الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الإلهة إلى الحية

هادية حسب الله

2010 / 2 / 28
ملف مفتوح -8 مارس 2010 - المساواة الدستورية و القانونية الكاملة للمرأة مع الرجل




إلى ربة الأشياء كلها
سيدة السماوات والأرض، عشتار
المالكة
التى سارت فى العماء المخيف
فأوجدت الأشياء بالمحبة
(ترنيمة بابلية، القرن 17ق.م)

أصلى إليك يا سيدة السيدات وربة الربات
ياعشتار يا ملكة كل الناس، الهادئة إلى السبل المستقيمة
الرحمة ياسيدة السماء والأرض
ياراعية المتعبين
الرحمة ياسيدة الحرب المسيطرة على كل المعارك
ايتها الساطعة
يالبؤة إيجيجى، ياقاهرة الآلهة
أيتها الممجدة، ياذات الثبات والعزم
أيتها البطلة عشتارالمتألقة مضيئة السماء والأرض
عظيمة القوى، جامعة الحشود
إلهة الرجال وربة النساء التى لايعرف خططها أحد
عبدك المعذب المكروب يستصرخك
فانظرى الى ياسيدتى وتقبلى صلواتى
عدينى بالمغفرة فان موج الطوفان يتقاذفنى
فكى وثاقى وأطلقى سراحى
وقودى خطاى الى الطريق المستقيم
عسى ان تتوهج مبخرتى الدخناء الدكناء
ويوقد مشعلى المنطفى
ياعشتار الممجدة، الباسلة التى لانظير لها
( ترنيمة سومرية، القرن 23ق.م، مخطوطة بمكتبة الأسكندرية)

عشتار، أيتها السيدة المانحة للحياة
أشكو لك مايؤرقنى
فاستمعى الى كلماتى المنهكة
وأغفرى لجسدى المتألم
فإن قلب عبدك يؤلمه انصرافك عن شكواه
أنا أشورناصربال، عبدك المملؤ الاماً
المتواضع لك
عابد بهاء ألوهيتك.
( من ترنيمة الملك أشورناصربال، 1049 ق.م)

إناّنا ياسيدة النواميس الربانية
أيتها الأنوار الساطعة
ياواهبة الحياة يامكتسبة بالأجلال
ياذات الحلى العظيمة
ياصاحبة المقام الأول
أنت أنانّا السماء وإنانا الأرض
ياممطرة البلاد المعتدية باللهب
وصانعة القرارات بالأمس المقدس
يامدمرة البلاد الأجنبية بأجنحة العاصفة
يامحبوبة إنليل
فى خضم المعركة يتحطم الكل أمامك
ويفنى كل شىء بقوتك
تهجمين كالعاصفة، وتدوين كالرعد
قدماك لاتتعبان، وقلبك الحقود لايهدأ
الجبال التى لم تبجلك، صارت تراباً
واشتعلت بها النيران
يابقرة الوحش الهائجة
وياأيتها العارفة الحكيمة
المالكة الرحيمة
واهبة الحياة، ياصاحبة القلب النير
أنا إنخيدوانا
أتلو الصلوات وأقدم دموعي شراباً عذباً
لإنانا المقدسة.
( جزء من ترتيله لإنخليدوانا ابنة الملك سرجون الأكدى، 2271ق.م)

يوم أفنى كل ماخلقت
ستعود الأرض محيطاً بلا نهاية
مثلما كانت فى البدء
وحدى أنا سأبقى
وأصير كما كنت قبلاً
أفعى ، خفية عن الأفهام
( ترنيمة لايزيس المصرية)
المرأة والحية متلازمتين لا يجد الذهن حاجة الى التركيز كى يستحضرهما معاً فلقد صار الارتباط بينهما بديهياً . وقبل ان نتبرأ كنساء من الحية دعونا نتسأل هل كان هذا الارتباط تاريخياً محمل بشحنته السالبة الحالية؟! بالتأكيد لا فلقد كانت الحية هى شعار للملكات العظيمات: سميراميس ونفرتيتى ، كليوباترا وحتشبثوت... ولقد استخدمها الملوك والمشاهير من الذكور أيضاً فإله الحكمة "هرمس المثلث العظمة "اتخذها شعارا له وإله الطب عند اليونانيين "إسكيبيلوس "ولآلهة كثيرة غيرهما .. ولقد تم هذا الاختيار لأن الثقافة فى ذلك الوقت كانت خلواً من الاعتقادات اللاحقة التى ربطت الحية بالغدر وبالإضرار.
من المعلومات العلمية المذهلة عن الأفعى ان 90% منها غير سام ، وان كل الافاعى اى 100% لا تهاجم إلا إنساناً إعتدى عليها أو عبث بجحرها أو اقترب من ذريتها، والمعلومة المتناقضة مع تصوراتنا عن الحية انها تنذر عدوها عند الهجوم اذ تنتصب محذرة فان إنسحب تنسرب مبتعدة، والأفعى تعرف طريقها جيداً ولاتصطدم بشىء فى طريقها، ومن شدة حذرها صار العرب يصفون تحرك أو مسير جيوشهم" بالزحف" لما يجدونه من حرص فى تنقلاتها... كما ان المصريين فى مصر القديمة كانوا يؤمنون بان الإله الأكبر آتوم يتخذ فى الأرض صورة الأفعى.
كان أهل الأزمنة القديمة يبنون معابد للأفعى، اذ أكتشف فى عام 1903 أكبرهيكل مخصص لتقديس الأفعى، اذ وجد الآثاريون فيه الآف الأفاعى المحنطة، وتمثالاً برونزياً ضخماً أفعى الكوبرا.
فى اللغة العربية الأفعى سميت بالحية لانها تلتف ولاتبرح مكانها. وحية مشتقة من الحياة ومنها سميت حواء أم البشر، وللحية والحيا فى اللغة العربية معان كثيرة. ففى معجم لسان العرب فإن الحيا تعنى: المطر والخصب، كما ان الحية عكس الميتة وهى مرادفة للخلود والانبعاث وتجدد البقاء، كما ان ابن منظور فى تبيانه للفظ أله يقول: الإلهة هى الحية، واللات صنم مشهور يكتب بالتاء وبالهاء والأخير هو الأصح لاهه وهى الحية.
لقد تم طمس هذه المعانى بعد الوعى المتأخر المستهين والمحتقر للانوثة والمستهدف محو كل ما يجعل الأنثى فى مكانة سامية ليتم إلصاق الغدر والخيانة بالحية رفيقة حواء لترتبط الحية حواء بالغدر والمكائد وليس بالحكمة ، فلقد وضع الأقدمون الحية شعاراً لهم ليس لقدرتها على المكر بل لحكمتها.. ولقدرتها على تجديد جلدها وخروجها من جلدها القديم دون ان تفقد حيويتها، التجدد الدائم هو الخلود الذى ظل البشر يتمنوه لذا تيمناً بها كانوا يضعون شعارها فوق تيجان ملكهم وصولاجناتهم.
إن سر دهشة القدماء من الأفعى وقدرتها على التجدد من جلدها القديم هو سر الربط العميق بينها وبين الأنثى التى تخرج من داخلها كائن جديد هذا الكائن هو امتداد جديد لها به ما بها من صفات وملامح وحتى مزاج سيخرج هذا الجديد مانحاً بعض الخلود لجسدها القديم.. انه السر الذى يستعصى على الأفهام..! ذلك السر الذى نطمح لأن يتم تقديره ليس بالتأليه ولكن بالتواضع أمامه بالتقدير والامتنان وليس بالاستهانة والتحقير.
. إنما جئت لأدمر أعمال الأنثى
( كليمان السكندرى، أحد آباء الكنيسة، توفى سنة 216 ميلادية)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جميل
هشام آدم ( 2010 / 2 / 28 - 10:14 )
مقال جميل ومتقن يكشف محاولات التدليس والطمس التاريخي والمعرفي المؤسس والذي امتد من أوان العهود البطريركية وحتى يومنا هذا ليقوم مقام المسلمات والبدهيات

تحياتي للكاتبة

اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط