الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مساء العدّ

طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)

2010 / 3 / 4
الادب والفن


انشغل بعدّ النّقاط المرسومة على السّبّورة، حتى صرخ جرس الانصراف المسائي...
حمل محفظته، وركض سابقاً أصدقاءه..
تعب فتوقف .. أخذ قسطاًمن الراحة حتى يهدأ لهاثه الحار...
سار بخطا هادئة. أثقله حمل الدّفاتر والكتب في محفظته القماشيّة...
قال: آخ..
ثم انشغل بعدِّ الخطا الفاصلة بين لهاثه الناضج والدار..
كانت أمّه جاثيةً على ركبتيها، تحلب "العنـزات" بإناء نحاسيّ في باحة الدّار,
وكلّما تحرّكت "العنزة" التي تحلبها كانت تشتمها، وتضربها بغصن أخضر ليّن لا يؤلم،
ثم تضعه في متناول يدها...
جلس على حجر أملس بالقرب منها. وضع محفظته على الأرض.
عدّ "العنزات" من اليمين، ثم عدّهن من اليسار، ثم عدّهن حلقةً مدوّرة،
وكلّما أخطأ، كان يعود من البداية...
أنهت الأم عملها، فأدخلت "العنزات" إلى الزّريبة، وأغلقت عليهن الباب...
قطعت الباحة إلى الغرفة، فتبعها ثم تذكّر، أنّه نسي المحفظة , خرج وأحضرها...
وضعت أمّه قدر الحليب فوق "وابور الكاز" حتى يغلي..
أحصى عدد غصّات "الوابور" في اشتعاله... سحبت أمّه صحناً.
ملأته من طبخها، ووضعته في طبق القشّ أمام ولدها فوق بساط قديم، وناولته رغيفاً، أذهلته استدارته...
بعد بضع لقمات، تذكّر أنّ يعدّها،ولأنّه جائع.. كان ينسى، فيعود من البداية..
شبع، فأوقف العدّ...
رفعت أمّه الطّبق، وعندما همّت في جلي الصّحن،
كان يخلع "مريلته" وسرواله، ويرتدي منامته المخطّطة...
جلستْ أمّه في باحة الدّار على جذع شجرة قديم قدم الدّار مقابل الزّريبة...
نظرت إلى السّماء. تنهّدت...
ـ يا حق.. يا صاحب الحق...
سحبت مغزالها. رفعت كفّها، وبلّلته بلسانها الرّطب، ثم فتلت المغزال...
اقترب منها، وجلس على الحجر. راقبها حاول أن يعدَّ اللّفّات، لكنه أخفق، لأن المغزال يدور بسرعة...
شبّك كفّيه تحت ذقنه، وشرد ثم تذكّر، فرفع رأسه إلى
السّماء، وفك كفّيه، وبدأ يعدّ النّجوم نجمةً.. نجمةً..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ثقافة اوكي 03-06-2024 • فرانس 24 / FRANCE 24


.. القصف والنزوح لم يمنعها من الغناء.. رهف ناصر تحاول إيصال رسا




.. رهف ناصر فنانة توصل رسالتها عن طريق الغناء


.. باللغة العربية والإنجليزية.. الفنان التونسي حكيم بالكحلة يكش




.. الفنان التونسي حكيم بالكحلة: تقديم الأدوار الكوميدية صعب