الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنف الرمزي جوهر الايديولوجيات الشمولية

يوسف محسن

2010 / 2 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



تتميز السرديات الكليانية الكبرى بالتشبث بالمعتقدات والقيم التقليدية والتأويل الحرفي للنصوص سواء كانت دينية او سياسية، وتمثل الاصولية احد السرديات في التاريخية الثقافية العراقية. فهي الصفة الاكثر جذرية للراديكالية السياسية، واداة رمزية احيائية للجماعات السياسية والجماعات الدينية العراقية وكذلك هي نزعة معادية للحداثة وتؤسس ذاتها على التنافر مع العالم الخارجي ويرى العفيف الاخضر، ان الاصولية تمثل الهوس بالنقاوة – نقاوة العرق، نقاوة الهوية نقاوة اللسان من الهجانة، نقاوة الطائفة، نقاوة الاثنية، نقاوة المنظومة الفكرية والفلسفية ورهاب من التطورات التاريخية، هذه النقاوة تحدد النسق الايديولوجي للاصولية، والتي تمثل احد التجليات الاكثر بروزاً للعناصر الفاشية في الثقافة العراقية بشكل خاص وتعود الشروط الاجتماعية والسياسية لظهور الاصوليات في الفكر السياسي والديني العراقي الى الكليانية الايديولوجية المؤسسة على مسار غائي للتاريخ، حيث انها تقيم الفصل التام بين النصوص التأسيسية الاولية (نصوص فكرية، نصوص مقدسة، نصوص دينية، نصوص سياسية) والتجربة التاريخية العيانية هذا الفصل والتميز يهدف الى ادانة التجربة التجارب التاريخية باعتبارها (خارج النصوص) وداخل هذا التميز ينم التعامل مع النصوص التأسيسية نفسها بوصفها نصوص (خارج التاريخ) أي لاتحمل في بنيتها بصمات التاريخ والثقافة واللغة والحاضنة الفلسفية والمعرفية، مما يؤدي الى الاعتراف ضمناً بوجود قطعية ثنائية ميتافيزيقية بين السياسية /الفكر/ الدين المتجوهر في طرف وتحولات الواقع الاجتماعي والاقتصادي والتاريخي في طرف اخر، هذه الفرضيات تشكل حجر الزاوية للاصوليات الطوباوية ( الدينية، السياسة) وخاصة في الدلالات الابيستمولوجية حيث تكشف ان هذه الايديولوجية تنأى عن جميع الاستخدامات والتوظيفات السياسية، وان التعدد في البراكسيس السياسي والقراءات يعتبر تحريف وان التطبيقات المتحققة لا تلتقي مع جوهر الايديولوجية العليا ولا تعبر عنها، وليس هي التموضعات الفعلية، او التجسدات الملموسة وانها البوتوبيا أي تلك الايديولوجية المثالية المتعالية التي لم تتحقق في الواقع وان الرهان على تحقيقها ضرب من التفكير غير العقلاني فضلا عن ذلك اندماج الاصوليات الدينية/ السياسية بالطائفة والعرق والاثنية وكذلك تأسيس بنيتها على مجموعة من الاعراف والتقاليد واشكال التواصل السياسي بين الذوات بشكل جزء من النسق السياسي العراقي بعد العام 2003، حيث تقوم المؤسسة الاصولية النسقية على التعارضات الثنائية وترسيخ الفصل والافتراق الجذري، وتقيم نسقاً ايديولوجياً مغلق ونظام صارم من قواعد وآليات التكفير والمقدس والمدنس والطرد ومقولات وبناءات فكرية واشكاليات، مما جعل الاصولية العراقية تشكل احد ادوات الاستيهام في بناء الهوية داخل التكوينات المجتمعية لتأسيس سلطة سياسية وتحديدات الذات واحتكار المجال التيولوجي والانظمة الدلالية والرمزية وبسبب غياب التصورات الهرمية داخل بنية المجتمع العراقي وبروز الايديولوجيات الاصولية اصبحت عمليات الدمج بين ايقونتين (السياسية/ المقدس) مسألة محورية في اعادة انتاج التمايزات الثقافية وتشكيل الحقيقة عبر مجال القوى والممارسات السياسية عبر المتخيل الجماعي.
فالخطاب الاصولي السياسي يقوم على الاجتماع الثقافي العصياني وانتاج تصنيفات تاريخية مندمجة بالارضية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية العراقية، مبلورة نموذج بنيوي تركيبي تبادلي داخل حقل الثقافات التداولية الشعبوية. وبروز ظاهرة (العنف الرمزي) وسيادة الرؤية اللاعقلانية الاقصائية التي تسعى الى تقويض التنوعات الدينية والسياسية والايديولوجية لصالح خطابه ميتافيزيقية يقوم على الاستبعاد من جداول التصيفات ويحمي الجماعات الاصولية من عمليات الاعتراض عليها باضافة كاريزم مقدس ويعود ظهور السرديات الاصولية في العراق الى ازمة التمدن وانسداد افق الحداثة. مما جعل الجواب الاصولي يمثل ايديولوجية خلاصية رغم انه يؤسس سردياته على المعتقدات الاصطفائية الاحادية وتقديس التاريخ واسطرة المشروعية والهيمنة على الممتلكات الرمزية/ للاخر/ العراقي وسيادة السياسات اللاعقلائية والتدين الشعبوي الذي يصنع الكراهية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا