الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحليل الشخصية الشيوعية العراقية

فارس كمال نظمي
(Faris Kamal Nadhmi)

2010 / 2 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كانت "الشيوعية" Communism وما تزال فكرةً ملتبسةَ المضامين لعموم الناس في العالم بسبب طابعها التبشيري الصادم للمسلمات البشرية التقليدية في الأخلاق والاقتصاد. كما إنها ظلت على الدوام حافزاً جدالياً للنقاش وقدح الأفكار بشأن المغزى الوظيفي للوجود البشري ماضياً وحاضراً ومستقبلاً. وإذا كانت الفلسفتان الماديتان الجدلية والتأريخية هما الإطار الايديولوجي الذي نشط في رحابه الفكر الشيوعي تجربةً وممارسةً، فإن الوقائع الملموسة في عالم اليوم، لا سيما بعد انكفاء الحقبة السوفييتية، تشير إلى أن الشيوعية لم تكن ايديولوجيا نخبوية مكتبية نشأت على يد "ماركس" و"انجلز" في القرن التاسع عشر فحسب، بل هي قبل كل شيء نسقٌ سيكولوجي معرفي وجداني حرّك شخصياتِ ملايين الناس منذ بدايات الاجتماع البشري وظهور إشكالية التفاوت والاستغلال وحتى اليوم، أي نمطٌ من أنماط الشخصية البشرية على الأرض. وبمعنى أكثر تحديداً، إن الايديولوجيا الشيوعية لحقت بالسيكولوجيا الشيوعية وليس العكس.
ولذلك فإن دراستنا هذه تنأى عن تبني أي منظور ايديولوجي، بل تتخذ من علم النفس العلمي باختصاصاته السياسية والاجتماعية والشخصية مرجعاً للتحليل النظري القائم على الملاحظة والرصد والمقايسة العقلية والاستنتاج. وقبل الشروع بمحاولة الغور في شخصية الشيوعي العراقي، لا بد من طرح سؤال تمهيدي أساسي والإجابة عنه مباشرةً باختزال وتقنين، بهدف تحديد عدد من المفاهيم والمسلمات التي سيستند إليها هذا التحليل لاحقاً:

من هو "الشيوعي" بالمنظور النفسي؟

هو الناقد الأخلاقي لمأساة إخضاع الإنسان لأي قوى (إذ لا قدسية لأي قوى) تنتهك كرامته الآدمية فزيولوجياً واجتماعياً، موظفاً أدوات التحليل العقلاني المستمدة من تراكم العلوم بشقيها الفيزيقي والاجتماعي، من أجل إصلاح البنية الاقتصادية والفكرية للعالم هنا وهناك، نحو تحرير العقل والجسد البشريينِ من صنوف الاستعباد والاستلاب، ابتداءاً من أسطورة الدافع الفطري للامتلاك وانتهاءاً بالوهم القائل أن تطور الاجتماع البشري يمكن أن تقرره قوى تقع خارج إطار الوعي الاجتماعي المتراكم عبر التأريخ. فالشيوعي مغرم حد الافتتان بكيفية تغيير العالم، ليس بالوسائل السياسية فحسب، وإنما بالأساليب الثقافية الجمالية والنقابية الاجتماعية أيضاً، حتى ضمن أضيق الأطر التربوية، كالعائلة والمدرسة والمحلة. فهو ببساطة الحالمُ بإطفاء القيمة النقدية الاستغلالية لرأس المال ومنحه الوظيفة التشاركية المساواتية، وبمكافحة القيمة التشيؤية للوجود الاجتماعي واستبدالها بالقيمة الجمالية المكتظة بالمضمون الإنساني الخالص.
وهكذا، فالشيوعي ليس هو المنتمي بالضرورة إلى حزب شيوعي، لأن التنظيم السياسي في هذه الحالة ليس أكثر من محاولة إجرائية لصب الفكرة العدالوية الكبرى في إطار ايديولوجي روتيني قابل للتطور أو الانحسار بحسب قدرة الجسد الحزبي على الحياة أو الموت. وبمعنى أدق، فإن الشيوعية تيار فكري قديم له جذره المتغلغل عميقاً في السيكولوجيا الاجتماعية الباحثة عن إعادة التوازن إلى علاقة المالك بالمملوك والمستغِل بالمستغَل والقاهر بالمقهور؛ أما الحزب فهو نتاج تنظيمي أفرزته تلك السيكولوجيا، قد يُثريها وقد يفقرها. فالسيكولوجيا الشيوعية هي التي صنعت الحزب وليس العكس، بدليل أن معتنقي الشيوعية الاجتماعية وأصدقاء الحزب الشيوعي العراقي ومريديه كان عددهم أضعاف عدد أعضائه طوال تأريخه. ويتبنى تحليلنا هذه الرؤية، أي تحليل شخصية الشيوعي العراقي خارج الإطار الحزبي والايديولوجي، داخل الأفق السيكوسوسيولوجي.

من هو "الشيوعي العراقي" بالمنظور النفسي؟

إنه الشيوعي بمضمونه السيكولوجي العام المطروح في المقطع السابق، بما يضمه من ماركسيين وديمقراطيين اجتماعيين ومثقفين إصلاحيين إنسانويي النزعة وعوام واعين بحقيقة الظلم وفكرة العدل الاجتماعيينِ، من مختلف المكونات العراقية: الطبقية والثقافية والعِرقية والمناطقية؛ مضافاً له جدلياً حزمة من الخصائص النفسية المحلية النابعة من ضرورات الوضع العراقي، والتي يمكن اختزالها إلى عدد من السيكولوجيات البارزة العناصر:

سيكولوجية الأمل:

ثابر الشيوعيون في العراق ليبقوا مبشرين بالأمل الاجتماعي على نحو فريد في ديمومته وإصراره، إذ ظلت ابتسامةُ التفاؤل، وانضباطُ تعبيرات الوجه والجسد، والولعُ "الغيبي" بفكرة المستقبل، من العلامات المميزة لأجيال من الشيوعيين ممن عاصروا كل أنظمة الحكم المتعاقبة منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى اليوم؛ حتى إن أجهزة الأمن القمعية لم تكن تجد صعوبة كبيرة في تشخيص وجوه الشيوعيين في الجامعات والمعامل والمقاهي بسبب هالة الأمل والكبرياء الواضحة التي تحيط بسلوكهم وأحاديثهم.
وبصرف النظر عن مدى واقعية هذا الأمل أو عدم واقعيته، إلا أنه أضفى على الحياة الاجتماعية والسياسية في العراق شحنةً تطويرية وجدت صداها في الطابع المدني المتحضر لحياة الناس اليومية، إذ يندر أن تجد عائلةً عراقية لم يتأثر أحد أفرادها على الأقل بالنزعة الشيوعية من قريب أو بعيد. ولعل الشيوعيين هم أكثر من استثمر نزعة الأمل الكامنة في أعماق الشخصية العراقية.

سيكولوجية الإيثار:

لا يعرف الشيوعيون العراقيون مفهومَ الرشوة، لا في الدنيا ولا في "الآخرة"، فهم لا ينتظرون منافعَ شخصية لا في حياتهم ولا بعد مماتهم، بل تتمثل منافعهم حصراً بتحقيق سعادة الأجيال القادمة. لقد حُزتْ أعناقُ وثُقبتْ جماجمُ وقُطعتْ أوصالُ آلاف الشيوعيين على مدى أكثر من ثمانين عاماً ممن قايضوا موتهم هذا ليس بثوابٍ أو "رشوةٍ" تنتظرهم في العالم الآخر، إنما بفكرة أن دماءهم (أي فعلهم التحويلي للعالم) ستعبّد درباً مؤكداً نحو مستقبل عادل لأحفادهم على هذه الأرض، وعلى هذه الأرض فقط. وهم بذلك الفئة الاجتماعية الوحيدة التي لا ترشي ولا تُرشى، إذ يحركهم وعي تأريخي–أخلاقي حاد بأن الفضيلة مطلوبة لأنها جميلة وضرورية ومفيدة لكل الناس وليس لأن هناك جائزة ماورائية بانتظار من يسعى إليها. فالشخصية الشيوعية العراقية تمنح جسدها الآني طواعية إلى العدم والنسيان ودون تعويل على انبعاثه من جديد في عالم الغيب، فقط لكي تظل فكرة العدل قائمةً في جنة مستقبلية أرضية يستظل بها بشر آخرون.
وبعيداً عن مدى موضوعية هذا السلوك أو ذاتيته، فإنه قدّم درساً أخلاقوياً متقدماً عن ارتقاء الطبيعة البشرية، يجدر بعلماء نفس الشخصية دراسته بعناية وإبداع.

سيكولوجية النخبة:

لا يُقصد بالنخبة هنا الفئة المتطورة ثقافياً أو معلوماتياً، بل الطليعة الاجتماعية (بكافة تدرجاتها الثقافية) التي تبتني في قلب الظلام ممرات متريثة ولكن مؤكدة إلى النور. فنجد أن الفلاح أو العامل العراقي الشيوعي مثلاً، كان نخبوياً في إطاره الطبقي السوسيولوجي، بدفاعه المنطقي والإقناعي والصبور عن حقوق الأكثرية الفاقدة أمام جشع الأقلية المالكة؛ مثلما نجد أن المثقف العراقي الشيوعي (الفنان والأديب والصحفي والسياسي والأكاديمي) كان نخبوياً في إطاره الوطني الواسع، ساعياً إلى الارتقاء بالوعي الاجتماعي والجمالي للناس درجاتٍ أعلى باتجاه فك أسر آدميتهم المستلبة. ولا غرابة أن خصوم الشيوعيين أنفسهم أقروا في مناسبات عديدة بأن لا أحد يستطيع منافسة الشيوعيين في فصاحتهم وعمق ثقافتهم. كما نلمس بوضوح أن ثمة تقارباً نفسياً حميماً بين جميع الشيوعيين العراقيين بمختلف مستوياتهم الثقافية وانحداراتهم الطبقية لكونهم جميعاً يمارسون "النخبوية" في الحياة العامة شعورياً أو لاشعورياً.
والحق، يصعب تحليل الشخصية العراقية المعاصرة في إطارها الاجتماعي العام دون التوقف عند سمة "الحقّانية" أو "العدالوية" التي تميزت بها، وهي سمة كان للشيوعيين العراقيين إسهام أساسي في تكوينها عبر نخبويتهم التبشيرية التي طالت أغلب طبقات المجتمع وشرائحه لا سيما في حقبة المد التنويري خلال أربعينات وخمسينات وستينات القرن الماضي.
إن خصائص التحضر والمرونة النفسية والانفتاح الفكري والتسامح ومهارة التكيف السلوكي وسرعة التعلم والذائقة الجمالية والولع بالثقافة وتمجيد قيم الحياة، التي لطالما تميزت بها شخصية الفرد العراقي، لا تُعزى لعوامل تطوره الاجتماعي عبر آلاف السنين فحسب، بل نستطيع أن نؤكد بثقة أن الدولة العراقية المدنية التي نشأت رسمياً في العام 1921م بعد الاحتلال البريطاني وبدأت بالتآكل مع صعود الحقبة الفاشية في العام 1963م ثم الحقبة الكولونيالية والثيوقراطية بعد العام 2003م، قد أسهمت جزئياً في بناء هذه الشخصية، ذلك إنها (أي تلك الدولة) كانت نتاجاً لمجتمع مشبع بقيم الحياة والتمدن التي أشاعها الشيوعيون وزملاؤهم الديمقراطيون والليبراليون والعلمانيون وحتى البرجوازيون المحافظون المتنورون.

سيكولوجية التهذيب والزهد:

يمكن القول أن المجتمع العراقي أنجز "صورة ذهنية نمطية" ما تزال قائمةً حتى اليوم عن شخصية الشيوعي العراقي، أركانها: التهذيب والعفة والصدق والثقافة والإلحاد. وإذا كان "الإلحاد" أمراً معتقدياً ذاتياً يصعب التكهن بمدى انتشاره فعلاً بين الشيوعيين، فإن بقية الصفات المذكورة أثبتت أوضاع العراق المعاصر توافرها بمقدار ملحوظ لدى أغلب الشيوعيين الحزبيين منهم وغير الحزبيين.
فالشيوعي كان دوماً في أذهان الناس الشخصَ الأنيق والنظيف في مظهره بلا تكلف حتى وإن كان فقيراً؛ والمتأبط لكتب الفلسفة والجمال والسياسة؛ والمتابع الدقيق لأحدث الأفلام السينمائية العالمية والمدارس الفنية والأدبية الحداثوية؛ والمُراعي الحساس لمشاعر الآخرين وخصوصياتهم؛ والمدافع البليغ اللسان عن حقوق المرأة والطفل والمستضعفين في عائلته ومكان عمله؛ والمتحدث المفوّه القادر على الاستماع العميق لخصومه ثم الرد عليهم بمنهجية عقلية جدلية تقوم على البراهين الملموسة وعلى اعتصار مضامين الأحداث في قدح متين من المعنى؛ والحرفي المُتقِن لمهنته أياً كانت مهارتها الفكرية أو اليدوية؛ والزاهد المتعفف سواء كان وزيراً أو عامل بناء. ويبدو أن كل هذه الخصائص مستمدةٌ من شعور عال بالمسؤولية الأخلاقية ينتاب الشيوعيون على الدوام حيال مجتمعهم، وكأن الواحد منهم قد خُلق ليكون مسؤولاً عن إصلاح الاعوجاج ونقد الظلم في محيطه الاجتماعي. وبكلمة أدق، فإن "سيكولوجية النبوة" ظلت ملازمة للشخصية الشيوعية العراقية بغض النظر عن الواقع السياسي الذي أباد عشرات الآلاف من هؤلاء "الأنبياء" بصمت ودون رد اعتبار!

* * *

إن المعطيات التحليلية السابقة تشير بجلاء إلى أن الشيوعيين العراقيين يتمتعون بمستوى متقدم من الصحة النفسية المجتمعية، متمثلة بصلابة شخصياتهم، وقدرتهم الدائمة على التحدي الفكري لتحجر الواقع القائم وسكونه الرجعي، وبعاطفتهم الوجدانية العميقة تجاه آلام المحرومين والمظلومين، وبنزعة الأمل والتفاؤل بإمكانية تغيير هذا العالم مهما بدا ميئوساً منه أو منيعاً على الإصلاح. إلا أن سؤالاً حتمياً يبرز هنا: ماذا عن نقاط الضعف السيكولوجي لدى هؤلاء الشيوعيين؟ وماذا عن الخصائص السلبية في شخصياتهم التي أضعفتْ فعلهم الاجتماعي التحويلي وتركتهم (ظاهرياً) خارج إطار التأثير المباشر في الحدث السياسي العراقي الحالي؟
إن جدلية تناقض الأضداد وإنتاج الشيء لنقيضه تمارس فعلها بوضوح هنا، إذ أن أبرز نقاط القوة في الشخصية الشيوعية العراقية (أي الإيثار والزهد والنخبوية والعاطفة الإنسانية) هي ذاتها التي أنتجت نقاط "الضعف" المتمثلة بالعزوف المترفع عن الانخراط في الصراع السياسي الحالي في العراق بشروطه القائمة على الأنانية والجشع والخواء الفكري والقسوة. وتتطلب هذه المسألة الفكرية المركبة تحليلاً نفسياً مستفيضاً ومتريثاً يتناول علاقة التأثير المتبادل بين الشيوعي الحزبي والشيوعي الاجتماعي، وهو ما قد يكون موضوعاً لدراسة قادمة.
لقد رسم الشيوعيون العراقيون على الدوام فضاءاً متيناً لحلم فاضل ترفرف في سمائه حماماتُ السلام وسنابلُ القمح المشاعة بين كل الناس. ومثلما لا نستطيع أن نتخيل عراقاً بلا بغداد، فإن عراقاً بلا شيوعيين هو افتراض عقلي مستحيل لأن جزءاً ثميناً من نسيجنا الاجتماعي قد حاكته الإبرة الشيوعية الأنيقة والمثقفة والعقلانية. وإذا كانت اللحظة السياسية العراقية الراهنة تبدو مكتظة بالفوضى والصخب والضوضاء العبثية العالية، فإن الموسيقى الشيوعية الهادئة تظل تنساب مسموعةً لمن يريد أن يصغي إليها، وستتسلل إلى عروق بنية الحدث القادم، ولو بعد أجيال، ما دام العراقيون يريدون خبزاً وأماناً وكرامة وجمالاً وحريةً ليس إلا !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انت نفسك بعض من جمال الشيوعيه ووارف ابداعها
اكاديمي مخصرم ( 2010 / 2 / 27 - 20:42 )
شكرا شكرا على هذا النص العلمي والابداعي الجمالي وهذا ليس غريب
على هذه العائلة البغدادية المثقفه والمحبه للعدالة والخير التي لم تكن بحاجة لهما لاستهلاكه علما ان نضل افرادها من اجلها كلفها الكثير من التضحيات
كنت صبيا لم ابلغ بعد العشرين حين حملت بسيارة الاسعاف من شارع غازي - الكفاح- جريحا الى مستشفى كان يسمى باسماء عده واحدة منها عير الياس
وكان جرحي شديدا لانه تضمن كسر عظم الفخذ الايسر وتحطم الركبه ب-صابونتها-
وبعد ايام جاء من سجن نقرة السلمان شاب من اهل بهرز - لايحظرني الان اسمه
من عائلة ميسوره روعني باصفرار وجهه حيث جاؤا به محمولا على الحماله - السديه- ورغم اني كنت مشدودا لجهاز بغية مساعدة الكسر على الالتماء اخذت بصوتي وبيدي احاول ان اساعد هذا السجين المريض القادم من السجن الصحراوي
واذا به في لحظة مفاجئه يقترب مني ويساءلني ان كنت فلانا الجريح المعرض للحكم عليه بالاعدام واذا به يقول بانه غير مريض وحتى اصفرار وجهه تم باخراج
مسرحي والامر هو انه يحمل خريطه وامر من الحزب بالهرب من قاووش مستشفى مير الياس هذاحيث بيت ال عمرنظمي وقد كان ذالك بمثل هذه الايام من عام 55
وهي المره الاولى ا


2 - تكمله رجاء
اكاديمي مخصرم ( 2010 / 2 / 27 - 21:00 )
اقول كانت هذه المره الاولى التي اسمع بها باسم هذه العائله البغداديه الكريمه المناضله المنغمره بالدفاع عن معاناة كادحي العراق دون ان تكون لها اي صلة ماديه بتلك المعاناة وكانت تيغه- اي جدار - فقط يفصلني عن الحريه والخلاص عبر بيت عمر نظمي حينئذ-واعتقد ان المحله كانت تدعى العلوازيه وبالفصحى العيواضيه وربما كان ذالك بمكان مستشفى مدينة الطب الحاليه وطبعا لم تتم عملية الهروب بسبب الحاله الموضوعيه للرجل اليسرى
وبعد اشهر وحينما كان بالامكان المشي بمعونة عكازات نقلت لسجن الموقف
وهناك التقيت بالشيوعي الملائكي طيب الذكر ثابت حبيب العاني حيث ظهر اننا في دعوة واحده وكنت بيني وبين نفسي افكر ايضا بتدبير محام لان التهم كبيره وعقوبتها الاعدام وانا - بعد استشهاد والذي الشيوعي قبل سنتين في سجن بغداد
لم يكن رجل من الاقرباءفكانت عندي فقط الوالده واربع اخوات
وحينما وصلنا دار المحاكم في السراي - بداية شارع المتنبي لم يمضي الا دقائق واذا برجل صاحب شوارب كثه يستفهم من رجال الشرطه عني فنهضت للتفاهم معه لانني لم يسبق التعارف معه واذا به يقول انا المحامي بديع عمر نظمي تعال وقعلي الوكاله وسادافع عنك ياسبع


3 - غصن الزيتون الرطب
الزيرجاوي ( 2010 / 2 / 28 - 04:12 )
شكرا لك فارس على هذا الاسلوب العلمي والذي يختلف تماما عن الاساليب الديماغوجية في الكتابة وشكرا للاكاديمي المخضرم بتعريفنا بعائلة ال نظمي البطلة (كافي مخضرم انت الان بروفسور)
نعم
ومثلما لا نستطيع أن نتخيل عراقاً بلا بغداد، فإن عراقاً بلا شيوعيين هو افتراض عقلي مستحيل
كان ماركس يحمل مسدسا للحماية لكن الشيوعيون العراقيون يحملون غصن الزيتون الرطب مع خفافيش الظلام والتتر الجدد من الشرق والبدو من الغرب ا
شكرا لك فارس


4 - حزب اخيار الناس
ايار ( 2010 / 2 / 28 - 10:10 )
فعلا اخي الفاضل كل ماذكرته صحيح مائة بلمائة ومقالك هذا اعاد لي الذاكرةحول صديق شيوعي اعرفه منذ الطفولة هذا الانسان خارج من بيئة اجتماعية بالغة الصعوبة لااحب الاطالة في تفاصيلها المهم سالته احد الايام ونحن في حالة تجلي عن سبب تميزه عن بقية افراد اسرته وامتيازه عنهم بلتعلم والعمل والمثابرة وغيرها فضحك وقال لي بلحرف الواحد (هل تعتقد ان والدي هما من ربياني فعلا)وقبل ان اهم بلاعتراض على جملته فاجاني القول (انا رباني الحزب ومسؤلي ونظامه الداخلي)حقيقة لم افهم كلامه على وجه الدقة حينها بل بلعكس ترك في اثر نفسي سئ كيف يمكن لانسان ان يكون عاقا لوالديه الى هذه الدرجة وتتوالى الايام والسنون وتاخذنا الحياة في مساراتها المتعددة وكلما صادفت انسان يحمل هموم شعبه ووطنه اجد ان خلفيته او افكاره قريبة من الحزب ويتجسد كلام صديقي على ارض الواقع فمرحى مرحى لحزب المثقفين والكادحين والى امام0


5 - نقاط الضعف السيكولوجي عند الشيوعيين
حيدر مزهر يعقوب ( 2012 / 4 / 13 - 22:32 )
أتمنى أن لا أكون مبالغا إذا قلت ان قراءتي للمقال تذكرني لقراءتي كتاب في تمرحل التأريخ لمهدي عامل..إذ ان النص المكتوب يحمل شيء من مضمون ذلك الكتاب والاكثر من ذلك ...موهبة الكتابة وصقل الحرف مع الفكرة ...والخروج بنص اشبه بالطلسم لا يفك شيفرته الا النخبة
فلك التحية وامنية اللقاء يا دكتور فارس كمال وأنت تصعق في ذهني مشروعا تقدميا يساريا عراقي الأصول والتنظير والتطبيق لا زالت امال الكثيرين تتشبث به
يقول ماركس...أن تطلب من الشعب التخلي عن وهم هو أن تطلب منه التخلي عن وضع بحاجة الى وهم..لعلني اكون مصيبا إذا اردت أن ابحث عن ما هو سلبي في سايكولوجيا الشيوعية العراقية وحتى الفكر الماركسي والليبرالي غير المنظم حزبيا....وهي أن فكرة او كما نسميها بعلم النفس صورة نمطية شكلت الذات الشيوعية العراقية في اذهان عامة الشعب مفادها ان الشيوعي ملحد،ومحتس للخمر، وعرضه متحرر بما يتنافى مع اخلاقيات وقيم المجتمع وهي فكرة خاطئة إذا ما تدبر متبنيها الفرد او الاسرة الشيوعية ولا اريد ان اطيل في الكلام لاترك لك يا دكتور فارس المعالجة سوى ان الفت الانتباه الى بعض من شوه الصورة ..يكفي شيوعيو العراق عدم اراقتهم الدماء

اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا