الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مختصرات في الماركسية 13

فواز فرحان

2010 / 2 / 25
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الإشتراكية العلمية ...

ــ تكوينها ...

إستفاد كل من ماركس وإنجلز من ظروف موضوعية أفضل من كبار الفلاسفة الذين جاؤوا قبلهما ، إذ أن تناقضات الرأسمالية كانت أوضح حين نضج تفكيرهما ، كما أن نضال البروليتاريا الثوري كان في أوج إحتدامهِ ...
نشبت أول أزمة كبرى للرأسمالية سنة 1825 .. ثم أخذت الأزمات الإقتصادية لها تتوالى ، فإذ بالقوى الإنتاجية التي حشدها النظام الرأسمالي تنقلب ضدهُ ..
وحدثت أول ثورة عمالية في ليدن بإنكلترا ( 1838 ـ 1842 ) ..
وظهرت حرب الطبقات بين البروليتاريا والبرجوازية على مسرح تاريخ الشعوب التي تقرّر مصير الإنسانية ...
ولم يكتفِ كل من ماركس وإنجلز بمشاهدة هذا النضال بل كانا مناضلين ثوريين ، بعكس الفلاسفة الخياليون ، فإشتركا في هذا النضال شخصياً في المانيا وفرنسا وانكلترا ، وعملا على تنظيم الحركة العمالية وأسّسا عام 1848 أول إتحاد للعمال ...

ــ صفاتها ...

يجب التأكيد بقوة على طابع الإشتراكية الماركسية فهي ليست وحي أو إسطورة بل هي .. علم
والعلم .. هو معرفة موضوعية للواقع يمدّنا بالوسائل لتغيير هذا الواقع ، وهكذا شأن الإشتراكية العلمية وهي تعتمد على إكتشافين كبيرين وهما ..
1 _ نظرية المادية التاريخية ..
2 _ إكتشاف سر الإنتاج الرأسمالي ( فائض القيمة ) ..

إن ماركس وجد في دراسة الفلسفة والعلوم الطبيعية نظرة عن العلم ، وهي المادية الجدلية التي أدى تطبيقها على المجتمعات الى ظهور النزعة المادية التاريخية ...
إكتشف داروين قانون تطوّر الطبيعة العضوية ، بينما إكتشف ماركس قانون تطوّر المجتمع الإنساني ...
وهو قانون خارجي سابق على وعي الناس وإرادتهم لأن االإنتاج ، أي النشاط الذي يضمن الناس بواستطتهِ وسائل معيشتهم هو الذي يكون العامل الأساسي في المجتمعات ويتحكم في تاريخها ، إذ تتحد العلاقات الإجتماعية والمؤسسات السياسية والأفكار بواسطة إنتاج السلع المادية ...
يقول ماركس في مقدّمة رأس المال ..
( هدفنا النهائي هو الكشف عن القانون الإقتصادي لحركة المجتمع الحديث ) .
التحليل الموضوعي إذاً هو الذي أدى بماركس الى إكتشاف التناقض الذي ينبت وينمو في الرأسمالية حتى يُفضي الى نشوب أزمة يموت بسببها ، وهو تناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج ...
تحليل الرأسمالية الموضوعي قاد ماركس الى القول ...
( إن الرأسمالية لا يمكن أن تعيش إلاّ بفائض القيمة أي بإستغلال البروليتاريا ، التناقض إذاً بين البرجوازية والبروليتاريا جزء لا يتجزأ من الرأسمالية ، ونضال هاتان الطبقتان ضرورة من ضرورات الرأسمالية ) ...
ومن العبث القول أن ماركس إخترع الصراع الطبقي ، كل ما في الأمر أنه لاحظ وجود هذا النضال فهو موجود منذ إنحلال المجتمع القديم ...
هذا النضال ... هو العامل المُحرّك للتاريخ ، لأن التناقض بين علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج ينحل بواسطتهِ . أي نضال البروليتاريا ضد البرجوازية سيحل التناقض بين علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج الرأسمالية ....
كيف ..؟
بالملائمة بين علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج ، أو بجعل وسائل الإنتاج إشتراكية ، عن طريق تحقيق الإشتراكية ، وهي مرحلة ضرورية للتطور التاريخي ...
درس ماركس تاريخ البرجوازية الرأسمالية ولاحظ ..
انها قامت بنضال ثوري موضوعيّاً ، وانها السبب في إزدهار الإنتاج الضخم ، وهو الشرط الأساسي لتقدم المجتمعات ، لكن عمل الطبقة الثورية الآن يعود للبروليتاريا ضد البرجوازية التي تقف في وجه التقدم الإجتماعي ...
ذلك يعني لا أمل للبروليتاريا سوى الثورة الإشتراكية ...
فلماذا إذاً هذهِ الثورة حتمية ؟؟؟
لأنها ثمرة المجتمع البرجوازي ، ولا يمكنها تأمين معيشتها إلاّ بمحاربة الطبقة المُسيطرة ألا وهي البرجوازية الرأسمالية ، وذلك لأن تجمّع الرأسمالية يقوّي البروليتاريا ويزيد عددها ، فإن الوسيلة الوحيدة لتحريرها هي القضاء على علاقات الإنتاج الرأسمالية التي تجعل قوى الإنتاج تنقلب ضد البروليتاريا ومصلحتها إذا في إنتزاع وسائل الإنتاج والتبادل الضخمة من البرجوازية لتجعل منها ملكاً للجميع في مجتمع خالٍ من الإستغلال ..
وتحتاج البروليتاريا كي تدرك دورها التاريخي الى ... العلم الماركسي

تأثير الإشتراكية العلمية ...

ــ دمج الإشتراكية مع الحركة العمالية ...
لم يوجد ماركس الحركة العمالية بل هي واقع موضوعي مستقل عنه وقد بعثها وجود الرأسمالية ، لكنهُ أمدَّ هذه الحركة بوضعهِ للإشتراكية العلمية بالبوصلة التي تضئ طريقها وتجعلها منيعة لا تقهر ، وهكذا تم بواسطتهِ دمج الإشتراكية بالحركة العمالية ...
لقد قطع كل من ماركس وإنجلز علاقتهما بطبقتهما وناديا بوجهة نظر البروليتاريا ، ولم تكن الأخيرة معادية للعلم ، بل أن مصلحتها الطبقية كانت تتفق موضوعياً ومصلحة الإشتراكية العلمية ..
لا بدَّ إذاً من كل نظرية تؤكدها التجربة ، ولقد برهنت التجربة للعمال على فضائل الماركسية التي لا مثيل لها ...

ضرورة الحزب الشيوعي ...

ــ نقد التلقائية ..
كيف يتحقق دمج الحركة العمالية بالاشتراكية العلمية ؟؟
الجواب ...
بتكوين الحزب الذي يضم طليعة البروليتاريا وينظمها ، والذي يتسلح بالاشتراكية العلمية فيقود نضال طبقة العمال وحلفائها ...
ذلك هو حزب الشيوعيين الذي يحدد كل من ماركس وانجلز مهمته في البيان الشيوعي ...
ضرورة هذا الحزب معطى أساسي من معطيات الإشتراكية العلمية ، وهو يتفق مع تعاليم النزعة المادية الجدلية والمادية التاريخية ...

لماذا .. ؟؟
لأنه إذا صح أن البروليتاريا التي تستغلها البرجوازية مضطرة ماديّاً للنضال ضدها فلا يعني ذلك قط أن وعيها إشتراكي تلقائي ، لأن النظرية التلقائية معادية للماركسية ، والنظرية الثورية علم .. وليس من هناك علم تلقائي ...
لقد قام لينين في كتابهِ ( ما العمل ؟ ) بنقد كلاسيكي للتلقائية ..
( إن حركة البروليتاريا التلقائية لا يمكن أن تؤدي بالبروليتاري الى أبعد من تأليف النقابات ، التي تضم العمال من مختلف المعتقدات السياسية ، ولكن ليس من هناك نقابة تستطيع بصفتها هذه أن تحمل للعمال ما يحمله الحزب السياسي الماركسي الا وهو أمل الثورة والعلم الثوري ) ...
تستطيع إذاً الإشتراكية العلمية بنضالها المرير ضد النظرية الفكرية البرجوازية المنتشرةفي كل مكان أن تجد طريق طبقة العمال ، وهي مهمة يستحيل تحقيقها دون وجود حزب يعتمد على العلم الثوري ، ويتصل بالجماهير الكادحة ويحمل لهذه الجماهير الوعي الإشتراكي ...
إن نظرية التلقائية .. هي الأساس المنطقي لكل نزعة إنتهازية ...
يُفسّر دور الحزب الثوري هذه المميّزات التي حدّدها لينين ، ويعجز العمال الذين يتأثرون بالنظرية الفكرية البرجوازية عن إدراك هذه المميزات ...
ومن هذه المميزات ...
ــ للخطأ صور وأشكال عديدة لكن العلم واحد ...
ــ النقد والنقد الذاتي اللذين يخضع لهما المناضل الشيوعي في عملهِ هو شرط مطلق لتقدم العلم ...
ــ يجب على كل علم ومنه العلم الإجتماعي أن يُراقب مناهجه ونتائجه ، وهذا مهم جداً لنجاح العمل الثوري ولمصلحة العمال ...
ــ الإدارة الجماعية .. ضرورة علمية في جميع مستويات الحزب الثوري ، وذلك لأن قراراً ما ، أو شعاراً ما لا يمكن أن يعكس تماماً مصالح الحركة إلاّ إذا كان نتيجة لنقاش جماعي يشترك فيه جميع المناضلين ...
ــ النظرية .. هي تجربة الحركة العمالية في جميع البلدان وفي صورتها العامة ..

الخلاصة ...
ما حققته الإشتراكية العلمية من تقدّم في النظرية والتطبيق يعكس جملة ماركس ( تصبح النظرية قوة ماديّة متى ما تسرّبت للجماهير ) ...
وهذه المبادئ قابلة دائماً للتطور المستمر إعتماداً على الوضع التاريخي ...

مثال ...

دخلت الرأسمالية في مطلع القرن العشرين في طورها الإستعماري ( الإمبريالي ) فإعتمد لينين على مبادئ الإشتراكية وحلل الظروف الموضوعية التي سببها الإستعمار للحركة العمالية ، وإكتشف قانون نمو البلدان الإستعمارية الغير متساوي وإنتهى الى إمكانية إنتصار الثورة في أضعف مواضعها ...
وهو ما حدث في ثورة اكتوبر 1917 ...
كانت الانتصارات الضخمة التي حدثت بفضل الإشتراكية العلمية إنتصاراً لهذه الإشتراكية ضد أعدائها في الحركة العمالية ، لهذا ليس النضال القاسِ ضد الأفكار المناهظة للماركسية مظهراً ثانوياً من نضال البروليتاريا العالمي ، بل هو مظهر ضروري لأن عدم النضال لإنتزاع العمال من تأثيرات النزعات الانتهازية وهو وأد للمستقبل ...

الإنتــــــــــــــاج ...

ــ ظروف حياة المجتمع المادية ..
رأينا في الجزء الثالث من نتائج النزعة المادية الجدلية إذا ما طبقناها على المجتمعات ، ودرسنا كيف تعكس حياة المجتمع الروحية ظروف حياتهِ المادية ..

البيئة الجغرافية ..

البيئة الجغرافية بما فيها من طبيعة تحيط بالمجتمع ومناخ ومصادر طبيعية وسهول ومواصلات وأرض ، هي شرط دائم لحياة المجتمع المادية ...
لهذا كان من البديهي أن تؤثر على نمو المجتمع ، فهي إما تعمل على هذا النمو أو تعيقهُ ..
غير أن تأثير البيئة الجغرافية ليس مُبرماً والدليل على ذلك أن التغييرات في المجتمع تتم بصورة أسرع من التغييرات في البيئة الجغرافية ، فلو أن البيئة الجغرافية تؤثر تأثيراً مُبرماً على تاريخ المجتمعات لوجب أن تحفظ هذا التاريخ بنفس المعالم طالما ان البيئة الجغرافية لم تتغير تغييراً اساسياً ...
والنظام الإجتماعي بالعكس هو الذي يحدد تحوّل البيئة الجغرافية ..
أوجد العلم التقدمي في روسيا الشيوعية إخصاب الصحاري وتحويل مجاري الأنهار وتحسين المناخ ، ودراسة قوانين نمو الأراضي ، الزراعة القطبية وإحياء الأراضي السوداء كما اكتشف قوانين تطوّر المناظر ...
وقضت الديمقراطية الشعبية في الصين على مصائب فيضانات الأنهار الكبرى .

السكان ...

نموهم وكثافتهم ، كل ذلك بدون شك عناصر ضرورية من ظروف حياة المجتمع المادية ، إذ لا يمكن لأي مجتمع أن يوفر حياتهِ المادية بدون أدنى حد من الناس ، وأن يقف في وجه الطبيعة ...
وعدد السكان الفعاليين من العناصر التي يجب أن نحسب حسابها لتقدير القوى الإنتاجية ، لأن نمو السكان يؤثر في النمو الإجتماعي فهو يسهّلهُ أو يُعيقهُ ..
وهكذا فإن تدفق الأيدي العاملة التي هاجرت الى الولايات المتحدة قد ساعد على النمو السريع للصناعة الضخمة التي لم يكن قضى قرن على وجودها ...
وفي المقابل فإن إفناء جزء من سكان أمريكا الشمالية من الهنود على يد المستعمرين الإنكلو ـ سكسون قد ساعد على ركود القبائل الباقية التقني والاقتصادي ...
ولكن هذا التأثير ليس فاصلاً ...
والدليل على ذلك أن نمو السكان نفسه لا يمكن أن يُفسّر لنا لماذا نظام إجتماعي معيّن نظام إجتماعي آخر ولا يخلفه آخر .. والنظام الإجتماعي على العكس ، هو الذي يفسّر حركة السكان فليس من الصعب أن ندرك أن الرأسمالية في حفظها لقوة الجماهير الشرائية وإفقار العمال وفرض حياة بائسة عليهم تزيد من نسبة الموت ...
أما الإتحاد السوفيتي حيث تتعارض ظروف الحياة الإشتراكية مع ظروف الحياة الرأسمالية فلقد إزداد عدد السكان 1949 ـ 1952 ما يقارب العشرة ملايين أي ما يعادل سكان بلجيكا ..
لذلك فإن الإقتصاديين البرجوازيين حين يعتمدون على حركة السكان يخطئون خطأ جسيماً دون أن يدركوا أن هذهِ الحركة في الواقع هي نتيجة ...
لذلك ... فليست البيئة الجغرافية ولا نمو السكان هما اللذان يحددان طابع النظام الإجتماعي وتطور المجتمع من نظام الى آخر ...
وترى النزعة المادية التاريخية ...
( أن بين ظروف حياة المجتمع المادية قوة أخرى مستقلة في وجودها عن إرادة الناس وهي القوة الرئيسية للتطور الإجتماعي ) ...
وتتكون هذه القوة من طريقة الناس في الحصول على وسائل معيشتهم ، ألا وهي الوسائل المادية الضرورية للحياة ، وهذا ما يسمى بطريقة الانتاج للوسائل المادية ...

ــ طريقة الإنتاج ...

ليس هناك شئ آخر سوى الطبيعة والناس ولقد رأينا كلاً من هذين العنصرين لا يمكن أن يفسّر لوحدهُ نمو المجتمعات بل إتحادهما الجدلي هو الذي يمدّنا بالجواب ...
وهذا الاتحاد الجدلي هو .. العمل والانتاج
إذ لا يمكن للمجتمع ان يعيش وينمو دون العمل والانتاج ، وليس هذا قضاءاً محتوماً بل هو الشرط الموضوعي لكل وجود إنساني ...
وأمام المجتمع طرقاً عديدة للحصول على وسائل المعيشة الضرورية ، لهذا يجب أن ندرس الطريقة التي يتم بها الانتاج .. أي طريقة الإنتاج .
يفهم البرجوازي الصغير حين نتحدث على طريقة الحصول على الوسائل المادية الضرورية للعيش على أنها الظروف التي نشتري بها في السوق ، لكن .. هذا خطأ ، لأنه يتعلق بالتوزيع والاستهلاك وليس بالإنتاج مُطلقاً ...
فمن البديهي أن لا يوجد توزيع أو إستهلاك دون الإنتاج ...

ملخص لكتاب اصول الفلسفة الماركسية
جورج بوليتزر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية وشكراً للأستاذ الكاتب
رياض الحبيّب ( 2010 / 2 / 25 - 11:49 )
في الواقع لم تسنح لي الظروف للتعرّف على أصول الماركسية وإمكانية تطبيقها بشكل ما أو آخر بحسب المقدّرات العلمية والإقتصادية والسياسية والاجتماعية في بلدان كبيرة {كالإتحاد السوفياتي (سابقاً) وجمهورية الصين الشعبية} ودول صغيرة نسبياً {مثل كوبا} والتي كان من ثمارها (أي من ثمار الماركسية) ولادة أحزاب يسارية في مختلف بقاع العالم ونجاح ثورات عمليّاً، أكتوبر البلشفية عام 1917 والكوبية عام 1959 من الأمثلة وأخرى فاشلة- كثورة كومونة باريس عام 1871 والتي استولت على السلطة في فرنسا لمدة شهرين فقط والتجربة الأفريقية في أيّام مساندة الثائر تشي جيفارا لها هناك أواسط الستينيات. وذلك كله قد بات من الماضي، لكني أتابع هذه السلسلة بشغف آملاً في التعرّف من خلالها على الفلسفة الماركسية بشكلها الموسّع والجديد وآملاً في معرفة الرأي النهائي للكاتب عن مستجدّات الماركسية- نظريّاً وعمليّاً- بعد انتهائه من تلخيص هذا الكتاب ما أمكن.

اخر الافلام

.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا


.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال




.. تصريحات عمالية خلال مسيرة الاتحاد الإقليمي للاتحاد المغربي ل


.. موجة سخرية واسعة من عرض حوثي للطلاب المتظاهرين في أميركا وأو




.. فرنسا: تزايد أعداد الطلاب المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطي