الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عن المخاوف من عودة حزب البعث الى السلطة في العراق..
شاكر الناصري
2010 / 3 / 4ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
من المؤكد ان ما مر به العراق خلال فترات حكم حزب البعث تعد الاسوء في تاريخ الدولة والمجتمع وتركت آثاراً واضحة على مسار الاوضاع الأنسانية فيه وعلى مجمل الحقوق والحريات الاساسية وعلى مسار الوضع الأجتماعي والثقافي في البلد .
هذه الآثار ستبقى بقدر ما تركته من أسى وخراب في نفسية وذهنية الأنسان في العراق ، فكل ما يخطر في بالنا من أنتهاكات وممارسات بشعة ، قد تمت ممارستها بحق العراقيين جميعا أو بحق الجزء الاعظم منهم .
إن المخاوف من عودة حزب البعث الى السلطة عبر أنقلاب عسكري أو عبر صناديق الاقتراع مخاوف جدية بالنسبة لنا جميعا ، فتاريخ هذا الحزب وممارساته في السلطة وفي التعامل مع العراقيين تجعلنا جميعا نضع علامات استفهام كثيرة حول مصيرنا ومستقبلنا وحرياتنا وحقوقنا الأنسانية . فما عشناه من خراب وتمييز قومي وطائفي وقمع سافر وعلني لابسط الآمال التحررية والانسانية تجسدت في شكل كراهية معلنة وتتم ممارستها في الواقع الحياتي من خلال أجهزة القمع والمخابرات وممارسات منظمات حزب البعث ، كلها تدفعنا للتفكير بعيدا في حالنا وأحوالنا .
ليس ثمة أمل بالتغيير أو الخلاص من قبضة حكم دكتاتوري ومستبد ، هكذا كنا نقول وهو ما أوصلنا اليه النظام البعثي عبر ممارسته و استفراده بالعراقيين وتحويلهم الى قطيع من فاقدي الارادة . وقد رافقت ذلك سلسلة طويله من الحروب والعقوبات الدولية الأجرامية بحق العراقيين ، الذين تحولت حياتهم الى جحيم حقيقي يميزه الفقر والحرمان والامراض . ولكنها عززت من مكانة وقدرات نظام الحكم في مواجهة أبناء البلد حد الاستفراد وممارسة شتى صنوف الأذلال بحقهم .
منذ سقوط نظام البعث في التاسع من نيسان من عام 2003 و وتيرة المخاوف من عودة البعث مرى أخرى الى السلطة تبرز باشكال مختلفة ووفق الضروف التي تدفعها للبروز في كل مرة . خصوصا اذا ما أخذنا بنظر الاعتبار الجهد الواضح الذي يبذله الحزب المذكور في تعطيل المخططات الامريكية في العراق وشنه حرب مقاومة مع تيارات ومجاميع مختلفة كالقاعدة وجيش محمد ودولة العراق الاسلامية ...الخ ،تستهدف الوجود الامريكي في العراق وفي نفس الوقت فإنها أصبحت تستهدف وعبر عمليات إرهابية بشعة ، المدنيين العراقيين وأستهداف مراكز العمل والدوائر العامة والفنادق من أجل فرض شروطه وتصعيد حدة الأنقسام الطائفي ، اذ أصبح حزب البعث وكل القوى الأخرى المتحالفة معه تعمل من منطلقات طائفية وأحتكرت تمثيل السُنة في العراق ولم تتردد هذه القوى من أعلان العداء السافر وممارسته بشكل واقعي ودموي ضد العراقيين من الشيعة وتشديد حدة الأتهامات لهم بالعمالة لايران وأمريكا وتكفيرهم وأحلال قتلهم .
إن كل ذلك عزز من وتيرة المخاوف التي تعتمل في نفوس الكثير من العراقيين الذي يجدون إن عودة هذا الحزب الى السلطة او المشاركة فيها وحتى ممارسته للنشاط السياسي يعد خطرا كبيرا بالنسبة لهم .
اليوم وفي الوقت الذي تحشد فيه القوى والتيارات السياسية قواها من أجل خوض الانتخابات البرلمانية فأن شبح عودة البعث أصبحت يتكرر بشكل متواصل عبر خطاب القوائم التي يمكن عدها كأمتداد لهذا الحزب أو من خلال خطاب الكتل والقوائم الاخرى التي باتت تتعكز على منع عودة البعث الى الحياة السياسية وجعلته احد أهدافها وشعاراتها في الحملات الانتخابية و كأنها تقول للعراقيين أما نحن أو حزب البعث . القوى المذكور هي نفسها التي عملت على تشريع القوانين التي تمنع عودة حزب البعث وتجرم الانتماء اليه ولعل قانون أجتثاث البعث الذي تم تطبيقه على الكثير من القوى والشخصيات يعد القانون الابرز في هذه المسيرة .
هل يتمكن حزب البعث من العودة مرة أخرى الى السلطة أو حتى ممارسة العمل السياسي في العراق كحزب البعث الذي نعرفه ؟ وهل إن القوى الموالية له أو التي يتم حسابها كأمتداد له تتمكن من تحقيق ما يمكنها من أعادة حزب البعث وتسليمه ما تحقق من نتائج ؟ لو عاد حزب البعث فهل يتمتع بالشرعية الأجتماعية والسياسية التي تمكن من حيازتها قبل سقوط حكمه ، في بيئته وأوساطه على الأقل ؟
هل ما تحقق خلال السنوات السبع الماضية بالنسبة للكثير من العراقيين والخبرة التي أكتسبتها القوى السياسية وحالة الأنفتاح والعمل السياسي ، تسمح وبسهولة بعودة الحزب المذكور مرة أخرى ؟
كلها أسئلة لابد وأن تخطر على بال كل من يريد الحديث عن عودة حزب البعث او إمكانيات هذه العودة . غير أن الوقائع تقول عكس ذلك تماما أو باستحالة عودة الحزب المذكور مرة أخرى الى السلطة او حتى ممارسة العمل السياسي مثل باقي القوى والاحزاب الموجودة في العراق . اولا ، لان هذا الحزب قد تلقى ضربات قاصمة شلت قدراته وشتتها بشكل كبير، تعدد مراكز قيادته وتعدد ولاءاتها و بروز الانقسامات والتناحرات على قيادة هذا الحزب بين أقطاب متعددة كعزة الدوري او يونس الاحمد . فيما تمت تصفية الكثير من كوادره وأعضاءه من قبل المليشيات المسلحة وفرق الموت التي أخذت على عاتقها ممارسة عمليات الاغتيالات الموجهة ضد البعثيين وتصفيتهم بشكل مدروس مما زرع الرعب والخوف في أوساط من تبقى محافظا على ولائه لحزب البعث .
ثانيا ، إن الكثير من الطاقات البشرية للحزب المذكور قد غادرت العراق خوفا على حياتها ووجودها بعد ان فقدت مصدر معيشتها سواء في الوضائف العامة او من خلال التفرغ للعمل في الحزب وهيئاته المختلفة أو من خلال الامتيازات المالية والعقارية والأراضي الزراعية.
ثالثا ، أن الكثير من كوادر وأعضاء حزب البعث قد أعلنوا برائتهم منه وأنتموا الى أحزاب أخرى معادية له ومنها الكثير من القوى الموجودة حاليا في السلطة ويتمتعون بأمتيازات كثيرة لم يحصلوا عليها خلال عملهم مع حزب البعث وأنتمائهم له ومن غير المعقول أن يتركوا كل شيء ويذهبوا وراء الدعوة لأعادة حزب البعث مرة أخرى .
رابعا ، إن الحزب المذكور فقد الشرعية السياسية والأجتماعية التي أكتسبها بالقوة أو بالامتيازات أو بالتمييز الطائفي والقومي حتى في مناطق نفوذه وتحولت ولاءات وأنتماءات الكثير من قواه البشرية السابقة في مناطق معينة الى أحزاب وقوى أخرى تقارب توجهاته الفكرية والقومية والطائفية وإن ما تعرض له أعضاء هذا الحزب بعد سقوط حكمه يجعلهم يعيدون التفكير الف مرة في علاقتهم به ومناقشة استعداداتهم النفسية والمعنوية بعد كل ما تعرضوا له .
خامسا ،عدم استعداد القوى السياسية التي تقارب توجهات حزب البعث ، لتسليم كل ما حققته من مكاسب وثروات ونفوذ سياسي وأجتماعي بيد هذا الحزب وأعادته مرة أخرى الى عهده السابق .
سادسا ، إن تجربة البشرية مع الأحزاب القومية والفاشية لم تكشف لنا إن حزبا فقد السلطة بفعل حرب دولية كبرى وتمكن من العودة مرة أخرى الى واجهة الاحداث واستعاد السلطة . تجربة الاحزاب الفاشية والنازية في ايطاليا والمانيا واليابان التي خسرت السلطة نتيجة خسارتها وهزيمتها في الحرب العالمية الثانية ، يمكنها أن تساعدنا في فهم مسارات ما يحدث ، فالاحزاب المذكورة وبعد أن عرضت بلدانها والعالم قاطبة الى مخاطر جسيمة وكبدت البشرية خسائر هائلة فقدت شرعية وجودها وانهارت قواها . أصبح الانتماء الى الاحزاب المذكور بمثابة جريمة كبرى وتم حظر الاحزاب المذكورة وحظر أفكارها قانونيا وبشكل قاطع .وإن هذا ما يجب ان يحدث في التعامل مع حزب البعث .
هل من مبرر لبقاء المخاوف من عودة حزب البعث الى السلطة في العراق ؟.. المنطق يقول : لا ، ولكن الظلم والتمييز والاستبداد والقمع السافر الذي تعرض له الكثير من العراقيين يجعلهم يحملون في داخلهم بذرة الخوف التي حُفرت في ذواتهم ودواخلهم . إن ذلك يدفع بنا جميعا لأن نعيد الحساب في كل ما حدث ويحدث في العراق وتقييم ممارسات القوى الحاكمة أو التي خارج السلطة من أجل استشراف مستقبل خالي من الخوف وهواجس القمع والتشرد . إن التخلص من المخاوف المذكورة يعد خطوة مهمة في مسيرة تحقيق مستقبل يليق بنا جميعا كبشر وكعراقيين .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - تحية للسيد شاكر الناصري
محمود قيس
(
2010 / 3 / 5 - 01:44
)
ايها البعثيين التي لم تتلوث اياديهم بدماء العراقيين ان مستقبل اطفالكم بيد نظام وطني وليس نظاما قوميا او طائفيا امثال علاوي او هاشمي او بدري او صدري انه العراق ياعراقيون
2 - تحليل صائب ودقيق
شوكت خزندار
(
2010 / 3 / 6 - 09:58
)
أخي شاكر الناصري ، أتفق معك كلياً لما ذهبت إليه من تحليل صائب ودقيق إن أحدى أهم أسباب الخوف لدى الكثير من العراقيين هو ، النهج والاداء السيئ للحركات والاحزاب السياسية الاسلامية ولم يكن يتوقع أصحاب الفكر التقدمي غير ذلك .. فتحية صادقة لك ولما ذهبت إليه
شوكت خزندار
.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق
.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م
.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا
.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان
.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر