الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بائعو ذمم

سعدون محسن ضمد

2010 / 2 / 18
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


مواقف كثيرة تذكرني بالشاعر الرائع عريان السيد خلف، مواقف تكون محزنة أو مخيفة أو مربكة لدرجة لا تنفع معها إلا كلماته الساخنة والعميقة والمباشرة، وفي أيام الدعاية الانتخابية هذه أجد نفسي مرغماً على ترديد أبيات من أحد أكثر قصائده مبعثاً للحزن واليأس... يقول عريان:
"چنت اودكم/ وچنت اظن شجرة بظهاري الصيف تـچويني الشمس وگعد بسدكم/ وچنت اعد ربعي التنشف العين وأول ما أعدكم/ وچنت أضمكم ضخر لليالي الگحط كلساع افللكم وأشدكم/ شلي عدكم يل صفيتو اجناب ما انشد وعيب النشد عنكم"..
هذا المقطع أجده يعبر عن لسان حال العراق هذه الأيام، الذي يبدو أنه معرَّض دائماً للغدر ومبتلى بتخلي الجميع عنه ساعة شدته. في هذه الأيام وما أن أطالع الصحف أو أتابع الفضائيات أو أتصفح مواقع الأنترنت حتى أتذكر هذه الكلمات وهي تعبر عن حال هذا البلد وهو يمر بظرف الانتخابات فيتخلى عنه من كان يحسب أنهم عيونه التي سيتقي بها فخاخ هذه المحنة.. فآخر الجحافل التي غدرت به وتركت جسده مرمى لسهام الطامعين فيه، هم زمرة من أهم إعلامييه ممن استطاع المال السياسي شراء ذممهم وتسخير أقلامهم أو أصواتهم، الأمر الذي بات يهدد بانهيار المؤسسة الإعلامية برمتها. تغلغل في الوسط الإعلامي هذه الأيام واشبع يأساً وقنوطاً وأنت تشاهد كيف أن أهم رموزه تهافتت تحت أقدام ناثري الدنانير. من الطبيعي أن تكون وسائل الإعلام نوافذ يطل من خلاها السياسيون بشتى اتجاهاتهم ومستوياتهم، وقد تميز هذه الوسائل بينهم ويكون التمييز لصالح أكثرهم ايغالاً بالفساد وإمعاناً بالجريمة، لكن من غير الطبيعي أن يكون سبب التمييز هو شراء الذمم، لأن الإعلامي عندها سيتحول لمطية يركبها الفاسد من السياسيين ويقودها في الاتجاه الذي يريده.
الإعلام سلطة المجتمع الرابعة، عينه التي يميز بها أعداءه من أصدقائه، أذنه التي يسمع بها ما يجب أن يسمعه، صوته الذي يصرخ به أمام قاتليه ومغتصبي حقوقه.. وعندما ينهار الإعلام أو يتم شراؤه فهذا يعني أن المجتمع بات بلا حواس، لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم، ما يؤدي الى ضياع حقوق الأطفال واليتامى والأرامل وضحايا الإرهاب والفقراء والمشردين.
المثير لليأس بالموضوع أن بعض السياسيين من اللصوص أو القتلة ممن استطاعوا أن يجدوا بالتوافق السياسي فرصة مناسبة للإفلات من ملاحقة القضاء لهم، استطاعوا الآن أن يجدوا بضعف بعض الإعلاميين فرصة أخرى ستمكنهم من الاستمرار بمسلسل الجريمة والفساد. ويتأكد موضوع اليأس عندما لا يقتصر شراء الذمم على الهامشيين في مجال الإعلام، بل على بعض ممن كانوا يوضعون بمحل النخبة منهم، الأمر الذي بات يهدد مهنية ووسطية أهم المؤسسات الإعلامية ـ بالذات القنوات الفضائية ـ في العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مساء الخير
اشراق محسن الجعفري ( 2010 / 2 / 18 - 12:12 )
تحية طيبة من القلب الى اخي العزيز والاستاذ الرائع سعدون محسن تحية لقلمك وفكرك يفرحني ويسعدني ان مازال هناك من يفهم الوضع العراق الحقيقي بدون الوان اواضافات او رتوش لككن مع الاسف ان الوضع ليس يدعو للقهر ولاللحزن الشديد ولكن يدعو الىاسوى مماهو عليه الان يعني بدون اي امل هذا البلد كل شي يستفحل به ولايقل حتى الشرفاء باتوا غير موجودين وكل شي انهار وانتهى يعني لم يقف الحال عند الاعلام
شكرا ولحيفظك الرحمن الرحيم
لم يعد هناك مايقال حتى الكلام احس انه قد خلص وانتهى مني والحال هو الحال


2 - هنا ساحتك
صبحي حسين ( 2010 / 2 / 18 - 16:30 )
حين تضيق بك وتتقطع سبل النشر في الصحف البغدادية ، فليس ميدانك المواقع الألكترونية الصفراء
هنا ساحتك وهنا ملعبك ، الحوار المتمدن يليق بك
الحوار المتمدن مفتاح الفضة (المارهم غيرك علي مفتاح ) على حد قول مظفر النواب


3 - وجهات نظر
أحمد السعد ( 2010 / 2 / 18 - 21:51 )
الأعلامى له رأى وموقف ووجهة نظر وليس بالظروره أن تتطابق آراؤه مع آرائنا فهو قد يجد فى شخصية ما ما لاتجده انت أو أنا وهذا ليس مبعثا لوصمه ببائع الذمه . فهل يفترض بالأعلامى أن يكون أيجابيا على طول الخط - من وجهة نظرنا - بحيث يتجرد من آرائه الشخصيه ويصبح مجرد ناقل للأخبار كآلة تسجيل ، هذا غير ممكن ، الأعلامى يكتب ما يقتنع به لكن معيارنا هو مدى أخلاص الأعلامى للحقيقه وأمانته فى الدفاع عنها ومع ذلك فالحقيقه أيضا يمكن النظر اليها من أكثر من زاويه وما نره نحن حقيقه قد يراه الآخرون وهما وخديعه . تحياتى وتقديرى .


4 - شكرا على المرور
سعدون محسن ضمد ( 2010 / 2 / 20 - 09:18 )
الاخت اشراق تحية من القلب، لا اريدك ان تيأسي لهذه الدرجة ففي العراق ما هو أكبر من النفعيين.. شكرا لك على تعليقاتك الدافئة دائماً.

صدقت يا صديقي (صبحي) فالحوار المتمدن هو مفتاح الفضة، وفعلا سقطت المواقع التي كانت تتبجح بكل الشعارات وبقي الحوار واتمنى ان يبقى كذلك.

الاخ احمد السعد.. تحية لك، اعتقد انك فهمتني خطأ فانا لا اقصد ببائع الذمة من يلتقي بمن اختلف معهم بالرأي، فالاعلامي يجب أن يتجرد عن ميوله خلال عمله، لكنني اتحدث عن ما المسه لمس يد من بيع الاعلامي لضميره لقاء مبالغ نقديه، هذا ما اقصده وهذا ما اطلع عليه بشكل دقيق من خلال عملي في الاعلام... تحية لمرورك الكريم.

اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات