الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البرد وعلي الشرقي والإنتخابات

محمد سعيد الصگار

2010 / 2 / 20
الادب والفن



درجة الحرارة في‮ ‬پاريس‮ ‬11‮ ‬تحت الصفر‮.‬
كل شيء متجمد،‮ ‬والحالوب متواصل،‮ ‬حالوب ليس كحالوبنا الشفاف،‮ ‬إنما هو أبيض،‮ ‬عميق البياض،‮ ‬يتكدس على بعضه ولا‮ ‬يذوب مثل نديف الثلج المألوف،‮ ‬أجّلت بسببه الذهاب إلى مركز تحليل الدم،‮ ‬حيث أودعتُ‮ ‬لديه كمية من دمي‮ ‬ليفحص مقدار حلاوته،‮ ‬وعدت إلى البيت وأنا أرتدي‮ ‬كل ما‮ ‬يحمله جسمي‮ ‬من ثياب وبلوزات ومعاطف خارحية وداخلية،‮ ‬ولم أستطع الوصول إلى المركز،‮ ‬وهو على مرمى كرة من شبابنا‮.‬

في‮ ‬الطريق المتجمد،‮ ‬انتبهتُ‮ ‬إلى أن كل أمورنا الآن متجمدة في‮ ‬انتظار الإنتخابات،‮ ‬قلت هذا مدخل مناسب لمقالي‮ ‬الجديد‮.‬

لا ‬يراودني‮ ‬الشك في‮ ‬كون ثلاجات الكثير من كتاب الأعمدة والتعليقات تغص بالمقالات المجمدة والمرصودة لما‮ ‬يستجد من أحداث،‮ ‬ويتألق من وجوه،‮ ‬بِشراً‮ ‬بالنجاح،‮ ‬أوخيبةً‮ ‬في‮ ‬الآمال،‮ ‬لينتقيَ‮ ‬منها زميلي‮ ‬الكاتب ما‮ ‬يستبق به الحالتين،‮ ‬على أساس القرش الأبيض‮ ‬ينفع في‮ ‬اليوم الأسود‮.‬

ولكن البائت والمجمّد من الأفكار والتعليقات لا‮ ‬يكون له طعم المشوي‮ ‬على النار،‮ ‬وانتظار ما‮ ‬يخرج من تنّور الإنتخابات لا‮ ‬يعرف طعمَه إلا من ذاق احتراقَ‮ ‬الأعصاب،‮ ‬يوم كانت هناك أعصاب‮ ‬يمكن أن تحترق‮ !‬

فإذا فار التنّور،‮ ‬وانقلبت الأمور،‮ ‬وذاب المتجمد من السطور،‮ ‬سارع كتّاب المجمدات إلى تفحّص ما بين السطور،‮ ‬والتقطوا لنا نصّاً‮ ‬من هنا،‮ ‬وتصريحاً‮ ‬من هناك وجاءونا بما لم‮ ‬يُزل الله به من سلطان‮. ‬

وتلك محنة لا‮ ‬يد لنا فيها،‮ ‬ولا قدرة على تفاديها‮. ‬ولم‮ ‬يبقَ‮ ‬لنا‮ ‬غير حكم الضمير،‮ ‬والبصيرة التي‮ ‬ورثناها من تاريخنا النضالي‮ ‬عبر العقود من المرارة والإنتظار المتواصل من‮ ‬يوم ما خُلقنا إلى ما شاء الله‮.‬

ولكن هذه المجمّدات المرصودة للملمّات لا تبعث على الإعتزاز،‮ ‬ولا توحي‮ ‬بأن أصحابها موضع ثقة،‮ ‬بقدر ما توحي‮ ‬بكونهم‮ ‬يركضون وراء الفوائد الآنية،‮ ‬وهي‮ ‬ظاهرة نشطت في‮ ‬أيامنا،‮ ‬وموّهت علينا الكثير من الحقائق،‮ ‬وجعلتنا نتوجس من دلالاتها ومراميها‮.‬

ثلاجات الأفكار قد تفسد ما في‮ ‬الثلاجة،‮ ‬مثلما تفسد من قوت ومن مؤونة،‮ ‬وإذا كان من الممكن قياس صلاحية القوت والمؤونة بما‮ ‬يشار إليه عادة على‮ ‬غلاف العلبة،‮ ‬فالأمر ليس كذلك بالنسبة للأفكار البائتة،‮ ‬فلننتبه إلى الطازج النافع منها،‮ ‬ونفرز الناضج من الفجّ،‮ ‬ونتذكر قول شاعرنا الكبير علي‮ ‬الشرقي‮:‬

ذممتُ‮ ‬التعصّبَ‮ ‬من قبل ذا
وها أنا في‮ ‬ذمــــّه لاهـــــجُ
دعــــونا نوسّــــع آفاقــــــنا
ليقـــــــــــبَلنا المزجُ‮ ‬والمازجُ
أقول وقد ســـألتني‮ ‬الرفاق
أأنتَ‮ ‬على نهــــجنا خارجُ‮:‬
‮« ‬أبى الثمر الفجّ‮ ‬عن جذره
فصالاً،‮ ‬وينفصل الناضجُ‮ ».‬

وأختم بما قال هذا الشاعر العراقي‮ ‬الكبير الذي‮ ‬أنصح بالعودة إليه وقراءة ديوانه الذي‮ ‬يضم حال العراق بين‮ ‬غلافيه‮.
إقرأوا معي‮:‬

اطّرحوا الهـــــــــمَّ‮ ‬ولا تركسوا
في‮ ‬العـتب،‮ ‬بغـداد تملّ‮ ‬العتاب
وفّـقتمُ‮ ‬للخــير لا تعطســــــــوا
خوفاً‮ ‬على حــرية الإنـــــتخاب
يا أيها البيت الذي‮ ‬أسســــوا
بوركتَ‮ ‬من بـــيت له ألف باب

ثُمّ :

ما تغـــــــــيّرتِ‮ ‬يا وجوه بلادي
فإلامَ‮ ‬الأذقـــــــانُ‮ ‬والأســـــبالُ
يا رفاقي‮ ‬هيهات‮ ‬يسـعد شعبٌ
طرفاه عمــــــــامةٌ‮ ‬وعقــــــــالُ
وإذا الفار والســنانير عاشـــا
بوئامٍ‮ ‬لم‮ ‬يُفـــــــلح البقّــــــــالُ
قد‮ ‬يُفيد الدلاّلُ‮ ‬إن ضاع شيءٌ
ما احتــــيالي‮ ‬والضائعُ‮ ‬الدلاّلُ

قال هذا قبل سبعين عاماً‮ !!‬








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم


.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24




.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو