الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جميل أن نسميها منافسة أنتخابية ولا نسميها معركة أنتخابية

هادي الخزاعي

2010 / 2 / 16
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


العراق في هذه الأيام ترتقي فيه أفضل ما انجزته البشرية على كل الصعد من اجل خير الأنسان وضمان أختياراته ، ألا وهو الصندوق الأنتخابي .

أن هذا الصندوق البسيط ، هو ثمرة جهد بشري سياسي وأجتماعي كبير كما نعرف جميعا ، وهو بسحنته الزجاجية الشفافة الهادئة ، وقد صار القبلة التي يحتكم أليها الأنسان ، عندما يريد ان يبلور خياراته بالذي يريد ، بهيئة قصاصة بيضاء تحوي أسم من يختار دون سواه ، ليمسك بزمام الأمور وأدارة المرفق الذي من اجله جرى الأختيار . وسيرورة العملية برمتها يفترض أن تجري بلا ضغط أو أكراه أو ترهيب .

وهذا الأختيار الجمعي لم يولد ولادة قيصرية فمخاضاته كثيرة وطويلة حتى تبلور وصار بهذا القبول من لدن الناس ، حينما تريد ان تختار من يرأسها .

هذا الصندوق الشفيف قد سار أثناء المخاضات الصعبه بطرقات وعره ، حتى وصل الى حالته التي نتعامل بها الآن . فحل بذلك محل السيوف والخناجر والسموم وفوهات المدافع والبنادق وكواتم الصوت والطائرات وكل ما له علاقة ، وعلى مدى الدهور ، بقعقة الحرب أو الأختيال أو التدمير من أجل أن يعتلي عرش السلطة جبار او متكبر او سارق سلطة او متهور بهره الكرسي .

رغم أن هذا الصندوق لم يُثبتْ أركانه بعد ، في كل بقاع الأرض ، إلا انه تعدى كونه ظاهرة على صعيد العالم ، ولكنه أستحال الى قاعده تعتمدها كثير من شعوب الأرض في أرساء الديمقراطية ببلدانها وفق معايير ما يفرزه هذا الصندوق من أسماء أو أرقام .

أن ظاهرة الصندوق الأنتخابي في العراق ليست جديده ، فالظاهرة الأنتخابية دخلت العراق عبر أختيار مجلس الأعيان في العهد الملكي ، وأستمرت الظاهرة ولكن بشكل مشوه، خصوصا في عهد الدكتاتورية ، حينما كانت تجري عملية الأنتخاب أو البيعة للرئيس ، أو للدكتاتور ، اوأنتخابات المجلس الوطني ، حتى جاء عام 2003 ، فأخذت هذه الظاهرة شكلا جديدا يقترب من شكلها الصحيح ، لولا التزوير والتلاعب الذي جرى حتى آخر عملية أنتخابية ، التي هي أنتخابات مجالس المحافظات . ولكن على العموم ، نأمل أن تترسخ ظاهرة الصندوق الأنتخابي في العراق ، لاسيما أنها تجري وفق مقاييس الأنضباط الأنتخابي وفق المعايير التي تنطبق وشرط الديمقراطية التي تزكي ديمومتها الرقابة الوطنية التي تتأتى من قبل منظمات المجتمع المدني ، والمجتمع الدولي بمنظماته المدنية المختلفه ، والأهم من ذلك كله ، ان المواطن رغم حداثة عهدة بصندوق انتخاب شفاف ، إلا إنه قد أقبل عليه بكل ما يملك من أرادة ، وبأي درجة من درجات الوعي .

أن مكملات العملية الأنتخابية وأحد مقوماتها الأساسية ، هي فترة الدعاية الأنتخابية للمرشحين . وتزخر مدن العراق اليوم بوسائل الدعاية الصورية والمكتوبة والمسموعة والمرئية التي يترشح منا كل شي ، الصالح والطالح . ولكن مع شديد الأسف فأن كثير مما يترشح هو الطالح الذي يلغي الآخر ، وقليل القليل مما يترشح يكون صالحاً .

أن الظاهرة الأنتخابية ظاهره حضارية كما أسلفنا ، والتنافس ـ وليس التناحر ـ هو الذي يجب أن يسود بين المتنافسين . فيكون الحوار الهادئ صفة وشكل التحاور بين المتنافسين ، عبر مفردات ودودة ودالة على حسن نيتهم .

ولكننا نسمع في التصريحات والخطب ـ ويا ليتنا لا نسمع ـ غير مفردات تجرح أنساية الأنسان الذي وضع ثقته بالصندوق الأنتخابي فتطيح به ، كمفردات حرب انتخابية أو صراع أنتخابي أو معركة أنتخابية وسواها من المفردات الشبيهة ، وهي لا تختلف عن الأدوات التي تستعمل للأتيان بدكتاتور أو خلافه مما أوردنا كالبندقية والمدفع او السم او الأختيال او الطعن بالظهر .

ما ضر المتحدث لو قال " في حمى المنافسة الأنتخابية .... الخ " بدلا من مفردات صراع أنتخابي أو معركة أنتخابية ؟!

أليست ( المنافسة ) مفردة تليق ومكانة الأنتخابات ؟ ولكننا في العراق ، ونحن في بداية العملية الأنتخابية لا نسمع من أفواه وتصريحات من يتصارعون فعلا من أجل الوصول الى السلطة ليس إلا ، غير هذه المفردات التي لا يشم منها غير رائحة القتل والدم .

ما اجمل لو نسمع من جميع المساهمين في الأنتخابات الوطنية العراقية ، وهم يدلون بتصريحاتهم او يطرزون الصحف بكتاباتهم ، وهم يستعملون كلمة ( منافسة أنتخابية ) بدلا من المفردات القارعة لطبول الحرب التي يتداولونها ، فلا يتركون في نفوسنا غير الرعب الذي ينأينا عن الأدلاء بأصواتنا . فيخسرون ونخسر ويخسر العراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصويب
البراق ( 2010 / 2 / 16 - 10:21 )
الاستاذ هادي ورد في المقالة انتخاب مجلس الاعيان في العهد الملكي وارجو ان يتم تصحيح ذلك كون مجلس الاعيان كان يعين تعيينا من قبل الملك الا ان مجلس النواب هو من كان ينتخب انتخابا من قبل الشعب .
جميل ان ننشر كلمات ومصطلحات بعيدة عن العنف والقتل والدم وندعو ونرسخ لكلمات الوطنية والديمقراطية والمسامحة والحوار المتمدن


2 - شكر للبراق
هادي الخزاعي ( 2010 / 2 / 16 - 12:37 )
البراق العزيز ممتن لك هذا التصحيح ودمت للخير وأهله

اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى