الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فخار يكسر بعضه

درويش محمى

2010 / 2 / 16
كتابات ساخرة


وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان يكذب, فلا هو ولا نظامه في اسرائيل, تتوافر لديهم النية والرغبة في اجراء من شأنه تغيير النظام في سورية, وتصريحه الذي توعد فيه بشار الاسد بحرب خاطفة لن تبقي على حكمه وحكم عائلته, هو مجرد كلام في كلام, كذلك الحال مع ايهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي, فهو يكذب كزميله الوزير ليبرمان, وتصريح باراك الذي حذر فيه من وقوع حرب شاملة بين بلاده والجارة سورية, هو مجرد كذب وضلال مبين, اما بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي ذهب عكس وزيريه ليبرمان وباراك, فهو الآخر لم يكن أفضل منهم, وتصريح نتانياهو الذي ادعى فيه"بأن تل ابيب تسعى إلى الحوار والتوصل لاتفاق سلام مع دمشق", هو نفاق في نفاق ومجرد أباطيل لأ اكثر ولا أقل .
تعتبر تصريحات ليبرمان هي الاقوى من بين قريناتها, ليس بسبب ردة الفعل القوية التي اطلقها الوزير السوري وليد المعلم, والتي وصف فيها الطرف الاسرائيلي ب¯"الزعران", ولا حتى بسبب التصريح الخطير لبشار الاسد نفسه على صفحات مجلة "نيويوركر" الاميركية, والتي تشبه تصريحات ليبرمان شكلاً ومضموناً, فقد تدخل هو الآخر في شؤون الغير الداخلية, وبشكل سافر وعلني, وهو يدعو إلى تغيير النظام في لبنان, لكن رغم الكم الهائل من التصريحات المتتالية من هذا الطرف او ذاك, تبقى تصريحات ليبرمان هي الاقوى والاكثر وقعاً بين كل التصريحات, الاسرائيلية منها وغير الاسرائيلية, لانها وبكل بساطة تشكل خرقاً وخروجاً فظاً عن المعهود والمعمول به بين الطرفين السوري والاسرائيلي .
العلاقة الاسرائيلية ¯ السورية, لا شك ان لها تشعباتها وتعقيداتها, لكنها في الوقت نفسه علاقة واضحة المعالم, وكل من الطرفين السوري والاسرائيلي يدرك طبيعة هذه العلاقة, حدودها, ابعادها, خطوطها العريضة وغير العريضة, الحمراء وغير الحمراء, والاتفاقات والتوافقات الضمنية والعلنية التي تحكمها, ومما لا شك فيه كذلك, انها تعتبرعلاقة فريدة من نوعها وتتميز عن غيرها من العلاقات بديمومتها واستقرارها, فالجار السوري "الوديع" مازال على حاله لم يتغير ولم يغير لا من تكتيكاته ولا من ستراتيجياته الفاشلة لتحرير الجولان المحتل, منذ حرب اكتوبر اللاتحريرية, اما اسرائيل الطرف القوي والرابح الكبير من استمرار هذه العلاقة غير المتوازنة, فهي تعتبر حالة اللاحرب واللاسلم التي تربطها بسورية, حالة مثالية, ولو عاد الزمن اليوم بصانعي القرار في "تل ابيب" اربعة عقود الى الوراء, ولو سنحت لهؤلاء الفرصة وكامل التصرف والحرية لرسم سيناريو علاقة بلادهم مع سورية, لما ترددوا ولو للحظة, باختيار العلاقة الحالية التي تربط البلدين السوري والاسرائيلي, بكل مراحلها وتفاصيلها, فهي علاقة ضمنت وستضمن لاسرائيل استمرار احتلالها لهضبة الجولان السورية الغنية بمواردها, كما ضمنت وستضمن حدوداً هادئة "ورايقة جداً" مع الجار السوري, في المقابل لم تشهد تلك العلاقة طوال الاربعة عقود من عمرها الطويل والممل, اي تدخل اسرائيلي في الشأن الداخلي السوري.
قد يستغرب البعض موقف الطرف الاسرائيلي, الذي لا يريدها حرباً ولا سلماً مع سورية, لكنها محقة اسرائيل في موقفها, فهي غير مضطرة للدخول في عملية سلام مع سورية, ودفع ثمن لا يستحقه الطرف الاخر السوري الضعيف والخصم الواهن الذي لا يستطيع حتى حماية قصره الجمهوري من هدير الطائرات الاسرائيلية, واسرائيل لا تريد شن الحرب على سورية في الوقت نفسه, ولماذا تشن اسرائيل الحرب على سورية وتقدم على مغامرة من شأنها تغيير واقع هي راضية عنه كل الرضى, اما الحروب الجانبية المدعومة من سورية في كل من لبنان والاراضي الفلسطينية, فهي كذلك لا تستدعي شن اسرائيل حرباً مباشرة ضد سورية, لان تلك الحروب الخاسرة لكل من "حماس" و"حزب الله", لا تخرج عن السياق العام للعلاقة القائمة بين الطرفين الاسرائيلي والسوري, ولان تكلفة تلك الحروب واثارها السلبية, غير "معتبرة" ولا تذكر بالنسبة إلى اسرائيل قياساً لما تخلفه تلك الحروب في الطرف الاخر اللبناني والفلسطيني من انقسام وضعف وتشتت, تخدم المصالح الاسرائيلية اكثر من الاضرار بها .
بالتأكيد, ومن دون ادنى شك, تصريح ليبرمان لا يتناسب ولا يتماشى مع حقيقة الحال, بل هو تصريح احمق ومتعجرف وعنجهي وفج ووقح وهلم جرا, لكنه لا يبرر ما وصلت به الحال من الانفعال وردود الفعل, صدرت من ساسة ومعارضين وكتاب عرب كبار, كالاستاذ زهير سالم الناطق الرسمي لجماعة "الاخوان المسلمين" السورية, الذي تحول فجأة من سياسي معارض وضحية من ضحايا النظام السوري, الى ثائر قومجي عربي من جماعة "حماة الديار", يتوعد اسرائيل ووزيرها ليبرمان بالنقمة والانتقام, وكالاستاذ مأمون الفندي الكاتب الليبرالي المعروف, وهو يكتب مقاله"دفاعاً عن سورية", او بالاحرى وهو يكتب دفاعاً عن النظام في سورية, وقد طفح و "فاض به الكيل" بعد سماعه تهديدات ليبرمان لقيادة من القيادات العربية, لكن ليبرمان بتصريحاته المثيرة لم ولن يثير حفيظتنا ولا حفيظة الشعب السوري, لانها اولا تصريحات زائفة وليست حقيقية, ولانها ثانياً تجري بين طرفين احدهما يغتصب سورية بكاملها والاخر يغتصب جزءاً عزيزا منها, والفخار يكسر بعضه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع