الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برمكيات

محمد سعيد الصگار

2010 / 2 / 28
الادب والفن


لا أدري إن كان الأمر صحيحاً فأبدأ به، أم هو إشاعة لإرباك العملية السياسية التي دمّرت أعصابنا بانتظار ما تجود به المصالحات والمداهنات والمحاصصات والتواطؤات التي لم تعد خافية على أحد .
لا أدري عما يشاع عن الإمتيازات الممنوحة لأعضاء مجلس النواب، وهم، في حقيقتهم أبناء هذا الشعب الذين انتخبهم ليمثلوه، لا أن يتعالوا عليه بالمناصب والرواتب والإمتيازات الخارقة للعادة، والعديمة المثيل في أي بلد ديمقراطي .

كيف لي أن أفهم أن شخصاً من أبناء جلدتنا ممن كنا نتناول معهم الشاى في مقهى البدر على شط العرب في العشار، وصل إلى المجلس النيابي بفضل قبولي له وانتخابي إياه ، يستثأر بكل هذه الإمتيازات ولا يأبه بقائمة الكهرباء ومياه الشرب الصحية والشوارع المتعثرة، و هو يحمل جوازاً ديبلوماسياً، وحماية له ولأفراد عائلته لثماني سنوات، إضافة إلى الرواتب الضخمة .
هل هذا صحيح؟ وهل كان في تصوّر الناخبين أن الأمر سيؤول إلى هذا الوضع العحيب؟

وتعال، أنت وقيَمك وأخلاقياتك، وقل لي : كيف يتماسك هؤلاء النواب، وأغلبهم من متوسطي الحال، أمام هذه الإغراءات التي تخدّر كل مسامات الفضيلة، وتشوّش الرؤية الأخلاقية، وتذهب بكل الفضائل والحياء إلى زوايا الصمت والقبول بكل ما يسلبها أية قيمة مما أبقت مراحل التربية الوطنية .

نحن لا نسأل الحكومة أو الدولة عن هذه ( البرمكيات ) التي لا تخرج من جيوبها وأنما من حصة حياة الناس، لكننا نسأل النواب أنفسهم، وهم المشمولون بهذه الإمتيازات، أليس من حق الناس عليهم أن يتساءلوا بأي حق صعد فلان الفلاني إلى هذا المكان الرفيع بدون سُلّم؟
ألا يحرجهم هذا التمايز بينهم وبين من ذاقوا الموت والعناء المرير لكي ينهضوا بهم إلى هذه المراكز
أليس مما يبعث على الخجل والحياء أن يقبلوا بهذا التمايز الذي لا تخريج له إلا بتعطيل الحس الوطني، والرضا بما تفرضه هذه الظروف الشاذة التي لا تأتي بغير الشواذ من الوقائع .

أنا أفترض، وأنا بعيد عن ساحة المساجلات، أن عدداً غير قليل من النواب لا يقبلون بهذه القسمة، ويرونها مبالغاً فيها، ويرونها تجرح كرامتهم وصدقيتهم بما وعدوا الناس به، وبما درجوا عليه من استقامتهم في حياتهم الخاصة والعامة، وأرى أن هؤلاء من ذوي التربية الوطنية والأخلاقية، ومعهم الشباب من ذوي الطموحات الصادقة ممن لم تتلوّث مواقفهم، ولم تجرح مشاعرهم هذه الممارسات، هؤلاء هم من سيقف في صدر ما يهدد قيمهم ويربك مساعيهم من أجل عراق أخلاقي نظيف يكبح هرولة المتدافعين على المنافع الشخصية، وما أكثرها من منافع !

والأمل كبير في هؤلاء الشرفاء، وفي كوكبة الشباب المتطلعين إلى عراق يجدد شبابه، أن يحددوا مواقفهم ويعيدوا النظر في ما ينال من وطنيتهم، ويشوّش التطلع والمسعى إلى وطن كان، وما زال في رماده جذوة نار، وهي وديعة بين أيديهم، فلينفخوا فيها، لتشعل حمية الشرفاء، وتعيد الكرامة والأخلاق المهددة بالتآكل .

وفي العودة إلى مسألة الإمتيازات نظن أن الأمر يستدعي المراجعة والركون إلى المقاييس المعقولة التي تضمن للنواب حقوقهم القانونية، وتوفر للشعب قناعةً بما يجري في مجلس النواب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صراحة مطلقة في أجوبة أحمد الخفاجي عن المغنيات والممثلات العر


.. بشار مراد يكسر التابوهات بالغناء • فرانس 24 / FRANCE 24




.. عوام في بحر الكلام-الشاعر جمال بخيت يحكي موقف للملك فاروق مع


.. عوام في بحر الكلام - د. أحمد رامي حفيد الشاعر أحمد راي يتحدث




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت يوضح محطة أم كلثوم وأح