الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزف ايراني منفرد على عروبة الخليج

جهاد الرنتيسي

2010 / 2 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


لاكثر من سبب ، هناك حاجة دائمة ، لاعادة قراءة السياسة الايرانية ، وتفسير الغازها وطلاسمها ، وتتبع خطها البياني المتذبذب منذ اندلاع الثورة الاسلامية ، واستيلاء اية الله الخميني عليها ، واعادة قراءة المخفي والمعلن في مشروعها ، وتقليب طرقها في التعاطي مع الاحداث الاقليمية والدولية ، وردود افعالها على التطورات .

فهناك هوامش واسعة من الغموض تكتنف خطابها ، ويساهم في هذا الغموض تضارب التصريحات ، بين التهدئة والتصعيد ، وتناقضها مع ما يحدث على ارض الواقع ، وافتقارها للسياق العام المفترض ان يؤطر السياسات .

يضاف الى ذلك الكم الهائل من الشعارات التي تندرج في اطار السعي لاخفاء الجوهر الحقيقي لتفكير واضعيها .

وتعود بعض اسباب حاجة المراجعة ، واعادة القراءة ، الى غياب البعد الاستراتيجي للسياسة الايرانية عن تفكير قوى سياسية عربية ، تحترف خداع الشارع ، لاخفاء عجزها عن تحويل شعاراتها الى واقع .

ففي غياب هذا البعد ، وصخب ايقاع تضارب التصريحات الايرانية ، ما يعري هذه القوى امام جمهورها ، ويضعها في مرمى النقد ، والمطالبة بتوضيح المواقف ، وربما تغييرها .

عودة الحديث حول " عروبة " و" فارسية " الخليج دون ما يستدعي هذه العودة اخر المنعطفات التي يواجهها المدافعون العرب عن السياسات الايرانية في المنطقة على ارضية العداء لاسرائيل .

ففي التهديد الايراني المفاجئ ، بمنع مرور الطائرات التي تستخدم تسمية " الخليج العربي " من اجوائها ، ما يطرح سلسلة من الاسئلة ، في مقدمتها الاسباب التي تدفع طهران لاستحضار ارث طويل من التناقضات ، من خلال قيامها بهذا التصعيد .

وتأتي غرابة التصعيد الايراني من توقيته ، وخروجه عن سياق التطمينات ، التي ترسلها طهران الى العواصم الخليجية ، لتحييدها في حال حدوث مواجهة مع الولايات المتحدة .

كما يترافق التصعيد مع محاولة طهران الظهور بصورة الداعم للعرب في مواجهة عدوان اسرائيلي محتمل على سوريا .

ومع تسارع وتيرة التحركات الايرانية في بؤر التوتر العربية تزداد حاجة طهران للحذر من المساس بمعتقد عروبة الخليج الراسخ في الثقافة والوعي العربيين وان كان محل جدل سياسي .

لذلك تتراوح اسباب استعادة طهران لازمة تسمية الخليج ـ المستهلكة ـ بين التخبط في ادارة ازمتها مع المجتمع الدولي ، ومحاولة تخدير الازمة الداخلية بتأجيج المشاعر القومية ، او الاثنين معا ، في ظل زيادة تداخل المحلي والخارجي في الازمة التي يواجهها نظام الملالي الحاكم .

والواضح من الاضطرابات ، التي تشهدها طهران ، وبقية المدن الايرانية ، بين الحين والاخر ، وطبيعة ردود فعل راس السلطة عليها ان ما تخفيه قاعدة جبل الجليد الايراني من تناقضات بين ابناء الثورة التي تأكل نفسها، يفوق ما يطفو على السطح .

فهناك ما يكفي من المؤشرات لتكوين قناعة بان ولاية الفقيه التي تحولت مع الزمن الى عامود فقري للنظام ، وبنيت على اساسها اطر ومؤسسات ومصالح ، باتت محل خلاف حقيقي بين اطراف النزاع الداخلي الايراني .

ولا يوجد في الافق ، ما يوحي بقدرة أي طرف من اطراف النزاع الداخلي ، على العودة عن الشوط الذي قطعه ، لتغيير الوضع الراهن ، او المحافظة عليه ، حماية للمكتسبات التي تكرست خلال السنوات الماضية .

فالاجراءات القمعية التي تفتقر الى خطوات سياسية لا توفر الحلول لمثل هذا النوع من الازمات .

وتبقى مساعي ايجاد صيغة تهدئة ، ووضع حد للتصعيد ـ ابرزها تحركات رئيس مصلحة تشخيص النظام على اكبر هاشمي رفسنجاني ـ اقرب لمحاولة ترقيع الموقف ، ما لم تتضمن مقترحات جدية ، تتجاوب مع مطالب شرائح واسعة في المجتمع الايراني .

تعزز اعتقاد استخدام نظام الملالي ـ صاحب شعارات الثورة الدينية ـ للنزعة القومية في الهروب من الازمات الداخلية استخدامات اخرى شبيهة في اوقات سابقة من عمر هذا النظام .

فلم يتوان الرئيس محمود احمدي نجاد في وقت سابق عن الحديث حول "الامة الفارسية" لاعادة توجيه اهتمامات الشارع الايراني وتشتيت انظاره المركزة على الاوضاع السياسية والمعيشية .

على الجانب الاخر من المازق الايراني تبدو طهران اكثر ارتباكا كلما تسارعت الخطوات الدولية لفرض عقوبات جديدة واتسعت احتمالات حدوث مواجهة عسكرية .

ولدى وضعها في هذا السياق تأخذ عودة طهران الى معزوفة تسمية الخليج منحى رسالة التهديد الضمنية للعواصم العربية الواقعة على ضفافه .

كما ينطوي الامر على محاولة لجر العواصم الخليجية الى مزيد من توتير الاجواء في منطقة حيوية للغرب .

لكن العواصم الخليجية الحريصة على تجاوز المنعطف المقبل فوتت الفرصة على طهران بالتقاطها السنارة الايرانية وانتزاع الطعم بالتقليل من اهمية التسمية .

ولطهران تاريخها الطويل ، في تصدير ازماتها الداخلية والخارجية الى مختلف الاتجاهات ، لا سيما بعد ثبوت عقم فكرة تصدير الثورة ، المأزومة من الداخل ، والعاجزة عن تحقيق اهدافها .

ففي اعقاب " تجرع " الخميني سم انهاء الحرب العراقية ـ الايرانية اصدر فتواه الشهيرة باهدار دم الروائي الهندي الاصل سلمان رشدي عقابا له على روايته ايات شيطانية .

واستطاع من خلال الجدل الذي اثارته تلك الفتوى حينها اخراج الفشل الايراني في الحرب التي استمرت ثماني سنوات من دائرة الضوء وتوجيه الانظار نحو الجائزة التي وضعت للقاتل المفترض .

لكن الفتوى التي كرست ايران كحالة تطرف ديني عمقت ازمة علاقتها مع الاخر وقلصت احتمالات توسيع قنوات الحوار بين طهران والغرب .

ومع اجترار ظاهرة الاستخدام السياسي للنعرات " القومية " و"الدينية " تختلط هوية وخيارات النظام الايراني على انصاره وخصومه .

فالهوية القومية تبدو مجتزأة ـ من وجهة نظر معارضي الداخل المطالبين بالتوقف عن ضخ الاموال لحلفاء ايران ـ مع تخصيص طهران جزء كبيرا من عائداتها لدعم قوى مسلحة في الخارج .

واستخدام هذه الهوية المجتزأة في اثارة النعرات بين الحين والاخر ، يدلل على عجز شعارات الثورة الاسلامية ، عن تلبية حاجات الشارع الايراني .

المأزق الذي يواجهه نظام الملالي في طهران وهو يطرح شعارات التطرف القومي والديني ينسحب على حلفائه في المنطقة .

فهو يقلص قدرات حزب الله اللبناني على مناورة التوفيق بين عروبته والدفاع عن تداخلات علاقته مع ملالي ايران .

ويضع قيادة حماس المتهمة باجندتها الايرانية امام متطلبات توضيح موقفها من عروبة الخليج .

كما يزيد من حالة الاغتراب التي تعيشها القوى السياسية العراقية المرتبطة بتلك الاجندة .

ويطرح على دمشق مجددا سؤال اولويات تحالفاتها وتناقض هذه التحالفات مع شعاراتها و خطابها الايديولوجي .

فالضجيج الذي تثيره مغامرة الطرح السياسي ، يضع اصحابها على المنزلقات ، ويكشف نواياهم الحقيقية ، الامر الذي تعيشه طهران ، وهي تحاول المزاوجة بين خطابين على امل تغليف احدهما بالاخر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ايران ولكن؟؟
ميسر حرب ( 2010 / 2 / 28 - 19:57 )
اللعبة اليساسية التي تلعبها ايران بالمنطقة لعبة خطيرة تجر المنطقة الى الويلات بانقسامات فوق انقساماتها والمشكلة ليست في الاجندة الايرانية فقط نحن نرى ان القوى العربية انقسمت الى قسمين :الاول من ينفذ اجندات امريكية بل ويبصم لامريكا المساندة للصهيونية
الثاني المساند لايران وينفذ اجندنها
والانقسام الشعبي على اشده فالشعوب العربية تعي ذلك فلا هي مؤيدة لهذا ولا لذاك وفي النهاية تجدمن يقول على الاقل ايران دولة مسلمة مهما كانت اطماعها او هذا حديث الشارع
خلاصة القول اننا لازلنا كعرب مسيسين ليس لنا اي اجندات خاصة ولازلنا لم نتعلم القيادة بل ننتظر من يقودنا ويليتهم يتعلمو لو قيادة بسكليت بعجل على الاقل


2 - ان كنت تدري فتلك مصيبة وان كنت......
علي السعيد ( 2010 / 2 / 28 - 20:32 )
ياسيدي اتفق معك بما طرحته من افكار ,لاحظ,خلال ستة أشهر مالذي عملته سلطة الملالي باتجاه العراق ..قصف مدفعي مركز على قصبات وقرى مناطق كردستان المحاذية للحدود معهم ,وتكرر القصف لمرات عديدة .إفراغ مخلفات مصانع البتروكيماويات وفضلات وأنقاض مختلفة في مياه شط العرب ,إغلاق مصب الكارون عن شط العرب وترك مياه البحر ترتفع حتى شمال البصرة ,قتل صيادي السمك وأسر بعض منهم والاستيلاء على زوارقهم ومعداتهم دون أن تنبس الحكومة العراقية ببنت شفة ,بناء مفاعل نووي على الحدود مع العراق وبالتحديد شمال البصرة ,كل ذلك وتدخلها وتصرفها في الدولة العراقية واحزاب اليمين المهيمن على الدولة وآخر الاعيبهم مسألة الاحتثاث , الفارسية تجتث العرب والوطنيين في عقر دارهم ,وكن على ثقة بأن كل أفانين القتل والتفجير مصدره ايران , لن يستقر العراق إن لم تحترق عمائم السلطة الايرانية , كن على ثقة بأن تقصف أحيانا مناطق محددة من البصرة مصدرها ايران ,موقعي الان لايبعد سوى بضع كيلومترات عن الحدود أسمع انطلاق القذائف من داخل الاراضي الايرانية وأسمع انفلاقها في أراضينا .
والحبل على الجرار في تصدير محنهم واباطيلهم مستمرة وبالوان شتى. شكرا


3 - الامبراطورية الفارسية
باسم ( 2010 / 3 / 1 - 04:55 )
ايران تسعى لأن تصبح دولة عظمى ، وتعيد امجاد الامبرطورية الفارسية ، نجحت في العراق ونجحت في سورية وفي لبنان ، ايران الفارسية تعتبر بلاد الشام امتداد استراتيجي مهم لها ، ، استفادت ايران كثيرا من غسيل ادمغة الشيعة العرب في جعل الطائفة اهم من الوطن ، ساعد النظام السوري ايران الفارسية كثيرا ايضا بسبب طائفية النظام السوري المتطرفة وإن كان النظام السوري يتخفى بشكل باطني تحت شعارات قومية صاخبة ، الخوف كل الخوف ان تقوم ايران بتحويل بلاد الشام الى شعوب لا تجيد الا اللطم وتسبح بحمد كسرى

اخر الافلام

.. الرئيس الصيني في زيارة إلى فرنسا تركز على العلاقات التجارية


.. مفاوضات حماس وإسرائيل تأتي في ظل مطالبة الحركة بانسحاب كامل




.. مصدر مصري رفيع المستوى يؤكد إحراز تقدم إيجابي بشأن مفاوضات ا


.. النازحون يأملون وصول إسرائيل وحماس إلى اتفاق وقف إطلاق النا




.. Ctقتيلان وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة ميس الجبل