الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الشعر والميديا وأسنان السياسيين

ليندا حسين

2010 / 2 / 27
الصحافة والاعلام


ثمة قصائد منسية، مدفونة في عتمة. نحن كجنس بشري يميل إلى الكسل، سلمنا أمرنا إلى جماعات "الميديا" وغالبا ما فوتنا فرصة التعثر بقصيدة. ثمة قصائد مفروضة على أذواقنا مثل الموضة. كل موضة هي موجة رداءة بالضرورة. كل فردانية هي محاولة لكتابة قصيدة.

هناك صحيفة أزور موقعها الالكتروني فقط لأطل على صفحتها الأخيرة حيث يجلس شاعر في زاوية مشاكسة، ويرمي الحجارة على المارة. الويل لمن يمر تحت شرفة نزقه. الآخرون يصورون رجالات السياسة ومصافحات الكبار وتهديدات وزراء الخارجية وتهديدات وزراء الداخلية. حروب تخاض أمام الميكروفونات. حروب الحناجر. كاميرات الصحافيين تتابع المشهد، وشاعرنا يجلس في مقهى في بيروت. يصور دون كاميرا. ولأن لا كاميرا لديه، لا سلطة لديه. لا يكتب شاعرنا عن غزواته لفنادق باريس وفرانكفورت. إنه يكتب عن "الشوب" الذي لا يطاق في بيروت، بينما كاميرات الصفحات الأولى تتجول في القاعات "المكيفة". هذه الزاوية الصغيرة التي منت الصحافة بها على شاعرنا تعكس تماما لا عدالة الصحافة. للمهمشين بضعة سنتيمترات مربعة، ولأسنان السياسيين هكتارات من الورق.

وبينما لاتتوقف الصفحات الأولى عن نشر أخبار وزراء الحرب، تنقل الصفحة الأخيرة حروبا يقودها بشر وحيدون ضد أنفسهم. أم ترمي ابنها من الشرفة كي تجنبه الجوع. حبيب يقتل عشيقته كي يجنبها مرارة الخيانة. صبي يذبح أخته كي يجنب نفسه الجلوس مع نفسه.

لسنا بحاجة لقنابل دول الجوار كي نشعر بالخوف.

غالبا تقام محاكم "جرائم الحرب" و "جرائم ضد الإنسانية" لمحاكمة الساسة والعسكريين. ثمة حاجة لتحريك ملفات ضد شعوب بأكملها. الشعوب الصامتة، والشعوب الزاعقة على حد سواء.

في الصباح الباكر أمسكت امرأة وحيدة يد طفلها الوحيد وربطتها إلى جذع شجرة. كان على المرأة أن تكنس شوارع المدينة لتحصل على مال لذلك النهار. وكي لا يضيع الصبي في زحمة الشوارع كما حدث من قبل قامت بربط معصمه الصغير بحبل وقيدته إلى الشجرة. الصحافة مرت هناك بالصدفة، ولأنها كانت على عجل فهمت المشهد بالمقلوب ونقلته للصفحات الأخيرة من الصحف اليومية على أنه "نكتة".

لم تكن ذكرى كربلاء هي التي تحييها الحشود "الغاضبة" في شوارع القاهرة. كانوا يعلنون تنديدهم بجريمة قتل راحت ضحيتها امرأة مصرية في أحد المدن الألمانية. لأيام متتالية وأسابيع متتابعة مزقت الجماهير الشجاعة ملابسها حزنا واستنكارا على الظلم الذي لحق بالضحية. بعد أسبوع بالتحديد غرق زورق في البحر المتوسط. كان الزورق يحمل شبابا من القاهرة تسللوا خلسة من أعين الكاميرات وكانوا يحلمون بالوصول إلى ضفة تنقلهم فيما بعد إلى أحد المدن الألمانية. لم تعرف هوية المجرم الذي كان خلف غرق هؤلاء المهاجرين، وإلا لكانت شعوب القاهرة الغاضبة تحركت بالتأكيد، ولكانت صور الضحايا نشرت في افتتاحيات صحفهم الرصينة بلا أدنى شك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصام لطلاب جامعة غنت غربي بلجيكا لمطالبة إدارة الجامعة بقط


.. كسيوس عن مصدرين: الجيش الإسرائيلي يعتزم السيطرة على معبر رفح




.. أهالي غزة ومسلسل النزوح المستمر


.. كاملا هاريس تتجاهل أسئلة الصحفيين حول قبول حماس لاتفاق وقف إ




.. قاض في نيويورك يحذر ترمب بحبسه إذا كرر انتقاداته العلنية للش