الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منظمة انصار الحزب الشيوعي العراقي الباسلة / 5

ناصر موزان

2004 / 7 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في خضم تلك الأخبار الحزينة، ازداد اهتمام الجميع بالأنذار والأنتشار والمواظبة ‏على التدريبات وبدأ التدريب على استخدام المدفعين الموجودين في القاعدة ‏باشراف الكادر الأنصاري محسن والنصير ابو سراج ذو الخبرة بذلك المجال والذي ‏قدم مع مجموعة بيروت، بعد ان كانا متروكين. وقام الرفاق ابوسربست و علي ‏دكتريوف بالقاء محاضرات وتدريب على الأسلحة الخفيفة والدكتورصادق باعداد ‏دورة لأعداد المضمدين بعد الدورة السريعة التي قام بها المرحوم دكتور فارس ‏رحيم اضافة الى تنشيط الندوات والأمسيات السياسية والثقافية في كل فصيل. ‏كان الجميع ينتظرون هجوماً وتقدما بريّاً على منطقة نوزنك ويستعدون له، الاّ انه ‏حصل بشكل آخر كما سيأتي .‏
وقد ارتفعت معنويات الجميع بمجئ مفرزة لملتحقين جدد من الخارج كان معهم ‏طبيب جديد ، اضافة الى وصول مفرزة من قاعدتنا الأنصارية التي ثبتت نفسها ‏في بهدنان (بعد مجئ مفرزة بهدنان الأولى التي كان فيها الرفاق ابوباز وابوعلي) ‏وكانت تضم انصاراً يلبسون ملابس جديدة جميلة ويحملون اسلحة حديثة مع ‏اعتدة كافيه، وكانوا ممتلئين حماساً وتحدثوا عن القاعدة التي بناها ونظمها ‏الأنصار الذين تدرّبوا وقدموا طوعاً من الخارج وعن معاناتهم التي تجاوزوها كحمل ‏عصا عند الحراسة؟ والطعام المكرر من الخبز والشاي لكل الوجبات، وكانوا ‏يتحدثون عن قرب وصول اذاعة!! الأمر الذي كان يعني ان الرفاق في الخارج كانوا ‏يعملون لدعمنا فعلاً.‏
في الوقت نفسه استطاعت مفرزة الكادر خضر حسين(من اهالي رواندوز) اتمام ‏اقامة محطة طريق في (كوستي) الأقرب الى الداخل بالتعاون مع بيشمركة ‏الحزب الديمقراطي الكردستاني هناك، لأستقبال القادمين الجدد من الخارج عن ‏طريق بهدنان مع وجهة بافتتاح قاعدة في جبل حصار روست، وسط احاديث عن ‏قرب وصول سلاح من الخارج وان هناك من شاهده في دولة مجاورة .‏
في ذلك الخضم اثار أنتباه الأنصار سلوك وتصرف احد الكوادر (أبو.ن) الذي كان قد ‏التحق حديثاً من الداخل، كان يستفسر عن شؤون كثيرة وتفصيلية وعن (متى ‏سينعقد المؤتمر؟ اين المندوبون؟) وكانت قد وصلت رسالة تحذر من سلوكه من ‏التنظيم السري في ( ) وانهم ارسلوه الى كردستان بدعوى وجود مؤتمر تخلصاً ‏من خطره، وكان قد وضع تحت مراقبة عدد ممن كلفوا بذلك . وفي صباح احد ‏الأيام اكتشف الأنصار غياب أبو.ن وصرف الأنصار جهودا كبيرة للبحث عنه دون ‏جدوى الى ان اتت به مفرزة لقوة صديقة كانت قادمة من الداخل وشاهدته يتوجه ‏الى احدى الربايا العسكرية بملابس مدنية (وليس ملابس بيشمركة الموحدة) ‏فشكّت به وسألته فتلعثم بجواب غير منطقي تماما، فالقت القبض عليه وسلمته ‏الى مكتب القاعدة وبدأ التحقيق سريعاً معه الذي بدا انه سيكون طويلاً ، فتم ‏حجزه في احدى غرف سكن الأنصار بعد ان فرّغت ودعيت بالسجن وقام ‏بحراستها احد الأنصار، وقد عومل وفق الأصول المتبعة في البيشمركة والأنصار ‏وخبرة القدامى وبتبادل الخبر بين القوى باسلوب مناسب في مثل تلك الحالات، ‏خشية من وجود شبكة او اكثر لأفراد متوزعين على عدة قوى يؤدون اعمالاً ‏تخريبية بوجهة متفق عليها، وكانت قوى البيشمركة كلّها تعد كتبا وكراريسا ‏محدودة التداول كيلا تنكشف عن تلك الأمور وما يستجد فيها .‏
لقد كان ذلك مفاجأة كبيرة وخاصة من حزبي وكادر، وقد سبب عدم عودته ضربة ‏قاسية للتنظيم السري في الداخل راح ضحاياه عدد غير قليل من رفاق ورفيقات ‏شهداء ومفقودين ولحد الآن، كما اوردت الأنباء بعدئذ. حدث ذلك بعد ان تصور ‏كثيرون انها منطقة امينة واننا صرنا بعيدين عن يد السلطة وكان الدرس الأول ‏العملي لأهمية اليقضة واهمية التصدي لتلك الجبهة الخطيرة. وبدأ الشروع ‏بالأعداد لمواجهتها وبسرعة خاصة بعد انكشاف ملتحق اخر استند في تزكيته ‏على قرابته العائلية لأحد القياديين (الذي لم يكن في وحدات الأنصار آنذاك) وكان ‏يتردد بمختلف الحجج على مكتب القوة الى ان اختفى يوماً تماماً ، وقد شوهد ‏من قبل ركائز قروية في احدى القرى يُحمل بواسطة هيليكوبتر في منطقة باتجاه ‏الحدود مع تركيا ولم يعرف احد كيف استطاع معرفة الطريق والوصول الى هناك ‏ولامن ساعده ! ‏
ثم حدث تسمم بمواد سامة لعدد من الأنصار استطاع طبيبنا معالجته وانقاذ حياة ‏الأنصار بعد ان جرى توفير ما احتاجه من ادوية لم تكن متوفرة في القاعدة بتعاون ‏كل قوى البيشمركة، ثم التحاق ممرضة كانت ابنة شهيد للحزب (اجبر ت على ‏اداء مهمات للمخابرات بعد ان اخذوا زوجها وابنها رهائن كما قيل حينها) مع افراد ‏لم يكونوا موضع تزكية ولامعرفة من احد، اضافة الى انفجار مشجب سلاح وانفجار ‏قنبلة يدوية رميت من فتحة صوبة حطب وقتلت كل البيشمركة الموجودين في ‏قاعتها التي كانت تعود لأحدى القوى الحليفة في (كوني مشكان) وانفجار قنبلة ‏يدوية في المقهى الصغير في نقطة السوق والفجغ (فروشكا نوزنك). واستمر ‏البحث والتدقيق الذي ادىّ الى القاء القبض على المخربين (وكان بعضهم قد ‏هرب) من قبل كل القوى التي اتفقت على حظر النزول الى نقطة السوق ماعدا ‏الأفراد المحددين المعروفين من قبل كل قوة لضرورات توفير الأغذية والمواد ‏الأدارية بعد اكتشاف شبكة تخريب خطيرة في السوق متسترة بستار البيشمركة ‏وكهاربين من جحيم السلطة.‏
‏ لقد كان المخربون الذين استطاعوا النفوذ عادة ما يختبأون خلف العناصر المتذمرة ‏واليائسة وكثيرة الثرثرة، الأمر الذي ادى الى ان تضيع امور كثيرة بذلك آنذاك ‏وتختلط بين الأنتقاد (الشجاع) المخل والتخريب، الأمر الذي زاد من صعوبات ‏التعرف على الحقائق صعوبات اضافية وتعقيداً. لقد رحبت منظمة الأنصار بمن اراد ‏ان يمحي ضعفاً او عاراً لحق به، وان يفتح صفحة جديدة بشرط ان يكون صريحاً، ‏الأمر الذي خلق فرصة لمن تصرفوا بتلك الطريقة حتى اصبح البعض مناضلين ‏اشداء و وجوها محط فخر واعتزاز بعد ان اثبتوا جدارات تستحق الأحترام .‏
ثم وصلت الأذاعة التي طال انتظارها والتي بذلت كل الجهود للحفاظ على وصولها ‏سراً دون جدوى، لأنها كانت قديمة وثقيلة القطع من مخلفات مستهلكة، كان ‏يتطلب حملها قافلة من البغال برفقة مسلحين، الأمر الذي كان يثير انتباه ‏القرويين الفضوليين قبل غيرهم فكان غالبية اهل القرى الحدودية في المنطقة ‏يسألون (متى تشتغل الأذاعة السرية ؟!). كانت تقديرات ذوي الخبرة، ان الأذاعة ‏بذاتها ستكون الهدف الأكثر استهدافاً لخطورتها لأنها توصل صوت الحزب الى انحاء ‏العراق من جهة ولسهولة تحديد موقعها من موجات بثّها من جهة ثانية. وبعد ‏تحديد كادرها من المهندسين والفيزياويين وذوي الخبر، بذل جهد كبير لتحديد ‏موقعها وان يكون بنائها بابنية يحفر لها وقد تكررت محاولات البث التجريبيالى ان ‏استقرت، ثم استقرت الآراء ان تكون على جبل (نوْ رَي) المطل على قرية ‏‏(بيتوش) العراقية الحدودية، في منطقة مقر الفوج 11 المشكّل حديثاً والعائد ‏لأنصار منطقة السليمانية ، الذي كان يبعد مسيرة نهار كامل عن موقع نوزنك .‏
استمر الحال في منطقة مقرات نوزنك على مواجهة اعمال التخريب والسعي ‏لأكتشاف وشلّ تلك العناصر قبل ان تقوم بتخريباتها ، ولم يجري اي تقدم او ‏هجوم بري، الأمر الذي كان يبدو وكأنه منسقاً، الاّ ان الجميع كانوا يسمعون طيران ‏ليلي كثيف وكثير الأرتفاع وكانت احاديث البيشمركة الأقدم تدور حول ان الطائرات ‏كانت تصوّر وان ذلك امر اعتيادي منذ سنوات وقد تعوّدوا عليه، لأن السلطة اي ‏سلطة تريد متابعة المنطقة وتطوراتها بتصويرها المستمر ، ولم يتوصّل احد الى ‏ماذا سيؤدي ذلك كما تعلّمنا بعد ذلك . ‏
في ذلك الصيف من عام 1980 وفي 2 / آب منه وبحدود الساعة العاشرة صباحاً ‏شاهد الأنصار المتمددون مستمتعين بالشمس والأحاديث على سقف احدى ‏غرف موقع توزلة في نوزنك، شاهدوا ستّ نقط سوداء في شاهق الجو تتحرّك ثم ‏مالت نحو الأرض وانفجرت قنابل ثقيلة بدا انها كانت صواريخ ضخمة وتعالى الزئير ‏المخيف لطائرات التوبوليف وهي تنزل قصفاً مركزا على مواقع كلّ قوى البشمركة ‏‏(الأنصار). كانت تدور وتتحرك صاعدة نازلة بكلّ حريّة بل وكانت تصوّب متجهة نحو ‏موقع نيران الدوشكا الأرضية التي انطلقت اولاً من موقع للأتحاد الوطني ‏الكردستاني، الذي ركّزت عليه طائرتان منها حائلة موقع الرامي الشجاع الذي ‏كان عنيداً ومصراً على اصابتها، الى ركام. فيما انطلقت الدوشكات الأخرى ‏لمقراتنا ولمقرات اوك في رميها على الطائرات المغيرة. استمر القصف لمدة ‏ساعة متواصلة وعادت الطائرات من حيث اتت، لتعود ستّ طائرات اخرى بعد ‏حدود نصف الساعة لتدمّر المواقع التي لم ينالها القصف الأول واستمرّ القصف ‏المتتالي بتلك الفواصل حتى الساعة الرابعة بعد الظهر !! وكان يبدو وكانها كانت ‏تنتظر شيئاً ؟
وسمعت اصوات سمتيات وانفجارات لم تنقطع في مكان ابعد في منطقة مقرات ‏السوسيالست في دولتو القريبة من قرية (سونيه) الى ان هدأ الجو هدوء الموت ‏فيما كانت السنة النيران والدخان تتصاعد من اماكن مختلفة في المنطقة ‏باجمعها ومن قرية بيوران والقرى الأيرانية القريبة من معسكر سردشت الأيراني؟ ‏ورغم انها احالت عدد من ابنية المقرات الى خرائب، لم تكن خسائر البيشمركة ‏كبيرة قياساً بوحشية القصف وطوله، فقد استشهد رامي الدوشكا الشجاع الأول ‏اضافة الى اثنين من بيشمركة اوك كانا في نقطة كمرك السوق الذي احترق ‏بكامله وتحوّل الى بقعة سوداء، متكبداً خسائر قدرت بملايين الدولارات حينه. ‏فيما اصيب ثمانية بيشمركة وانصار وآخرين كانت جروح احدهم الذي كان سجيناً ‏في سجن اوك خطيرة، وقد اعطى اهالي القرى بحدود عشرة مواطنين من رجال ‏ونساء واطفال قتلى وجرحى !‏
ورغم الخسائر التي قدّرت حينها بانها قليلة، الاّ ان الخسارة الأكبر كانت بما اوقع ‏القصف من ضربة سيكولوجية مخيفة، بعد انقطاع القصف الجويّ عن المنطقة ‏لمدة عام وتسبب بشيوع روح الطمأنينة والخدر ليأتي مفاجئاً مدمّراً في يوم ‏واحد، الأمر الذي حقق ضربة معنوية هائلة بقوات البيشمركة والأنصار، كما ‏سيأتي .‏
وقد اذاع راديو لندن في نشرته المسائية لذلك اليوم خبر القصف بتفاصيله، مضيفاً ‏‏( انه كان جزءاً من محاولة انقلاب عسكري في طهران اعد لها نظام صدام ‏الدكتاتوري، وان القصف الذي طال القرى الأيرانية كان يستهدف جرّ الجانب ‏الأيراني لأستخدام قوته الجوية للدفاع عن اراضيه بوجه الطائرات العراقية المعتدية ‏على حرمة اراضيه وسكانه، وتبعاً لذلك فقد توقع ان الجانب الأيراني سيستخدم ‏قاعدة همدان الجوية المسؤولة عن حماية المنطقة والتي هي تحت نفوذ طيارين ‏عسكريين من جماعات الشاه الذين ينسقون مع دكتاتورية صدام. وتبعاً لذلك فانها ‏في طيرانها للرد على الأعتداء العراقي، ستقوم بقصف مواقع الحكومة الأسلامية ‏في طهران وقم. وبسبب عدم انجرار الجانب الأيراني لأستخدام قاعدته في ‏همدان، زادت الطائرات العراقية المغيرة من قصفها زمناً ووحشية في اصرار على ‏جرّ الجانب الأيراني الى ما كان يخطط له، وقد قدمت الحكومة الأيرانية شكوى ‏رسمية الى مجلس الأمن ضد الحكومة العراقية)/ البقية في الحلقة الأخيرة ‏القادمة

ناصر موزان/‏
العراق
في 8 . 7 . 2004‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: فكرة وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة غير مطروحة ق


.. استقبال حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة




.. أسرى غزة يقتلون في سجون الاحتلال وانتهاكات غير مسبوقة بحقهم


.. سرايا القدس تبث مشاهد لإعداد وتجهيز قذائف صاروخية




.. الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يترشح لانتخابات الرئ