الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تدركين دون شكّ .. سيدتي!

خيري حمدان

2010 / 2 / 28
الادب والفن



أنت بلا شك تدركين بأن الفنان لا يخجل من ريشته إذا اتّسخت، لا يخجل من ريشته إذا بليت. لكنه يموت ألف مرة إذا جفّت!
أقصد .. ذاك الفنان الذي ما فتئ يبحث عن ملهمة ترتدي الأسمال، وتقف طويلاً تحت دفق المطر، تستجدي رغيف الخبز، تتقاسم فطيرة الزعتر مع الحمام، تلقم العصافير ما تبقى من النهار. ثم ترتدي الليل وشاحا. ذاك الفنان الذي لم يسأم انتظار حضورها وألقها، هي .. ساحرة الفرشاة، هي .. القادرة على تحريك عظمات أصابعه الرقيقة. هي .. حارقة بياض اللوحة الناصع بجدائلها، يدرك بأنها لن تخفي شيئًا من تقاطيع روحها العابرة للمشاعر، وبأسمالها المبتلة ستغزو بضعة ملايين من اللحظات الهاربة من شرايين الزمن.

أنتِ بلا شك تدركين بأن الكاتب لا يخجل من قلبه حين يغترب، ويصبح دفقُ الدمِ مدادًا لا ينقطع بين أصابعه. يستعصي الليلُ على الحدس، يدلق القمر أمعائه، يفقدني بصيرتَي بياضُهُ، وتمّحي الحروفُ قبل أن تعبرَ طريقي قطّةٌ سوداء، تبحث عن بقايا اللحم ومخلفات الموائد العامرة، وأنا أخشى رمز الحداد في ثوبها القاتم .. يا لسذاجتي! تدركين بأن الكاتب لا يخجل من شَعْرِهِ الأبيض، لكنه يرتدي قميصه الناصع قبل أن يجلس أمامَ أوراقِهِ احترامًا للكلمة. فنجان القهوة يؤرق الوقت، ما أجمل الانعتاق من الزمن حين يندلق الحبر رويدا! يا لحضور امرأة غيّبني .. ترفض أن تغمضَ عينيها قبل أن تغمسَ رحيقَها في أحضاني!
لا تنتظري جفاف القلم الليلة فأنا عاشق،أقدر على أن أتيه، أضيع، أحلم، أرفض الانصياع لهرمون الرجولة نكاية، ثمّ أتمرّد، أتسامى وأنساب عند الحدّ الفاصل لشفتيك قبل القفزة الأخيرة في غواية العدم .. كلّ هذا هو أنا، فاصبري .. ما زال في الليل بقية من الأبدية.

تدركين بأن العندليب يقتات رجع هتاف الملائكة، ولا يخجل إذا بحّ صوته حين يعتلي المنصّة للمرّة التالية بعد المخاض. كلّ ولادة محفوفة بالمخاطر. من سرق صوتي؟ من ذبح الأحصنة؟ من يخشى الحرفَ حين يتحدّى سيف ويهزم قنبلة؟ لا تجيبي الآن عن هذه الأسئلة لكيلا يندثر الكاتب في ذاتي وينتصر العسكري ويوقّع أشباه الرجال الوصايا والعقود التجارية فوق ما تبقّى من قبور الشهداء.

أدركت أنا بأنكِ عارضة أزياء، ترتدين كلّ يومٍ ألف قناع، تخلعين رداء الحرير لمن يدفع ملاليم أكثر! أدركت بأنّكِ قادرة على امتلاك قلوب قبيلة من الرجال دون أن تخشين ملامة عاشق، راهب، حاكم أو جلاد. إذا كان الجمالُ رسالتك فبريدي يعمل دون انقطاع. ولكن، ابقِ بعض الخفر لما بعد منتصف الليل بقليل، حين ينامُ العبيدُ ويركن الملاحُ أسلحته في السقيفة. تسلّلي إلى مهجعي ولا تخبري أحدًا من كتبة المنابر بأنّ العتمة ظلّي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1


.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا




.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي