الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيجار قناص

طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)

2010 / 2 / 26
الادب والفن


إيجار

كان يجب تأمين ثمن إيجار المنزل الذي يسكناه؛ زوجان
بلا أولاد، بلا وظيفة، بلا أحلام كبيرة.
حاول جاهداً، لكنّه كالعادة. لا يوفّر من عمله المؤقت.
وأحياناً لا يستطيع توفير الطّعام.
وكل يوم تسأله الزوجة بلهفة وخوف، إذا كان قد استطاع توفير
ما يكفي، لكنّه يهزّ رأسه نافياً بأسى، ثم لا يلبث أن يبتسم، ويحكّ رأسه، فتبتسم خائفة.
يضحك ليزرع الأمل في عروقها، فتضحك.
يضحكان، ثم يتضاجعان، وينامان حين يعدها أنّ غداً سيكون أفضل.
مرّ اليوم قبل الأخير بسرعة. كان قد أخفق في ادخار ما يلزم ثمناً للإيجار.
كان يطوي عينيه بائساً، وكانت تشرد عن ثغاء الأخيلة التي تطير حول رأسها النّابض.
مساء اليوم التّالي, عاد إلى البيت خائباً.
كان ثمن إيجار البيت فوق الطّاولة الصغيرة بجوار فنجان قهوة فارغ..
ناما باكراً.
لم يتحدثا... لم يضحكا... لم يتضاجعا... فقد كانت صفراء منهكة،
وكانت قد ضمّت ساقيها، وشفتيها، ويديها، وأزرار عينيها بقوّة…!!

...................

قنّاص

ربّى دود القز، فتركت زوجته المنزل، وعادت لذويها
قرفاً من الدود الأبيض بحبوبه السوداء المنقطة, ذي الرائحة الرّطبة.
انتهى ذاك الموسم، عندما غرز بالدّبابيس المعدنية الدود كله...
ورشّ بها طرق المدينة، وأزقّتها، ومنزل زوجته التي تقرف..!!

ربّى أرنباً أبيض جميلاً، وعرف بطريق الصّدفة، أنّ جاره سيسرقه،
ويذبحه في عيد الميلاد…!!
أخذ أرنبه إلى حقل بعيد في أطراف المدينة، وأطلقة،
وقبل أن يغيب، رفع بندقيته…
ثبّتها في حفرة الكتف، وصوّب بأناة.. وأطلق...
ثم أعاده ميّتاً، وزرعه أمام منزل الجار في ليلة عيد الميلاد..

لم يبق واحدٌ من جيرانه إلاّ وأبدى استياءه من زرق الحمام ومن
صوته المزعج.حمل الحمام بأقفاص إلى آخر المدينة،
وأطلقه، ثم عاد منكسر الخاطر إلى منزله، لكنّ الحمام كان قد سبقه.
لم تغب ولا حمامة ولا واحدة.
كان يطعمه من يديه. يضع الحبّ في فمه، ويفتحه، فينقر
الحمام الحبّ من هناك.
أحياناً كان يتثاءب، فتتقدم حمامه، لتنقر الحبّ، لكنها تجده
كتلةً حمراء مجوّفة وفارغة، فتنقر اللّسان، وتفرّ هاربة،
ليغرق في ضحك، لا يقطعه إلا سعال مزمن، جافٌ ومؤلم.
يُطيِّر الحمام، ويحتفظ بواحدة في يديه، يدور الحمام عالياً فوق
أسطح المدينة، ولحظة يتعب الجناح، ويميل نحو الغروب، يلوّح،
بالحمامة المقيّدة، والتي ترفّ في يديه، فيهب السرِّب، ويحطّ على
سياج السطح، ثم يهدل، ويحبو كالأطفال إلى أعشاشه من
القصب والحشيش.
يومها كان الجو غائماً…
طيّر الحمام. كل الحمام. حلق عالياً. دار في حلقات واسعة الألوان.
راقب المشهد بخدر شديد. تهدّل رأسه على كتفه من ثقل الانتشاء،
ثم قرصته عيون البشر، فتذكّر!!
ثبّت بندقيته في حفرة كتفه، وصوّب بأناة، وأطلق.
واحدة.. اثنتان… ثلاث.. تمزّق حبل السِّرب،
وتهاوت واحدة.. اثنتان… ثلاث…
تهاوت مشبعة بالدّم والحرارة فوق سطوح المدينة.
تفرّق الحمام..
قبل المغيب..!! قبل المغيب بقليل... كان زوج حمام على سطح منزله،
يهدل جزعاً، ويبحث بعيون راعشةٍ عن عشّه بين القصب المكسور..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس