الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يستقيم الاحتلال مع شريعة الحياة

جورج حزبون

2010 / 3 / 4
القضية الفلسطينية



طالت سنوات الاحتلال، تعاقبت أجيال، تغير العالم، ليس فقط بخروج السوفيت، ثورة التكنولوجيا، الاتصالات، النت وتفرعاته،العالم يعيش حمى التسارع، في الاقتصاد، والمجتمع والرفاهية، والصحة، ولا زال الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، لا زالت الأجيال تتعاقب لتقف صفوفا على الحواجز، مع شديد الاهتمام بعدم نسيان بطاقة الهوية، فقد يدخل السجن بسبب هذا الإهمال!!؟ لا يوجد بيت في فلسطين لم يدخل أحد أفراده السجن، طال القمع وسنوات العذاب وأيام القحط فإلى متى؟
بدأ الشباب الفلسطيني رفض الاحتلال بالصراع معه بكل الأشكال، وكذلك أجداده الذين صارعوا الانتداب، وآباءه صارعوا النكبة، ولعشرين عاما كانوا أردنيون، وبعد المنظمة دخلوا الانتفاضة بكل معطياتها، السجون والتعذيب والإقامة الجبرية والمطاردة،فهل معيب أن نجده جيلا متخلفا عن تطورات المجتمعات الأخرى بما فيها العربية؟! وهل معيبا إن نراه أخذا بالعزوف عن العمل السياسي؟ وهل عيبا عليه النظر إلى المستقبل؟ الآلاف مكدسون بلا عمل يحملون شهادات التخرج من الجامعات المحلية والسوق المحلي لا يستوعب الكثير خاصة إن نزعة الاستثمار (كمبردورية)، ثم تطالعنا نشرات الشرطة عن أعداد المتعاطين للمخدرات وأحيانا زراعتها، والكثير من السرقات والقتل، وحتى شجارات لعائلات أو لقرى أو بلدات بكاملها، ولا ننسى ظواهر الفساد واستغلال السلطة والنفوذ، فهل هذا وضع يتناسب مع مجتمع يصارع من أجل الاستقلال؟؟ بسرعة هناك من يقول أن الاحتلال يهتم بالفساد، وماذا نتوقع منه؟ المهم ماذا فعلنا نحن رغم صخب البلاد بالآلاف من المنظمات الغير حكومية؟! وما هي برامج السلطة الشبابية، وما هو رأي أو خطة المنظمات السياسية؟
إذا كانت الرؤية السياسية متشائمة، والانقسام الوطني يتفاقم لدرجة الإحباط،ويعطي صورة عن قتامه المستقبل، فكيف تتم تعبئة جماهيره للمواجهة؟ فالاستيطان يتطاول، ونزعات الضم تستشري، والتراجع عن مفهوم دولتين لشعبين تكاد تنتهي، وإسرائيل تحكمها عنتريات مستهترة بالرأي العام، والأمم المتحدة ومقرراتها، فهل الساحة العربية تملك إمكانية توفر قاعدة الصمود والإسناد والمواجهة؟ فإسرائيل لا تواجه الفلسطينيين بالاستيلاء على أرضهم فهذه قضية مفهومة، إنما الغاية هي استلاب الإرادة العربية قبل الأرض، ففي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، والأزمة الإسرائيلية الأخلاقية والسياسية والاقتصادية،فهي تحتاج باهتمام للسوق العربي مباشرة أو بالوكالة، وبالتالي فهي دولة إقليمية طامعة للعب دور المايسترو إن لم تقل اقتياد هذه الدول لخدمة مصالحها وضمان استمرار سيطرتها.
والعرب يستعدون لمؤتمر القمة السنوي، بدأت اللقاءات والتشاور، وحسب التقليد سيحضر من وجد المشاركة على مقاسه، فقد أظهرت زيارة نجاد لسوريا مدى اهتمام إيران بالساحة العربية وحتى كما بدا دائما رغبتها في حضور القمة، رغم رفضها التعامل الحازم مع كلمة الخليج العربي، وتصر على أنها راعية لأنظمة ذلك الخليج، مما يساعد هذا كله على تفسخ اللقاء قبل حدوثه،ولعل قرارات لجنة المتابعة العربية اليوم، قد وضعت أسس مقررات القمة ، الدولة المضيفة مهتمة بسويسرا، والدعوة للجهاد هناك، والضرب في الكفاح غربا، وسيطرح هذا الموضوع أمام القمة، والمتوقع أن تختلف حوله لدرجة الصراع، وسيعيد العرب مشروعهم لإنهاء الصراع مع إسرائيل التي غير مهتمة بحكم معرفتها بالضعف والتمزق العربي وغياب موقف موحد، وأمريكا لديها أولويات في أفغانستان والعراق وإيران، وتحتاج إسرائيل بشدة هذه الأيام، وبالتالي لا يمكن إغضابها، وبهذا فالاحتلال قائم مستمر والفلسطينيون مرتهنين حتى يتغير الحال إقليميا وعربيا ودوليا.
وإذ لا يمكن الاستمرار بهذا الحال كمجتمع، معزولا عن العالم، لا يستطيع الانتقال أو التنقل إلا بقائمة من الموافقات والصعوبات، ناهيك عن المال الذي لا يتوفر بحكم طبيعة الحال، فنحن أمام شعب معتقل أو تحت الإقامة الإجبارية، وقد بلغت نسبة البطالة للفئة العمرية (20-24) 40.4% بواقع 30.3% في الضفة 60.5% في غزة،وهو الجيل الوارث لمواصلة الصراع ،ولكنه التائه بالواقع،ليصبح معها بطبيعة الأمور جيل شعب متمردا، رافض الاستمرار أو التكرار مع آبائه وأجداده، وحيث الأفق يسده الاحتلال فيتجه نحو الاغتراب سواء بالمغادرة مهاجرا، أو الانكفاء منطويا، أو الصدام منتحرا، ولم تعد قصص حقوق الإنسان والتضامن والشعور المشترك ذات معنى، فالحقائق على الأرض عنيدة، ولا يمكن أن يستمر الوضع الراهن إلى الأبد، وتقع هنا مسؤولية ذلك على الأمم المتحدة وكافة منتسبيها الذين ينتظرون عبر تبرعات مالية يقدموها هبات لتهدئة الأمور، ولكن يبدو أن هذا العالم لا يتحرك جديا إلا عندما تذبح شعوب على طريقة (دارفور)أو (كوسوفو) أو عندما تصل ممارسات الأبارتهيد إلى مستوى جنوب أفريقيا، ويبدو أن للعالم معيار معين يتحرك على إثره حسب مقياس( ريختير).
وإذا كانت الولايات المتحدة تعتقد أن باحتكارها ما يطلق عليه قضية الشرق الأوسط يمكن أن تنتظرها الحياة وعجلة الزمن، فهي واهمة كثيرا، ولا يمكن أن تحقق طموحاتها لاحتواء شرق أوسط جديد عن طريق شعب محاصر. تحاول إرضائه تخديرا، وليس إحقاقا فلديها تطلعات شرق أوسطية كما لفرنسا ساركوزي إلى الإتحاد الأوروبي وغيرهم في هذا المحيط السياسي العائم بدول طامحة وصاعدة، كذلك فإن إسرائيل بهذا التصلب اليميني العقائدي المتخالف مع التاريخ ومفهوم الحياة والعالم والمتغيرات المتسارعة،تكون دولة معزولة لا تستطيع أمريكا حماية نهجها العدواني واستهتارها بقيم الحياة وأمن الشعوب.وأخيرا أمنها هي فللحياة قوانين وان الهوة التقنية بداءت تنهدم ، وتضيق رقعة التفوق، كما بدت في لبنان وغزة .
مع الثقة بأن المتغير ليس في صالح الاحتلال، وإن القوة مهما عظمت لا تستطيع أن تحيا بها الأمم إلى الأبد، كما لم يستطع فعل ذلك الاتحاد السوفيتي ، تصبح عبئا عليها وعلى شعبها، وهناك ستواجه المصير متأخرا. فجنوب إفريقيا لم تكن تعوز حكومة البيض القوة ، رغم تحالفها مع إسرائيل بالتوافق العنصري ، إلا إن طبيعة الأمور وقوانين الحياة والتطور فرضت واقعا حتميا ، ومهما حاول نتنياهو تزوير التاريخ مثل قوله إن العرب هاجروا إلى فلسطين بعد عودة المستوطنين ليعملوا لديهم ، وان البلاد كانت خالية إلا من بعض البدو ، فلن تفيد أو تمر فالعالم أصبح بدرك الحقائق والعصر الكولونيالي انتهى والقرن الحادي والعشرين هو قرن الشعوب دون وصاية أو هيمنة أو احتلال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -السيد- حسن نصر الله.. رجل عاش في الخفاء وحوّل حزب الله إلى


.. عاجل | حزب الله يؤكد مقتل حسن نصر الله في الضربات الإسرائيلي




.. عاجل | الجيش الإسرائيلي: نحن في حالة تأهب قصوى وهذا ما سنفعل


.. القبة الحديدية تعترض صواريخ في سماء رام الله أطلقت من جنوب ل




.. ‏عاجل | حزب الله: استشهاد حسن نصر الله