الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوأى بنت آرو

قاسم فنجان

2010 / 2 / 20
الادب والفن



ها أنذا موشك على الانصهار من جديد في بوتقة حب خرافية ، سأمتزج بها حتماً وستصليني نار الجن أخيراًً بعشق ملتهب.
آه لو تعبر تلك الماجنة الشرسة من أحلامي ، آه لوتعبر ، آه !
عبرتُ الى قاع الحلم وأستحال خيالي البكر الى ماخور لمجون الجان المجنون ، وقع ذالك في لجة النوم حينما أسرت لي شفتاها الناضجتان عن سر اللذة ، حدثتني آنذاك عن عالم النار وأشارت ملوحةً بجسدها الدخاني الى الجهات ، لم تكن ثمة جهة تشير اليها ، كانت الجهات تتعانق فيما بينها وتصب بانسياب رقيق فيها .
اليها متجهي حتماً !
أدركت ذلك وأسلمت أمري واتجهت بكليتي اليها ، غصت عميقاً في لذة كينونتي الجديدة وتذوقت في أقصى اغوارها النائية ، معنى الشبق الشيطاني وقلت :
هذا ثراء روحها القادمة من أعماق الغيب ، جاءت لتدك بهوادة صروح اليأس التي تملكتني منذ لاأعلم .
كانت روحها السابتة في الظلام ، تسألني انتشالها من رماد الأنتظار ، ترسل شفراتها السرية عبر وصيتها المزدانة بالطلاسم المنفوخة ، أفقؤها فيسيل العشق ملطخاً أحلامي بالنزيف ، نزيف متسربل بفوحان تتسلل عبره بذرة العشق المستحيلة الى قلبي فيضوع العقل برائحة الحرام .. حرام ان ما أفعله حرام .. يقول عقلي .
.. حلال ان ما أفعله حلال .. يقول قلبي .
سأهرب بها فقد تزاوجت الأمكنة المعلومة بالأمكنة المجهولة أمام ناظريَّ و أستحالت الى عالم آخر ، عالم تغادر فيه الممسوسة عالمها و تحط بهيئة آدمية فاتنة وتقول :
هيتَ لك .
لكننا في مقبرة !
أي مقبرة ! الا ترى الوهم ؟
أنظر في الوهم وأراها تأمر المقبرة وتقول لها كـوني غابة حمراء ، تتحول المقبرة بأمرها الى غابة حمراء وتفيض حمرتها بغزارة في المكان وتتحول المقابر فجأة الى اشجار والشواهد الى ورود.
ياللجمال ! انني احلم ؟
لم تر الجمال بعد ، ضمني وسترى الكمال بعينه .
اضمها الى صدري بقوة واشتم ضوع جسدها والطبيعة معاً ، اذوب في لجة هذا السحر الآسر وأشاهدها تنزع عن جسدها الكثير من الاصفاد النارية ، اصغي لنباح عذريتها يدوَّي مسعوراً واطلق الفوضى ليدي ّ لتعبث بمجمرة المشهد المستعر ، تلسعني شواط الرائحة الغريبة لسعة تدفعني للسؤال:
من أنت؟
سوأى.
من سوأى؟
الجميلة السمراء ، المخضبة أكفها بدم العشاق القاني ، راقصة الجان وسيدة نسائهم الساحرة ، المحفوفة بطوق الشبق الملعون ، مالكة الوصايا السرية وأسى القلب العاشق ، سَوْأى بنت آرو*..
زلزلني الاسم الساحر فلذتُ بوجودي الذي كان يتسع بالفراغ ، وجدتني عار قبالتها مسجى على بهاء كثيف ، أسال بنظرات حائرة عما يجري في حياتي وعما يدور في حياتها .
مصيرك.. قالت!
أنا !
أجل ..أنت مصيري.
انفلَتُ من إسار لحظتي العصية ، احتضنت جسدها المدهون بالنعاس فانفلتت تعدو في حيز اللاممكن ، طاردتها حتى استوقفتني أصوات كانت تتقاطع في مخيلتي الهائجة ، أصوات مرعبة لشياطين واخرى حانية لملائكة تغلي في راسي فاصيح :
يا سَوْأى ؟
تتهادىمن أقاصيها عليَّ وأهمي عليها منكفئاً كالمخمور، تشدني ذراعاها بحنان فارتعش وتتناهى لي َّهمهمات شبقها الصارخ ، تمسني نداوة عشقها في الصميم فاغمض عيني وأفتحها على لغط حاد ينهال من الاعلى ، أرى جاناً يتحلقون بغضب حولي بأعقاب اقدامهم الزرقاء يحاولون فك اشتباكي بها ، يركلونني بقسوة فتفتحُ سَوأى سُؤتها لانساب كالأفعى في جوفها الدافئ ، انساب وأفتش في هالة باطنها الوردية عمن يرشدني للحال ، أرى مملكتها المترامية تضيق امامي بترانيم آسية وأنين موجع ، اصغي لنشيج الغرام المخنوق فتلسعني تأوهات حارقة ، ابكي فتفتح صندوقها المكنون لأرى قلبها المجروح ينتحب قائلاَ :
هل ترى؟
انني ارى!
ماذا ترى؟
موتك ياسوأى مكتوب على رقائق القلب بحبر النار !
وبعد ؟
انه معلق كالمصير على جدران روحي الهائمة !
تهجاه أذن؟
لملمته بحنو وتهجأته بدقة ، كانت شفراته السرية تخرق العقل وتشير الى مالا تدركه البصيرة المهترئة ، اعجز عن قراءته فأجمع الترانيم بوجع وانشجها بوجع أشد حتى تكتمل في النهاية الوصية العجيبة ، وصية توحي مضامينها المجهولة بالسر الغريب الذي جاء على الورقة هكذا :
!!!!!!!!!!!.....*.......؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ماهذا الطلسم العجيب ؟
انه سفرك يامجنون .
حملتني الممسوسة بي في داخلها سراً ، ماجت بيَّ في عوالمها المسحورة ودعتني لأرى من مسام جلدها الشفيف مملكة الجان ،اشاهد عن كثب عالمها المزحوم بالأحلام وارى نساء بلدتها العاريات واطفالها الفاتنين ، اصغي للغو شيوخهم الطيبين وعجائزهم الاطيب ، أنسحر بالطبيعة الخلابة لهم ويسكرني ضوعها الفريد ، أنسى عالمي الناشف وأتجاوز عن ذكرياته السوداء ثم أمضي مزهواً في باطنها الشاسع ملتذاً بسفري الجديد ، ارقص بجنون من شدة الفرح وغبطة السرور فتلجمني مواعظها وتكبحني بالعهد :
أياك ان تفضح السر .
ما السر يا سوأى؟
سرنا العجيب في سفرنا الاعجب .
منحني سر حبها السطوة على حياتها حتى صارت مع تقادم زمنها اللامحسوب مطية سهلة لي ، تنقاد لرغباتي منصاعة كألعمياء لقلبها الذي يديره قلبي ، اغار عليها فأأمرها بالكف عن الرقص ، تكف ُ وينثار الجان لعزوف راقصتهم الأولى عن الرقص ، يشرعون بممارسات قاسية ويرسلون مردتهم وعلى ظهورهم سلال مملؤة بالدموع ، يسفحونها أمامها فتسيل بالم وتمس قلبي فأبكي وتبكي لبكائي،يستمع العفاريت لبكائها المر فياتون وعلى روؤسهم سلال الرجاء الثقيلة ، يدلقونها فتنهمر دموع الجان بغزارةً وتُغرق جسدها الرقيق بالطوفان المر ، تغرق سَوْأى وأستمع من جوفها لصوت عذابها يتردد عالياً :
العهد !
انقض العهد من الخوف وأحاول الانفلات من طوق جسدها الرحيم ،أرتطم بأبواب مشاعرها الموصدة وتلطمني امواج لوعاتها العاتية ،اتراجع مندحراً الى قلبها المحتضر ، اعصره بكلتا يديَّ فتصرخ من الحب :
آه .
يدويّ تأوهها الموجع صارخاً في فضاء الجان وتمتصه افئدة الجنيات الظامئة ، يربكهنّ عشقها المخبول ويتسلل أساه الثقيل الى قلوبهن جميعاً ، يبكين َّ عليها ويتآزرنَّ معها وينفصم عالم الجن الواحد ، يهجرن الجنيات عالمهن َّغير آسفات الى عوالم الأنس العاشقة ، مربكات النظام الآدمي بفوضى غرامية ساحقة ، فوضى تحفز الرجال الأنسيين على الهيام وتدفعهم ليغادروا غير نادمين أحضان نسائهم الآمنة متوجهين الى المقابر والمزابل ، حيث تكمن لهم هناك اناث الجن عاريات يشبعنَّ بسخاء شبقهنَّ اللامحدود .
حلت لعنة السوأى على أهلها وانتبه الملك للكارثة والعار وانقلاب الحال المخزي ، استدعى أمراء الشياطين وأمرهم بقذف بدنها العائم في طوفان الدمع بالرقى والتمائم ، أمر جبابرة العفاريت بمحاصرتها واوعز لبرابرة المردة بخنقها ، خنقوها فتجلى لهم السر من باطنها واضحاً كالروح .
كان السر المكنون في قلبها أنا ، أنا الذي اطالع الفوضى بأسى واستشعر النهاية بخوف ، أرنو من قيعانها للأكف العملاقة وهي تقبض بوحشية على أنوار جسدها المتوهج ، أراها تدك اسوار مشاعرها الصامدة وتحاول الوصول الى قلبها الحصين ، تصمد سَوْأى ازاء سيل البطش العارم وتبقي على عهدها صائتةً :
أُحبهُ .
يزعزع صبرها بأس الجان العتيد فيستنجدون بملكهم الغاضب يغضب الملك و يأمر ملائكة الجان بأنتزاع روحها المكابرة يتفقون على موتها و يتقدمون صوبها جميعاً ، يتحلقون حول روحها و يشهرون من أجرام الغيب شهب الماء الجامدة ، يسوطونها بها فتتداعى بوجع شديد ، تنكسر سوأى و تهوي منكفئة على قلبها ، يوجعني انكفاؤها المؤلم فأصرخ :
آه .
تسمعني فتنهض وتضم جناحي قلبها بقوةٍ على قلبي ، أختنق فتطلقني من جسدها المنكسرالى الأعلى ، أخترق مملكتها فاراً بقلبها الخائف من الموت صوب السماء ، أصل و أطالع من هناك احتضارها الثقيل ، ارى جسدها المشتعل بعشقي ينطفئ و يتلاشى بالتدريج ، أراه بعين قلبي يتسامى و يستحيل الى شواط عاشق ، شواط تستنشقه رئة الهواء و تزفره على الأرض لتحل اللعنة على الجان .........!



-------------------------------------------
* وهمٌ أعلن لي عن نفسه بهذا الأسم في أحد كوابيسي الليلية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كيف غادرت قمقمك يا فنجان الخرافة؟
ياسر هاشم ( 2010 / 2 / 20 - 21:22 )
اعذرني لم استطع التعليق لان ابجديتي خانتني وهربت الكلمات من نافذة الافكار التي تشبعت بهذه الاسطورة الرائعة
وهاانذا اغادر صفحتك منتشيا بما استنشقته من عطر الخلود
لانتظر ماهو جديد من عملاق كقاسم فنجان
تقبل مروري وانحنائي


2 - ملحمة
مي القيسي ( 2010 / 2 / 20 - 21:29 )
دخلت عالم الجان معك , عشت ملحمتك , حبست انفاسي مع صراعات القلب المحبوس داخل القضبان , احتضرت معه , ارتفعت روحي , تحررت من بين الضلوع , تبعثرت أحلامي , تلاشيت كما تلاشت هي واستيقضت أخيرا من حلمي وانا لازلت هنا أمعن النظر برائعتك فالصمت أحيانا ابلغ من الكلام
صفقت نبضات قلبي أجلالا لاسلوبك الرائع
أتمنى أن أقرأ لك المزيد أستاذي
تقبل مروري وردي المتواضع

اخر الافلام

.. المخرج الأمريكي كوبولا على البساط الأحمر في مهرجان كان


.. ا?صابة الفنان جلال الذكي في حادث سير




.. العربية ويكند |انطلاق النسخة الأولى من مهرجان نيويورك لأفلام


.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي




.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية