الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحمامة والشباك

رسمية محيبس

2010 / 2 / 26
الادب والفن


قصةقصيرة
لا ادري سر تعلقي بقول شاعر الهند رابندرانت طاغور انا ضامىء الى الاشياء البعيدة المنال هذة الجملة عاشت في خاطري طويلا وناجيت نفسي بها كنوع من عزاء لا مبرر له ولعل ما اعادها لذهني في هذه الساعة هو لقائي الجامح بها فقد وجدت نفسي وجها لوجه معها ادركت ان اللقاء حدث كما تلتقي قطرة المطر ببذرة او هو اشبه بمعجزة والاّ ما الذي قذفها الى عالمي النائي والمنعزل تخيلت تقاطيعها كثيرا ووضعت صورا كثيرا لها وانا اتساءل ترى كيف تكون( بان ضياء حبيب الخيالي )وهذا اسمها الكامل الذي تصر على اثباته على ما تكتب تقول ان للتسمية سر خاص ساكشفه لك ذات يوم
ازداد اللقاء سحرا وانا اراها امامي فقد تاّّلفت روحي معها دون ان اراها وهاهي امامي لم احدق فيها كما يلتقي غريب بغريب بل خيل لي لحظتها انها لم تكن غريبة بالمرة خيل لي انني اعرفها ربما كانت اكثر جاذبية وسحرا او اكثر طفولة حتى من طفليها الذين صحبتهما لقد كنت اكلم نفسي قبل ان تصل بلحظات اليوم تنتهي او تبدأ علاقتي معها فاللقاء يحدد ذلك ويتدخل فيه فانت قد ترسم لاحدهم صورة ما وما ان تراه وجها لوجه حتى ........لا اريد ان اتوقع ما يكدر علاقتي بها لكن ما ابقاها في مخيلتي طويلا هو بياضها فقد قارنت في لحظة
خاطفة بينها وبين الكثيرات ممن التقيت بهن كانت تختلف فقد حسبتها اول الامر تخفي الكثير وراء هذه الطفولة الاّ اني تخليت عن فكرتي وانا استشف نظراتها الناعمة ووجهها الدافىء كرغيف خرج لتوه من التنوّر
كانت تبدو مبهورة بالاشياءحدثتني كثيرا عن ولعها بعالم الكتابة وقصت عليّ قصصا كثيرا وحكايات وقصائد شعر كانت تريد ان تخرج كل ذاك دفعة واحد ةتتعلق بخيوط سحرية لتصل عبرها الى تفجير ذلك النبع الذي يعتمل في جوانحها
ماذاقلنا اثناء اللقاء وكيف مرت الدقائق القليلة معها كل ذلك لم افكر فيه ويوم رأيتها تبتعد وتومىء نحوي بيدها الصغيرة موّدعة ادركت ان هذا اللقاء من بنات افكاري لكن ما ان عدت الى المكان الذي جلست فيه حتى غرقت في امواج حنانها وبعض من عطرها واشياء اخرى كثيرة
كنت احدق في كلماتها من قبل واقول انها طفلة تركض على الورق فطرية ربما لكنها اثناء الحديث عكست الكثير من فنون المعرفة وحاولت ان تقول اشياء كثيرة حتى اني هتفت بها
يمعودة بان على كيفج
اتريدين ان تخرجي كل كنوزك دفعة واحدة
واخيرا استفقت من الحلم وانا ارى السيارة تبتعد بها وانا بعد غارقة في تفاصيل لقاء غريب مع كاتبة لم التق يوما شبيهة لها

اما نكبة مرضها والورم الذي اكتشفه الاطباء في صدرها فتلك محنة اخرى عشتها معها بكل تفاصيلها اتذكر انها حدثتني عن اورام وانها ستتاكد قريبا من نتيجة الفحوصات لا استطيع وصف مشاعري تلك اللحظة وانا ارى اجمل ما في الوجود مهددا بالكارثة لكني طمئنتها بان المرض لا يستطيع ان يتسلل الى روح بهذه الحلاوة ضحكت وقالت ولكني متاكدة طيب متى تسافرين وكيف اطمئن عليك امسكت كلتا يدي ّوهي تقول ادعي لي رجاءا لان الله يستجيب دعائك احسست ان يدا تمتد الى صدري وتقبض على قلبي
تذكرت كيف حدثتني عن جدتها العلوية وعينيها الزرقاوين وكيف كانت امراة مبروكة
وهتفت بها يمعودة بان كل شي ولا العيون الزرق لاني اخاف منها ضحكت حتى كادت تقع ولماذا تخافين حدثتها عن معلمي في الابتدائية الاستاذ صائب وعينيه الزرقاوين وكيف كان يخيفنا حين يفتح عينينه على اتساعهما فيشع منهما ضوء عجيب حتى ان كريمة وهي احدى تلميذات الصف هربت من المدرسة وتعرضت لعقاب اهلها اردت ان احدثها عن جارة لنا زرقاء العينين وكيف اتشائم كلما حدقت بي وانا امزج بين مكر وسحر وزرقة العيون الا اني ارجأت ذلك الى لقاء اخر لي معها
بعد التأكد من اصابة صديقتي الربانية بالمرض بت لا انام ليل ولا نهار الا ويتراءى لي ان الموت سيضع حدا لذلك البهاء وتلك البراءة التي تجسدت فيها بت اتطلع الى اخبارها ولم يطل انتظاري كثيرا فقد جائني خبر بان لا امراض خبيثة لدى بان وان نتيجة الفحوصات ايجابية جدا فرحت في ذلك اليوم كثيرا وخرجت الى الشارع اريد ان يقاسمني الناس فرحتتي كان الناس سعداء والاطفال يلعبون في الساحة ويضحكون ويفتحون قمصانهم للريح وكانهم يحاولون الطيران
حين جائني صوتها من البعيد يفيض بالعذوبة والحنان الذين هما سر من اسرارها هناتها حدثتني عندها عن الحمامة البيضاء التي ضربت بجناحيها شباك الغرفة في المستشفى وانها تفائلت بها كثيرا تقول كنت ابتسم عندما اخبروني بالمرض الخبيث قبل النتيجة بقليل مما اثار استغراب زوجي وردد في نفسه تضحك المسكينة ولا تدري ما الذي ينتظرها
بعد عودتها واستقرارها في عالمها الانثوي الجميل حيث اغدقت الحب على ابناءها الذين عانوا كثيرا في غيابها وعاودت بنفس الاصرار الابحار في عالمها السحري الاخاذ كانت اصابعها ترتعش وهي تحاول القبض على تلك المعاني والذكريات التي عاشتها في رحلتها الاخيرة تريد ان تدوّن كل شيء مخافة النسيان في البدء حيرني اصرارها ولا اكتمكم انها قد تكون مجرد نزوة عابرة تمر بها هذه الشخصية العجيبة ولكني ادركت خطئي وانا ارى هذه الكائنة الشفافة تحاول الانطلاق ثانية والتعبير عما يعتمل في كيانها وفرحها بالعمر الجديد كانت تريد ان تطير على الورق كما كانت تفعل ذلك كثيرا لكن هناك الما في يدها اليمنى من اثر الجراحات التي خضعت لها حتى اني طلبت منها الا تتعجل الكتابة اعطي لنفسك اجازة تستعيدين خلالها قدرتك وتجمعين افكارك
لكني احس اني ممتلئة حد التخمة بذكريات تلك المحنة
هنا تساءلت مع نفسي عن سر تمسكنا بهذا الالم الغامض ما مغزى الاصرار على الكتابة ولماذا اصبح بالنسبة للكثيرات منا هاجسا ملحا اهو اثبات وجود ام هي معركتنا مع الطرف الاخر الذي يحاول ان يكون هو اللاعب الوحيد في الساحة
لم اعرف في هذه الكائنة ما يدل على انبهارها بالاضواء او حب الظهور فهي سعيدة بعالمها الاسري الرائع لا تريد الخروج منه ابدا اذن ما مغزى اصرارها على مواصلة الكتابة وهي في اشد لحظاتها حرجا وكانت على وشك ان تفقد حياتها وها هي تحاول التحليق من جديد
امس جائني صوتها متعبا
ها خير ما بك ?
هناك رحلة اخرى بنتظاري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرائعة النقية المتألقة اخيتي الغالية ام سلام
بان ضياء حبيب الخيالي ( 2010 / 2 / 26 - 17:40 )
ان تكتب عني وبكل هذه الروعة الهائلة رسمية محيبس زايرالشاعرة الاروع هو حلم اروع مما استحق
اتذكرين سيدتي ذاك اليوم ؟
حسنا...انا احتفظ بكل لحظاته الحلوة في قلبي،وفي كل الطريق للبعيد والمجهول كنت اتسمع لصوتك الدافئ يمنحني طاقة صبر هائلة ،لايمكنني ان اردها بمحض كلمات،يمكنني الان ان اضع قنديل عطائك في قلبي لأخرج من ظلماتي الدامسة وامنحك كل ازاهير محبتي الخالدة دون ذبوليمكنني ان اخبرك انني بت احب كل شيء يمت للناصرية بصلة انا اكتب واتمنى من كل قلبي لو كنت بجانبي الان،رغم وجودك الدائم معي
حكومة قلبي حجزت دارا سكنية لك مدى حياتي واظنني لن افيك حقك ابدا بالتكريم فمن كتب عني هو الافضل وحسبي ان اكرم من اروع الشاعرات
دمت ممتلئة دافئة المشاعر قريبة جدا مني
لك كل محبتي وعظيم امتناني وشكري ،


2 - هل هناك رحله اخرى
قاسم محمد مجيد الساعدي ( 2010 / 2 / 26 - 20:12 )
يامن وصفت ذلك الالم الانساني
بتلك الروعه فسافرت بي نحو عوالمتوغلت فيه ففتحت جروحا كبيره لم تندمل يايها المتالقه دوما قصتك القصيره ابداع يضاف الى ابداعاتك الكبيره في ميادين الادب
بوركت ايتها الاخت العزيزه

اخر الافلام

.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس


.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن




.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات


.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته




.. كلمة أخيرة - قصة نجاح سيدة مصرية.. شيرين قدرت تخطي صعوبات ال