الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسرح العراقي.. والعروض المهاجرة

صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)

2010 / 3 / 2
الادب والفن



العرض المسرحي بكل متطلباته وأهدافه وأفكاره وطموح العاملين فيه من المخرجين والمؤلفين والممثلين والتقنيين، كل هؤلاء يحتاجون الى المتلقي لتكتمل دورة الانتاج المسرحي عبر تقييم العرض ومناقشة أفكاره وخلق عملية التأثر والتأثير عبر فعل المشاهدة، عن طريق خلق الاحساس بالجمال الذي يعد من أهم مميزات العرض المسرحي الناجح.
ان كل ماذكر اعلاه كان ومايزال يعدُ تصوراً مثالياً للعرض المسرحي داخل العراق..
ذلك أن أغلب العروض المسرحية باتت عروضاً مخصصة للهجرة، كما هو حال الانسان العراقي فهو مهاجرٌ ومهجْر على طول البلاد وعرضها .. حتى صار من الغريب والملفت للأنتباه ان لاتجد عراقيا في اي بقعة من بقاع الكرة الارضية ؛ فهناك من هاجر وهناك من هجرْ، وهناك من تغرب واغترب تاركا لبلاده الفساد والمفسدين واشباه الفنانين يصولون ويجولون ويعبثون بثقافة وحضارة هذا البلد.
كذلك هو الحال بالنسبة للعروض المسرحية التي قرر صانعوها تهجيرها عن مجتمعها ومتلقيها الاصلي الى دول أخرى،ليكون العراق هو المحطة الاخيرة لعروض مسرحية تتحدث بطبيعة الحال عن الألم والهّْم العراقي.
ربما يكون مع صناع تلك العروض بعض الحق في اللجوء الى الهجرة بحثاً عن فرص جيدة للعرض ومساحات أكبر للتعبير وإيجاد علاقات جديدة مع مسرحيين من العرب والعالم وهذا طبعا حق مشروع اذا ماقورن بالاهمال الذي يعاني منه الفنان المسرحي في العراق من ظروف انتاجية صعبة وعدم وجود قاعات للعرض تتناسب مع نوعية العروض المقدمة وبالتأكيد يضاف اليها الوضع الامني والاجتماعي والاقتصادي الذي يعاني منه العراق.
وبالمقابل لايمكن ان نترك المسرحيين يبتعدون عن الشعب الذي يدعم دائما الفنانين على العكس من الحكومة ،لذلك يجب الفصل بين عدم دعم الحكومة للمسرح ودعم الشعب بجماهيره التي تواضب في اصعب الظروف على الحضور لمشاهدة العروض المسرحية ، لذلك فإن على المسرحيين عدم التخلي عن الجمهور والاجتهاد في تقديم افضل العروض التي يصفق لها الجمهور داخل العراق اولا ومن ثم المشاركة في المهرجانات في الخارج لا العكس
إن اصرار المسرحيين في العراق الذي نطمح اليه دائما لإعادة المتلقي والارتقاء بذائقته وعدم السماح للبرامج الاستهلاكية من امثال ( خلنة بوكا ) وغيرها من البرامج التي تتعرض للفنان العراقي وتسيء اليه وبالتالي تدمر ذائقة المتلقي وتفقده ثقته بذلك الفنان، كذلك يجب ان ننقذ المتلقي العراقي من الدراما التلفزيونية العراقية التي لانعرف ماذا يريد صانعوها واذكر هنا مثالا مسلسل (النخلة والجيران) الذي عرض في رمضان.
كل هذه الاسباب تدفعنا الى البحث عن الفنان المسرحي واعادة العرض المسرحي الى خشبة المسرح العراقي بعد ان هاجر خارجا والعمل على إيقاف التهجير الطوعي لعروضه ، قبل ان يبدأ المتلقي بنسيان العرض المسرحي والفنان العراقي عموما.
ذلك إننا بحاجة ماسة وملحة لتطوير الثقافة العراقية عامة والمسرح العراقي خاصة في داخل العراق اكثر من حاجتنا الى الهجرة بعروض فنية، ونعد الانجاز الحقيقي هو في القدرة على تجاوز الصعاب في الداخل وتقديم العروض رغم الصعوبات الكثيرة اذا ماكنا ننشد خلق ثقافة داخل مجتمعنا.
إن هوية العراق في حاضره الراهن بات قديماً وفقيراً وخالياً من مبدعيه ، ذلك أن المتلقي العراقي يعرف معنى الفن المسرحي ويعرف جيدا الجهود التي يبذلها الفنان العراقي ومدى تأثير الفن داخل المجتمع فلماذا نبخس حقه الذي طالما تواصل مع فن المسرح في تلك الازمنة التي اكلتها الحروب وإمتص الحصار رحيق اطفالها وشبابها .
ان الرضوخ والسكوت عن كل مايجري يعطي الحق بالهجرة من دون نقاش.. ولكن الى متى؟
إن الكثير من المجتمعات عاشت ظروفاً صعبة ومرت عليها إنتكاسات تماثل ما يعانيه العراق الآن، لكن الفرق بيننا وبينهم هو ان تلك المجتمعات طورت نفسها وإستعادت إرادتها عن طريق الفن والفكر والعلم والمعرفة .
إن الصورة العراقية داكنة وستبقى هكذا لزمن قد يطول اذا ما إستمر الفنان بالتخلي عن موقعه وموقفه لايحرك ساكنا في كل مايجري مكتفياً بإنتاج عرض مسرحي فقير والهجرة به خارج البلاد..بحثاً عن مجد شخصي مبتعدا عن اهم مشاهديه في الداخل.
من هنا لابد ان نعمل على إيقاف الهجرة بالعروض المسرحية ذلك ان التاريخ سيذكر الموقف السلبي للفنان المسرحي في هذه المرحلة التي نعيشها دون ان يعفى من المسؤولية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟