الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مختصرات في الماركسية 12

فواز فرحان

2010 / 2 / 23
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


تكوين الإشتراكية العلمية ...

تقوم النزعة المادية الجدلية بفهم مصدر الأفكار والنظريات الإجتماعية ، ولكنها تخضع بنفسها للقوانين التي تسيطر على ظهور الأفكار وعملها ...

مصادر الماركسية الثلاث ...

إذا نظرنا للماركسية في مجموعها ( النزعة المادية الجدلية ، المادية التاريخية ) لوجدنا أن الماركسية ليست ثمرة تلقائية للذهن الإنساني ، فهي قامت على أساس التناقضات الموضوعية للمجتمع الرأسمالي ...

1 _ الفلسفة الألمانية ...

أراد هيغل أن يقوم بثورة في ميدان الأفكار تشبه ما قامت به كومنة باريس في ميدان الواقع .. ومن هنا كانت الجدلية ...
كانت المانيا مجزأة .. وكانت لا تزال تخضع للنظام الإقطاعي كما أن البرجوازية الفتيّة تحلم بأن تقدِم ما قامت به البرجوازية الفرنسية من القضاء على الإقطاع غير أنها كانت ضعيفة ولم يكن بمقدورها القيام بذلك ...
هذا ما يفسّر نقص فلسفة هيغل الأساسي ألا وهي النزعة المثالية .. فالنزعة المثالية هي دائماً إنعكاس لعجز موضوعي ...
وهي تعبير نظري عن برجوازية تريد القضاء على الإقطاع لكنها تعجز عن ذلك فكانت فلسفة هيغل حسب قول انجلز ( إجهاضاً ضخماً ) .. وهكذا يظل التطور الجدلي تطوراً فكرياً صرفاً ، بالغضافة الى ذلك قد تحالف مع الدولة الإقطاعية البروسية ...
فإذ به ينظر الى هذهِ الدولة على انها التعبير التاريخي الضروري عن الفكرة ...
وهكذا تحصر الجدلية نفسها في نطاق تجريد ما هو كائن ، كما تقف حركتها عن السير لعجز طبقة لا يمكنها القيام بالثورة إلاّ في الذهن ..
مات هيغل سنة 1831 خلفهُ جيل من الفلاسفة البرجوازيون وراحوا يبحثوا عن السلاح النظري ضد عدوّهم الطبقي في النزعة المادية الملحدة ، في القرن الثامن عشر ، ألا وهي مرحلة لودفيغ فورباخ الذي أعاد كتابة جوهر المسيحية سنة 1841 ( النزعة المادية الى عرشها ) ...
وقد أثر فورباخ في كل من ماركس ( ولد في 1818 ) وانجلز ( ولد في 1820 ) وكلاهما ينحدر من البرجوازية المتحرّرة ...
نزعة فورباخ المادية ظلت ميكانيكية ، إذ يرى وهو مُحق أن الانسان ثمرة للطبيعة لكنه لا يرى الانسان منتج يحوّل الطبيعة ، وأن هذا هو مصدر المجتمع ...
كان فورباخ يفتقد لنظرة علمية للتاريخ فإستعاض عنها بديانة غامضة تقوم على الحب اي بعودة النزعة المثالية ...
أنشأ ماركس فلسفة علمية قائمة على المادية الجدلية ... وقد تخطت هذه الفلسفة فلسفة هيغل المثالية ، وفلسفة فورباخ المادية الميكانيكية ...
يصل ماركس من خلال دراسته للقول ...
( لم يفعل الفلاسفة سوى تفسير العالم ، بينما كان الواجب تحويله ) ..

2 _ الإقتصاد السياسي الإنكليزي ...

كانت انكلترا في مطلع القرن التاسع عشر أكثر البلاد تقدماً في الإقتصاد ، وكانت البرجوازية الإنكليزية أول من إنتقل من الصناعة اليدوية الى الصناعة الآلية ...
وهكذا نشأ الانتاج الإقتصادي الكبير وهو أساس المجتمع الرأسمالي ، وهذا ظرف يساعد موضوعياً على إزدهار الإقتصاد السياسي ، وهو علم القوانين التي تسيطر على الإنتاج وتبادل الوسائل المادية للمعيشة في المجتمع الإنساني ...
لقد مهد الإقتصاديان الإنكليزيان آدم سميث وديفيد ريكاردو الطريق لنظرية القيمة ـ العمل لكنهما لم يستطيعا إدراك إدراك العلاقات الموضوعية بين الناس التي تتعدى تبادل السلع ..
فعجزا عن التدليل ( إثبات ) على أن قيمة كل سلعة تتحدد بمقدار زمن العمل الضروري لإنتاجها ، وكان فضل ماركس أنه عرّف قيمة التبادل الحقيقية على أنها تتبلور للعمل الإجتماعي ...
وبهذا تخطى ماركس حدود الإقتصاد السياسي الإنكليزي الذي عجز عن تحليل الرأسمالية تحليلاً كافياً ، لأن المصالح الطبقية حالت دون ذلك ...
فقد كان الإقتصاديون يعتقدون أن الرأسمالية خالدة ، فقفز ماركس بالإقتصاد السياسي قفزة فاصلة بإكتشافهِ قانون فائض القيمة ...
فقد دلل ماركس على أن تملك العمل الغير مدفوع أجره هو الصورة الأساسية للإنتاج الرأسمالي ، وإستغلال العمال الذين لايمكن فصلهم عنه ، كما دلل على أن الرأسمالي في نفس الوقت الذي يدفع فيه أجر قوة العمال العملية بمعدّل القيمة الحقيقية لهذه القوة كسلعة تباع في السوق ، فإنه يستخرج من هذه القوة قيمة تفوق القيمة التي دفعها أجراً لها ، وإن هذه القيمة الفائضة تكون مجموع القيم التي يتأتى عنها رأس المال الذي يزداد بإستمرار ويتضخم في أيدي الطبقات المالكة ..
هكذا فسّر ماركس طريق الإنتاج الرأسمالي وطريق إنتاج رأس المال ...

3 _ الإشتراكية الفرنسية ...

يجب البحث عن بذرة الإشتراكية الحديثة التي نشأ عنها الإشتراكية العلمية ...
كان على الاشتراكية الحديثة ككل نظرية جديدة أن ترجع لأفكار سابقيها المباشرين وإن كانت جذورها في الواقع تنبت في أرض الوقائع الإقتصادية ...
غير أن الاشتراكية السابقة على الماركسية لم تكن علمية بل كانت خيالية ، وتكون الاشتراكية الفرنسية أكبر جزء منها ، كما كانت تضم بعض المفكرين الألمان والفيلسوف الانكليزي اوين ...

الاشتراكية الخيالية ...


تكونت هذه الاشتراكية في ظروف أوجدها المجتمع الرأسمالي ..
كانت نقطة إنطلاق الاشتراكية الخيالية التشهير بوضع إستغلال العمال المستمر الذي كان الإقتصاديون البرجوازيون يقولون عنه أنه وضع طبيعي لأنه كان يضمن نمو الصناعة ...
ولهذا قام الاشتراكيون الخياليون بنقد نظام قال عنه فورييه ( يوّلد الفقر من الإزدهار نفسه ) ...
يلاحظ الاشتراكي الخيالي سان سيمون ( 1760 ـ 1820) ان الانتاج ينمو في الرأسمالية بصورة مستبدة خلال نضال مرير من الصانعيين حتى يولد أعظم الآلام للكادحين ...
كان يعتقد ان نمو الصناعة يجلب السعادة للانسانية لهذا وصف فضائل تنظيم الانتاج تنظيماً عقلانياً على يد رجال تشاركوا لإستغلال الطبيعة معاً ...
أما شارل فورييه ( 1772 ـ 1837 ) ..
فقد درس أزمات الرأسمالية وحارب نتائج المضاربة التي تحمل الخراب وشهّر بمساوئ الإحتكار والتجارة ...
يرى فورييه أن الدولة هي المدافع عن مصالح الطبقة الحاكمة ...
كما دلل على أن البرجوازية عادت الى الدين المسيحي الذي ناهضته في الماضي وراحت تنشر الأفكار الأخلاقية التي تدعو للخضوع والإستسلام وتعمل من أجلها ...
وكذلك روبير اوين ( 1771 ـ 1858 ) ..
الذي إقتنع إقتناع الماديين في القرن الثامن عشر بأن أخلاق الناس ( من عيوب وفضائل ) هي ثمرة للظروف ، لهذا فهو يرى بأن الثورة الصناعية التي حدثت في انكلترا توجد الظروف التي تساعد على تحقيق السعادة للجميع ...
يتحدث اوين عن الشيوعية فيقول ...
( يجب أن تكون قوى الإنتاج التي نمّتها الصناعة الضخمة ملكاً جماعياً ، كما يجب أن يستفيد منها الجميع ، وخُيّل إليهِ أنه يستطيع التمهيد للتنظيم الشيوعي للمجتمع بواسطة تعاونيات الانتاج والإستهلاك ) ...
تعاونيات الاستهلاك والانتاج ... هي عبارة عن جزر في الخضم الرأسمالي ، وكان مصيرها الزوال ..
كان للفلاسفة الخياليين فضائل كبيرة كما أشار الى ذلك كل من ماركس وانجلز ، فلقد شاهدوا الرأسمالية في أوج إزدهارها فوصفوا عيوبها وشهّروا بها كما أنهم تنبأوا بنهايتها في زمن خُيّل إليها بأنها خالدة ...
فأرادوا القضاء على إستغلال الانسان لأخيه الانسان ، وكانوا أبطال تربية تقدمية ووثقوا بالانسانية لاعتقادهم أن سعادتها ممكنة على الأرض ، لهذا فهم يحتلوا مكانة سامية في تاريخ الاشتراكية ...
مع ذلك ....
عجزوا عن تغيير حال المجتمع ... لماذا ؟
عاش كبار الفلاسفة الخياليون في الفترة الاولى من الرأسمالية ، ثم أخذت تناقضات الرأسمالية في الإزدياد فنشأ عن ذلك الفوضى في الإنتاج وبؤس الجماهير ...
كانت الرأسمالية لاتزال فتيّة ، فلم تظهر في داخل نظامها القوة التي تستطيع أن تناضل موضوعيّاً ضد الرأسمالية وأن تتغلب عليها وتؤسس المجتمع الاشتراكي ...
هذه القوة هي البروليتاريا ...التي يوّلدها بالضرورة نمو البرجوازية الرأسمالية ، لأن قوتها تعتمد بأجمعها على إستغلال البروليتاريا ، التي كانت قليلة العدد وضعيفة وقد جزأتها المضاربة ..
وكان نضالها الطبقي ضد البرجوازية لا يزال ضعيفاً ..
كيف ؟؟
ــ لما كان هذا النضال غير منظم ، فلم يكن يهدف لتحقيق مطالب مباشرة كتقليل ساعات العمل ...
ــ كما كان هذا النضال يقاسي آلآماً فلم يكن يهتم بالمستقبل ..
ــ كانت البروليتاريا فيما يتعلق بالسياسة لا تزال تحت سيطرة البرجوازية ...
ــ كان الفلاسفة الخياليون يشاهدون ما تعانيه البروليتاريا من عذاب وقد منعهم ذلك من رؤية القوة الضخمة التي تكمن فيها والتي جعلت منها طبقة المستقبل ، بينما كانت البرجوازية تعتقد أنها خالدة ....

الخلاصة ...
بما أن هؤلاء الفلاسفة الخيايون لم يجدوا في مجتمع أيامهم الوسائل الموضوعية للقضاء على هذا العذاب ، فإنهم لم يروا أمامهم سوى مشروع فكري ...
فإستوحوا من أدمغتهم وصفاً تاماً لمجتمع كامل قارنوه بالواقع المُحزن ، لكنهم كانوا يجهلوا قانون تطور المجتمع الرأسمالي فلم يستطيعوا إكتشاف العلاقات الموضوعية بين المجتمع الذي ينتقدوه وبين المجتمع الذي يحلموا به ...
من هنا كان وصف إشتراكيتهم بالخيالية ، ولهذا كانوا مثاليون وزملاء لفلاسفة القرن الثامن عشر الذين كانوا يعتقدوا بأن العقل له القدرة على توليد مجتمع عادل فنادوا بالعدالة والأخلاق ..
ما هي الوسائل التي إقترحوها لتحقيق المجتمع الجديد ؟؟
الجواب ..
ــ كانوا لا يجهلوا قوة النضال الطبقي المبدعة ، كما كانوا يخشون عمل الجماهير السياسي ويعتبرونه مثال الفوضى فلم يكن أمامهم سوى التنبؤ ..
ــ يجهدون لضم البرجوازية الى أفكارهم آملين أن تحقق لهم هذه الأفكار عن طريق السلطان الذي تتمتع به ، وهذا وهم وخيال لأن مصالح البرجوازية الطبقية تتعارض بشكل مطلق مع الإشتراكية ...
لهذا لم يستطع سان سيمون وفورييه واوين أن ينجحوا ...
وما يُميّز ماركس عنهم هو ...
( بدلاً من أن يتخيل مشروع مثالي فقد أقام الإشتراكية على أسس علمية ) ...
وبالرغم من نقد كبار الفلاسفة الخياليون للرأسماية نقداً لاذعاً فإنهم لم يكونوا يمتلكوا النزعة المادية التاريخية وعلم المجتمعات الذي حقق لماركس إنتصاراً نهائياً ...
لهذا فبالرغم من تأكدهم من نتائج الإستغلال الرأسمالي فإنهم عجزوا عن إدراك عملهِ .
كما أنهم عجزوا عن إدراك الدور الذي تقوم به البروليتاريا في القضاء على الرأسمالية
( فظهر عجزهم النظري في صورة عجز علمي ) ...
فإحتل العلم بفضل ماركس مكان الخيال وأصبحت الإشتراكية التي يحلم بها الخياليون واقعاً ملموساً ...


ملخص لكتاب اصول الفلسفة الماركسية
جورج بوليتزر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال


.. تصريحات عمالية خلال مسيرة الاتحاد الإقليمي للاتحاد المغربي ل




.. موجة سخرية واسعة من عرض حوثي للطلاب المتظاهرين في أميركا وأو


.. فرنسا: تزايد أعداد الطلاب المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطي




.. ا?ستاذ بجامعة سان فرانسيسكو: معظم المتظاهرين في الجامعات الا