الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استخدام المال السياسي في العصر الأموي

علي رشيد

2004 / 7 / 9
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


صدر عن دار مخطوطات في هولندا كتاب بعنوان ( استخدام المال السياسي في العصر الأموي ) للباحث مجيد خليل الأستاذ في جامعة أوربا الأسلامية بهولندا . يتضمن الكتاب مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة .
تناول في الفصل الأول : الأمويون ، قبل وبعد الأسلام فوضح سطوتهم المالية والتجارية ودوافع دخولهم في الأسلام والتي تمثلت طمعا في المغانم وحبا بالسلطة .
في الفصل الثاني تناول الباحث مصادر المال السياسي بالأشارة إلى الفتوحات التي كانت مصدرا للمال ، مع ذكر بعض ثروات الصحابة الهائلة . والكيفية التي فرضت بها الضرائب والتي استند بعضها إلى النص القرآني الكريم كالجزية مثالا ( قاتلوا الذين لايؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ماحرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) سورة التوبة الآية 29 ، فيذكر الباحث أن تطبيق النص القرآني شابه الكثير من التلاعب والتحريف فأخذت الجزية على النسب وليس على الدين ، فقد كتب الرسول ( ص ) إلىأهل هجر وعليهم ( منذر بن ساوي ) يدعوهم إلى الإسلام فإن أبوا ، فليؤدوا الجزية ، وقد قبلوا الجزية ، وكرهوا الإسلام . ثم كتب الرسول ( ص ) أما العرب فلا تقبل منهم إلا الإسلام أو السيف ، وأما أهل الكتاب والمجوس ، فأقبل منهم الجزية . وفعلا أسلم العرب وأعطى اهل الكتاب الجزية ، وهذا معناه أن الجزية تم تحصيلها بسبب عرقي لا ديني ، أي يدفعها غير العرب فقط ( صفحة 43 ) . أما المصدر الثاني للمال فهو الخراج الذي فرض استنادا إلى اجتهاد الصحابة فيشير الباحث في ( الصفحة 55) إلى أنه بعد فتح العراق والشام ، رفض الخليفة عمر بن الخطاب قسمة الأرض كما تقسم غنيمة العسكر ، وقد قرر ذلك بعد التشاور مع الصحابة واجتماعه مع المهاجرين والأنصار لأخذ رأيهم في هذا القرار . ويقيم ( أبو يوسف ) في الخراج موقف الخليفة عمر بقراره عدم قسمة الأرض ، وأخذ الخراج منها ، بأنه كان قرارا لخير المسلمين ، فأموال الخراج كانت مصدرا لتجهيز الجيوش للقتال وإعمار البلاد ، ورجوع أهل الكفر إلى مدنهم بعد رحيل المقاتلين . وقد كتب الخليفة إلى سعد بن أبي وقاص أن أقسم المال والكراع بين من حضر من المسلمين وأترك الأرضين والأنهار لعمالها ، فأنك إن قسمتها بين من حضر لم يكن لمن بقي بعدهم شيء . كذلك يشير الباحث إلى أن بعض الضرائب فرضت تعسفا مثل ضرائب هدايا النيروز والمهرجان فقد كان الساسانيون يطالبون السكان بتقديم الهدايا فيهما وإبطلت بعد زوالهم ، ولك معاوية أرجع العمل بهذه الضريبة .
في الفصل الثالث ( المبحث الأول ) عرض لإغراض استخدام المال السياسي مثل شراء المؤيدين أو الزعامات أو رؤساء القبائل ، أو لتفتيت المعارضة . وكيفية مساهمة المال في حسم الصراع لصالح بني أمية ضد خصومهم ( استخدم المال للاغتيال ، فقد أعطى معاوية مائة ألف درهم إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس ، لأنها دست السم في طعام الحسن وكان قد وعدها كذبا أن يزوجها يزيد ابنه . صفحة 56 ) أو ( كما استخدم المال للتأثير على موقف البعض السياسية ، أو كسب موقف بواسطة الإغراء المالي فبعد موت مروان بن الحكم حصل تنازع على السلطة ثم أتفق على أن يكون الخليفة هو عبد الملك وبعد موته يخلفه عمرو بن سعيد وبن العاص وكتبا في كتابا وأشهد أشراف أهل الشام عليه . ولكن عبد الملك كان يتحين الفرصة للغدر بعمرو .. فدخل عمرو على عبد الملك يوما ، وقد استعد عبد الملك للغدر به ، فأخذ وأضجع وذبح ولف في بساط ، وأحس أصحاب عمرو بالمكيدة ، وهم بالباب فنادوا صاحبهم فأخذ عبد الملك خمسمائة صرة في كل صرة ألفا درهم ( المجموع مليون درهم ) ، وأمر أن تلقى من أعلى القصر على أصحاب عمرو بن سعيد فترك أصحابه الرأس ملقى وأخذوا المال وتفرقوا . صفحة 77 ) .
في البحث الثاني من الفصل الثالث يتناول الباحث المال السياسي والشعر ، فقد عرض فيه توضيف الشعر في الصراع السياسي ، حيث قدمت الدولة الهدايا والهبات إلى الشعراء مقابل تزلفهم إلى السلطة وتبرير شرعيتها أمام القوى المعارضة الأخرى ، ويحفل المبحث بأسماء شعراء كثيرين وقفوا عند أبواب الخلفاء والولاة والأمراء فلأخطل شاعر البلاط الأموي ورغم مسيحيته ، كان مدافعا عن حق الأمويين في السلطة ، مبررا أهليتهم لها مضفيا حقا إلهيا على حكمهم . ورائيته وحدها تكفي نموذجا حيم قال مادحا عبد الملك بن مروان :
إلى إمريْ لا تعدينا نوافله
أظفره الله فليهنأ له الظفر
يغشى القناطر يبنيها ويهدمها
مسوم فوقه الرايات والقتر
حتى يكون لهم بالطف ملحمة
وبالثوية لم ينبض بها وتر
وتستبين لأقوام ضلالتهم
ويستقيم الذي في خده صعر
في نبعة من قريش يعصبون بها
ما أن يوازى بأعلى نبتها الشجر
ومن شعراء السلطة عدي بن الرقاع الذي مدح الوليد بن عبد الملك وكذلك مدحه حارث بن بدر الغداني ، أو الحكم بن عبدل الذي مدح عبد الملك بن مروان ، والأحوص الذي مدح الوليد بن عبد الملك وعبد العزيز بن مروان وعمر أبنه ، ويزيد بن عبد الملك ، زهناك إشارة إلى الكثير من شعراء المدح والتكسب .
أخيرا ، خاتمة تضمنت عرضا للنتائج السلبية لإستخدام المال السياسي ، واستناد الدولة الأموية إلى آراء المجبرين لتبرير ممارساتها أمام الناس في الوقت الذي بين القدريون فيه أن الظلم ليس ألهيا مفرضا عليهم وان زواله رهن بإرادتهم وأختيارهم ، فالقدريون هم أصحاب مذهب الأرادة الحرة في الأسلام حيث طلب الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز من غيلان الدمشقي أن يعينه على إصلاح شؤون المسلمين فأستجاب غيلان مشترطا أن يتولى بيع خزائن الأمويين ورد حقوق الناس إلى أهلها ، فقبل الخليفة العادل ذلك وتولى غيلان الأمر مناديا أهل دمشق بقوله : تعالوا إلى متاع الخونة ، تعالوا إلى متاع الظلمة ، تعالوا إلى متاع من خلف الرسول في أمته بغير سنته وسيرته ، ثم أخذ جميع أمتهة بني أمية ، وهو يقول في الناس المجتمعين حوله : من يعذرني ممن يزعم أن هؤلاء كانوا أمة هدى ، وهذا متاعهم والناس يموتون من الجوع ؟
وكان غيلان الدمشقي نموذج لمذهب الإرادة الحرة والمثل الأعلى للدفاع عن عقيدته ، وقد قتل تحت التعذيب بأمر الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك . صفحة 125 .
يقع الكتاب في 136 صفحة من القطع المتوسط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح