الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- خارج التعاليم .. ملهاة الكائن- للشاعر رشيد الخديري سمفونية شعرية تتغنى بالطبيعة و حكمتها

مصطفى لغتيري

2010 / 3 / 2
الادب والفن


" خارج التعاليم .. ملهاة الكائن" للشاعر رشيد الخديري سمفونية شعرية تتغنى بالطبيعة و حكمتها


مصطفى لغتيري
قدر الشعر أن يظل في حالة تماس مع تيماته الأثيرة ، التي رافقته منذ الأزل ، و وسمته بطابعها المتميز .قد يبتعد عنها إلى حين ، لكنه لا يلبث أن يعود إليها راضيا مستسلما ، متمرغا في أحضانها ، و كأنها البوصلة التي توجه خطواته الحالمة نحو جوهر الوجود و عمقه ، و من هذه التيمات الانسحاق في الطبيعة ، الذي عرف ذروته شعريا مع الاتجاه الرومانسي.

و لأن الشاعر كائن متوحد ميال إلى العزلة ، هدفه الانفلات من ضجيج الحضارة و عقلانيتها المفرطة ، فلا غرابة أن يجد له في الطبيعة و مفازاتها البكر ملاذا مثاليا ، يسعفه على الاحتماء من منطقية العالم و صلافته ، و قسوة الحضارة و جديتها .. و المطلع على ديوان "خارج التعاليم .. ملهاة الكائن " للشاعر رشيد الخديري ، سيلمس حتما هذا الهروب نحو حضن الطبيعة الأول ، ليستخلص الشاعر منه حكمة ما ، يؤثت بها قوله ، و تؤطر رؤياه للعالم و الإنسان من حوله ، يقول الشاعر:

ما أشبهني بترانيم الطبيعة ، سأتمشى

فوق جسد الرخام

و انتظر

ربما ترجع الملهاة من موتها

و لعل هذا الانسحاق في الطبيعة لا يستقيم إلا إذا أعلن الشاعر نفورا مضاعفا من الحضارة، التي تشوه جمال العالم و تغتصب سكونه ، باعتبارها نقيضا لكل ما ينشده الشاعر في العالم، من صدق و صفاء و حرية و انطلاق، يقول الشاعر



كل حضارة

هي أنقاض حضارة

و ما تبقى من هذا الجسد

مجرد غبار

وقد حضرت الطيبيعة في الديوان بكثافة من خلال معجم غني ، تدل عليها الحقول الدلالية للطبيعة ، من قبيل الشمس - الريح- النهر- الشفق- -السنبلة- السماء - السحاب - الشوك- الصفصاف- القمر- البحر...

و تتألق الطبيعة في الديوان حين تمتزج بما يؤجج معانيها العميقة و المنفلتة ، كالطفولة مثلا ، فلنصغي إلى الشاعر حين يقول

روحي تطير

عاليا في السماء

- أين نسيت وعد الطين

ألون أيامي بأثمد الشفق ، و أستضيء

بمشاعر الطفولة

" يا أبي ما تركت لأولادك

كيس حنطة

و لا سنبلة

غير جواز رحيل إلى جرس الأعماق".

و بالتأكيد لا تكتمل الصورة و تتخذ القصائد أبعادها الدلالية السادرة في أحضان الحلم و الأمل و عشق الطبيعة ، حتى تتسلل المرأة نحو جميل القول ، فبها تتم دورة الحياة، هي رمز الخصب في الطبيعة ، و التي تحمل على عاتقها مسؤولية تجديدها ، فكان لا بد- و الحالة هاته -أن يتخلل القصائد حضورها اللازب ، يقول الشاعر

قلت في نفسي ، كدت أراه

رآني حين رميت

آخر خطاك في وجه

المطر

بين نهد و سماء أقمت

تفتق الجسد

تفاحا يغوي أي امرأة

تدنو من بسط تصوفها

و يواصل الشاعر بسط زرابي القول للمرأة، محتفيا بعمق وجودها الدلالي و الرمزي قائلا:

أيقونتي،

امرأة من نار غوايتها ألمح أفكاري

بين ابتهال الريح

و بين وعد الكواكب

و بين قرميد أسواري

و تبقى أخيرا قصائد " ملهاة الكائن" سمفونية شعرية تتغنى بالطبيعة ، مستمدة منها حكمة عميقة لا تخضع بالضرورة لمنطق الحكماء و الفلاسفة و مقولاتهم المنهجية ، بل هي حكمة شاعر رأى في الطبيعة خلاص الكائن و ملهاته بعيدا عن التعاليم ، التي لا هدف لها سوى تحنيط الإنسان و سلبه حريته و عمقه الطبيعي الجميل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال


.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا




.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?