الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الضربة التحذيرية الإسرائيلية!

اديب طالب

2010 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


ثمة تعبيرات يتم تداولها في أغلب الساحات السياسية، وتتناول مختلف المسارات السلمية في منطقة الشرق الأوسط، وتهدف الى قطع الطريق على أي حرب شاملة قد تلوح في الأفق. التعبيرات هي: المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، والمشروطة وغير المشروطة. إلا أن دولة العدوان الإسرائيلي كانت الأكثر استخداماً للمباشر وغير المشروط منها، لاعتقادها أنها الأكثر قدرة على فرض الشروط على الأسطر وما بينها وعلى الكلمات وما خفي منها.
الحديث عن المسارات السلمية أضحى حديثاً مستهلكاً لدرجة الملل، ولنقل الى درجة الاحباط واليأس. وهذا ما بدا واضحاً في تصريحات كل من الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.
ظهر بديل مبتكر وجديد لتلك التعبيرات هو: الحرب المشروطة، والأصح التهديد بالحرب المشروطة، ان فعلتم كذا نفعل كذا، هذا التهديد يستوجب أسئلة منها: هل الحرب مؤكدة؟ هل ثمة ما يعوقها؟ هل ثمة ما يستعجلها؟ هل هي محدودة تأديبية تحذيرية؟ أم انها شاملة كبرى مدمرة؟
أميركا ترى أن إيران، كانت تخرج عن الطوق وعن السيطرة، أو لعلها خرجت عنه وعنها، وترى أيضاً أن إيران، تهدد منبع ومسار وسعر نصف الطاقة في العالم هدد الإيرانيون بإغلاق مضيق هرمز وأنها تستدعي بامتلاكها السلاح النووي وصواريخه الناقلة انتشاراً له وتسابقاً عليه، وفي المحصلة فإن السيطرة على نصف نبع الطاقة ذاك، قد أصبحت منتقصة، أو قابلة للانتقاص، ومن قبل نظام يتجه الى الدكتاتورية العسكرية كما قالت وزيرة الخارجية الأميركية مؤخراً، نظام يعتبر وشعبه عقائدياً أن واشنطن هي الشيطان الأكبر، وأن تل أبيب غدة سرطانية، وان الاولى فرض شرعيّ جهادها والثانية تكليف الهي إزالتها.
إسرائيل ترى أن أمنها ومستقبل وجودها مهددان بإيران النووية وبأذرعتها طالما أنها وأذرعتها تمس سيطرة الدولة العبرية على المنطقة والممتدة من خمس عقود وتحاول مشاركتها في تلك السيطرة.
الدول العربية المعتدلة ترى أن إيران بدون مخالب وأنياب نووية تشكل خطراً على استقرارها، فما بالك إذا أصبحت المخالب والأنياب النووية حقيقية؟ إيران لم تقصر مطلقاً في ترسيخ هذه القناعة لدى تلك الدول وشعوبها.
أميركا والمجتمع الدولي والدول العربية المعتدلة، يرون أن الحصار العسكري والاقتصادي لإيران، هو المناسب للمرحلة الراهنة، وليس الحرب. هذا الحصار قد يؤدي الى تغيير النظام الإيراني، وقد يؤدي الى إرهاق قيادة خامنئي نجاد كمدخل الى التغيير المذكور. ثمة احتمال هو أن الحصار قد يؤدي الى تلاحم وطني تجاه خطر خارجي، وهذا مما سيضعف المعارضة الإيرانية رافعة أي تغيير محتمل. ليس بالضرورة إذاً أن يغير الحصار النظام، وان حصل فقد يستغرق من خمس سنوات الى عشر سنوات، وهذه المدة كافية لتصل الأنياب والمخالب النووية الإيرانية الى أن تكون قادرة على إجبار الجميع مرغمين بالقبول بما تراه إيران حقاً لها، في الشراكة في إدارة المنطقة وإدارة العالم، وذلك وفق تصريحات الرئيس نجاد المتكررة.
هل القول الأميركي إن الخيار العسكري ما يزال موجوداً على الطاولة هو الحل؟
هل ضربة إسرائيلية تأديبية تحذيرية شديدة، وبصمت ومباركة أميركية ضمنية، لأذرعة إيران كافية لردعها عن نووييها أو تأجيله؟ هل هذه الضربة كفيلة بإحياء المسارات التفاوضية الإسرائيلية العربية؟ ألم يأت اتفاق السلام المصري الإسرائيلي في أعقاب حرب إسرائيلية مصرية في عام 1973؟ ألم يقل الرئيس أوباما ان نجاح مسارات التفاوض مصلحة استراتيجية؟ وماذا لو كانت حرب محدودة مدخلاً لارغام الأطراف على تفاوض ناجح؟
هل يمكن اعتبار أن هذه الضربة التحذيرية التأديبية الشديدة، بمثابة هجوم استباقي عدواني إسرائيلي لإلغاء أي دور إقليمي لتلك الأذرع؟ واعتبارها ايضاً بمثابة تسهيل لضربة أميركية إسرائيلية، لردع إيران عن نووييها ان لم ترتدع بضربة أذرعها؟ ما هو مصير هذه الأذرع، فيما لو ربحت إسرائيل الحرب لا سمح الله؟
تل أبيب (أ.ب): قال وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك أمام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية في القدس انه "ينصح سوريا بعدم امتحان إسرائيل، وانما بالتحدث معها" مضيفاً ان لا حاجة الى حرب جديدة وانما الى دخول في مفاوضات سلام".
أين يمكن ان نضع هذه "النصيحة" الثعلبية المراوغة لوزير الحرب الإسرائيلي؟ هل هي تحذير جديد؟ يضاف الى ما قاله في مطلع الشهر الجاري بأنه "في ظل غياب تسويات مع سوريا قد نصل الى مواجهة قوية معها قد تتطور الى حرب إقليمية"، ورد عليه في حينها وزير الخارجية السوري وليد المعلم بأنه "إذا أعلنت إسرائيل الحرب على سوريا فإن الحرب ستنتقل الى مدن إسرائيل".
إذا تعامل ايهود باراك مع سوريا هكذا، فكيف يكون تعامله الحقيقي مع أذرع إيران؟
هل يمكن لحماقة إسرائيلية بحجة أمنها ووجودها، وحماقة إيرانية مأزومة من الداخل والخارج... هل يمكن أن تؤديا الى حرب كبرى شاملة؟ هل سيكون الهذر والثرثرة "الحربجية" الاستعراضية الإيرانية الإسرائيلية تمهيداً لتلك الحرب؟ أم أن هذه الثرثرة وذاك الهذر لا أكثر من بضاعة رديئة للاستهلاك المحلي، وهي موجهة لمن في داخل الحدود لا الى من هم في خارجها؟ وان كان لمن هم في خارجها فمن باب الحرب النفسية لا أكثر ولا أقل.
المعقول تاريخياً، أن الحروب قد يفجرها الحمقى والديكتاتوريون، ولكن الذين يديرون دفتها ويحصدون الانتصارات منها هم العقلاء الديموقراطيون. الحربان الحارة والباردة في النصف الاول والثاني من القرن العشرين تثبتان ذلك.
هل يمكن أن نصنف الضربة التحذيرية الإسرائيلية العدوانية الشديدة مع الحروب الكبرى الشاملة أو التي قد تتطور الى شاملة، لا أعتقد. أليس لأميركا مصلحة في ضربة كهذة؟
أعتقد.
في ضوء هذه الأسئلة التي تحمل قسماً من أجوبتها، يأخذ التهديد بالحرب على لبنان وعلى "حماس" شكلاً جدياً، رغم مراوغات شمعون بيريز وايهود باراك المكشوفة حول افتقاد النية لدى إسرائيل في تلك الحرب.
ماذا سيفعل حينها عرب الاعتدال وعرب الممانعة؟ ماذا ستفيد التطمينات الأميركية والفرنسية؟ ماذا سيفعل اللبنانيون أنفسهم؟ استباقاً أو استعداداً؟ أو وقاية؟ هل سيقال لهم كما قال اليهود للنبي موسى عليه السلام: اذهب أنت وربك فقاتلا انّا ها هنا قاعدون؟ قد لا يغني حذر من قدر، ولكن الحذر يساعد في مواجهة المصيبة إن وقعت لا سمح الله.

() كاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسار التهدئة في غزة يتعقد.. حماس تقول إنها -لا تعرف- عدد الر


.. جنوب لبنان يحترق .. وميقاتي يستغيث بالمجتمع الدولي! | #التاس




.. الأردن.. مظاهرة قرب السفارة الأمريكية في عمان تضامنا مع غزة


.. دعوات لمحاسبة جندية إسرائيلية احتفت بانتهاك جيش الاحتلال مسج




.. (عنوان الفيديو) | بي بي سي نيوز عربي