الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا حجب وزير الثقافة جائزة المغرب للكتاب؟

مصطفى لغتيري

2010 / 2 / 21
الادب والفن


تميزت المدة الوجيزة التي قضاها بنسالم حميش على رأس وزارة الثقافة المغربية بجملة من القرارات المثيرة ، التي يحار المرء في تفسيرها ، ومن ثمة فهم منطق العمل الذي ارتضاه الوزير لنفسه في تسيير "وزارته "، و من بين قراراته المثيرة حجبه لجائزة المغرب للكتاب التي أصبحت تقليدا سنويا ، أضحى في السنوات الأخيرة من بين العلامات المميزة للمعرض الدولي الكتاب بالدار البيضاء ، و قد تناولت ألسنة الملاحظين هذا الحدث بكثير من الجدل و الكلام المتناقض، الذي نتمنى أن يتفضل الوزير بإبراز الصادق فيه و الكاذب ، فمنهم من ذهب إلى أن الأمر يتعلق بصراع خفي بين الوزير و محمد برادة ،الذي تسرب خبر فوزه بجائزة الإبداع السردي ، و منهم من ذهب إلى أن القرار اتخذ انتقاما من حسن نجمي، الذي يشاع أن الوزير يتهمه بتسريب نتائج الجائزة قبل الأوان، مما حرمه من أن يكون سباقا إلى الإعلان عنها بنفسه ، لكن يبقى أخطر الادعاءات متمثلا فيما ينسبه البعض إلى الوزير ،و مفاده أن بنسالم حميش قال بأن "حيوات متجاورة" لمحمد برادة هي عبارة عن رواية بورنوغرافية لا تستحق الجائزة ، و إذا صح هذا الادعاء ، الذي نتمنى أن يكون عاريا من الصحة ، فإن الوزير المحسوب على اليساريين، إما أنه أصبح فجأة أصوليا يحاكم العمل الأدبي بمنطق خارج عن النقد الأدبي ،الذي له مجاله الخاص ، و هذا ما لا يجهله الوزير ، و إما إن جهات ما أوحت له باتخاذ هذا القرار ، حتى يتماشى مع التوجه العام للنظام ،الذي ينهج سياسة عدم إثارة حفيظة الإسلاميين، مما يدعم هذا الرأي أنه ينسجم مع مصادرة بعض الكتب في الدورة الحالية للمعرض بدعوى منافاتها للدين الإسلامي..
و لعل تطبيق الوزير لما أوحي له به - بالطبع إذا صح ذلك- يدخل في باب السعي إلى الحفاظ على منصبه لأطول فترة ممكنة ، متخليا بذلك عن سترة المثقف اليساري الذي يسعى جاهدا إلى بناء مجتمع حداثي ، ينتصر للعقلانية و الحرية و القيم الإنسانية الجميلة، التي طالما تغنى بها المثقف و السياسي والمناضل ،الذي كان حميش -إلى وقت قريب - يمثله بروايته الجميلة على الأقل، ليرتدي جلباب الأصولي السلطوي ، الذي لا هم له سوى الحفاظ على كرسيه الوثير في الوزارة و بأي ثمن.
و إذا تأكد ذلك ، فيكفي أن نذكر الوزير- إن كان في حاجة إلى تذكير- أن محمد الأشعري الاشتراكي الذي يجتمع معه تحت سقف حزب واحد ،قد تمسك بمبادئه و مع ذلك حافظ على منصبه لمدة طويلة ،كما أنه تمكن من انتزع احترام الناس له ، من خلال منجزاته داخل الوزارة ، المتمثلة بالخصوص في مبادراته الجميلة و اللامعة ، ومنها" الكتاب الأول" و" الأعمال الكاملة" و "سلسلة إبداع" و" أنطولوجيا القصة المغربية " التي أشرف عليها كاتبان لامعان هما أحمد بوزفور و محمد برادة ، و قد وصل الأمر إلى أن رفض الكاتب الجميل و المحبوب أحمد بوزفور لجائزة الكتاب في عهد الأشعري، لم يدفع الوزير إلى إطلاق أي كلام ينتقد فيه الكاتب الرافض للجائزة ، بل وقد استمر بوزفور في عمله لإنجاز الأنطولوجيا ، حتى خرجت إلى النور، لتضيء درب القصة المغربية منذ بداياته الأولى إلى مراحله الأخيرة، كما يسجل للأشعري حفاظه على المكتسبات ،التي حققها وزراء الثقافة السابقون،دون التراجع عن أي منها ، و خاصة المجلات ، التي تعد منارات تضيء سماء المغرب الثقافي ، ناهيك عن عدم خضوعه للضغوطات الكبيرة التي مورست عليه من أجل إغراق دورات المعرض المتتالية بالكتب التراثية على حساب الكتب الحديثة، و هو الأمر الي لاحظه الجميع في هذه الدورة البائسة.

فليس بالانبطاح و التخلي عن المبادئ يمكن للمرء الحفاظ على منصب ، لو دام لغيره لما وصل إليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز


.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال




.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا