الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاوي وزيارته للسعودية وبعض دول المنطقة

أمير المفرجي

2010 / 2 / 24
السياسة والعلاقات الدولية


باقتراب موعد الانتخابات التشريعية العراقية, تتبلور الصورة السياسية للمشهد السياسي ويـُترجم بوضوح حجم اللاعبين الرئيسيين في صياغة المستقبل الاجتماعي والاستراتيجي للدولة العراقية الجديدة. وعلى الرغم من استمرارية الوجود العسكري والسياسي للولايات المتحدة وقدرة هذه القوة الكبيرة في رسم السياسة المستقبلية للعراق المُـحتل والتي كشفتها زيارات بايدن ـ كلينتون ومن ثم زيارة حليفهم علاوي الأخيرة للسعودية, يواصل قادة الحرس الثوري (في الجمهورية الإسلامية الإيرانية) وعن طريق عمليات الاجتثاث للقوى الرافضة لهم من تثبيت وجودهم القومي التوسعي معتمدين من جهة على أسس الإسلام السياسي ومكانته في المجتمع العربي الإسلامي , ودور عملاهم المحليين في العراق من تثبيته في أسس الدولة ألناشئه الجديدة من جهة أخرى.

ولم تعد كل هذه المعطيات الجديدة للمد الطائفي والقومي الفارسي في العمق العراقي مجرد دوافع أمريكية, عروبية أو بعثية يراد منها عودة عقارب الساعات إلى الوراء ولا حتى من باب أو قبيل الولوع بنظرية المؤامرة الأمريكية ـ العربية للنيل من الخطر الإسلامي التي تحمله (الثورة القومية الخمينية) بقدر ما هي مؤشرات خطيرة وجواب مصيري لسؤال مهم, ألا وهو من سيحكم العراق في الفترة القادمة, وما ستكون طبيعة علاقاته مع الدول العربية في المنطقة, بعد ان بدأت إيران فعلاً بالتفكير والتحضير لهذه الفترة المهمة لحكم الشعب العراقي. وفي ضوء تقريرين أميركيين اتهما من خلالهما مسؤولين في (هيئة المساءلة والعدالة) بعملية إقصاء سياسي وتنفيذ أجندات إيرانية, ناهيك عن دفع آلاف عملاء المخابرات ومئات ملايين الدولارات، للتأثير على الانتخابات البرلمانية القادمة. وتتمثل حقيقة خطورة المشروع الإيراني في العراق في جهوده الكبيرة وأمواله الطائلة للحيلولة دون مشاركة أبناء العراق الوطنيين في الانتخابات وقد تجسد ذلك بالاصطفاف الطائفي المدعوم حيث شئنا أم أبينا فسوف يتحد في النهاية أصدقاء إيران في فكرة واحدة والمشاركة في الانتخابات النيابية القادمة من اجل تمرير المشروع الإيراني الهادف إلى اجتثاث كل وطني شريف من أبناء هذا البلد.

وقد يكون لهذا التغير في السياسة الأمريكية من النظام العراقي الحالي دوافعه وأسبابه إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التطورات الأخيرة للملف الإيراني ونجاح النظام الإيراني من احتواء النظام السياسي الحالي وبالتالي فشل سياستها في تحييد حكام العراق الجدد في أن يكونوا "شيعة العراق" وليس "شيعة إيران". وقد تكون الزيارة الأخيرة للسيد أياد علاوي للمملكة العربية السعودية رداً صريحاً لمخاوف إدارة الرئيس اوباما من (حزبا الدعوة والائتلاف الطائفي) في العراق واحتمالات ابتعاد وتغيير مواقفهم عن الإدارة الأمريكية من التطورات القادمة وغياب استقلالهما وارتباطهما بإيران. النقطة الجديرة بالاهتمام في هذا السياق هو نسبة هذا الاختلاف الظاهري للولاء لإيران بين هاتين القوتين المشاركتين في الحكم والتي كشفتها ازدواجية السيد المالكي في رغبته للظهور كشخصية مشابهه للتي يتمتع بها السيد أياد علاوي "كرجل دولة" علمانية وصديق للولايات الأمريكية, يترحم على قتلاها بأكاليل من الزهور والامتنان، بالرغم من تاريخه الطائفي وخضوعه لـ"التطويق الشيعي الإيراني" الذي سوف يؤدي لا محالة في النهاية إلى تغييب زعامته السياسية وابتعاد الإدارة الأمريكية عنه وانتهاء دوره.

وهكذا تستمر حروب الاستراتيجيات والصراعات الإقليمية على أرض الرافدين. وبعد فشل أركان النظام الحالي من " شيعة إيران" في البقاء في السلطة واللعب على الحبلين (ساق مع أمريكا ,وساق ثانية في طهران) تدفع أمريكا وبمباركة سعودية ـ مصرية خليجية بالسيد علاوي وتزجه إلى المشهد الأمامي انطلاقا من الدور والموقع التاريخي للعراق العربي في تحجيم الخطر الإيراني بعد فشل حسابات واشنطن في قدرة طائفيي العراق وإخفاق (عروبتهم وعراقيتهم) المستعارة في تمثيل السيادة الوطنية وفي ان يكونوا عراقيون أولاً، وعرب ثانياً، وشيعة ثالثا وأن يدركوا بأن المصالح الوطنية العراقية قد تتناقض مع المصالح القومية الفارسية عندما يكون الموضوع المركزي هو موقع العراق وعلاقته بحاضنته العربية ناهيك عن كل الاعتبارات الداخلية الأخرى المتمثلة في سيادة هذا البلد المهم ومصالحه ووحدة وشعبه. وقد تكون الأهمية العظمى التي ترجمتها زيارة السيد علاوي للسعودية ومصر وبعض دول الخليج هي تلك الاعتبارات الإستراتيجية المهمة المرتبطة بالتطورات القادمة لمنطقة الخليج العربي وتزايد قلق حلفاؤها العرب من القنبلة النووية الإيرانية التي قد لا تتردد الجمهورية الإسلامية في تهديدهم بها في حالة النجاح على تركيبها وصنعها يوما ما, خصوصا وأن دول الخليج ما زالت لحد هذا الساعة تتهم إيران بالتدخل في شؤونها الداخلية واحتلال جزر إماراتية إضافة إلى التهديد بإغلاق مضيق هرمز. وقد يكون امتلاك إيران للسلاح النووي من وجهة نظر هذه الدول الخليجية, قد يختلف إذا ما تم مقارنته مع الدول النووية الأخرى إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التدخل السافر في جغرافية الخارطة السياسية للدول العربية في المنطقة والعراق.

وقد تكون الصفات العلمانية للمرشح أياد علاوي وشيعيته العراقية العربية وحقيقة ارتباطها بالإدارة الأمريكية هي مصدر اطمئنان وثقة للدول العربية والخليجية, وهنا يستند الأمريكيون إلى جملة من الحقائق الثابتة والمثبتة، وهي أن غالبية شيعة العراق، يرفضون بقوة الحكم الديني على النمط الإيراني، كما يرفضون بقوة أكبر السيطرة الإيرانية على مقدرات العراق وثرواته ولنا خير دليل في هذا الموضوع هذا التنديد الشعبي الواسع للاحتلال الإيراني لحقول النفط العراقية في الفكة ناهيك عن كل هذه التضحيات العظيمة باسم الوطن التي دفع ثمنها القسم الكبير من منتتسبي الجيش العراقي الوطني والذي كان الشيعة يُـمثلون الأغلبية الكبيرة فيه. لقد كانت زيارة علاوي للمملكة العربية السعودية ولقائه بعاهلها ومستشاريه وتزامنها مع بدء قائمته الانتخابية الدليل في الرغبة الأمريكية وحلفائها في المنطقة بطرح البديل(الشيعي العربي) المقبول وعودة العراق إلى هذه الحاضنة العربية والذي من خلالها يتم بناء توجه (وطني) عروبي ـ عراقي بعيداً عن تأثير الدين السياسي الإيراني وتداعياته الطائفية المعادية لدول المنطقة.

وهكذا فثمة رهان أمريكي عربي طائفي من خلال زج السيد أياد علاوي (الشيعي) إلى المشهد الأمامي للساحة السياسية العراقية في محاولة مُصطنعة لإعادة ترتيب الأسس الوطنية العراقية وتعزيز اللـُحمة الطبيعية للمجتمع العراقي وتوحيدها في مجابهه الخطر الإيراني وتداعياته السلبية على دول المنطقة. بما فيها العمل على إعادة ثقة دول المنطقة بأن الأحزاب الشيعية العراقية ستكون عراقية أولاً، عربية ثانياً، وشيعية ثالثا. ومهما قيل وسيقال عن أهمية التيار العلماني (الوطني) الذي يتزعمه السيد علاوي، باعتبار أن خطاب تحالفه يشكل وجها خالصا للعراق متعدد القوميات والأقليات والثقافات، وإنه يـُعتبر في نفس الوقت نقيضا للطائفية ولخطاب الإسلام السياسي المستورد من إيران, لكنه في النهاية يبقى رهان لا يملك مقومات كافية للنجاح وهو بالتالي تيار طارئ ودخيل محدود الزمن يراد منه صناعة هوية وطنية عراقية في ظل الدبابة والوجود الأجنبي لمجابهه عدو حقيقي أستفحل بأوضاع المنطقة بعد تغييب الدولة العراقية الوطنية وانهيار جدار الأمة العربية الذي كان يحمي المنطقة في بوابتها الشرقية والذي ساهم في تهديمه بعض الحكام العرب . أن العامل الوحيد الذي يُـمكن أن يعيد الثقة والأمان إلى دول المنطقة هو في احترام ألإرادة الوطنية للشعب العراقي في ولادة طبيعية لتيار وطني عراقي بغياب الاحتلال, يضع الهوية الوطنية العراقية فوق كل ما عداها من هويات طائفية ومذهبية ، ويقترح أُسُـساً جديدة ومستقلة لدولة عراقية حديثة وديمقراطية في آن واحد. وبغياب هذا الانبعاث الطبيعي لتيار وطني عراقي حقيقي سيواصل شعب العراق وشعوب المنطقة من البقاء في دوامة الخوف والانقسام وعدم الاطمئنان من أخطار الدين السياسي والايدولوجي للدول المارقة وسياساتها التوسعية.

الناطق الرسمي لتيار المواطنة الوطني العراقي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بدء المخطط الايراني
البراق ( 2010 / 2 / 24 - 13:42 )
سبق ان ذكرنا في تعليقات سابقة ومنذ البدء بان الخطة الايرانية ستعمد لاعتماد قائمتين في الانتخابات سرعان ما تتوحدان بعدها لتشكيل الحكومة القادمة وذلك لتلافي ماحدث في انتخابات مجالس المحافظات . وما ذكره السيد كاتب المقال بالنسبة للمخطط الايراني صحيح وقد بدء بتنفيذه وذلك بقرارات الاجتثاث التي صدرت ,البدء بتوزيع المسدسات من قبل المالكي في كل من محافظتي كربلاء والنجف واضيفت لهما اليوم محافظة الناصرية, اشعال الفتنة الطائفية من جديد وقد اشعل فتيلها بهاء الاعرجي , اطلاق سراح القتلة من عصائب اهل الحق ,وخيرا وليس اخرا البدء بالتصفيات الجسدية وهذه ايضا قد بدءت باغتيال الدكتورة سهى عبد الله مرشحة القائمة العراقية في الموصل ثم ما حصل قبل يومين من وصول 67 جثة مجهولة الهوية في بغداد الى معهد الطب الشرعي قيل ان اغلبها لضباط امن ومخابرات . هذا كله يؤيد ماذهب اليه المقال بان النظام الايراني سيبذل كل ما في وسعه من اجل ترسيخ سيطرته على العراق من خلال احزاب الاسلام السياسي التابعة له وهذا ما لاتسمح به الولايات الامريكية كما جاء بكلمة السفير الامريكي امام معهد السلام الامريكي قبل ايام .

اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة