الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتي القضاة.. معرضون للخطأ

سعد هجرس

2010 / 2 / 17
دراسات وابحاث قانونية


غني عن البيان أن القضاء - يجمع درجاته وأنواعه - موضع احترام الجميع وأن القضاة - بكل تخصصاتهم هم الملاذ الأخير لكل باحث عن العدل في هذا الوطن الذي نسعي إلي ارساء دعائم دولة مدنية حديثة في ربوعه تقوم علي احترام القانون دون تمييز من وزير وخفير أو بين مسلم وقبطي أو بين رجل وامرأة.
ومن منطلق هذا الاحترام العميق للقضاء والقضاة يأتي الاستغراب - بل الصدمة - من قرار الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة برفض تعيين الاناث في الوظائف القضائية (قاض بمجلس الدولة).
ولأن القرار يبدو صعب التصديق استبعدت المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا أن يكون هناك أصلاً قرار بهذا النص.
وأضافت في تحقيق ممتاز بصحيفة الأهرام المسائي بعددها الصادر أمس الأول - الثلاثاء - أتوقع أن تكون هناك مراجعة في نص وضوابط تعيين القاضية بمجلس الدولة وهذا شئ طبيعي بسبب طبيعة عمل المجلس.
لكن المستشارة المرموقة التي تعتز بها مصر وشعبها الأستاذة تهاني الجبالي حرصت إلي جانب هذا التحفظ ـ علي أن »تولي المرأة للمناصب القضائية طبق منذ سبع سنوات، وأن مجلس الدولة يملك منع حق للمرأة كفله لها الدستور«.
وفي انتظار الاطلاع علي حيثيات هذا القرار الصادم من حقنا أن نقلق ونجزع.. وأن نعرب ايضًا عن رفضنا لمثل هذا القرار الذي يتناقض مع الدستور ويناطحه رأسًا برأس، ويحاول الانتصار لتيار رجعي في المجتمع لا يتورع عن الجهر بأفكاره التمييزية ضد المرأة.. التي هي أم القاضي وأخته وزوجته وحبيبته ومربيته وابنته!!
والأعجب أن السادة اعضاء الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة - مع كل الاحترام والتوقير لهم - تجاهلوا أن السيدة المصرية تجلس الآن بالفعل علي مقعد القضاء في معظم المحاكم، بما في ذلك المحكمة الدستورية العليا بجلال قدرها، حيث تشرفنا المستشارة الرائعة تهاني الجبالي وترفع رؤوسنا نحن المصريين - رجالا ونساء - إلي عنان السماء.
فلماذا يريد السادة أعضاء الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة أن يسبحوا ضد التيار وضد عقارب الساعة بل وضد مبادئ العدالة ذاتها؟!
وكيف نطالب الرأي العام بالاطمئنان إلي ميزان العدل في ساحة يجاهر فرسانها بهذه النزعة التمييزية بين رجال ونساء الأمة؟!
ولا يعني هذا افتئاتا علي حق كل هيئة قضائية في وضع نظام العمل الخاص بها لكن هذا الحق سواء بالنسبة للقضاة أو غيرهم مشروط بألا يكون متناقصًا مع الدستور الذي يعلي في مادته الأولي من شأن المواطنة.
والذي نفهمه أن المواطنة تعني أن جميع المصريين سواء، ولا يجوز التمييز بينهم بسبب الدين أو اللون أو الجنس أو العرق وعندما تقول الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة انها ترفض أن تشغل سيدة مصرية منصب قاضية بمجلس الدولة فان هذا تمييز صريح يتناقض مع الدستور.
وهو أمر يجب الاعتراض عليه بشدة حتي لو كان صادرًا عن قضاة نكن لهم الاحترام والتوقير.
وهو فوق ذلك اتجاه خطير ينحاز إلي تيار فكري محافظ وسلفي يحاول العودة بمصر إلي الوراء قرونًا عديدة ووضع حجاب علي عقل الأمة.
واستشعارًا لهذه الخطورة فانه لا أقل من أن يهب المعنيون بمستقبل هذا الوطن ونهضته من أجل حث الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة علي مراجعة قرارها الصادم.
علمًا بأن هذا ليس شأنا يخص المرأة فقط أو المجلس القومي للمرأة فحسب وإنما يخص المصريين جميعا رجالا ونساء الذين يحلمون ببناء دولة مدنية حديثة، وهو أمر مستحيل أن نقترب منه إذا وافقنا علي تهميش المرأة المصرية أو حرمانها من حق من حقوق المواطنة.
ولا شك أن هذا القرار الصادم يقدم مسوغًا اضافيًا لدعم مطلب سن قانون لمناهضة التمييز بجميع أنواعه.
فكفانا ما ابتلينا به من ذوات طائفية، وممارسات تمييزية ضد المواطنين المصريين النوبيين والمواطنين المصريين البدو وأولا واخيرًا ضد حمالة الهموم المرأة المصرية فمنذ ايزيس حتي اليوم!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وضمائرهم
محمود قيس ( 2010 / 2 / 17 - 13:40 )
تحية للسيده تهاني الجبالي واود ان اقول كثيرا من القضاة لم يحكموا ضمائرهم لان الضمائر اصبحت تباع وتشترى للقضاة حماة العداله المفقودة -- وكل الاحترام للكاتب سعد هجرس


2 - انه المسرح العبثى بشحمه ولحمه
سلامه أحمد أحمد ( 2010 / 2 / 17 - 16:34 )
لا فض فوك ياأستاذ سعد
لقد شرحت فبينت ، وبرهنت فحاججت .أنا شخصياً شعرت بالصدمة للقرار المشار اليه فى مقالك ، خاصة وأن من قيل أن القرار صادر عنهم ينتمون الى القضاء ، الذى هو حصن العدالة لكل أفراد المجتمع دون تمييز بينهم على أساس العرق أو الجنس أو الانتماء السياسى أو الطائفى أو الجبهوى أو الفئوى أو غير ذك. كيف يصدر مثل ذلك القرار عن جمعية كلها من القضاة ؟!! الحقيقة أن الصدمة أكبر من أن توصف بالكلام !!!!!!


3 - ليه
محمد عابدين ( 2010 / 2 / 17 - 17:31 )
سيدي

يمكن هذه أول مرة يخط قلمي مشاركة حول مقالاتكم .. رغم متابعتي بإستمرار لما تكتب
وإسمح لي سيدي بأن أدلو بدلو فارغ في بئر العصبية والتعصب لأغترف منه ما ينقصني وأعاند به فكري .. عَلي
أستطيع ببعض من التعصب الجاهلي الوصول للغالبية من أهلنا وقومنا وناسنا .. سيدي إن لم نردم بركة التطرف الفكري التي تتوالد فيها يرقات الإرهاب الفكري والثقافي .. لن نخطو ولو خطوة للأمام .. بل ستصير خطانا كلها نحو الإمام .. شكرا ً سيدي وأعتذر عن يأسي من الإصلاح حتى ولو أُباح
محمد عابدين
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=204102


4 - وحتى ألأنبياء أخطأو ...!؟
سرسبيندار السندي ( 2010 / 2 / 17 - 18:58 )
نعم حتى ألأنبياء أخطأ وكل ألأجناس
ولكن بعدها تابو وناحو وإعتذرو لله ولكل الناس
ولكن يبقى السؤال أوليست النساء ناقصات عقل ودين
ولذالك لابد من النقاب والحجاب والجلباب وجيش من الحراس
فلماذا اللف والدوران ووجع البدن ووجع الراس
وشكرا لك ياعزيزي سعد ولكل من يقرع ألأجراس ..!؟

اخر الافلام

.. زعيم المعارضة الإسرائلية يحذر نتنياهو: التراجع عن الصفقة حكم


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - مسؤول الأغذية العالمي في فلسطين:




.. تغطية خاصة | إعلام إسرائيلي: الحكومة وافقت على مقترح لوقف إط


.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بقبول مقترح -خارطة الطري




.. آلاف المجريين يتظاهرون في بودابست دعما لرئيس الوزراء أوربان