الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتوى تحرم الانترنت على النساء دون محرم

هادية حسب الله

2010 / 3 / 1
ملف مفتوح -8 مارس 2010 - المساواة الدستورية و القانونية الكاملة للمرأة مع الرجل


"لما أسكن الله آدم وزوجته الجنة، ونهاه عن الشجرة، وكانت شجرة غصونها متشعب بعضها في بعض، وكان لها ثمر تأكله الملائكة لخلدهم ، وهى الثمرة التي نهى الله آدم وزوجته عنها. فلما أراد إبليس أن يستذلهما دخل في جوف الحية، وكان للحية أربع قوائم كأنها بخيتة (ناقة تتعثر في مشيتها وتتعاجب) من أحسن دابه خلقها الله. فلما دخلت الحية الجنة، خرج من جوفها إبليس، فأخذ من الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته، فجاء بها إلى حواء فقال : أنظري إلى هذه الشجرة ، ما أطيب ريحها، وأطيب طعمها، وأحسن لونها، فأخذت حواء فأكلت منها، ثم ذهبت بها إلى آدم فقالت: أنظر إلى هذه الشجرة، ما أطيب ريحها، وأطيب طعمها، وأحسن لونها، فأكل منها آدم، فبدت لهما سؤتهما، فدخل آدم في جوف الشجرة، فناداه ربه: يا آدم أين أنت؟ قال أنا هنا يارب، قال ألا تخرج؟ قال استحى منك يارب، قال: ملعونة الأرض التي خلقت منها لعنة يتحول ثمرها شوكاً، ولم يكن في الجنة ولا في الأرض شجرة أفضل من الطلح والسدر. ثم قال ياحواء أنت التي غررت عبدي، فانك لا تحملين حملاً إلا حملته كرهاً، فإذا أردت أن تضعي ما في بطنك أشرفت على الموت مراراً، وقال للحية أنت التي دخل الملعون في جوفك، حتى غرر عبدي، ملعونة أنت لعنة تتحول قوائمك في بطنك، ولا يكون لك رزق إلا التراب، أنت عدوة بني آدم وهم أعداؤك حيث لقيت أحداً منهم أخذته بعقبه (طاردته) وحيث لقيك شدخ (حطم) رأسك".
" تفسير الطبري الجزء الأول ،ص335، ط دار الفكر بيروت،1984م".
تداولت المواقع الالكترونية فتوى جديدة أثارت الكثير من الجدل والفتوى تحرم على النساء استخدام الإنترنت دون وجود رجل محرم ونص الفتوى كالأتي: "..الحمد لله رب العالمين وبعد،...فإن النساء مخلوقاتٌ كسائر مخلوقات الله، لكن فيهنّ ضعفاً بيّناً وهوى يأخذهن صوب الحرام إن لم تجعل الضوابط الشرعية قائمة في المجتمعات التي يقمن فيهن. وحكم دخول المرأة للإنترنت حرام حرام حرام. ففي هذه الشبكة من مواضع الفتنة ما قد لا تتمكن المرأة بضعف نفسها على مقاومته. ولا يجوز الدخول لها على مواقع الشبكة ما لم يكن برفقتها أحد المحارم الشرعيين ممن يعرفون بواطن النساء ومكرهن وضعفهن أمام الجنس والهوى، كما قد فصّل ذلك فضيلة الشيخ سعد الغامدي في فتوى طويلة مدعومة بالأدلة الشرعية الثابتة......كتبه/ عثمان الخميس."
أساس هذه الفتوى والفتاوى الشبيهة بها هو أن صورة المرأة داخل الثقافة الإسلامية والعربية هي صورة الحية والغاوية التي لا يؤتمن لها ولا عليها. وهذه الصورة لا يوجد ما يدعمها في منطوق القرآن ولكنها اعتمدت تفاسير مختلفة للقرآن، وأبرز تلك التفاسير هو ما أوردناه من تفسير الأمام الطبري والذي نقله عن" وهبه بن منبه" أحد أحبار اليهود الذين اعتنقوا الإسلام، ومن المعروف إن اليهود الذين اعتنقوا الإسلام مزجوا بين التراث اللاهوتي اليهودي والعقيدة الإسلامية، وكان المسلمين كثيراً ما يلجأون إلى إخوانهم المسلمين – الذين كانوا يهوداً- سعياً وراء تفاصيل لم ترد في القرآن، بالأخص الجانب القصصي وهذا ماسمى فيما بعد في علم التفسير باسم "الإسرائيليات". وتوجد بعض الروايات الأخرى والتي لا تختلف كثيرا عن رواية وهبه بن منبه إلا ببعض التفاصيل: وسيلة الإغراء التي أقنعت بها حواء آدم ليأكل من الشجرة: "فدعاها آدم لحاجته(الزوجية) فقالت لا إلا أن تأتى هنا، فلما أتى قالت: لا إلا أن تأكل من هذه الشجرة، فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما" (ص337 )... وعندما سأل الله تعالى آدم عن سبب خطيئته قال من قبل حواء فقال الله: فإن على أن أدميها ( أجعلها تنزف دماً) في كل شهر مرة، كما أدميت الشجرة، وأن أجعلها سفيهة فقد كنت خلقتها حليمة (عاقلة) وأن أجعلها تحمل كرهاً وتضع كرهاً، فقد كنت جعلتها تحمل يسراً وتضع يسراً. ويعلق أحد الرواة على القصة قائلاً: ولولا البلية التي أصابت حواء لكان نساء الدنيا لا يحضن، ولكن حليمات، وكن يحملن يسراً" (ص237).
ورغم وجود جهود كثيرة حاولت الطعن في هذه التفاسير وأخذ منطق العقل في التعامل بها إلا إن الثقافة الذكورية ظلت تحافظ على أوضاعها الاستبدادية بتمجيد هذه التفاسير وحقنها بدماء الحياة لتظل قامعة للنساء، من أبرز الحجج التي برزت ضد هذه التفاسير هي جهود الكاتب والباحث المصري "نصر حامد أبو زيد"، إذ يقول الكاتب إن لديه ثلاثة ملاحظات على هذه القصة (قصة الخروج من الجنة بسبب ضعف حواء أمام الشيطان وإغواءها لسيدنا آدم) الملاحظة الأولى إن الإله الذي تم تصوره هو اله التوراة، وليس الله المعروف في المعتقد الاسلامى، وهذا أمر طبيعي من زاوية التأثر التي أشرنا إليها. لكن ليس من الطبيعي إطلاقاً أن يأخذ العقل المسلم القصة مأخذ التصديق الحرفي لمجرد أنها وردت في واحد من أهم كتب التفسير، ذلك إن ورودها عند الطبري أو غيره، ليس هو المعيار، بل المعيار يجب أن يكون عدم التناقض مع قوانين العقل، فالقصة تبدو كمؤامرة أحيكت من خلف ظهر الله وهو ما يتنزه عنه الله تعالى - تنزه عن الغفلة - كما يبدو العقاب قاسى بشكل إستبدادى إذ يشمل العقاب كل نسلهم وهو ما يتناقض مع صفات الله تعالى. والملاحظة الثانية: صورة آدم كضحية بريئة تتناقض والعقاب الذي تم توجيهه له، فقد كان يكفى إخراج إبليس منها بعد عقابه عقاباً مناسباً، والحقيقة إن القصة عكست مجتمعاً يكون فيه الرجل هو مثال الخير والبراءة في حين تمثل الأنثى الشر والخطيئة، فالقصة تشير إلى المجتمع أكثر مما تفسر النص الديني، الملاحظة الثالثة: تتعلق بعلاقات التساوي التي تحرص القصة على ذكرها بين الجرم والعقاب في كل حالة. فقد عوقبت حواء أن تدمى في كل شهر مرة عقاباً على أكلها من الشجرة المحرمة، وبفقدان العقل أو نقصانه عقاباً على استخدامها الشهوة والإغواء، وسيطرة "السفاهة" على سلوكها وتفكيرها، وفى هذا الحرص على إبراز الجرم بالعقاب يبدو بعد تحليل الظواهر هو البعد المسيطر بوصفه الهدف من القصة، وبالمثل يتساوى عقاب الحية مع جرمها فقد حرمت من قوائمها وحكم عليها بالزحف على الأرض والالتصاق بالتراب، وبأن تكون عداوتها مع الإنسان أبدية، بحيث يكون القتل جوهر علاقتهما. الملاحظة الرابعة: تتعلق بتلك العلاقة التي تنشئها القصة بين حواء والحية وهى علاقة عداء تحدد علاقة الذكور بالإناث كعلاقة الحية والإنسان، وهى تستدعى بقايا المعتقدات الأسطورية القديمة من جهة، وتشير إلى بقايا هذه المعتقدات في الفكر الشعبي المعاصر من جهة أخرى.ولا تزال هذه العلاقة الرمزية تجد توظيفاً لها في مختلف مجالات التعبير الفني والأدبي. (دوائر الخوف، نصر ابوزيد 21-23).
إنها ليست صدفة أن تترافق هذه الفتوى وما يجرى في غزة من جرح للكرامة العربية، فلقد تزامنت دائماً لحظات الهزيمة والخذلان في العالم العربي برغبة في إخفاء النساء وحبسهن. وتطفو دائماً على السطح في هذه اللحظات الأحكام بنقص العقل والدين. وتزخر النفسية العربية بنماذج الهروب من الواقع والالتفاف فبعد هزيمة يونيو 1967م تحول العجز إلى طائفية وتشرذمات، وتحول العنف إلى المرأة، بدلاً من أن يكون ضد العدو، وارتفعت مباشرة دعوات الحبس والحجاب. هذا ما يقوى عليه السلفيون والانكفائيون حبس النساء والمناداة بوجود سجانين "محارم" يرافقون النساء منعاً لطيشهن وكيدهن العظيم داخل غرفهن أمام كمبيوتراتهن، وكأنه لا يوجد ما تشاهده النساء هذه الأيام على صفحات الإنترنت سوى أفلام الخلاعة، وكأنما مجازر إسرائيل في غزة واستهانة حماس بدم شعبها لا تكفى ولا تدمى القلب، إن النساء لم يعدن شرف القبيلة، والأجدر بالذين يشعرون بالغبن توجيه غبنهم إلى إسرائيل عدوهم الحقيقي وليس النساء المغلوبات.
على الرغم من إن مثل هذه الفتاوى لا تثير سوى السخرية والتندر إلا إنها تقرع جرس الإنذار للنساء والناشطات منهن على وجه الخصوص بأهمية العمل على دعم جهود الاستنارة في ما يخص المرأة والعمل على إبراز ما يتم إخفاءه أو التعتيم عليه، ليبرز على السطح النص القرآني الذي يساوى بين الرجل والمرأة ليسود بيننا قوله تعالي "فأزلهما الشيطان" ليتنامى في الذهن ما أقره القرآن، التساوي بينهما في العقاب بدلاً عن أن تغذى المخيلة الشعبية الصيغة التوراتية، إننا ننظر ليس إلى النصوص في فهمنا لمقاصد الدين الكلية بل نرى في الإسلام ثورة على التقليد الذي يؤبد قهرنا وسنظل نقاوم الذين يعتمدون في تفسير الحاضر على لحظة ماضوية ما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيدة الكاتبة
ميريام ( 2010 / 3 / 1 - 02:17 )
لست مسلمة وانا ارفض مثل هاذا الكلام عن نحريم الانترنيت على النساءولكن سمعنا كثير عن وقوع الكثير من النساء في فخ الجنس والحب من وراء الشاشة والنهاية طبعا معروفة الفشل لان الاثنين مرضى الرجل والوراة ايضا يسمعها كلام الحب وهي تصدق وتثق به ثم يتركها بعد فترة قصيرة بدون سؤال وجواب وسمعنا وقرأنا في الجرايد كيف مثل هذه المراة وقعت مريضة ومنهارة وانعكس انهيارها على اسرتها وحياتها الشخصية فدمرها وهو يلعب من واحدة لواحذة دون ضمير يردعه ولا قلب هده مشكلة يجب ان يركز الكتاب عليها لانها تنتشر بوضوح الان ولها اسباب عائلية داخلية بالاساس العلاقات الان اصبخت تجريدية تقوم في عالم افتراضي لكنه موجود والرجل اللذي يقدم على مثل هاذا العمل يعتدي على انسانيتها وامانها العائلي هي يجب ان تكون مفتية نفسها وهة يجب ان يكون صاحب ضمير وشرف الطرفين بحاجة لطبيب نفساني على كل حال وشكرا


2 - انها ليس الا لكم افواه النساء
ابو علي ( 2010 / 3 / 1 - 16:21 )
هذا الفتوى جاء نتيجة كتابة المرأة في كثير من الصحف حول حقوقهن والمأساة التي تلحق بهن في المجتمعات الاسلامية لذا الاسلاميين ابتكروا هذا الفتوى لكي يعطون المبرر لاولياء الامور بمتابعتهم على النت لكي لايتمكنوا من المتابعة والكتابة هذا هو القصد انما بقية الحجج ليس الا كلام فارغ


3 - ارغب بتعريف
شذى احمد ( 2010 / 3 / 2 - 10:23 )
اولا ارغب من يساعدني بتعريف معنى الفتوى... وهي حسب فهمي ومتابعتي المتواضعة ليست اكثر من احكام وقرارات بحق المسلمين من مؤسسة الدين الاسلامي تجبرهم على سلوكيات وممارسات وفق فهم السادة المفتين للدين ونصوصه. وبعد هذا وذاك فلو امكن فرضا وذلك متعذرا- متابعة الفتاوي منذ بدايتها بعد موت نبي الاسلام حتى يومنا نجدها قرارات تخدم السياسين وما يسمون اولي الامر وتلجم بها افواه خصومهم في نفس الدين وتدفع العامة لاطاعة الاوامر بلا نقاش . لذا ففتاوى المرأة هي الاكثر تحديثا- والاسرع متابعة- لان هناك خوف حقيقي من ان يفلت الفرس من اللجام ويتعذر التحكم به . فتوى مثل هذه على قدر كبير من السذاجة والسخافة ستجد لها اصداء وقبول في نفوس الكثير المأزوم من المسلمين .. ولا استغرب ابدا فاحيانا افاجأ بالفعل بعقلية الرجل المثقف فكيف الحال بالامي الذي يعتقد بان للجنة نوابا- مخلصون يتخطون بهم الصعب ويسيرون بيننا وعلينا طاعتهم. اما مايتعلق بما يخلفه الانترنيت من نتائج سيئة تؤدي الى انحراف المرأة فكلها لن تكون باسوء مما اصاب النساء من ويلات الحروب والدمار ومذلة الحرمان والاستغلال لهن ولعوائلهن واطفالهن كنتائج متوقعة للحرب

اخر الافلام

.. مسؤول إيراني لرويترز: ما زلنا متفائلين لكن المعلومات الواردة


.. رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية يأمر بفتح تحقيق




.. مسؤول إيراني لرويترز: حياة الرئيس ووزير الخارجية في خطر بعد


.. وزير الداخلية الإيراني: طائرة الرئيس ابراهيم رئيسي تعرضت لهب




.. قراءة في رسالة المرشد الإيراني خامنئي للشعب حول حادث اختفاء