الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من العلوم الإنسانية إلى علوم الإنسان:مدخل الى علوم الاعصاب

بودريس درهمان

2010 / 3 / 3
الطب , والعلوم



إنني وأنا أدخل غمار هذا المجال المعرفي المغري وجدت نفسي بداخله يتيما بدون تمثيلية وجدانية معرفية، لأن كل العلماء العرفانيين الذين سوف أستدل بهم ينتمون إلى الدول الغربية، من دول الاتحاد الأوروبي ودول القارة الأمريكية، وكأن الدول الإفريقية والدول المصنفة ضمن لافتة العالم العربي لم تكن موجودة بالكل؛ هنالك كتب عربية ومقالات كثيرة تخص هذا المجال بدأت تنزل إلى السوق المعرفية مؤخرا وبدأت تخلق حولها قراءا إلا أن علماء الأعصاب العرب و الامازيغ أصحاب التخصص لا زالوا غائبين بالمرة وكأن الحالة العقلية المعرفية التي يوجد عليها هذا العالم الغر ائبي لا تستدعي منهم الاهتمام أكثر بجانب التأليف والنشر. الخريطة المرجعية للمساهمين في هذا المجال هي نفسها الخريطة المرجعية للدول المتقدمة حاليا مما يؤكد بأن هذه العلوم هي من بين المفاتيح السحرية التي تساهم في عملية التقدم: هي سبب لهذا التقدم وفي نفس الوقت نتيجة له. مع نهاية القرن العشرين أصبحنا نجدها من بين العلوم الأكثر استفرادا بالبحث والاهتمام؛ لدرجة استطاعت أن تلف حولها تقريبا كل العلوم الأخرى، من العلوم اللغوية إلى العلوم المعرفية-العقلية مرورا بعلوم الإعلام وعلوم الذكاء الاصطناعي وغيرها، عوالم الإعلام والمعرفة أصبحت متداولة بفضل انتشار وتداول علوم الأعصاب. لابد من التذكير بأن تاريخ تناول الأفكار وتنظيمها وفق المجالات الخاصة بها يعتبر مجالا شاسعا ومفتوحا على ميادين علمية ومعرفية متعددة، وكل ميدان معرفي أو علمي الا و ينفرد بتاريخه الخاص. علم الأعصاب أو علوم الأعصاب كما هو محقق حاليا بداخل التداول العلمي والمعرفي هو الأخر ميدان ينفرد بتاريخه الخاص وبمرجعياته الخاصة، وأي دارس أو أي محلل يقوم بتناول هذا المجال العلمي-المعرفي يجد نفسه مضطرا لاحترام ثوابته وملزما بإعادة إنتاج المسار التاريخي الذي تحقق خلاله كعلم وكمعرفة. رغم أن التاريخ المعرفي للدماغ البشري الذي من ثناياه نشأت علوم الأعصاب، قديم جدا ويعود إلى أكثر من 3000سنة، كما سينضح للقارىء من خلال هذا العرض، إلا أن هذا التاريخ ولمدة طويلة من الزمن حصل له انحباس نتيجة الشروط التاريخية الدينية والمعرفية التي حالت دون سبر أغواره...
ونحن نقوم بتوطيد مدخل لهذا العلم المعرفي الذي ذاع صيته في جميع أنحاء العالم، وضعنا أمام أعيننا حقيقة استحالة انتشاره بسهولة وتداوله بين القراء لسببين: السبب الأول يعود إلى اعتباره علم يتطلب مستوى عال من التخصص الطبي والبيولوجي، وهو كذلك، أي علم دقيق و معرفة مجهرية دقيقة يبقى في آخر المطاف علم مدرج ضمن العلوم الإنسانية أحيانا وضمن علوم الإنسان أحيانا أخرى: التأويلات والقراءات العلمية المقدمة لا تنفصل عن التأويلات والقراءات المقدمة من طرف كل العلوم الإنسانية الموازية له، مما يجعل هذا العلم الطبي يندرج ضمن ما أصبح معروفا حاليا بالعلوم المعرفية. و لو لم تندرج علوم الأعصاب ضمن العلوم المعرفية لما استطاع كاتب هذا المدخل ولوج مغامرة اقتحام عالم الخلايا العصبية وعالم الجزيئات والموصلات الكهرو كيميائية؛ لهذا نطمئن القارىء ونشجعه على اقتحامه هو الآخر لهذا المجال لأنه مثله مثل جميع المجالات المعرفية يقوم بتوظيف كل أشكال التأويل والإسقاط... ولعل من بين أسباب انحصار هذا العلم و عدم انتشاره يعود إلى اعتباره علما مقرونا بأصحاب التخصص وهذا يضاعف أكثر من انحصاره.
علوم الأعصاب، رغم انها علوم، لم تنجو هي الأخرى من سيطرة المؤسسات السياسية المهيمنة، لكن ورغم ذلك ساهمت ولا زالت تساهم في إحداث تغييرات على مستوى نظام الأفكار ونظام العلاقات الاجتماعية بشكل عام وهناك من يرى بان هذه العلوم هي التي ساهمت بشكل كبير في انهيار الحرب الباردة. تاريخيا رغم كل التغييرات التي أحدثها استكشاف الانسان لدماغه بداخل الحقل التداولي العام إلا أن هذه التغييرات سرعان ما يتم تثبيتها بشكل جمودي من طرف المؤسسات القائمة وسرعان ما يتم توظيفها كقناعات، هذا ما سيتضح مثلا مع نظرية الأمزجة ومع نظرية علم الجماجم ومع نظريات لاحقة.
محورة العلوم حول علوم الأعصاب سمح بتدقيق مفاهيمي رفيع و مكن من خلق فروع جديدة لشتى العلوم، في مجال العلوم اللغوية مثلا مكن من دمج علوم الأعصاب بعلم النفس اللساني، مما أهل المحللين اللسانيين إلى الغوص عميقا وتتبع كل مسارات الكلام والتفكير عبر مسارات الحبال الصوتية و مسارات الخلايا والواصلات الكهرو كيميائية كما مكن كذلك من دمج علم المعاني la semantique بعلم الأعصاب فنتج عنهم تخصص جديد هو ما أصبح معروفا بالبرمجة العصبية-اللسانية. لم تكن العلوم الأدبية واللغوية هي الوحيدة التي استفادت من علوم الأعصاب بل حتى علوم الرياضة وعلوم الاقتصاد وعلوم الإعلام كما انفتحت علوم الأعصاب على علم الأنتروبلوجيا، بل تاريخيا يمكن القول أن علم الأنتربولوجيا بالإضافة إلى علم المستحثات وعلم الاتنوغرافية ساهموا بشكل كبير في توضيح تاريخ بعض ملامح الأجهزة العصبية للحيوانات وتوضيح أشكال تمايزها سواء في ما بينها أو بالمقارنة مع الإنسان؛ فمن معرفة وفهم خصائص أنف الحلزون الى معرفة وفهم خصائص الرؤيا عند الكواسر. لقد أصبحو يميزون ما بين الأجهزة العصبية البدائية والأجهزة العصبية المتطورة و الجهاز العصبي للإنسان هو أحد الأجهزة المتطورة سواء على مستوى مكوناته أو على مستوى وظائفه.
ظهور الإنسان على وجه الأرض، وهذا في حدود المعرفة البشرية وفي حدود العلوم الوضعية التي يعتبر الإنسان واضعها، هذا الظهور وحسب المعطيات التي كشفت عنها آخر المستحثات يعود إلى أقل من سبعة مليون سنة، لكن تاريخ أفكار هذا الإنسان لا يتعدى في أقصى الحالات سبعة ألاف سنة، هدا ما تؤكده ظهور الكتابة الهيروغليفية، التي هي شكل من أشكال تدوين الأفكار، يعود تاريخ ظهور هده الكتابة إلى حوالي خمسة ألاف سنة في حين الكتابة الأبجدية تعود فقط إلى حوالي ثلاثة ألاف وستة مئة سنة. هذا الفاصل الزمني المهم والذي يقدر بأكثر من ستة ملايين من السنين والذي يفصل الظهور البيولوجي للإنسان عن ظهوره الفكري يعتبر مجالا للتأمل وتحديا لرحابة الفكر وشساعته.
في إحدى زيارته لمغارة لاسكو لاحظ الفيلسوف الفرنسي جورج باتاي ان سكان هذه المغارة رسموا على جدرانها رسوم الحيوانات فقط ولم يرسموا قط صور الإنسان فتساءل الفيلسوف إلى ماذا يرجع هذا الأمر فلم يجد إلا جوابا واحدا وهو أن هؤلاء البشر لا زالوا لم يكتشفوا أنسيتهم بعد، وسوف يتطلب منهم هذا الاكتشاف ألاف السنين حتى يستطيعوا أن يعرفوا أنهم موجودون فعلا. ملاحظة الفيلسوف الفرنسي هذه في القرن العشرين هي تقريبا، على مستوى اخر من التحليل، نفس الملاحظة التي أقدم عليها الفيلسوف اليوناني أفلاطون حينما تحدث عن الحقيقة والوهم في أسطورة المغارة، لقد لاحظ أفلاطون بأن سكان المغارات بشكل عام كانوا يستدفئون بداخل مغاراتهم ويولون وجوههم إلى داخلها، أمام لهيب النار، وكل الحركات البشرية أو الحيوانية التي كانت تجري خارج المغارة تنعكس على الجدران الداخلية للمغارة ولسنين عدة لم يكن يدر هؤلاء السكان بأن تلك الصور والأشباح ليست إلا انعكاسا لأناس حقيقيين، تطلب اكتشاف حقيقة العلاقة ما بين الأشياء وظلالها لا محالة ألاف السنين كذلك. بل وتطلب ظهور مفهوم الإنسان بداخل العلوم الإنسانية منذ ظهور تاريخ أفكار الإنسان وظهور الكتابة أكثر من ثلاثة ألاف سنة.حتى الطفل في مسار تنشئته الاجتماعية يحتاج إلى أكثر من ست سنوات من التعلم لكي يكتشف الانفصال الحاصل ما بين الأشياء ومسمياتها .
علوم الأعصاب في تأويلاتها الفكرية والفلسفية تعتبرهي الوريث الشرعي لعلم الأمزجة ولعلم الجماجم، هو مسار فكري طويل ودقيق تم نسج خيوطه الحريرية عبر قرون
كما سبقت الاشارة الى ذلك دراسة المخ قديمة وتعود الى عصور قديمة، لكن العلوم العصبية فظهورها حديث جدا يعود الى سبعينيات القرن العشرين.تضم علوم الأعصاب عدة علوم نذكر منها:

Neurobiologie moleculaire الدراسة البيولوجية لجميع الجزيئات التي تقوم بتشغيل الدماغ
Neurobiologie cellulaire دراسة خصائص النورونات العصبية ومعرفة كيفية تطورها
Neurosciences integrees دراسة المنظومات المندمجة للنورونات كالأنظمة الحسية والأنظمة الحركية

Neurosciences
comportementales البحث والدراسة في الاسس البيولوجية للسلوك عن طريق:
1. النورونات المنتظمة في بلورة بعض السلوكات
2. دور الاسس البيولوجية للذاكرة
3. دور بعض العقاقير التي تساهم في تغيير الأمزجة والسلوكات
Neurosciences cognitives
العلوم العصبية المعرفية دراسة الاليات العصبية للنشاط الذهني كاللغة، الوعي والتمثل الذهني، أو بشكل عام علاقة الدماغ بالتفكير

بالاضافة الى هذه العلوم يمكن اضافة العلوم التالية التي هي سابقة عن العلوم العصبية:
La phrenologie حسب فرانز جوزيف كالfranz Joseph Gall هذا العلم يهتم بدراسة الذكاء والخصائص النفسية انطلاقا فقط من شكل الجمجمة
La craniologie البحث ودراسة خصائص الجماجم
L’ anthropometrie علم قياس جميع خصائص الجسد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصوات من غزة| استمرار معاناة الحصول على الأدوية بالتزامن مع


.. يا رب ننجح .. فرحة طلاب الشهادة الإعدادية بالبحيرة بعد أداء




.. ما حجم انعدام الأمن الغذائي في المنطقة العربية؟


.. -قرطاج يجب تدميرها-.. مؤسس فيسبوك يثير غضب التونسيين بسبب عب




.. رجل أعمال فرنسي يسافر إلى الفضاء لتحقيق حلم الطفولة