الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مزيفو النقود

فالح عبد الجبار

2002 / 7 / 8
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

 

اعرف، منذ ثلاثة عقود، ان الدولة العراقية مسربلة بالكذب، وانها تخفي اسمالها بثراء النفط. اما اليوم فان مثالها المزري يكاد يطابق واقعها البائس. فكل ما فيها يشي بالزيف، من السلع المغشوشة، المهربة، الى الدنانير التي تطبع بالاوفسيت على ورق مهلهل، يتمزق عند العدّ، الى الاعلام اللاهج بالنصر وسط الخرائب.

وما يصح على مثال الدولة، ينطبق على نشاط مخابراتها، واخر نموذج على ذلك هو الوثيقة التي روجتها محطة المخابرات العراقية في لندن بزعم انها صادرة عن وزارة الخارجية الاميركية، وذلك منذ اواسط ايار.

يحشر خبراء التزوير في هذه الوثيقة المؤرخة في 2 ايار الماضي، اسماء حشد من الاسماء الناشطة في المعارضة، بينها اسمي واسم المنبر الثقافي، الذي يعمل كمركز لتنسيق الابحاث بالتعاون مع جامعة لندن، وبالذات قسم العلوم الاجتماعية في كلية بيركبك.

بدأت عمليات الترويج في مطلع ايار واستمرت حتى اواخره، معتمدة على غباء المتلقي او كسله، او مزيج غير فريد من الاثنين.

كتبت في الحال ردا  نشرته جريدة الحياة اللندنية يوم 2 حزيران، اوضحت فيه خفايا التزوير وهي:

1- استخدام حروف مغايرة للمتن.

2- وجود اغلاط نحوية واملائية في تهجئة اسماء المنظمات.

وتساءلت في التوضيح: كيف يمكن للخارجية ان تمول جهة لا تعرف اسمها. واضيف الى ذلك ان مزيفي النقود، حذفوا عنوان الخارجية على الانترنيت، وهو عنوان يلازم اية وثيقة، وهو لفائدة القارئ النبه:

 http://www.state.gov/r/pa/prs/ps/2002/9906.htm

 

اوضحت في الرد ان المنبر الثقافي يرفض اي تمويل من اية جهة حكومية او غير حكومية وانه يعتمد على دعم العراقيين في لندن، ويعتمد بدرجة اكبر على عائداته من النشر.

انني اوجه النقد منذ عشرة اشهر لكل جهة سياسية تعتمد التمويل الخارجي، وبالذات الاميركي، باعتباره عملاً لا يتصف بالحصافة الاخلاقية او السياسية. وما زلت على موقفي هذا.

ودعوت وما ازال ادعو القارئ الى التدقيق في مصادر الاخبار والتأني. لم افاجأ قط بالتقارير التي اشارت الى ان افراداً محسوبين على بعض قوى المعارضة يوزعون الوثيقة المزورة بروح التشفي، وكأنهم يقولون: لسنا وحدنا من يناضل الى اخر دولار. انهم يريدون متكسبين على صورتهم.

عمدت الخارجية الاميركية، على لسان متحدث رسمي، الى نفي صحة هذه الوثيقة. كما ان صحيفة الشرق الاوسط نشرت نص الوثيقة الاصلية الى جوار الوثيقة المزورة، وذلك في تقرير مفصل نشر يوم 2 حزيران، داعية القراء الى زيارة موقعها على الانترنيت للتثبت من التفاصيل.

وللاسف تكرر صدى الوثيقة المزورة على صفحات جريدة "الاتجاه الاخر" لصاحبها مشعان الجبوري. تزعم الجريدة انها تصدر في هولندا، ولكنها توزع في بلدان عربية الى جانب توزيعها في كردستان العراق.

وسعت هذه الجريدة من نطاق الحملة بدعوى ان الاموال الاميركية المغدقة زعماً على المنبر الثقافي وعلي  شخصيا  تذهب الى دار المدى. واردفت ذلك بافتتاحية تشدد على هذا الاتهام.

وكررت صحيفة تدعى "ميديا" وتصدر في اربيل هذا الخبر يوم 26 ايار، ثم نشرت اعتذاراً عنه في حزيران.

نحن نعيش في بيئة قانونية حيث لكل كلمة وزنها. ويعرف المزورون في محطة المخابرات هذه الحقيقة فاكرهوا على اخفاء ارقام اجهزة الفاكس التي وزعوا البيان الكاذب عبرها.

اما صحيفة مشعان الجبوري، فيبدو انها تتوهم بانها في منأى عن اية مساءلة او محاسبة قانونية، وان بمقدورها ان ترتكب جريمة القذف والتشهير دون عقاب.

ليس في تاريخ مشعان الجبوري ما يبعث على المسرة ناهيك عن الفخار. معروف ان الاجهزة الرسمية العراقية تدفع بسخاء ملايين الدولارات، على حساب جوع العراقيين، لحشد من الكتبة والاعلاميين في طول العالم العربي وعرضه، لتمد ارجلها في مسعى للهيمنة على صناعة الثقافة، او بالاحرى انتاج الوهم. والسبب بسيط :

انها لا تتصور الانتاج الثقافي الا على صورتها: ملاكمة مأجورة وسلع مغشوشة مشتراة بالذهب الرنان.

وتعجز الدولة العراقية عن ادراك حقيقة جد بسيطة وهي: ان الكتابة عندي، كما عند اقراني من جيل مثقفي المنفى، هي فعل معرفة وفعل حرية، واننا في موقع التحدي لابثون.

ان امام المشاركين في ترويج هذه النقود المزيفة فرصة الاعتذار للقراء، وبخلافه سيجدون انفسهم في سوح القضاء، ليدفعوا الثمن بقوة القانون، ان لم يكن اليوم، فغدا .

 

كردستان العراق

30 حزيران 2002








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي