الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة حمودي

يونس حنون

2010 / 2 / 20
كتابات ساخرة


حمودي هذا واسمه الاصلي احمد وهو من سكنة مدينة الثورة....مدينة الزعيم عبدالكريم قاسم التي اسماها المنافقون فيما بعد مدينة صدام ثم اسماها المتخلفون مدينة الصدر في عهد حكومة العمائم الزاهر ....ثم اضافوا لها كلمة المنورة رغم انها لاتعرف الضياء الا ساعة او ساعتان في اليوم الواحد
حمودي هذا صار بعثيا عندما كان في الصف الرابع ثانوي وعمره 16 عاما
واعتبر نفسه ممثلا للحزب في الشارع الذي يقع فيه بيته
كان من عادة سكان المدينة والكثير من مناطق بغداد الشعبية عند حلول شهر محرم ان يستمعوا الى القراية...او المقتل.... وهو قصة استشهاد الامام الحسين بصوت رادود اسمه عبد الزهرة الكعبي ...وكان من المعتاد ان يقوم البعض ممن يمتلك مسجلا ومضخم صوت (امبليفاير) بنصب مايكروفونات تبث المقتل لسكان المنطقة والمناطق القريبة
ولسبب غير معروف منع صدام حسين الاستماع الى المقتل وحرم بثه في تلك الفترة ..... وتم توجيه الحزبيين بترصد من يقوم بالاستماع اليه والتبليغ عنه لغرض "فرك اذانه"
وكان حمودي رغم صغر سنه متحمسا لطاعة وتنفيذ توجيهات الحزب كي ينال الثناء من الرفاق
والد حمودي كان يمتلك دكان عطارة صغير ملحق بمنزلهم
ومن سوء حظ حمودي ان والده الحاج كان من عشاق الاستماع الى القراية بل ياخذ على عاتقه اسماع كل اهل المحلة ...فيفتح المسجل ويربطه بالاسلاك الى الامبليفايروالسماعات التي نصبها على سطح المنزل لتصدح بالمقتل باعلى صوت....
احتار حمودي كيف يقنع والده العنيد بعدم بث الشريط.....اذ كلما قال له ان الحكومة قد منعت ذلك يجيبه الوالد بغضب (بعد التاكد من عدم وجود من ينصت اليهم ) : انعل ابوك لابو الحكومة وياك
وفي احد ايام شهر محرم كان حمودي مع والده في الدكان وشريط المقتل يصدح باعلى صوت من سطح منزلهم ....وحمودي يتوسل بوالده كي يخفض صوت التسجيل على الاقل تجنبا" للمشاكل مع الحزبيين.. ووالده يعنفه لجبنه ويقول له :لك صير رجال! شنو خايف من هذولة الزعاطيط؟
وحتى تلك اللحظة كان حمودي في قرارة نفسه معجبا بشجاعة والده الذي يتحدى اوامر البعثية بكل صلافة وبشكل علني
....لكنه مع ذلك لم يكن يريد ان يتلقى التأنيب منهم بسبب سلوكيات والده التمردية لكن ما العمل ووالده أعند من الصخر...وفجاة وقف ببابهم الرفيق جبار...وهو احد مسؤولي الحزب في المنطقة والمعروف للجميع بخبثه وحبه لفعل الشر....وفوجيء حمودي ووالده بهذا الزائر غير المرغوب
سأل الرفيق جبار الحاج ابا حمودي بصوت تنضح منه نبرات الوعيد : حجي ....الا تعلم ان بث المقتل ممنوع؟ وفوكاها ناصب سماعات موجهة لكل المنطقة؟ ..فهل انت تتحدى تعليمات الحزب والثورة؟
وكان في السؤال الاخير من نذر السوء ماجعل حمودي يرتعب من المواجهة المحتومة بين ابيه والرفيق جبار ...وتوقع ان يصرخ ابوه شاتما الحكومة التي تتدخل في ابسط الخصوصيات ثم تقع بعدها المواجهة...واخذ يحسب بعقله مع اي من الطرفين يجب ان يقف...
لكن لم يحدث شيء من هذا القبيل
اذ تحول الحاج الذي كان يوصي ابنه ان (يصير رجال) الى قطة اليفة امام الرفيق جبار..فاجاب بنبرة توسل: والله والله والله يا ابني....دائما" اكول لهل كلب حمودي لايجوز ان تخالف اوامر الحزب التي هي على راسنا ...لكنه لا يسمع كلامي ويشغل التسجيل !!!!....والله لو تاخذوا للامن و تأدبوه بكم جلدة بلكت يصير آدمي
صعق حمودي من التحويلة المتقنة التي جائته من الحجي البطل ....وما ان حاول ان يفتح فمه مستنكرا كذب والده حتى عاجله الوالد بصفعة رن صداها في المحلة صائحا به : شلون تخالف امر الحكومة ياكلب؟ تريد تزعل الحزب علينا؟
وقبل ان يفيق حمودي المسكين من هول الصفعة ، حتى الحقها الوالد ببصقة محترمة زيادة في تاكيد براءته من الفعل الشنيع الذي الصقه بابنه وقال له بخشونة: يللة اصعد للسطح اطفي المسجل
وهنا اراد الرفيق جبار اثبات حضوره خاصة مع خروج عدد من نساء البيوت المجاورة للفرجة على مايحدث ..فقال :لا حجي ....انا سافعل ذلك....هيا خذني الى السطح
وهنا اسقط بيد الحجي، لكن شجاعته المزعومة كانت قد تلاشت تماما" ...فلم يجد غير ان يقول : تفضل ابني
وصعد الجميع الى السطح....وبدأ الرفيق جبار يقطع الاسلاك بطريقة قاسية للتاكد من عدم امكانية اصلاحها فيما بعد
والحاج ينظر بهلع ويتمتم بصوت خافت لحمودي كيف ان الامام في اية لحظة سوف يصعق هذا الكافر بالكهرباء ويميته في الحال لوقاحته وعدم احترامه للامام الشهيد....لكن الرفيق جبار اكمل مهمته دون اية نتلات.... بل وانتزع شريط الكاسيت وداسه بقدمه ...مما دفع حمودي ان يهمس باذن والده متشفيا" : لعد مو تكول الامام راح يشور بيه ويكهربه ؟اشو كلشي مابيه ؟
فلم يجد الوالد من حجة غير ان يقول : لانه نجس...هل تريد من الامام ان يوسخ يديه بهذا النجس؟
لكنه اردف كلامه بنبوءة عظيمة اذ همس في اذن حمودي
حمودي اخذ الحجاية من عندي.....هذولة البعثية الكفارماراح يبقون بالحكم اكثر من شهرين ....شوف ربعنا اتباع آل البيت شلون راح يثورون ويطيروهم
كان هذا الكلام عام 1971 ...وبقي البعثيون بعدها في الحكم 32 عاما..... كان معظم اتباع آل البيت خلال تلك الفترة يهتفون بالروح بالدم نفديك ياصدام....ولم يسقط النظام الا على يد الامريكان....ولو كان الحاج ابو حمودي مازال حيا لادعى بالتاكيد ان هذه هي (حوبة) الامام الذي ارسل المارينز كي ينتقم من البعثية
تلك الحادثة خاصة الصفعة والتفلة التي تلتها تعلم منها حمودي دروسا بليغة
تعلم ان التلون كالحرباء ثلثا المراجل
وان اليد التي لاتستطيع ان تعضها ...قبلها
هذه المباديء جعلته يمشي حاله كرفيق لمدة 20 عاما حتى دخوله السجن بتهمة الابتزاز
ونفس الدروس جعلته يتحول وبقدرة قادر بعد سقوط صدام من رفيق حزبي صاحب سوابق ومفصول من الحزب بسبب استغلاله لصفته الحزبية الى مناضل دخل السجن لانه كان معارضا للنظام...بل قاده نفاقه وتلونه الى ان يصبح متنفذا في احد مكاتب جيش المهدي، مما اتاح له العودة لممارسة هوايته المفضلة في الايذاء بمختلف الاشكال خاصة مطاردة النساء والتحرش بهم تحت ذريعة حثهم على التحجب...ومصادرة كل موبايل لا تكون نغمة رنينه مقطعا من المقتل....
ثم جاءت عملية صولة الفرسان التي جعلت افراد جيش المهدي ومنهم حمودي يختبأون في الجحور او يهربون الى ايران ...وما ان بردت الامور حتى عاد حمودي للظهور داعية ومؤيدا" لدولة القانون ورئيس الوزراء نوري المالكي الذي انقذ الشعب من المليشيات التي عاثت فسادا في الارض....
كم لدينا من امثال هذا الحمودي
وهل ستقوم للعراق قائمة وحمودي ومن على شاكلته توضع اسماؤهم على راس القوائم الانتخابية ؟
هل سنحضى يوما ببرلمان تكون فيه نسبة المخلصين والنزهاء اكثر من المنافقين والضباع واكلي الجيف؟
اتمنى ذلك .....لكني لست متفائلا" على الاطلاق










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مجاملة = نفاق
اغصان مصطفى ( 2010 / 2 / 20 - 18:28 )
بالرغم من اني لا انتمي الى اي حزب وأرائي السياسة (سوري بس طييييييط) لأنه ماافتهم ومااريد افتهم بيها بس دكتور يونس غالي عندي وما اقدر مااعلق على اي موضوع من مواضيعه الحلوه. بالنسية لحمودي حرام دكتور يونس تكول عنه انه كان منافق عمي هذا كان خطية ديجامل!!!!!!!!!!! بس الناس ظالمة واعتبرته منافق يعني كان شيسوي يروح هو وعشيرته بداهية بذيج الفتره؟ بس المشكلة هي تلك الفتره قد ذهبت والمفروض احنا صرنا بلد ديمقراطي يعني كل واحد يستطيع ان يعبر عن رأيه والأنسان اصبح مخير اكثر من مجبور ولكن مع ذلك اني مثلك ممتفائلة لأنه بين حمودي وحمودي اكو حمودي شلون؟ وليش؟ متفهم


2 - هذا حصاد أجيال التداعيات والخيبات والسقوط
الحكيم البابلي ( 2010 / 2 / 21 - 00:37 )
عزيزي الأخ يونس حنون
كل أرض تصلح لنبات معين ، وكل تربة تنمو فيها أصناف لا تنمو في تربة أخرى
العراق كان ومنذ الغزو الإسلامي تربة خصبة لكل السلوك المتدني المزدوج المعايير واللامسئول . والذي غذته وسمدته عوامل كثيرة أهمها الدين الذي يقول بشيئ ويطبق ويمارس أشياء تختلف
في زمن الطفيليات والأشنات القومية والبعثية والأخوانية عند بداية الستينيات راحت كل إفرازاتهم تسمم نفسية الفرد العراقي وتدفعه رغبةً أو قسراً لأن يصبح حمال أوجه من أخبث طراز ، حيث لم تكن الأنظمة اللئيمة تحارب هذه الظواهر ، بل كانت تطلبها وتشجعها لمصلحتها الخاصة ولخدمة أغراضها الخبيثة وحبها للبقاء ولو على حطام كل العراق . وهذا ماحدث بالضبط ، حيث وجدنا بعد 50 أو 60 سنة بأننا قد خسرنا الأرض والمعركة وحتى أنفسنا كبشر
صدقني يوجد في العراق ما لا يقل عن عشرة ملايين حمودي ، وحضرتك عراقي وتعرف بأنه ليس من السهولة تنقية هذه الأرض الطيبة من كل ( الدغل والعاكول ) اللذان أصاباها ، وقد يكون الكلام سهلاً عند البعض ، ولكن كيف سنغير ما بنفوس هؤلاء الناس ؟ وعند التطبيق سيهرب من أصابَهُ اليأس ، ويترك الأرض لمن خَربَها ، وهل يُلامون ؟
تحياتي


3 - انا متفائل
Sarmad ( 2010 / 2 / 21 - 02:00 )
انا متفائل يا دكتور لاني لا اؤمن بالعصى السحريه ولا بمصباح علاء الدين متفائل لان في النهايه هناك قانون في الطبيعه وهو انه لن يصح الا الصحيح المشكله الوحيده هي ان الصحيح لن يحدث ربما في حياتنا او حياة اولادنا مع الاسف لان للقانون جانب اخر هو كلما اشتدت العله والمرض كلما طالت المده للشفاء ولنا في الشعوب التي سبقتنا اسوة حسنه فاوربا لم تصل الى ماوصلت اليه بالقليل من التضحيات وانما بعد الام ومعاناة وحروب طاحنه ادركت بعدها انه لا نجاة الا في التسامح و تقبل الاخر واحترام رأيه تذكر اننا لازلنا نحبو والليل داج والطريق عثار كما قال الجواهري


4 - راضي بواك اللفات
كامران ( 2010 / 2 / 21 - 17:16 )
على شاكله حمودي الورد كان في حينا راضي ( بواك اللفات ) حيث كان لهذا الوسخ
اسلوب دنيئ في سرقه لفات التلاميذ بالبصق على اللفه التي دنت نفسه عليها وهي في يد
صاحبها ليتركها له فيجهز عليها في ثواني .. وكانت لدى هذا الملعون هوايات ساديه اخرى
كحرق البزازين .. وفشخ الماره بالمصايد .. و .. و .. و .. الخ

دارت الايام ومرت السنين واذا برفيق حزبي يبزغ نجمه في محلتنا ببدلته الزيتوني حاملا
مسدسا في يمينه وفايلا في يساره .. وبعد الامعان في تقاسيم وجهه الرفيق والتهامس مع
الجيران تبين لنا انه راضي بواك اللفات قد تحول بقدره قادر الى راضي بواك الرقاب ..!ا

ياخ يونس .. هكذا اشكال من الكلاب موجودون في كل زمان ومكان وليس عليهم عتب !!ا
ولكن العتب في من لقطوهم وسلطوهم على الناس
واقرأ على العراق السلام .. !ا


5 - حمودي الميكانيك
زيد ميشو ( 2010 / 2 / 22 - 06:45 )
كنا نسكن حي الميكانيك وجارنا عضو عامل أو فرقة
أثناء حرب الخليج الأولى وبعد أن شتم الحكومة الرشيدة حتى من لايشتم
كنا نتكلم أنا وأخي وهذا الرفيق ، ولأول مرة نراه يشتم صدام أمامنا
يوم قرار إنسحاب صدام خرج مهلهلاً وهو يضرب الإطلاقات من مسدسه وهو يقول
حكيم يابو عدي ، ذكي يابو عدي
وكما كنا أنا وأخي ، عدنا لنهابه مع بدلته الزيتوني مرة أخرى لحين خروجنا من العراق
نسيت إسمه لكن ممكن أن نسميه حمودي أو أبو حمودي

اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل


.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا