الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقد الذاتي مهمة صحفيي الضفتين

أحمد الخمسي

2010 / 2 / 28
الصحافة والاعلام



اتفق صحفيو اسبانيا والمغرب على مبدأ النقد الذاتي كموجه للسلوك الإعلامي في المستقبل، انطلاقا من رصيد دق طبول الحرب الوحيد المتوفر في جعبة الإعلام بين البلدين. كان ذلك أثناء اللقاء الذي نظمه مركز الذاكرة والمستقبل بالرباط في الأسبوع المنتهي.
كما اتفقوا على توحيد الآليات بين الصحفيين، بين المغاربة والإسبان، قد تمتد للمنطقة المغاربية، حسب مقترح بيدرو كاناليس.
وقد أثير في النقاش الانفتاح من جهة على تعلم اللغات لاستكمال مقومات استيعاب الآخر. بينما يتحصن البعض الآخر في لغته الوطنية وهو يدعي تفهم أدق تفاصيل في الضفة الأخرى. مما أوكل الأمر إلى الأجيال الصاعدة من بين الإعلاميين، والذين يدعمون مصادرهم بأرصدة المعلومات من اللغات الأصلية للقضايا والأوضاع، مادة المنتوج الإعلامي. لكن النقاش كان عبارة عن بوح تلقائي، أنتج الأسئلة أكثر من الأجوبة. وذلك في سياق أربع لقاءات آتية: بين الإعلاميين. بين الأكاديميين. بين منظمات المجتمع المدني. بين السياسيين.
I
ما المطلوب من الإعلاميين في إسبانيا؟
ما المطلوب من الإعلاميين في المغرب؟
أليس المطلوب من الطرفين كل على حدة، الدفاع عن مصلحة بلده قبل أي هدف آخر؟! ثم وضمن خدمة هذا الهدف بعينه، ألا يستوجب الأمر تليين الاختلاف المفاجئ الواقع على الضفة الأخرى، في الطباع والموروث والمقومات المكتسبة؟ أليس المفترض هو تخفيف نتوءات وملامح الاختلاف، قصد تخفيف الصعوبات بهدف تقريب المصالح الآنية والمستقبلية من بعضها؟! كيف نردم الحفر والتضاريس من أجل تسوية الأرضية المشتركة في النظر والعمل من منطلقات متقاربة؟! أم تغلب الخصوصيات على ما توفره العولمة من مستجدات لأجيال الأبرياء الصاعدين؟!
أصبح المغرب، على قدم المساواة مع سويسرا والنرويج، أكثر من شريك ولو أنه أقل من عضو في الاتحاد الأوربي. وها هي إسبانيا رئيسة للاتحاد الأوربي طيلة الأشهر الستة الأولى من 2010، فما هو دور الإعلاميين في البلدين لتسهيل مهام السياسيين، لفائدة البلدين؟ أم مهام الإعلاميين رفع وتيرة الدق في طبول الحرب؟
في هذا المستوى كان اتفاق صحفيي البلدين على مبدأ النقد الذاتي علامة دالة على ضرورة تجاوز منطق الإساءة للبلد الثاني، إما اتباعا لأجندة غير إعلامية أو كسبا لشرائح متخلفة من القراء. أو استجابة للوبي ثالث يهمه الإبقاء على التوتر بين البلدين.
II
يستطيع الصحافيون خلق قيم إعلامية مضارباتية، أي خلق ظلال للأوضاع. ومعاني للمباني والبنيات والمؤسسات. لكن، من المؤلم أن يتمادى الصحفي في حفر الحفر عبر تمديد ظلال الحفر الأصلية لتظهر للمستهلك لمنتوجه الإعلامي كما يتخيل ويشتهي أن يراها، وأكثر إيلاما أن يرفع ظلال الأسوار أعلى من العلو الحقيقي للأسوار المبنية في وجه أبناء الضفة الثانية. سواء من هنا أو هناك.
ولا مفر للصحفي من أن يجري وراء شهوات المتلقي لمنتوجه الإعلامي، إذا لم يكن يتوفر على قدرة إقناع لقارئه. سوف يسرع الخطى لتلبية الرغبات. عبر أقرب المسالك الشعبوية. وتصبح الصحافة مادة استهلاكية على الأمد المباشر، تصلح لسلة النفايات مباشرة بعد بلوغ الشهوة، عبر العناوين أو التعليقات أو الصور المغرقة في كونها لا أكثر ولا أقل من مرايا تعكس الغرائز.
أن يكتب الصحفي من زاوية الإغراق في الوجه الشعبوي من العرقية أو الوطنية أو الإثنية أو الطبقية أو الفئوية أو الدينية، فتلك مسالك سهلة تعيد إنتاج المتداول ولا تساهم في الأوراش الكبرى المنتظر الاستفادة منها على المدى المتوسط والبعيد. بل لا تكاد تساوي قيمة غير السلع المهربة من مستودعات الغرائز إلى أسواق الإشاعة، موضوعة على الطرقات.
إن الترفيه على القارئ مطلوب لتعويده على طلب المنتوج الإعلامي. لكن الشحن الشوفيني للقارئ على حساب العلاقات الخارجية المتوازنة، استجابة بفلوفية شرطية غير ملائمة للعقلانية المركبة المحسوبة في آفاق العلاقات الخارجية.
إن العلاقات الخارجية لهي أشد الحقول صعوبة للكتابة الصحفية. فقد تكرس الكتابة الصحفية التخلف المنتشر في دوالب الدبلوماسية الرسمية. وقد تضع أمام آلة الدبلوماسية الرسمية النشيطة ركاما من المعلومات والآراء في غير محلها. فتصبح المقالات الصحفية، عوض أن تجسد أكاليل من الورد لتحبيب الشعوب المتجاورة في إعادة النظر فيما يفرقها لفائدة ما يجمعها، تصبح مزابل تزكم الأنوف بما لا يقبل من روائح مسممة للذوق المجاور.
III
أليست التاريخانية بالتفسير البسيط موضعة المفاهيم في مجرياتها التاريخية، كنوع من التبيئة وشرط من شروط الملاءمة، حتى يصبح استنبات مصطلع عالمي ذي منشأ خارجي بعيد قادر على النمو في بيئة محلية مغايرة. وبالتالي توفير مقتضيات التحول من حالة الأفكار المستوردة إلى أوجه من الثرات المحلي المتجدد بوجه عالمي مكيف مع الظرفية بل مع المرحلة بل مع العصر.
إن ربط الآلة الإعلامية مع المهام الاستراتيجية لكل من التعليم المعمم (للمعلومات والقواميس والبنيات والمؤسسات) ومن البحث العلمي المعمق (للمفاهيم والقيم والمنظومات والأنماط)، يفرش للرأي العام طريقا فسيحا يلزم السياسيين بالاعتدال في ميكيافيلتهم كما يكشف عن تطرف المنافع لدى المستثمرين في الاقتصاد على حساب الإنسان. والتاريخانية آلية من آليات توليف المنتوج الصحفي مع مقتضيات الحاضر والمستقبل معا، بألوان لا تتجاهل حساسيات الماضي في أوسع نطاق. بلا هلامية عالمية ولا انغلاق محلي شوفيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة