الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في مرآة الأدب الكولونيالي

عبد الكريم وشاشا

2010 / 2 / 28
الادب والفن




تندرج الترجمة التي قام بها الكاتب الفرنسي "روني أولوج " لأشعار الشاعرة المغربية " مريريدة نايت عتيق" أو "مريريدة تنظامــــت" في ما يسمـــىبالأدب الكولونيالي La وقد أطلق على الديوان عنوان " أناشيد تساوت" وبعنوان "اثنوغرافي" أكثر شهرة أناشيد بربرية

كان روني أولوج في العشرينات من القرن الماضي مدرسا "بدمنات"، كولونيالي مشبع برومانطيقية تليدة وركام من الأدبيات تغذي مخيلته عن سحر وفتنة الشرق، مأخوذا بأجوائه المتماوجة بالبخور واللذة، يلتقي في سوق أزيـلال أحد أكثر الأسواق هامشية وانزواء، ببائعة هوى شابة ثلاثينية، امرأة شاعرة وجميلة تطلق ضفائرها المجدولة كشلال أسود كأنها منفلتة من إحدى لوحات " دو لاكروى" ، وتنشد الشعر في سوق من الرجال، امرأة تحمل وجها "أمازيغيا " مفجوعا افتتن بها أيما افتتان، وقد وصف اندهاشه بها بهذه الجدولة الغنائية: ( الفتاة المتوحشة - دواخلها روحا مفعمة بالحماسة والكرم – التوحد الروحي - مستعدة للانسياق خلف غنائيتها الملتهبة أو كآبتها الجنائزية - شيء استثنائي - عمق اندهاشي...)
معجم يمتح من بنية وليدة القوة كما كشف عنها دائما وأبدا إدوارد سعيد ، تخلق بمعنى من المعاني الشرق، والشرقي وعالمه.

فما بين " تساوت" و"بربرية " " تكمن الجغرافيا التخييلية وتمثيلاتها، وبعبارة أوضح لإدوارد سعيد " حلم اليقظة الأوروبي الجماعي للشرق" فإدوارد حدد تاريخيا الصيغة الأساسية لعلاقة الهيمنة وإنتاج المعنى بين الشرق والغرب، وهو الغزو النابوليوني لمصر سنة 1798 واعتباره النموذج الأكمل للمصادرة العلمية التي تمارسها ضد ثقافة ما ثقافة أخرى أقوى منها، ذلك أن حملة نابليون بونابرت أدت إلى تحريك عمليات بين الشرق والغرب ما تزال تسيطر على منظوراتنا الثقافية والسياسية المعاصرة – الاستشراق - ص 73

ديوان مريريدة

وتخبر نا /هم صاحبة مدونة الكترونية على أنها كانت في زيارة للمغرب واسترعى انتباهها كتابا شعريا جميلا لشاعرة "بربرية" من سنوات 1920، قام بترجمتها من لهجة "تاشلحيت" الأستاذ "روني أولوج"، وتورد على أنه أول أجنبي بدون شك يستكشف تلك المجاهل القصية في الأطلس الكبير في بداية العشرينات.. !!!
أما المقدمة التي وضعها روني أولوج للديوان واعتبرها مدخل صغير لا بد منه، كشف فيها عن معاناته في ترجمته لهذه القصائد، فهو لم يكن يريدها مزيفة أو إسقاطيه، لذلك قضى سنوات طوال ملتصقا بحميمية "الشعب البربري"

(التبرير الاستشراقي الذي قدمه سلفستر دو ساسي حول الشعر العربي على أنه من إنتاج شعب غريب كل الغرابة (بالنسبة للأوروبيين) وفي شروط مناخية، واجتماعية، وتاريخية تختلف اختلافا ضخما عن تلك التي يعرفها الأوروبي، وإضافة فإن هذا الشعر كان يتغذى على "آراء وتحيزات، ومعتقدات، وتطيرات، لا يمكن أن نكتسبها إلا بعد دراسة طويلة مجهدة" ص – 149)

ومن مواجع الترجمة، ووفاء لجلدة الكولونيالي (وكما في لغة كرومر وبلفور يقدم الشرقي في صورة شيء يحاكمه المرء (كما في محكمة العدل)، شيء يدرسه المرء (كما في خطة دراسية)، شيء يؤدبه المرء (كما في مدرسة أو سجن)، وشيء يوضحه المرء ويمثل عليه (كما في دليل وجيز علم الحيوان).. الاستشراق ص 71 ) يرى أن أشعار تساوت مطبوعة بمعتقدات قبل – إسلامية مرصعة بابتهالات وتضرعات إلى الله والأولياء الصالحين وإلى الجن التي تقطن الجبال والأودية، وكيف يمتزج السحر مع الدين في سبيكة واحدة من المرارة والابتهاج والفظاظة مع نبرات من الحزن، لكن القصائد تحافظ دائما على عمق من الحسية مع لمعات مؤثرة تهكمية وفي نفس الآن تحررية ومتبصرة.. ويخلص إلى أن قصائد الديوان ليست كلها لمريريدة، فبعضها يرجع إلى سلف شعري تقليدي شفوي قديم..
وأخيرا ما هي مريردة نايت عتيق ؟
يقول إنها من مدشر "ماكدز" في عمق جبال الأطلس الكبير، تبيع مفاتنها في سوق "أزيلال"، لا تتجاوز الثلاثين من عمرها، جميلة وذات عيون كبيرة ونظرة معبرة..
قرية ماكدز – منشأ مريريدة

لكن في سوق أزيلال كما رأى أولوج من سيأبه إلى موهبتها الشعرية والغنائية؟؟ فضباط الصف الفرنسيون لا يعيرون اهتماما لأشعار مبهمة لا يفهمونها كالطلاسم، أما "الزبائن" الأهالي، من جنود "الكوم" القساة وسائقي الشاحنات ثم التجار والفلاحين.. فهم يعبرون علانية عن احتقار تام وبخس لشعر مريريدة، ولكل الأشعار، مجرد زبائن أتوا فقط ليبحثوا عن اللذة التي يجدونها عند فتيات السوق.

( فحجاج القرن التاسع عشر لم يكونوا يبحثون عن حقيقة علمية، بقدر ما كانوا يبحثون عن حقيقة غريبة مدهشة =(فالحجاج الفرنسيين المهتمين بالأدب على الخصوص يستغلون الشرق في أعمالهم من أجل أن يبرروا، بطريقة ملحة، مساربهم الوجودية) ص 185


فروني أولوج لا يسمع إلا ما يقوله هو أو ما يحب أن يسمعه ولا يعير انتباها لما تنشده مريريدة رغم أنه قام بترجمة / بتأويل لشعرها وهي تقول في إحدى قصائدها:
بالنسبة لك، أنـــت، سيكون أحسن
سيكون أحسن بالنسبة لك،أنـــت
لو رجعت إلى بلدك
إني اعرف أنك تغير حبيباتك كل يوم
وتقبل أي مفتاح
لأنك مثل قفل خشبي قديم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في عيد ميلاد عادل إمام الـ 84 فيلم -زهايمر- يعود إلى دور الس


.. مفاجآت في محاكمة ترمب بقضية شراء صمت الممثلة السابقة ستورمي




.. انتظروا لقاء مع أبطال مسلسل دواعي السفر وحوار مع الفنان محمد


.. فاكرين القصيدة دى من فيلم عسكر في المعسكر؟ سليمان عيد حكال




.. حديث السوشال | 1.6 مليون شخص.. مادونا تحيي أضخم حفل في مسيرت