الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية مأساوية ومحاولة فهم

أحميدة عياشي

2010 / 2 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي



ما الذي تريد أن تقوله هذه النهاية المأساوية لإطارين ساميين بالمديرية العامة للأمن الوطني، الأول وهو الضحية، العقيد علي تونسي•• مجاهد في جيش التحرير وضابط سامٍ سابق بالجيش الوطني الشعبي قبل تقاعده، ليعود من جديد على رأس جهاز الأمن الوطني في أوج السنوات العصيبة التي اتسمت بمكافحة شرسة للجماعات الإسلامية المسلحة، والثاني وهو الجاني، وهو أيضا ضابط سام برتبة عقيد في القوات الجوية، ليصبح بعد تقاعده مدير الوحدة الجوية للأمن الوطني••؟!
الحدث المأساوي من حيث الدلالة، كان سابقة، وسابقة من طراز فريد، وغير متوقع ومثير للإرتباك، وذلك لعدة أسباب، فالإطاران تجمع بينهما علاقة جيدة، بُنيت حسب ما صرح لي به عدد من إطارات الأمن الوطني على ثقة متبادلة واعترافات متبادلة•• فالعقيد شعيب ولطاش الذي أفرغ رصاصات قاتلة في جسد علي تونسي، سبق وأن تدخل في تفكيك سيارة مفخخة كانت تستهدف علي تونسي في أفريل 2007 وذلك بالقرب من منزله•• وكلا الرجلين كانا جارين وكانا لا يكفان عن تبادل الأفكار والنصائح، وهذا ما جعل شعيب ولطاش يتمتع في نظر الكثيرين بثقة الرجل العتيد علي تونسي•• إذن ما الذي قاد إلى مثل هذه النهاية المأساوية للرجلين بعد كل المسار الذي قطعاه مع بعضهما البعض؟! هل حقيقة مثلما ذهبت إليه صحيفة جزائرية، أن ولطاش شعيب أعفي من مهامه لعلاقة ذلك بالفساد؟! المعلومة إلى الآن غير محققة، وما ذلك إلا قراءة من القراءات الممكنة، هل كان وراء إقباله على اغتيال علي تونسي كما ذهب إلى ذلك بيان وزارة الداخلية تلك اللوثة التي اعترت عقله، التبرير يعتبر مقبولا على إثر الصدمة والحادثة غير المتوقعة، لكنه سيبقى غير مقنع وغير مقبول، وإلا كيف يسمح لشخص مصاب بلوثة عقلية أن يدخل وهو مسلح إلى غاية مكتب المدير العام للأمن الوطني؟!
هل ما حدث كان نتيجة نزاع داخلي وشخصي، وبالتالي يكون الحدث معزولا وغير مرتبط بسيناريو معد مسبقا؟! وهذا ممكن ومتوقع، لكن سيرفضه كل من يريدون فتح الأبواب على مصراعيها لسيناريوهات أكثر سحرية وجنونا•• حتى وإن اقتنع أصحاب مثل هذه القراءة بالفعل المعزول، لكنهم يشددون على أن الفعل المنعزل نفسه حتى وإن حدث، فإنه لا يستطيع الهروب من إطار القراءة ذات الجنوح السياسي•••
وسيسعى أنصار مثل هذه القراءة إلى ربط دلالات ذلك بمعركة الفساد وربطها بالمعركة السرية للعصب على كسب النفوذ والمزيد من السلطة•••
وفي نظرنا يعود ذلك إلى شيئين أو عاملين رئيسيين•• العامل الأول، وهو سيادة العطالة التي أصبحت تسيطر على آليات النظام وأصبحت تتحول إلى ثقافة وقيمة مهيمنة، هذه العطالة لها قدرة رهيبة على خلق الجمود، ويرتبط الجمود بانتشار الغموض حول كل شيء ويتولد ضمن مثل هذا المناخ، حالة اليأس، وحالة النزاعات التي تأخذ طابعا شخصيا وثأريا كذلك، وتنقلنا إلى لحظة تشخيص النزاعات والصراعات والسياسات، وهذا ما يجعل التأجيج سهلا، يساهم فيه بشكل مباشر أو غير مباشر وبأشكال واعية وغير واعية عدة أفراد وقوى ومؤسسات تسعى إلى الدفاع عن مواقعها ومصالحها•• أما العامل الثاني، فهو حدود الرجال الذين أصبح عجزهم يغذي جمود النظام وجمود النظام يتغذى من ضيق أفقهم وعجزهم، وكلاهما يتعاون في إعلاء أسوار الإنسداد••
وفي ظل سيادة الإنسداد تسهل عملية شل القدرات، وتتوارى البدائل ليتحول الواقع القائم رغم بؤسه إلى قدر ثابت وغير قابل للتغير أو التحول، وتختفي الأفكار من على الواجهة لتفتح المجال أمام صراع الأفراد المنتشين بالدفاع عن المصالح الشخصية أو الفئوية وعن المواقع وذلك على حساب الحركة والتغيير والصالح العام، بل وعلى حساب وجود الدولة نفسها•••
إن الحفاظ على الجمود واستمراره لا يمكن أن يقود في أحسن الأحوال إلا إلى الموت البطيء وإلى حالة من التفكك الخفي الذي فيه نهاية الأشياء والرجال وفي أسوأ الأحوال إلى موتة عنيفة•• لذا فمحاصرة الجمود والتخلص منه بفضل الحركة الخلاقة هو سبيلنا الوحيد لتجاوز ما يمكن أن يجعل من مكاسب سنوات تضحيات الأمس في خبر كان••








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا