الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هي استراتيجية يسار الوسط؟

أحمد الخمسي

2010 / 2 / 28
مواضيع وابحاث سياسية



أخبرني بعض الأصدقاء، أن مخرجا مسرحيا شابا، خليل فرحاوي، فاز على صعيد العاصمة الإدارية ب"الإنسان والأرض"، ضمن مسابقات الفرق. ملخص الخشبة، بنات أفكار نحات نهضت عبارة عن بنات حواء تتساءلن عن الأوضاع. الموسيقى التصويرية فيها أثر أسيوي وكأن المارد الصيني الهندي ناهض لا راد له. والتراجيديا هي هذه الحالة التي قد يتحول من خلالها ميزان القوة بين الكوكب الأرضي وسكانه. بحيث تكبر مساوئ التصرف الصناعي عبر ما قد يقلص القطب الشمالي ويضع جزيرة الأرض الخضراء (غرين لند) موضع قطعة صماء، بدل الثلج، غارقة في الماء. تتساءل البنات الناهضات من نوم تاريخي، من موقع أمه، زنوبية والفهرية والجوكندا. أما الجواب الراهن، فيحكيه الداطاشو، عبر وثيقتين. الأولى تظهر الحيوانات المهددة بالانقراض في البحر واليابسة. والثانية، تتفاءل بمبادرات سياسية وتشريعية لحماية البيئة. هذا تصور شباب بمسرح دار الشباب بتمارة.
أما السيناريو الذي وضعه السياسيون في نفس المدينة، فهو الاكتساح الذي مثله الأصالة والمعاصرة ليلغي النفوذ الذي سبق للعدالة والتنمية أن بلغه بجوار العاصمة وفي أحد أهم أحوازها، ليسترد المبادرة للدولة كونها تستطيع أن تنجز التحكم في المد والجزر الشعبي لفائدة من تريد. فتقول للعدالة والتنمية، عندما أردت أن تكون في العاصمة العلوية التاريخية (مكناس) كنت وكذلك الأمر بجوار العاصمة الفعلية. وعندما قررت أن تتراجع شعبيتك تراجعت.
هكذا تكبر أحلام الشباب على قدر ما يخيف الكوكب الأرضي بكامله. بينما تتقلص السياسة السياسوية للإيقاع بالخصوم الانتخابيين. اليوم قبل الغد. في نفس المكان. ونفس الزمان. تتفاوت الأحلام. نعم، يمكن للنخبة السياسية الليبرالية أن تدعي اتساع آفاق استراتيجياتها وفعالية برامجها وملاءمتها الاجتماعية وعينية أهدافها. لكن الخبرة التواصلية لديها ضعيفة. ورصيد ثقة الناس فيها يكاد يساوي المنفعة المباشرة التي لا تعكس العمق السياسي في الزمنين المتوسط والبعيد. مما يفسر تجاور "منجزات" الليبراليين الجدد مع تكريس "ترحال" المنتخبين أو التهريب السياسي للبرامج الانتخابية وللأفراس الانتخابية لتضخ طاقة الخيول لتقوية الجرار بغير علم مسبق من الناخبين. مما يكرس النجاح السياسي الليبرالي المنبني على التدليس في اللعبة الانتخابية وبالتالي ممارسة السياسة على أساس الاستقواء بالمواقع السلطوية. فتتردى صورة السياسة والسياسي في عين الناخب. لتقترب من حالة البلطجية المتعود عليها في أرض الكنانة.
II
مع ذلك، ننصت. ونتأمل وقائع الترتيبات في الزاوية الليبرالية. خصوصا هذه النمذجة وفق التشخيص المقترح من الأصالة والمعاصرة. والذي يسير بسرعتين متزامنتين. سرعة الترتيب الداخلي للقطب الليبرالي: الانقلاب الذي جرى لإسقاط المخضرم مصطفى المنصوري لفائدة قائد من صنع طاقم محمد السادس مئة في المئة. وسرعة المثلث المقترح للتحالفات التي ستسير وفقها الأغلبية البرلمانية المنتظرة في كل عملية انتخابية مقبلة. سواء سنة 2012 أو قبلها. فالأمين العام الجديد للتجمع الوطني للأحرار يرى أن تحالفا مسبقا سيتم داخل البيت الليبرالي. وأن تحالفا سياسيا موسعا سيتحكم في صنع الأغلبية للحكومة المقبلة، قوامه الأصالة والمعاصرة وتجمع الأحرار والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. إن التفويض في التصريح بالمقترحات من جملة المهام الموكولة لهذا الشبيه الناطق باسم نسخته الأصلية (تجمع الأحرار/الأصالة والمعاصرة). لذلك يجب الأخذ بالجدية الكافية ما يقترحه على الطبقة السياسية كتوجه عام للأعوام المقبلة.
فما قيمة التحالف الثلاثي المقترح؟ وهل يفيد القضايا الحساسة على قائمة الأجندة؟ وما هي فائدة المشروع المجتمعي العام (الحداثة والديمقراطية) من هذا التوجه؟ وما هي فائدة القضايا المشتعلة من هذا التحالف المقترح: الصحراء؟ العنف المضاد للغرب في ما يحسب على "القاعدة"؟ هل يكفي إبرام التحالف الثلاثي لتدبير الحملات الدبلوماسية لفائدة الصحراء كواجهة لا غير؟ أم يجسد طرفي ميثاق وطني ليسار وسط يقود السياسة الحكومية على مستوى الواجهة المؤسساتية؟
إن قضية الصحراء ستعرف أكبر تحد في الوضع السوداني المشرف على الاستفتاء حول انفصال الجنوب بقيادة الحركة الشعبية في يناير 2011. أما إذا وجدنا أنفسنا أمام دولة مستقلة بموجب مسلسل سياسي متبنى من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، فستجد كل من الجزائر والبوليساريو متنفسا لم يتسع أمامهما منذ سقوط الاتحاد السوفياتي (قبل عقدين) إلى اليوم. وخلال الأشهر المتبقية من 2010، على اللجنة الاستشارية للجهوية أن تنجز التصور لتفعيل الحكم الذاتي عند منتصف السنة. وعلى الطبقة السياسية الليبرالية رفقة الاتحاد الاشتراكي أن تبلور كيفية تفعيل التغيير الممكن، لتشكل قوة صانعة ومقنعة وضامنة للهيكلة الجديدة للدولة. حتى لا تنقلب الظرفية السودانية على المغرب.
III
كيف إذن نتوفر على قوة صانعة للتغيير ومقنعة للآخرين كونها كذلك؟ وكيف تصبح ضامنة للتغيير؟ والحال أننا نعلم جميعا أن القصر هو الفاعل الوحيد حاليا الذي له الصفات الثلاث الصانع للحدث السياسي. والمقنع بجدية الحدث. والضامن لفعالية الحدث؟
إن العلاقة الوثقى بين الأصالة والمعاصرة وبين الملك، من خلال مؤسس الحزب، حجة مادية على الارتباط بين الفاعل الأصلي وبين المفوض له بممارسة الفعل الصانع للتغيير في القضية الصحراوية. أما حجة التغيير فهي مشاركة الاتحاد الاشتراكي اليوم مثل حالة التناوب التوافقي سنة 1998. لكن، الالتباس قائم وقوي بصدد الاتحاد الاشتراكي. فالاستوزار الذي تقلد بموجبه ادريس لشكر الوزارة موضوع تساؤل إشكالي بهذا الصدد: فإما أن يكون القصر قد تمكن من إزاحة خطاب المعارضة المزايدة بثمن بخس بل مربح خسر فيه الاتحاد الاشتراكي أكثر مما ربح؟ وإما خسر حالا ليصبح شريكا حقيقيا في توجه عام أفضل وأشمل؟ بما يفسر تصريح لشكر نفسه كون إسناد الحقيبة الوزارة له أتت ضمن تغيير التوجه السياسي للدولة.
ومن حق ثلاثي الأصالة والاتحاد والتجمع، علينا أن نمنحهم مهلة الوقت المخول للجنة الاستشارية للحكم الذاتي والجهوية الموسعة، كي نرى نتيجة هذا التوجه مجسدا في التعديلات الدستورية المقبلة. ولكن، لنا أن نضع شروطا لهذا التحالف. وهو عدم الاستمرار في تضييق الهيمنة الملحوظة إلى الآن على حساب جزء هام من الطبقة السياسية الممثلة لصلب المجتمع.
فإذا كان التحالف الثلاثي سيمثل قاطرة توجه ائتلاف وطني شامل بسبب الظرفية السودانية الثقيلة الظل على قضية الصحراء في الشتاء المقبل، فعليهم أن يوسعوا امتداد هذه القاطرة في الاتجاهين الاتجاه اليميني المحافظ المجسد في العدالة والتنمية، وفي الاتجاه اليساري المعارض المطالب بأكبر نسبة من التعديلات الدستورية. حتى يكون النزع النهائي لشوكة الاستئصال في صلب التيارات الليبرالية واليسارية تجاه الأصولية واليسارية الجذرية معا. بهذا المعنى، يمكن فهم العبارة المستوردةمن سياق غريب والمستعملة أكثر من مرة من طرف الليبراليين "التطبيع السياسي".
وبتوفير هذه الروح الليبرالية فعلا، يمكن للمغرب أن يصبح مغريا للبلدان التي تتنفس الحرية. لكن التضييق الممارس حاليا على الصحافة يجب أن يشكل الامتحان المسبق الذي يجب أن ينجح فيه دفاع الثلاثي المذكور ليخرج فيه المغرب من منطقة العواصف، كما قال النائب الاتحادي أحمد الزيدي، المضرة بسمعته وبحرية التعبير فيه. والأمل معقود على أن يشكل الحوار البرلماني الاعلامي مخرجا مشرفا للمجتمع والدولة من هذا المأزق.
فلعل الثلاثي يتمكن من الطيران نحو الأفق الديمقراطي بجناحي الجهوية والصحافة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رقابة مرة أخرى
مصطفى لمودن ( 2010 / 2 / 28 - 21:45 )
للأسف، لم تكن ملاحظاتي خارج السياق... لا نعرف سبب فرض الرقابة حتى في هذا الموقع

اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا