الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تتعارض اتفاقية سيداو مع الإسلام؟

عمر شاهين

2010 / 2 / 20
ملف مفتوح -8 مارس 2010 - المساواة الدستورية و القانونية الكاملة للمرأة مع الرجل


ما أن وقع الأردن على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" ، إلا وهب الأخوان المسلمون وغيرهم يعارضون بشراسة الاتفاقية لزعمهم بتعارضها مع الشريعة الإسلامية. فهل من تعارض؟

رئيس لجنة علماء الشريعة في حزب جبهة العمل الإسلامي إبراهيم زيد الكيلاني طرح فتوى اعتبر فيها أن كل من يدعو أو يوافق أو يروج لاتفاقية سيداو، قد "أعلن الحرب على الله". وهذا هو أبلغ توصيف عملي للعقلية التكفيرية، وإذا ما تكررت مثل تلك التهديدات التي تشكل خطرا على الناس، فمن واجب الإدعاء العام أن يمارس دوره في حماية المجتمع منها. وإذا لم يقم الادعاء العام بواجبه، فيسعدني أن أكون أول من يباشر بإجراءات اللجوء إلى القضاء حيث أنني أدعو وأروج وأوافق على الاتفاقية، وهي لا تتعارض مع الإسلام كما أفهمها، والمسألة مطروحة بيننا للحوار بالتي هي أحسن.

وتساءل الكيلاني "كيف يمكن أن نقبل - بموجب هذه الاتفاقية - بأن تتزوج البنت البكر دون إذن وليها، وتغير نصوص القرآن الكريم في الميراث، ويتم إلغاء قوامة الرجل على زوجته والأب على ابنته". وجماعة "الإخوان المسلمين" طالما أبدت رد فعل باهت عن الحالات التي يتم فيها تزويج الفتيات تحت سن 15، دون موافقتهن، ونزعهم عن مقاعد الدراسة رغما عن أنفهن، وحرمانهن من الإرث بموجب العادات العشائرية، أو تعرضهم للقتل بموجب جرائم الشرف.

واعتبرت الجبهة على لسان الأمين العام السابق زكي بني ارشيد ، أن الاتفاقية تمثل "أحدث حلقات انتهاج الأردن سياسات التبعية والانقياد" وزاد أن "هذا هو الهدم والإخلال والإجرام بأمن المجتمع من خلال تغيير قوانين الأحوال الشخصية المستمدة في غالبية نصوصها من أحكام الشريعة الإسلامية".

أنظروا من يتحدث عن التبعية والانقياد، فالجماعة كانت القوة السياسية الوحيدة المصرح لها بالعمل العلني منذ تأسيسها. ونمت وترعرعت على حليب التبعية والانقياد في أحضان الأجهزة الأمنية، والدوائر الرجعية العربية، والمراكز الرأسمالية العالمية. وأقامت تحالفا مع تلك القوى ضد الاشتراكية، وعندما انهار المعسكر الاشتراكي تم الاستغناء عن خدماتها، وابتدأت عملية تحجيمها، ولذلك فهي تبحث عن دور وموقع جديد.

وبحسب عضو مجلس شورى الحزب، ميسون دراوشة، فإن "الاتفاقية تلغي الفوارق بين الرجل والمرأة أمام القانون وهذا يتصادم تماما مع أحكام الإرث، كما أنها ستلزم الموقعين عليها بالمساواة بين الرجل والمرأة في مسائل الولي الشرعي، وتعدد الزيجات، والقوامة، والطلاق والعدة للمرأة بعد وفاة زوجها". ونقول للسيدة أن إلغاء الفوارق بين الرجل والمرأة أمام القانون قد أصبح ضرورة ملحة لتغير أحوال المسلمين كما سنرى لاحقا.

ما هي اتفاقية سيداو؟

في 18 كانون الأول / ديسمبر 1979، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو CEDAW" وقد جاءت هذه الاتفاقية تتويجاً للجهد الذي بذلته لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة طوال نيِّفٍ وثلاثين عاماً. فقد تأسست هذه اللجنة عام 1946 لرصد ومراقبة وضع المرأة والترويج لحقوقها.

أقرت الاتفاقية في ديباجتها بشكل صريح أن "التمييز الشامل ضد المرأة لا يزال موجوداً"، وتشدّد على أنّ هذا التمييز "ينتهك مبادئ المساواة في الحقوق واحترام الكرامة الإنسانية". وكما ورد في المـادة 1 ، فإن مصطلح "التمييز ضد المرأة" يعني ضمناً "أية تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس … في الميادين السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو المدنية أو في أي ميدان آخر". وتؤكد الاتفاقية بشكل قاطع على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل عن طريق مطالبتها الدول الأطراف باتخاذ "جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريع لكفالة تطور المرأة وتقدمها الكاملين، لتضمن لها ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها على أساس المساواة مع الرجل" (المـادة 3).

وتُحدّد الاتفاقية في أربعة عشر مادة متتالية منها برنامج المساواة مع الرجل.

تكفل المادة 7 للمرأة حقها في التصويت، وشغل الوظائف العامة وتأدية جميع المهام العامة. وللمرأة حق ، تمثيل بلادها على المستوى الدولي، على قدم المساواة مع الرجل (المادة 8).

وتم إدراج اتفاقية جنسية المرأة المتزوجة، التي اعتمدت عام 1957 في المادة 9 التي تنص على حق المرأة في الجنسية بصرف النظر عن حالتها الزوجية. وتؤكد المواد 10، 11 و13 على التوالي على حقوق المرأة في عدم التمييز في التعليم والعمل والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.

وأولت الاتفاقيةاهتماماً خاصاً فيما يتعلق بوضع المرأة الريفية وإسهاماتها الاقتصادية الحيوية، وإعطائها اهتماماً أكبر في تخطيط السياسات، كما ورد في المادة 14.

وتؤكد المادة 15 على المساواة الكاملة للمرأة مع الرجل في الأمور المدنية والأعمال مطالبةً "بضرورة اعتبار" جميع الصكوك التي تهدف إلى تقييد الأهلية القانونية للمرأة "باطلة ولاغيه".

تدافع عن "تفهّم سليم للأمومة بوصفها وظيفة اجتماعية" وتطالب بالمسؤولية المشتركة الكاملة بين الرجال والنساء في تنشئة أطفالهم،"وتؤكد الاتفاقية كذلك على حق المرأة في خيار الإنجاب".
وأكدت المادة 16 على حقوق المرأة في "اتخاذ قراراتها بحرية وبشعور من المسؤولية بشأن عدد أطفالها والفترة بين إنجاب طفل وآخر، وفي الحصول على التثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق".

وتلزم الإتفاقية الدول الأطراف بالقضاء على التحيّزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على فكرة دونية أو تفوّق أحد الجنسين أو على أدوار نمطية مُقَوْلَبة للرجل والمرأة (المـادة 5).

وختاماً، تعود الاتفاقية في المادة 16 إلى قضية الزواج والعلاقات الأسرية مؤكدة على الحقوق والالتزامات المتساوية للمرأة والرجل فيما يتعلق باختيار الزوج وحقها كوالدة والحقوق الشخصية والسيطرة على الملكية.

تضطلع لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بمراقبة تنفيذ الاتفاقية، وتُحدّد مواد الاتفاقية من 17 إلى 30 مهمة اللجنة، وطريقة إدارة الاتفاقية. وتتألف اللجنة من ثلاث وعشرين خبيراً يُرشّحون من جانب حكوماتهم ويُنتخبون من قبل الدول الأطراف كأفراد "من ذوي المكانة الخُلُقية الرفيعة والكفاءة العالية في الميادين التي تشملها هذه الاتفاقية".

المرأة قبل الإسلام

من المعروف ما كان عند بعض العرب من وأد البنات، وصولا إلى إيذاء الزوجة وإهانتها واحتقارها وجلدها وحتى قتلها عند العرب المتأثرين بالقوانين الفارسية. إنها خادمة في بيت زوجها، وظيفتها الإمتاع وإنجاب الأولاد، وليس لها حرية اختيار الزوج.

وقد يذهب بها زوجها إلى رجل عرف بالشجاعة والمروءة ليجامعها فتحمل منه، وكان هذا يعرف بنكاح الاستبضاع. وكانت الزوجة عرضة للمقامرة عليها من قبل زوجها وليس لها حق في صداقها، وإذا مات زوجها كان حدادها سنة كاملة.

وقد انتشر نظام تعدد الأزواج للمرأة الواحدة مثل زواج الإخوة وزواج الأخدان وزواج البغايا. وعرف العرب كذلك زواج الشغار، أي الشاغر من المهر. وعرفوا أيضاً تعدد الزوجات دون حدود، وأنواعاً متعددة من الطلاق، منها طلاق الظهار‘ و كان طلاقا مؤبدا لا رجعة فيه.

نظام الإرث كان مقصوراً على الذكور البالغين، وبذلك حرم النساء والأطفال. كان الابن الأكبر يرث زوجة أبيه إذا توفى باعتبارها جزءاً من التركة. ويكون له حق الزواج منها دون مهر أو تزويجها من غيره وقبض مهرها له أو عضلها أي منعها من الزواج.

الشرائع السائدة في الجزيرة العربية قبل الإسلام يمكن وصفها بالعبودية. وقد تأثرت بشرائع حمورابي والفرعونية والرومانية والفارسية ...وغيرها وبعض الباحثين يسميها بالسامية. وقد كان لتحدي الإسلام لها الأثر الكبير لمقاومة الأريستوقراطية العشائرية القبلية لقريش، بزعامة بني أمية للتغيير الإسلامي. إذ مثل الإسلام تحديا لمصالحها الطبقية.

ولم يكن الجانب الإيماني للإسلام هو السبب الرئيسي للتناقض مع قريش. فقد كانت المسيحية واليهودية كديانات توحيد منتشرة في الجزيرة العربية. ولكنها لم تتدخل في الشرائع السائدة، فشعارها: "ما لله لله، وما لقيصر لقيصر". ولم يكن على أجندتها السياسية برنامج لتوحيد القبائل العربية وبناء دولة قوية قادرة على حماية نفسها في وجه هيمنة الإمبراطوريات المحيطة، وخاصة الرومانية والفارسية. ولهذا كان التعايش والتعددية الدينية تارة، والحروب القبلية تارة أخرى هما السائدان.

لقد عرضت قريش، وكذلك الأوس والخزرج، على محمد الملك. لكنه رفض ذلك بشدة، لأن أمامه مهمة أخرى: نشر الرسالة وتطبيق الشريعة الإسلامية. لقد قلبت الشرائع الإسلامية المختصة بالمرأة والعبيد والزكاة... المجتمع العربي رأسا على عقب من العبودية نحو التحرر.

ثورة الإسلام

لقد حرم الإسلام وأد البنات واشترط قبول الأنثى لعقد الزواج، وألغى كافة أنواع الطلاق سوى الإسلامي، ولم يمانع بالسماح للمرأة بطلاق زوجها إذا اشترط العقد ذلك، وألغى تعدد الأزواج، وقلص عدد الزوجات إلى أربع بشرط العدل، ونفى إمكانيته، أي تفضيل الزواج الأحادي. وقلص العدة إلى أربعة أشهر وعشرة أيام.

أعطى الإسلام حق للمرأة في الإرث: الثمن من الزوج، ونصف ما للذكر من الأب. وأعطى الإسلام القوامة للرجل، ولكن ليس بشكل مطلق، واشترطها بالإنفاق والأفضلية. وقد كان ذلك خطوة جبارة إلى الأمام بعد الحرمان السائد.

جعل الإسلام تحرير الرقاب أول واجبات الإنسان وفي مقدمة الأعمال للتكفير عن الجرائم والذنوب، وخصص سهماً من مصارف الزكاة التي يأخذها الإمام لتحرير الرقاب. وضيق من أسباب الرق فحصرها في حرب مشروعة فضلاً عن الولادة من جارية. وأباح الإسلام التزوج بالإماء، وجعل لأولادهن ما لأولاد الحرائر من الحقوق والواجبات كالإرث والحرية.

لقد لاقت أحكام الشريعة الإسلامية قبولا واسعا عند القبائل ومن يقول بغير ذلك فهو مخطئ. وهناك من يميل للقول أن الإسلام قد انتشر بحد السيف، وهذا الوصف غير دقيق. نعم، الفتوحات العربية - الإسلامية حصلت بمواجهات عسكرية مع جيوش الإمبراطوريات المحيطة، وكافة الجيوش المنتصرة كانت تفرض نوع من الجزية على الشعوب. وساد هذا الوضع قبل الإسلام وبعده وإلى الآن.

لقد رأى الناس في الإسلام طريق الخلاص والتحرر من العبودية، وأيد المسيحيون العرب المسلمين ضد الإمبراطورية البيزنطية والفارسية على أسس الانتماء القومي وتغليبه على الانتماء الطائفي، وهكذا فعلوا أثناء الحروب الصليبية لاحقا، وهم رواد القومية العربية.

لقد انتشر الدين الجديد في جنوب شرق أسيا وشرق أفريقيا بالتوازي مع التبادل التجاري، دون الفتح العسكري. ولم ينتشر في إسبانيا رغم الفتح العسكري العربي – الإسلامي، وانتهى بانتهاء الدولة الأموية في الأندلس هناك. وعلى العكس من ذلك، فقد استمر الإسلام رغم قيام دول غير عربية في منطقتنا، بل وانتشر بين جيوش الفاتحين كالمغول والتتار مثلا. وغاية القول أن الأفكار والتعاليم والشرائع تنتشر عند نضوج الظرف التاريخي، والحاجة الاجتماعية لها، وبدون ذلك فالقوة العسكرية ستفشل أو قد تحرز نجاحا مؤقتا.

مسيرة الإسلام

لقد سار الإسلام من الماضي إلى الحاضر والمستقبل، من العبودية إلى الحرية، من الظلم إلى العدالة، من الفوضى إلى النظام، ومن التجزئة إلى الوحدة. الأريستوقراطية القبلية العشائرية لقريش اعتنقت الإسلام بشكل متأخر وانحنت أمام عاصفة التغيير، ليشتد عودها أيام عثمان بن عفان، وتحقق الغلبة في أواخر عهد علي، وتستعيد سلطتها السياسية بإقامة الدولة الأموية. وهي نظام حكم مطلق وراثي، يقوده الخليفة، أمير المؤمنين، الذي كان سكيرا أو ملحدا في بعض الحالات.

ومنذ ذلك الوقت، مرورا بالدولة العباسية... وصولا إلى العثمانية والوضع الراهن، فقد نشأت المؤسسة الدينية التابعة للدولة وتضم كبار علماء الدين ومعظمهم من الموالين للخليفة، بحكم طبيعة عملهم كموظفين. لقد استطاع علماء المؤسسة، عبر قرون طويلة، من تأويل الأحكام الإسلامية وفق أهواء الحكام. ولذلك فقد قوي الاتجاه المحافظ وتم وقف الاجتهاد، وعادت بعض الشرائع السائدة قبل الإسلام إلى الحياة، لتكريس العادات العشائرية والقبلية مع التزام علماء الدين الصمت على ما يجري.

ومن هذه الممارسات: منع الاختلاط رغم وجوده حتى في ميدان القتال وفي الحج. واستخدام الخمار، والحجاب حتى للأطفال، والتزويج دون موافقة الأنثى، واقتلاعها عن مقاعد الدراسة وحتى التعليم الإلزامي. وحق الزوج في الجنس دون إعتبار لرغبة المرأة، رغم أن أساس العلاقة هو المودة والرحمة. الحرمان من الإرث، بل وأخذ تنازل خطي بذلك. إعتبار المرأة مصدر الغواية الجنسية رغم أن العلم الحديث يساوي بين الطرفين، بل وقصة يوسف في القرآن أبلغ دليل على ذلك.

اعتبار تعدد الزوجات هو القاعدة، رغم أن في ذلك إيذاء نفسي للمرأة وصدمة عاطفية لها وللأولاد كما يثبت العلم الحديث. والنص القرآني جاء ليحل مشكلة قديمة كانت قائمة بتحديد العدد إلى أربع، ويضع آفاق حل للمستقبل. ولذلك اشترط العدل ونفى إمكانية حدوثه، ولذلك فواحدة هي القاعدة.

الأمر مشابه بالنسبة لضرب الزوجة، من الجلد وصولا إلى القتل عند بعض العرب، إلى الضرب بالسواك، وهو نوع من المداعبة بالقياس مع القتل. وطالما سارت الشريعة باتجاه التخفيف والإقلال وهو ما يشكل الحد الأدنى، فلا مانع من الاستجابة لحد أعلى من المساواة ومنع الضرب نهائيا. لقد كان العقاب البدني والنفسي مسموحا به لغاية منتصف القرن الماضي، إلا أن البشرية قد حرمته، والإسلام أولى بحمل هذه الرسالة.

الأمر ذاته ينطبق على الإرث، وعمليا لا يوجد ما يمنع من المساواة التامة. لقد أصبحت الأنثى تعمل وتنتج وقادرة على الإنفاق على نفسها وإعالة أسرتها. وأصبحت كافة المدارس الاقتصادية تعترف بدورها المساوي للرجل في إنتاج الثروة الوطنية والعالمية. ولذلك فقد انتهت قوامة الرجل. فهو لا ينفق على المرأة بالمعني الاقتصادي. وكانت فلسفة عدم توريث الأنثى لضرورات الحفاظ على ثروة العشيرة. فجاء الإسلام ليهدم أسس العشيرة والقبيلة ويستعيض عنهما بمفهوم الأمة المسلمة. فمع تغير الظرف الاجتماعي، فيمكن للمسلمين القيام بالخطوة المنطقية بالمساواة التامة للمرء مع والدته وأخته وزوجته وابنته.

وهذا يقودنا إلى مسألة الوصاية القانونية على الإناث في مسائل شتى، معظمها ذات أصول عشائرية، مثل الزواج دون إذن الولي. فحتى الشرائع العلمانية تفضل موافقة الوالدين ولكن لا تشترط ذلك.


المحرم كان ضروريا لحماية المرأة وصون كرامتها المهدورة، خاصة أثناء السفر. فلنتصور عناء السفر من عمان إلى مكة للحج أو العمرة، أو إلى بغداد لزيارة الأقارب، قبل انتشار وسائل المواصلات الحديثة، فقد كان يتطلب ذلك شهورا طوال. نعم المحرم كان ضروريا، وحتى بالنسبة للرجل، فالسفر دون رفيق ينطوي على المغامرة. في الوقت الراهن، يتطلب السفر بضعة ساعات، وشركات السفر مسؤولة عن سلامة المسافرين. وموسم الحج منظم ومحروس جيدا، وحتى الرحلات السياحية الترفيهية أو التعليمية أو التدريبية، تتمتع بدرجة عالية من الأمان يفوق ما كان سابقا حتى بوجود محرم. بل أن وجود المحرم يؤدي إلى زيادة الأعباء المالية ولا يزيد الحماية، ولذلك فمن الأجدر إبطاله لانتهاء الحاجة إليه.

لكي نفهم الإسلام، لا تكفي قراءة النصوص، وإنما دراستها في سياقها التاريخي. فهل جاء الإسلام على مجتمع فيه مساواة كاملة بين المرأة والرجل، وتحريم للعبودية، وأمر الناس بسلب المرأة لجزء من حقها في الإرث، وأباح ضربها وتعدد الزوجات...اي سار بالدنيا إلى الوراء؟ كلا وألف كلا. ولو كان الأمر كذلك، لكان علينا الآن إكمال المسيرة إلى الجاهلية: والتوجه نحو وأد البنات، وجلد الزوجة، والإكثار من جرائم الشرف وغسل العار، وتطبيق القانون العشائري، والعطوة والجاهة والجلوة...ومعظمها سائد في الأردن.

لا اجتهاد في موضع النص

لا اجتهاد في موضع النص، قاعدة فقهية صحيحة لو اتسمت الحياة بالثبات، والرتابة. ولأصبح الدين عندها على شكل كتاب للتعليمات، ولأصبحت الحياة دون مشاكل تذكر، ودخل الإنسان في دائرة الملل والجمود.

المسألة تكمن في انتهاء مرحلة الخلفاء الراشدين، واستعادة بني أمية للسلطة السياسية مما عطل مسيرة الإسلام التحررية. وبدخول الإسلام مرحلة من الاستبداد السياسي بديلا عن مرحلة التغيير الثوري، فقد أصبح الجمود العقائدي سيد الموقف. على العكس من ذلك فقد اجتهد عمر بن الخطاب في موضع النص في حينه، وأوقف قطع يد السارق وزواج المتعة نتيجة للضرورات السائدة.

الحالة الراهنة للمسلمين والتحديات الراهنة أمام مجتمعاتهم، ومع انتشار التعليم العالي وسهولة التواصل، تفرض توسيع الاجتهاد ومتابعة مسيرة الإسلام من التخلف إلى التقدم ، من الماضي إلى الحاضر والمستقبل.

بيد أن محاولات استخدام الإسلام لمواجهة القوى الديمقراطية واليسارية، خاصة منذ أواسط القرن المنصرم، قد أثر سلبيا على بنية الحركات الإسلامية وقياداتها، وتوجهاتها الإعلامية، وأورثها فكرا معاديا للانعتاق والتحرر والعلمانية، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر من قبل القيادات الإسلامية الشابة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاسلام يتعارض
T. khoury ( 2010 / 2 / 20 - 03:30 )
الاسلام يتعارض مع اتفاقية سيداو
الاسلام يتعارض مع الاسلام
الاسلام يتعارض مع المسلمين
الاسلام يتعارض مع الانسانية
الاسلام يتعارض مع البشر
الاسلام يتعارض مع ماتكتبه انت , الا اذا ما تكتبته عبارة عن تقية
الاسلام عبارة عن كذبة امتدت 1430 سنة وحان وقت نهايتها
واتفاقية سيداو واالعلمنة والانترنت هي بداية النهاية للاسلام


2 - رد على ما بعض مما جاء في المقال
هشام آدم ( 2010 / 2 / 20 - 16:57 )
جاء في المقال أن الإسلام حرّم وأد البنات وتلك إشاعة كبرى حاول الإسلامييون تحريف التاريخ العربي لإثباتها، فالإسلام لم يُحرّم وأد البنات لأنه لم يكن هنالك وأد للبنات من أساسه، الوأد الذي كانت تمارسه العرب كان وأداً للأطفال بجنسيهم بنين وبنات وأما قوله {وإذا الموءدة سؤلت بأيّ ذنب قتلت} فإن المقصود به النفس المقتولة وليس الفتاة المقتولة، والتأنيث هنا عائد على النفس وليس على المؤنث. وفي آية أخرى نقرأ {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق} فهذه الآية تكشف حقيقة الوأد الذي كان يمارسه العرب تجاه أبنائهم فهم كانوا يقتلون الأولاد بدفنهم أحياءاً إما خشية إملاق أو هرباً من العار في حالات الأبناء القادمين من سفاح. الأمر الآخر وهو أن الإسلام لم يُقدّم أيّ ميزة تميّز المرأة عمّا كانت عنه في الجاهلية، فالمرأة لا يحق لها تولي أيّ منصب سياسي أو رئاسي ولا يحق لها امتلاك القرار ودليل ذلك قول محمد {ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة} فهذا تصريح عام لجنس الإناث يوضح احتقار الإسلام للمرأة ودورها السياسي. والإسلام يرى المرأة مصدر شؤم يقول محمد {لا شؤم إلا في ثلاث الدار والمرأة والفرس} فأين إكرام المرأة؟


3 - توضيح
عمر شاهين ( 2010 / 2 / 20 - 19:49 )
لقد فشلت البشرية في عملية القفز من مجتمع متدين إلى ما بعد العلمانية دون المرور بمرحلة العلمانية. النتيجة كانت العودة إلى الوراء. المسألة، أي تمرير سيداو، قد لا يتم دفعة واحدة بل على مراحل، ولا يمكن أن تحل هذه المعضلة بحوار على المستوى الفلسفي وحسب، رغم أهميته، بل بنضال دؤوب ومساومات سياسية. وإلا - أشبعناهم شتما وفازو بالإبل-


4 - توضيح
عمر شاهين ( 2010 / 2 / 20 - 19:49 )
لقد فشلت البشرية في عملية القفز من مجتمع متدين إلى ما بعد العلمانية دون المرور بمرحلة العلمانية. النتيجة كانت العودة إلى الوراء. المسألة، أي تمرير سيداو، قد لا يتم دفعة واحدة بل على مراحل، ولا يمكن أن تحل هذه المعضلة بحوار على المستوى الفلسفي وحسب، رغم أهميته، بل بنضال دؤوب ومساومات سياسية. وإلا - أشبعناهم شتما وفازو بالإبل-


5 - السيد عمر شاهين
T. khoury ( 2010 / 2 / 20 - 20:30 )
السيد عمر شاهين
ما هي ما بعد العلمانية ؟؟
اعطي مثالا على فشل البشرية بهذا القفز المزعوم ؟؟؟
هل اسلوبك هو استخدا التقية ضد التقية؟؟؟
ما هي مراجعك

تحياتي


6 - إلى الرفيق العزيز T.Khoury
عمر شاهين ( 2010 / 2 / 20 - 21:30 )
مفهوم ما بعد العلمانية يعني ما قصده جون لينون بأغنيته الجميلة - تخيل- أي عندما لا يكون هناك دين.
المقصود بفشل البشرية في عملية القفز... التجربة السوفييتية، والصينية على الطريق، وغيرها. فبعد المحاولات الحثيثة لتجاوز الدين، عادت معظم الجمهوريات إلى العلمانية، أو حتى ما قبلها. فعملية تغيير البناء الفوقي تتسم بالبطء الشديد، ولا يمكن أن تحدث بقرار أو قانون لوحده. فالعادات والعرف الاجتماعي السائد أقوى من القانون.


7 - نتمنى
مرثا ( 2010 / 2 / 20 - 22:17 )
تحية للأستاذ الكاتب : تم توقيع 186 دولة على اتفاقية سيداو عام 1979 ولكن ليس كلهم موقعين على الميثاق التنفيذي لها وكنت اتمنى ان توضح لنا كيف لاتتعارض اتفاقية سيداو مع الشريعة الإسلامية علما بان مجمع البحوث الإسلامية قد رفضها لأنها تتعارض مع الإسلام بصفة عامة ذلك لأنها تساوي بين الإسلام وكل الديانات حتى الوثنية منها حتى قيل ان الموافقة على هذه البنود وأكدت د. مهجة غالب أستاذ التفسير وعلوم القرآن وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن كل ما يخالف الشريعة الإسلامية باطل؛ وأن هذه الاتفاقية تنص على الكثير من البنود التي تصطدم بشكل صارخ مع قيم الإسلام.
كما قال الدكتور محمد مختار المهدي عضو مجمع البحوث الإسلامية ورئيس الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة أن الكلام عن هذه الاتفاقية انها تطيح بحقوق المراة وقد جوبهت الاتفاقية الأممية بمعارضة قوية من المجامع الفقهية الإسلامية وعلماء المسلمين في أغلب الدول الإسلامية وذلك لمخالفتها الصريحة للتشريع الإسلامي في نظام
الأسرة ، فكيف تتوافق هذه الاتفاقية مع كل النصوص الموجودة فعلا


8 - تحية للفاضلة مرثا
عمر شاهين ( 2010 / 2 / 20 - 23:45 )
إن معظم القائمين على المؤسسات الدينية تربوا على العداء للتقدم بتمويل من الدول النفطية والإمبريالية. الخطباء والوعاظ يواجهوننا بالفكر الذكوري والإرهاب الفكري وينصبون أنفسهم وكلاء الله على الأرض. وبذلك سيطروا على الفقراء وعلى القاعدة الاجتماعية للتقدميين.

الجانب الآخر للدين كموروث اجتماعي - هو في الوقت نفسه تعبير عن هم واقعي واحتجاج علي هم واقعي. إن الدين هو آهة الخليقة المضطهدة، هو قلب عالم لا قلب له...- كما عبر ماركس عن ذلك. ويشكل هذا الجانب تربة خصبة لنا، ومن الضروري استثمار ذلك لخدمة المضطهدين. والهامش واسع. ومن الضروري استعادة ثقة قاعدتنا الاجتماعية، والتعامل مع واقعها، وكشف زيف التكفيريين.

هم يدعون أن سيداو تتعارض مع الإسلام، ونحن ندعي أنها لا تتعارض. والسجال قائم، وإلا فنحن نخلي الساحة لهم، لاستخدام الدين لخدمة مصالح ذوي السلطان.


9 - نهاية التاريخ فرانسيس فوكوياما
T. khoury ( 2010 / 2 / 21 - 01:49 )
عزيزي عمر شاهين
اشكر ردك الراقي الذي يدل على دماثة اخلاقك...وبعد

انا ما زلت اعتقد بان العلمانية التي تفصل الدين عن الدولة , وحيث ان المعتقد شأن شخصي محض , قد اوصل الكثير من الشعوب المتحضرة الى الحداثة والتطور والرفاهية. انا اعتقد بان مشكلتنا هو الدين الاسلامي (الذي اعتبره حزب سياسي ديكتاتوري وفاشي) فقبل ان نفكر بالوصول الى حلم جون لنون علينا ان نفكر بواقعنا وكيفة الوصول الى نهاية التاريخ لفرانسيس فوكوياما.

تحياتي


10 - كيف؟
مرثا ( 2010 / 2 / 21 - 16:36 )
الأستاذ الفاضل : تحياتي لك
كيف تتوافق سيداو مع النصوص القرآنية الواضحة حول مكانة المرأة
، مع كون المراة لايؤخذ بشهادتها في المحاكم فلايصح ان تشهد 4 نساء مقابل رجلان بل لابد
من رجل وامرأتان على اقل تقدير
مع كون المرأة ناقصة عقل ودين
مع كون المراة نصف الرجل في الميراث
،مع كون المرأة لاتتحكم بمصيرها مع زوجها إلا لو كانت العصمة في يدها فكلمة منه تخرجها في الشارع
ولو حاولنا التعرض لل 30 مادة في الإتفاقية سنقف مكتوفي الأيدي
هذا جزء من كثير استاذ عمر فما هو الحل ؟


11 - الفاضلة مرثا...1
عمر شاهين ( 2010 / 2 / 21 - 19:21 )
لقد كانت المرأة قبل الإسلام عبدة وجارية ومن ثم نالت بعض حقوقها. لقد توقفت مسيرة الإسلام التحررية بعد انتهاء خلافة علي والتحول نحو الحكم الملكي المطلق الوراثي. الحل ليس بالعودة إلى الخلافة، ولا يمكن وقف حركة التقدم ولا يمكن إلغاء الدين. إذن فالمساومة للوصول إلى العلمانية.
لقد قبل معظم أتباع المسيحية الإجهاض والطلاق والمساواة بين المرأة والرجل وحرية الرأي... رغم رفض الدين المسيحي لذلك لقرون عديدة وانحنت الكنيسة أمام عاصفة التغيير، والديانة اليهودية كذلك الأمر.


12 - الفاضلة مرثا ...2
عمر شاهين ( 2010 / 2 / 21 - 19:23 )
النصوص، فيتعين تفسيرها ضمن سياقها التاريخي، وإجمالا، فقد سار الإسلام نحو التحرر وتوسيع الحقوق. النصوص الواردة مثلت الحد الأقصى الممكن لذلك الزمان أو الحد الأدنى المتاح اليوم. ولذلك فمن حقي أن أجتهد بأن تطبيق سيداو، أي الحد الأعلى اليوم لا يتعارض مع مسيرة الإسلام، وإذا ارتأت غالبية المسلمين ذلك فيد الله مع الجماعة. وهناك سوابق أيام خلافة عمر حيث تم وقف قطع يد السارق( كان يقتل قبل الإسلام) ووقف زواج المتعة رغم النصوص. كافة الدول الإسلامية تحرم العبودية رغم عدم وجود نص، أي قانونيا انتهت مقولة ما ملكت أيمانكم رغم ورودها في القرآن. فإذا كانت زكاة أموالي خمسة دنانير وأعطيت ستة فهل يتعارض ذلك مع الإسلام؟
المشكلة ليست في الإسلام بل في مستوى التطور الاجتماعي ونظام الحكم القائم، إنه الفرق بين ماليزيا والصومال.


13 - شكر وتقدير
مرثا ( 2010 / 2 / 21 - 20:56 )
.....الفاضل استاذ عمر شاهين : تحية لك و اشكرك لردك واسمح لي
المرأة كرمت بواسطة السيد المسيح قبل الإسلام بستة قرون على الأقل ،فساوى بينها وبين الرجل ، لم يميز الرجل بميراث او بالشهادة وقال ليس الرجل من دون المراة ولا المراة من دون الرجل ،كما انه كرم المرأة بزواج رجل واحد بإمرأة واحدة فأصبحت هي والرجل جسد واحد وماجمعه الله لايفرقه انسان ولا يحاسب النص الكتابي على اخطاء المرأة او الرجل في الإختيار وقصر الطلاق فقط لسبب الزنا ان لم يستطع شريك الحياة ان يقبل ويسامح شريكه على الخيانة
اذن انحناء الكنيسة الغربية امام عاصفة التغيير هو مسئوليتها وخطأها وليس نص الكتاب المقدس ، و قولك ان نصوص القرآن يتعين تفسيرها في سياقها التاريخي فهل هذا يعنى انها لاتصلح لكل زمان ؟؟وكيف حكمت انها الحد الأقصى لذلك الزمان والحد الأدنى المتاح اليوم ، اين مرجعك لهذه المقاييس ؟وما هو الحد الأدنى المناسب اليوم للمراة ناقصة العقل والدين ولكونها تشهد بنصف رجل في المحاكم وتقبل ربع رجل في الزواج ؟
سيدي هل تعتقد ان قطع يد السارق توقف فعلا ؟
واخيرا الزكاة ،كل مالدينا هوعطية من الله وليس هناك حد اقصى لها
شكرا


14 - الفاضلة مرثا: الاجتهاد هو الحل!
عمر شاهين ( 2010 / 2 / 22 - 14:58 )

الديانات- جوهر واحد، بأسماء وطقوس وشرائع مختلفة. تجذب الناس بإجابة سهلة ميكافيلية عن الخلود أو الحياة الأخرى بعد الموت. تلك الرحلة التي لم يعد منها مسافر حسب شكسبير بلسان هملت.
وبمقدار ما يحقق الإنسان ذاته في حياته الأولى والأخيرة، فسيقل اهتمامه بحياته المزعومة. ولذلك فإن الفئات الشعبية شديدة الإقبال على التدين. فعلينا أن نقبلها كما هي، ونساعدها للوصول إلى ما يجب أن نكون وإياها.
النصوص لا يمكن تغيرها، فهي التاريخ. ولكن يمكن الاجتهاد في موضعها، وهو الواقع، كما يؤكد المتنورون.
لقد تم وقف الاجتهاد تعسفا، وازداد الجمود والتحجر، خاصة إبان الدولة العثمانية. ولو عاش ابو العلاء المعري في الوقت الحاضر لأصبح شهيدا، لإهدار دمه من قبل بن لادن، وأتباع ولاية الفقيه، والأزهر، وأي متعصب مسيحي. ولكننا ما نزال نستمتع بشعره اليوم، كحق مكتسب، ولا نستطيع كتابة مثله دفعا للملاحقة من القوى الظلامية.

اخر الافلام

.. عمليات بحث وسط الضباب.. إليكم ما نعرفه حتى الآن عن تحطم مروح


.. استنفار في إيران بحثا عن رئيسي.. حياة الرئيس ووزير الخارجية




.. جهود أميركية لاتمام تطبيع السعودية وإسرائيل في إطار اتفاق اس


.. التلفزيون الإيراني: سقوط طائرة الرئيس الإيراني ناجم عن سوء ا




.. الباحث في مركز الإمارات للسياسات محمد زغول: إيران تواجه أزمة