الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوطٌ آخر من الذاكرة

طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)

2010 / 2 / 19
الادب والفن




طريق إلى تدمر..مقالة أخرى للمعتقل السياسي ياسين الحاج صالح..
ياسين كان معتقلا قبل أن يكون أستاذاً ...
في المساحة التي يحاول بها أحدنا تقديم صورة عامة عن الحالة التي طبعت ذاكرة وطن اسمه سورية تخفق الصورة العامة وتحضر التفاصيل..
كنا مجموعة من المعتقلين السياسيين الذين أحضرتهم الشرطة العسكرية من سجون متناثرة في تفاصيل الوطن ..السابق..بغية إطلاق سراحهم..
كان ذلك في 16 11 2000
مجموعة تنتمي إلى تيارات سياسية وحقوقية متنوعة تدل فيما تدل على تنوع الساحتين السياسية والحقوقية في سورية ..
مجموعة وحّدها الاعتقال وصقلها وجمعتها العذابات والجروح ..
أخفقت فيما بعد بإيجاد عمل يأويني ,وقد كانت فترة سجني السياسية عارضاً دائماً أمام منحي فرصة عمل..
كان جميع من ذهبت إليه أطلب العمل يخاف على نفسه " وما بدو وجعة هالراس.."
كنت في مكتب أطلب عمل بعد سلسلة من الخيبات الطويلة, حين دخل ثلاثة شباب عرفت أولهم وميّزت أن الآخرين أخوان..
لقد كان سجان في سجن صيدنايا..وجدني أحدق في تقاسيمه أكثر من مرة, ثم مثل الصفعة, ارتجف وقال :
ـ حمداً لله على السلامة..! متى خرجت..؟ هل بقي أحد هناك ؟؟
في لحظات عرف كل الموجودين أني كنت معتقل في صيدنايا ..وقد أثار ذلك سخطاً عند البعض وسخرية عند البعض الآخر, ولامبالاة عند الكثيرين..
ثم وصل خبر اعتقالي إلى صاحب العمل ومن جديد فقدت فرصتي بالعمل لكني بقيت جالساً فليس لدي ما أفعله ..!!
سألني أحد الأخوين عن طرق التعذيب وأجبته, ثم أشار إلى سجاني في صيدنايا وقال:
ـ هل عذبك..و غمز بعينه...
قلت : لا .. لم يفعل..
قال : هل تعرف من عذّبك ؟؟
قلت : نعم أعرفهم ..
قال : كيف تعرفهم ؟ ألم يعصبون أعينكم ؟ ألم تكونوا طوال الفترة تحنون رؤوسكم للأسفل؟! ثم ألم تكن فترة السجن الطويلة كافية لتنسوا تفاصيل كل شيء ؟!
قلت له:
بعد أكثر من سبع سنين بقليل قضيتها متنقلاً بين فروع الأمن والسجون, عدت مع مجموعة من رفاقي إلى فرع فلسطين, هناك دخلنا إلى غرف التحقيق في الطابق الاول بجوار مكتب مدير السجن .
بعد ساعات من ذلك .. دخل مساعد إلى هناك وقال :
ـ أهلين شباب ..
تأملته جيداً, لقد كان نفس الصوت ..
لم اسمع هذا الصوت منذ سبع سنين, لم أفكر فيمن يكون..
نظرت إليه من أخمص قدميه إلى فوهة رأسه..الآن فقط رأيت وجهه !!
لقد كان أحد الذين أشرفوا على تعذيبي...
قال: هل يعرفني أحد منكم ..؟؟
قلت. نعم أنا أعرفك..
قال: من أكون ؟ ما هو اسمي ؟؟
قلت : .."وذكرت اسماً.."
قال : لا لا غير صحيح ..هذا ليس اسمي..
قلت : ربما ليس اسمك ..ولكنه الاسم الذي كان زملاؤك ينادونك به فترة التعذيب..
ابتسم , وهز رأسه, وخرج ..
لقد ارتسمت نفس نظرة ذلك المساعد على وجهي الأخوين, لقد قطفت ذلك ..
بعد فترة صمت ربما كانت طويلة ... قال أحد الأخوين وكأنه يحدث نفسه:
ـ سبع سنين ..لم تراه..لم تحدثه ..لا تعرف عنه شيئاً..
ثم قال أخوه:
ـ وإذا عرفته ..وإذا عرفت كل جلاديك ..ماذا ستفعل ..؟
قلت :
الآن لن أفعل شيئاً..وقد لا أفعل شيئاً أبداً..لكني لن أنسى ..
وشاءت مجموعة من الصدف لأعرف أن الأخوين مع مجموعة كبيرة أخرى ممن كانوا جلادين ورقباء في سجن تدمر.. تسكن في نفس المنطقة من العاصمة..
في مناسبة أخرى.. وفي حديث لم يكن ودّياً.. قال لي أحد الأخوين محذراً :
ـ ربما لا تعرفني جيداً..ربما لم تذق طعم " كرابيجي" لكن اسأل رفاقك في تدمر عني..
لقد كان ياسين أحدهم ,وآرام ,و... و.. والكثيرين..
ودائماً تفاجئني ذاكرتي وتعيد لي تفاصيل كثيرة تثير استغرابي وأحياناً كثيرة ألمي ..لكنها رغم كل شيء ..مهمة وفي الحد الأدنى مهمة لي ..
ومازلت أنتظر من ذاكرتي لتعيد لي كل شيء.. كل شيء.. كل شيء....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس