الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دناصير من هذا الزمن

زهدي الداوودي

2010 / 2 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


استنادا إلى تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" اختفت في العراق 190000 قطعة كلاشنيكوف (بندقية رشاشة هجومية) ومسدس. ويقول التقرير الذي اعتمد بدوره على إيضاح صادر من حكومة الولايات المتحدة إن وزارة الدفاع الأميركية لا تعرف شيئا عن مصير هذه الأسلحة التي كانت مخصصة للقوات الأمنية العراقية. وسبق أن نقلت هذه الأسلحة في السنتين 2004 و 2005 إلى العراق. إن حكومة الولايات المتحدة تخشى أن تكون هذه الأسلحة قد وقعت بأيدي المقاومين.
وأفادت هيئة رقابة أمريكية أن القوات الأمريكية لا تعرف شيئا عما حصل مع 30% من الأسلحة التي سلمت إلى قوات الأمن العراقية في الفترة من 2004 إلى بداية العام 2007. ومن الجدير بالذكر، حسب ما يقوله التقرير، أن الولايات المتحدة سلمت الأجهزة الأمنية العراقية مبلغ 19,2 مليار دولار من أجل تسليح قواتها.
مسكينة، الولايات المتحدة الأمريكية، سلمت البضاعة والنقود هكذا بصورة إجمالية وبنية صافية داخل صناديق مقفلة دون وصولات ودون استعمال قوائم وأخذ تواقيع أو حفظ المعلومات في الكومبيوتر الذي كان عاطلا في كل الأحوال بسبب انقطاع التيار الكهربائي، الأمر الذي دعا الطرفين للاستغناء عنه، ولا سيما أن الثقة متوفرة بين الجانبين على أساس "خذه من شواربي أو من عمامتي". ثم أن عملية التسليم والتسلم يجب أن تجري بسرعة وذلك كي يتم القضاء على الارهابيين المتخندقين أمام الباب في أسرع وقت ممكن. كان أي تأخير أو مماطلة لتسليم البضاعة يؤدي إلى تفاقم الارهاب وإلحاق الأضرار الفادحة بالمواطنين، لذلك أضطر الطرفان على إجراء عملية التسليم تحت جنح الليل وفي الظلام الدامس، موعد وصول البضاعة، وذلك تمشيا مع المثل القائل "لا تؤجل عمل اليوم إلى غد"، بيد أنهما نسيا أن المثل الكردي يقول:" كل صفقة تعقد في الليل، مشكوك فيها". ورغم توفر الثقة المتبادلة بين الطرفين على أساس " خذه من شواربي"، فإن كل طرف يعرف مقابله جيدا، حيث هناك اتفاق مسبق، غير مكتوب، يسمح لكل طرف استقطاع قومسيون معين كمكافأة للأتعاب المستحقة. والقومسيون يتأرجح عادة بيم 3 إلى 5 % وذلك حسب الشخص أو الجهة التي تبقى متخفية في الظل. وأقصى نسبة (رسمية) للقومسيون هي 10% حيث تداولها صدام حسين في حينه من دخل النفط العام وحولها إلى حسابه الخاص للاحتفاظ بها لأجيال البعث القادمة وبذلك أصبحت تلك النسبة قياسا معترفا به للعراقيين. ووقعت تلك النسبة من مليارات الدولارات بأيدي الارهابيين لتخريب العراق وتحويله إلى أرض منبسطة.
هكذا تصور الجانب الأمريكي الأمر عند تسليم البضاعة والنقود: حسم نسبة قد لا تتجاوز 5% أو 10 % حسب قياس صدام. وهي نسبة طفيفة لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تبدو للعيان ولا تثير انتباه المغرضين. وهي حق طبيعي للطرفين، لذلك لا داعي للإجراءات البيروقراطية من قبيل حسابنا وحسابكم. المهم في الأمر هو عدم وقوع البضاعة والمبالغ بأيدي الإرهابيين.
وهكذا تمت الصفقات تحت جنح الليل بكل براءة وثقة ودون اللجوء إلى الأساليب البيروقراطية، ذلك أن الملف الأمني هو أرفع بكثير مما يسمى بمجلس النواب الذي يستحيل أن لا يوافق على عملية تسليح القوات الأمنية بالإجماع، ولا سيما إذا كانت المساعدة آتية من الدولة الحليفة، بيد أن المشكلة التي وقعت فيها الولايات المتحدة هي عدم تعلمها من دروس كيفية "التصرف بالأموال" في دولة المحاصصة الطائفية التي تحكمها العمائم والعباءات والدناصير العملاقة. أو ربما تعرفها حق المعرفة، ولكنها تغض النظر عنها لسبب في نفس يعقوب.
إن وعاء اللصوص الذي تسيل فيه الأموال المسروقة، من ضمنها طبعا النفط الذي كان يسيل من حنفية بلا عداد، عبارة عن غربال أشبه بالربع الخالي الذي يمكن أن تختفي فيه كل مياه العالم. ولكن أين تظهر هذه الأموال الموصومة بالحلال؟ هذا سؤال مغرض لا شأن لنا به حاليا.
هناك مثل كردي يقول: "لا تتوقع أن يمنحك الملا شيئا، إنه يقول: اعطني فحسب". إن هؤلاء اللصوص الذين يؤمنون بفلسفة (أعطني فقط) ويتلفعون بلباس الدين، كان بإمكانهم تقديم خدمة ضئيلة للدين والوطن لو اقتطعوا نسبة 90 % فقط لأنفسهم ومنحوا الشعب نسبة 10% من الأموال المنصبة في غربالهم، إذ أن هذه النسبة تكفي لحل أزمة الكهرباء والماء وتأسيس معامل متواضعة لامتصاص خمسة ملايين عاطل عن العمل. ولكن، لا تتوقع أن يمنحك الملا شيئا. ولطالما بقي نظام المحاصصة الطائفية، ظلت فلسفة "حاميها حراميها" هي السائدة.
ترى، من يتحمل مسؤولية هذه السرقات الأسطورية؟
ما هي مسؤولية مجلس النواب؟ أين هي الحكومة؟ أين هو الادعاء العام؟ أين هو مجلس القضاء العام؟ أين هي هيئة النزاهة؟ ما هي وظيفة الوزراء؟
إذا كانت عمليات السرقة الخيالية قد بدأت منذ العام 2004 واستمرت إلى الآن، فما هي مسؤولية علاوي والجعفري ومن ثم المالكي؟ علما أن الحديث يتعلق بقضية سرقة واحدة فقط لا أكثر، إذ إننا أمام قمة الجبل الجليدي الذي يرينا جانبا ضئيلا من الحقيقة.
هذه مجرد خاطرة كانت نائمة في الأدراج المنسية، أثارتها تصريحات السيد عادل عبد المهدي التي أكد فيها لإحدى الصحف قبل فترة قصيرة بأن "دخل الدولة مثلا خلال السنوات الأربع الماضية أكثر من150 مليار دولار". وأما فضيحة شراء الأجهزة اللا كاشفة، فموضوع لا يستحق الاهتمام!

أيها المستميتون من أجل الصراع على السلطة، فكروا قليلا بالشعب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تستخدم -المنجنيق- لقذف كرات نار باتجاه لبنان


.. إذاعة الجيش الإسرائيلي: هجوم جناتا استهدف مقرا لحزب الله




.. كانت لهم ا?حلام.. أعداد أطفال غزة الذين استشهدوا بقصف إسرائي


.. حجاج بيت الله الحرام يستكملون الوصول إلى مكة تمهيدا لبدء منا




.. إغلاق طريق وإشعال عجلات مطاطية في هود هشارون للمطالبة بصفقة