرنسية و الشؤون الأوروبية قال لوزير خارجيته بأنه انطلاقا من هذا الصيف،أي صيف2007 ستتم المراجعة الشاملة للسياسة العمومية الفرنسية، تماما كما فعلت ذلك دولة كندا خلال تسعينيات القرن الماضي و ذلك لتفادي كل السياسات المهدرة للطاقات...في إطار هذه المراجعة سيتم تطبيق الالتزامات المقدمة للشعب الفرنسي إبان الحملة الانتخابية حينما أكد للفرنسيين بأن هذه السياسة التي تحد من إهدار الطاقات و الامكانيات ستمس حتى الوظيفة العمومية حيث من بين موظفين اثنين واحد منهم سوف يحال على التقاعد.بالإضافة إلى هذا ستتم مواصلة عملية التخفيض من المديونية العمومية إلى اقل من 60% من الناتج الداخلي الخام. زد على كل هذا ستتم مواصلة عملية التخفيض من نسبة الاقتطاع الضريبي الإلزامي إلى أربع نقط خلال العشر سنين القادمة...هذه الإجراءات المتخذة هي نقط محددة بالتدقيق في البرنامج السياسي الذي قدمه للشعب الفرنسي
من بين الإجراءات التي تدخل ضمن برنامجه كذلك هو إصداره لظهير تنظيمي يوم 30يوليوز 2007 يخص إنشاء لجنة أمنية متعددة التخصصات و متعددة الأعضاء كذلك.
نقط برنامجه السياسي محددة و بمجرد ما أصبح رئيسا استرسل في تنفيذها هكذا تنفيذا لهذا البرنامج أصدر وزيره في التربية الوطنية يوم 28 شتنبر 2007 قرارا ينص فيه على حذف حصة الدرس الصباحية ليوم السبت. التلاميذ الفرنسيون مستوى ابتدائي هم وحدهم من بين كل التلاميذ الأوروبيين الذين يدرسون 900ساعة إجبارية في السنة رغم ذلك مردوديتهم أقل من مردودية أمثالهم الأوروبيين. السويديون مثلا يدرسون فقط 740 ساعة إجبارية. في حين ألمانيا تتراوح عدد الساعات فيها ما بين 630 و 770 ساعة إجبارية و في فنلاندا عدد الساعات يتراوح ما بين 530 و 650 ساعة. رغم عدد الساعات المرتفعة بداخل المدارس الابتدائية الفرنسية فإنهم لم يستطيعوا كما جاء ذلك في تقرير المجلس الأعلى للتعليم الفرنسي في إيجاد حلول لمشاكل التمدرس التي تخص فئة عريضة من التلاميذ قدرها المجلس الأعلى بحوالي 15%.
من بين الإجراءات التي اتخذها السيد وزير التربية الفرنسية كذلك هو خصم حوالي 10000منصب شغل من ميزانية سنة 2008 المخصصة للتربية الوطنية الفرنسية. هذا الإجراء الذي خص وزارة التربية الوطنية هو إجراء يندرج في إطار برنامج حكومي من بين أهدافه إلغاء حوالي 30000 إلى 40000منصب شغل من الوظيفة العمومية.
الفرنسيون حققوا أهدافهم التربوية على مدى قرنين من الزمن وقد يستطيعوا حذف مناصب الشغل الزائدة أما نحن المغاربة فالزامية التعليم و تعميم التعليم على كافة أبناء المغاربة لم نبدا في تطبيقه بشكل جدي إلا أواخر القرن العشرين، لهذه الاسباب فان المنظومة التربوية الوطنية المغربية عكس نظيرتها الفرنسية محتاجة الى مدرسين اكثر، حيث أقرت منظمة اليونيسكو بضرورة توظيف و تشغيل أكثر من ستة ألاف مدرس جديد في السنة على الأقل. في الوقت الذي أقرت فيه منظمة اليونيسكو بهذه الضرورة قام المسئولون المغاربة على وزارة التربية الوطنية ومنذ سنة 2002 بشبه تدمير لـ34مؤسسة وطنية مختصة في تكوين مدرسي و موظفي التعليم الأساسي و التعليم الأولي...
البرنامج الحكومي الفرنسي الذي التزم به نيكولا ساركوزي يكاد يكون إلزاميا بل ويكاد يكون شبه لا شخصي لان معظم محتوياته و توجهاته مستمدة من السياسات الأوروبية الملزمة للدول المنضوية تحتها و ساركوزي ليس إلا واحد هضم هذه السياسة الأوروبية وجرب فلسفتها و مراميها، أما نحن فماذا سنهضم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو لجنود الاحتياط على الحدود مع لبنان: نقدر خدمتكم ونعم


.. مؤسس موقع ويكيلكس يقر بالتهم الموجهة إليه بعد اتفاق مع الحكو




.. مسيرة حاشدة في كوريا الشمالية لإحياء الذكرى الرابعة والسبعين


.. الشرطة البريطانية توقف 4 أشخاص لاقتحامهم حديقة منزل رئيس الو




.. أخبار الصباح | زوجة نتنياهو تتهم الجيش بمحاولة الانقلاب عليه