الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عاهرة -الثورات- تلوث شوارع البصرة

رزاق عبود

2010 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


في شباط الماضي، فجعتنا نتائج انتخابات مجالس المحافظات. ولم يصح الكثير بعد من الصدمة، ولا زال شعور الاحباط مسيطرا على مشاعر الكثيرين رغم التحليلات، والتبريرات، والتطمينات، والمسكنات، التي يحاول البعض حقننا بها عن حس نية. ورغم الثقة الكاملة ان المستقبل لقوى اليسار والديمقراطية. المؤلم ان شباط ياتينا كل عام حاملا معه ذكريات ذلك اليوم الاسود 8 شباط 1963 . تلك الفجيعة المرة. المجزرة الرهيبة. الماساة الفظيعة التي لا زالت اثارها مستمرة. الجرح الذي لم، ولن يلتئم ما دام القتلة بصورهم، واشكالهم المختلفة يحكمون، ويتحكمون بمصير شعبنا، ووطننا بصورعديدة. كنا صغارا ،اليوم جمعة، الناس متاخرة في نهوضها الاعتيادي. صوم المسلمين يجعل من الاستمرار في النوم عذرا اضافيا. لايام، والاجواء ثقيلة، قلقة. ترقب، ومخاوف، وحذر، وتحذيرات، وهواجس يتبادلها الكبار. حركات، وتعليقات انفعالية، وتأزم واضح. شئ من القنوط، والاحباط، والاعصاب المشدودة.
الراديو الاليف لم يقدم موسيقاه، ولا اغانيه الاعتيادية. النصائح، والتوجيهات الى الصائمين حلت محلها شتائم،ونعوت نابية ضد الزعيم، وتهديدات الى الوطنيين، وبيانات بابادة الشيوعيين وانصارهم، واوامر بمنع التجول. لكن الجماهير تعودت ان تفعل دائما عكس ما يطلبه الطغاة. ان تشتم الزعيم، والقوى الوطنية، فهذه بادرة شؤم، وامر لا يغتفر، بل هو فعل شنيع، يجب مقاومته بكل الوسائل، فالبديل هو استعباد فاشي، وقمع دموي، واستباحة كل شئ. هرعت الجماهير للتظاهر امام مبنى المحافظة (المتصرفية) رمز السلطة، ومركز الاحتجاجات المعتاد. من شرفة مبني "المتصرفية" كنا نسمع عادة الخطب في ذكرى الثورة، واول ايار، ويوم الجيش، وغيرها من المناسبات التي يحتشد فيها الناس. لكنها تبدو اليوم وكانها معتقل ينتظر زواره. الجماهير هرعت الى الشوارع، خرجت عن بكرة ابيها من البيوت، والمحلات، صغارا، وكبارا، نساءآ، ورجالا، شيبة، وشباب. غضب رهيب سيطر على الجماهير. البيوت المحسوبة على اعداء ثورة14 تموز من بعثيين، وقوميين، وقوى رجعية اخرى اقفلت ابوابها، او هربت بسياراتها الى مناطق بعيدة. كانت الجماهير تلح على معرفة الوضع الحقيقي للسلطة في بغداد. تريد معرفة مصير الزعيم وحجم المقاومة في العاصمة، وقوتها، وحجمها، وقدرتها على هزيمة الانقلابين، فالراديو يقول شئ، والتلفزيون يقول شيئا اخر. فمن نصدق؟! آمر موقع البصرة الجبان عبد المجيد علي، وتحت ضغط الجماهير، وارتعابه منها، يحاول خداع الناس، وتثبيط همتها، وكسب الوقت فيدعي كذبا انه اتصل بالزعيم، وان "الوضع تحت السيطرة". الجماهير عادة لا تثق بهؤلاء المنافقين. حاول قسم من المتظاهرين اقتحام المبنى، وحاول اخرون اشعال النار فيه، وظهر بعضهم للحظات على الشرفة يحرض الجماهير. لكن "العقلاء" رفضوا ذلك، بل اطفأوا النار التي اشتعلت باياديهم. فهذه "ممتلكات الشعب"! وكأن الشعب هو الذي يملك ويحكم. وجاءت الشرطة السيارة سيئة الصيت واحتلت مبنى المحافظة، واعتقل "العقلاء" واطلقت النيران بكثافة على الجماهير العزلى الا من غضبها.سقط شهداء، وجرحى من الجنسين. ظل الرصاص ينهمر ولم ينج منه حتى الاطفال المرافقين لامهاتهم، وابائهم. حمل بعض البسطاء صور للامام علي بن ابي طالب معتقدين ان الشرطة الشيعة لن تطلق النار عليهم، لكن ذلك لم يمنع شرطة الانقلابيين من استهداف الصور مع حامليها. تخضبت الشوارع بالدماء الزكية وحمل الناس جرحاهم الى حافة نهر العشار وامتلا الشط بالاجساد الهاربة من الرصاص المنهمر. مثلما ضاقت بهم ازقة محلة البجاري. وكشف الانقلابييون والمتواطئون معهم عن وجههم القبيح، واساليبهم الهمجية ضد الجماهير المدافعة عن ثورتها.
ظلت المقاومة مستمرة باشكال مختلفة حتى بعد اذاعة نبأ اعدام الزعيم، وعرض صوره مع رفاقه على شاشة التلفاز من قبل من اعفى عنهم واعادهم الى الجيش قبل اسابيع وايام من يوم الانقلاب. ظل التحدي مستمرا، خاصة في المناطق العمالية في المعقل وحول الميناء خاصة. وظلت الدوريات العسكرية والشرطة تحت قيادة الحرس القومي تستبيح شوارع البصرة لاشهر عديدة، مظلمة حتى يوم فرارهم بملابس النساء، او الملابس الداخلية يوم 18 تشرين الثاني 1963 . استبيحت البيوت، والشوارع، والمدارس، ودور العبادة. لم يعد هناك محظورا، ولا مصونا امام اسفل سفلة المدينة، ولا مانعا من الاعتداء على اعراض الناس، واغتصاب النساء، وخطف الفتيات الصغيرات، وقتل المعارضين واهلهم بالشوارع، والبساتين، والبيوت، والمستشفيات. هتك شرف المدينة، كما هتك شرف العراق كله. خيم ليل اسود دامي كئيب على اجواء بصرة العمال، والنخيل. وتحولت مدينة الفرح الى مجلس عزاء رهيب شامل. وتحولت النوادي الرياضية الى معتقلات، ومراكز تعذيب. امتلات كل مخافر الشرطة، وقاعات الاندية، وقاعات المدارس، وحتى المستشفيات باتت معتقلات للسلخ البشري.
الفظيع ان صدام، وحزبه، وجلاوزته، وحلفائه، ومرتزقته ظلوا يسمون يوم 8 شباط الاسود ب "عروس الثورات". عرس الموت الهمجي، وحمام الدم الذي ظل العراقيون، ولا زالوا، بسبب استمرار جرائمهم، يسبحون به بفعل مؤامرتهم الحاقدة عاهرة شباط الاسود، وقوادي المخابرات البريطانية، والامريكية، والرجعيات العربية، والكردية، والاسرائيلية، والشاهنشاهية اقاموا عرسهم البربري في دار الدعارة البعثية العفلقية الناصرية الحاقدة على شرف عراق تموز. يوم عقد قران شياطين الخيانة، والجريمة، والفاشية، والعمالة، والسفالة في حلف اسود ضد كل ما هو جميل في العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تكملة الشهيد الخالد سلام عادل
التيار اليساري الوطني العراقي - المتابعة ( 2010 / 2 / 18 - 12:03 )
طلائع الأحرار من ابناء العراق, فتنزل الى ساحة الصراع قوية واثقة من نفسها,أمينة على تاريخ الوطن وتقاليد الاسلاف,مصممة تصميما لا رجعة فيه على دك صرح السياسة المعادية للشعب ,ورد كرامة الوطن الجريح.ان الشيوعيين العراقيين,الذين يحملون في قلوبهم آمال الأمة,ويجسدون في عملهم الكفاحي وفي ميزتهم الثورية أفضل سجايا المواطن العراقي الباسل الشهم , سيتابعون الى النهاية رسالتهم التاريخية التي وهب حياته ثمنا لها قائدهم ومؤسس حزبهم الشهيد يوسف سلمان يوسف - فهد- ورفيقاه حازم وصارم,حين اعتلوا اعواد مشانق الاستعمار البريطاني من اجل حرية العراق . ومئات القوافل من الشهداء, سيظل الشيوعيون العراقيون يتابعون سيرهم الدائب النشيط في الدرب المقدس الذي سلكه من قبلهم شعلان ابو الجون,والحاج نجم البقال,والخالصي والشيرازي وشيخ محمود ابو التمن وحسن الأخرس ومصطفى خوشناو ..


2 - تكملة الشهيد الخالد سلام عادل
التيار اليساري الوطني العراقي - المتابعة ( 2010 / 2 / 18 - 12:04 )
سيظلون كما خبرهم الشعب ايام المحن , رجالا متفانين لا يعرفون الخور ولا التردد,أسخياء في البذل والتضحية,لا يضنون بحياتهم وحريتهم وأعز ما يملكون في سبيل حرية الشعب وعزة الوطن.ان عقرب الزمن يشير الى نهاية حكم الاحتلال وعملائه وشيكة لا محال
ان آفاق المستقبل القريب مفعمة بالأمل وأمام القوى الوطنية أن تعالج الموقف بيقظة تامة وبروح واثقة مقدامة ..وأن اقصى ما يكافح حزبنا من أجله هو أن يحقق التزاماته التي قطعها لجماهير الشعب, وأن يبرر الثقة العظمى التي وضعتها فيه, وأن ينهض بقسطه في هذا الواجب التأريخي النبيل.-

بعد اقل من عامين على كلمة القائد الثوري الشهيد سلام عادل هذه, فجر الشعب العراقي ثورته الخالدة , ثورة 14 تموز 1958 ليطيح بالحكم الملكي العميل ويحرر العراق من ربقة الاستعمار البريطاني , ثورة حققت منجزات
كبرى للشعب والوطن


3 - الشهيد الخالد سلام عادل: حاول البعثيون
التيار اليساري الوطني العراقي - المتابعة ( 2010 / 2 / 18 - 12:10 )

الشهيد الخالد سلام عادل: حاول البعثيون ..الاستئثار بالحكم وتوجيهه وجهة حزبية ضيقة والاستئثار بالحريات العامة وتضييقها على القوى الأخرى . وذلك بغية حرف اتجاه الثورة وعرقلة مسيرتها في الاعتماد على أوسع الجماهير وضمان مصالحها

سؤال- كشفت مؤامرة الشواف الأخيرة عن أن بعض العناصر المنضوية تحت لواء جبهة الاتحاد الوطني , قد اشتركت بالمؤامرة , فما هو الموقف من هذه العناصر؟

جواب - ان هذه المسالة تمتد جذورها الى الايام الأولى لثورة 14 تموز . فقد ظهر بجلاء منذ تلك الايام أن بعض القوى كانت سائرة في طريق تجاهل أهداف جبهة الاتحاد الوطني والتنكر لها ولمستلزمات التعاون مع القوى المؤتلفة فيها . فقد حاول البعثيون مثلا الاستئثار بالحكم وتوجيهه وجهة حزبية ضيقة والاستئثار بالحريات العامة وتضييقها على القوى الأخرى . وذلك بغية حرف اتجاه الثورة وعرقلة مسيرتها في الاعتماد على أوسع الجماهير وضمان مصالحها.


4 - تكملة الشهيد الخالد سلام عادل: حاول البعثيون
التيار اليساري الوطني العراقي - المتابعة ( 2010 / 2 / 18 - 12:34 )
ونظرا لعمق وسعة الوعي الشعبي الوطني الذي كشفت عنه ثورة 14 تموز , وقوة الحركة الديمقراطية , فانهم قدروا أن الاستعجال في ضم العراق للجمهورية العربية المتحدة يمكن أن يحقق لهم اغراضهم تلك . وعملوا بنشاط مفتعل محموم وفق هذا الاتجاه جاذبين حولهم , لا العناصر القومية اليمينية وحسب , بل ايضا مختلف فئات الرجعيين الذين نظروا بهلع الى مستقبل تطور الثورة في طريقها الوطني الديمقراطي.

وليس ببعيد عن الذاكرة الفعاليات والظواهر الرجعية التي مارسها وشجعها المرتد عبد السلام عارف ومن ورائه عملاء العهد البائد والاقطاعيون وغيرهم .

اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الإيرانية: مراكز الاقتراع تفتح أبوابها و


.. مناظرة رئاسية اقتصرت على الهجوم المتبادل




.. تباين كبير بين ردود فعل مؤيدي بايدن وترامب


.. استطلاع يرجح أن دونالد ترامب هو الفائز في المناظرة الأولى




.. صدمة في أوساط الحزب الديمقراطي من أداء بايدن في المناظرة