الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خمس قصص قصيره جدا

أحمد السعد

2010 / 3 / 4
الادب والفن


* تمثال
أستهوتنى فكرة الوقوف أمام التمثال البرونزى الذى بدأ يميل لونه الى الأخضرار محدقا فى تقاطيع الوجه الصامت ، العينان الجاحظتان المحدقتان فى المدينة ، مضت دقائق وأنا مستغرق فى التحديق فى ذلك الوجه النحاسى البارد ، تهب نسمة شتائيه وأشعربها بارده تخترق جسدى عبر الملابس ، تهتز وريقات الأشجار القليله المتناثرة على الشاطى ، وتتطاير بعض الأوراق على الأرض ، كان الوقت عصرا والشمس توشك على الغروب مضيئة تقاطيع الوجه النحاسى التى بدت حادة وواضحه ، كانت من الوضوح الى درجة أننى أحسست بالحياة تدب فجأة فيها ، فى ثوان لم أعد اشعر بشىء مما حولى ، كنت مشدودا الى تلك التقاطيع الحاده لذلك التمثال البرونزى ، كان ثمة شىء يتحرك ، تتكسرقشرة البرونز عن جسد لرجل نحيف ، تنتقل العينان نحوى مباشرة حيث تغيب المدينة ، أنا وحدى الآن خارج الزمان والمكان نتبادل انا والتمثال النظرات تبدد الصمت عن أبتسامة فاترة ظهرت على تقاطيع الوجه الحاده وبددت صمت اللوحة التى انا الآن جزء منها ، هل ابتسم الوجه الذى بدا شاحبا ؟ أنقضت اللحظات بسرعه وعادت قشرة البرونز تغلف تمثال رجل ينتصب بقامته الفارعه محدقا فى المدينة التى كانت تطوى نهارها بينما كان النهر من خلفه يجرى هادئا نحو البحر.

* سمكه
أعاد السيكارة الأخيره الى العلبه وهو يركز بصره على سمكه ظهرت الى السطح وبدأت تشاكسه وتتحايل على سنارته ، صارت الآن تتقافز أمامه بغنج وتحد ، تصبب العرق البارد على جبينه المتغضن ، مرت ساعات وهو يحاول ان يصطادها ولايفلح وهى مستمره فى مشاكسته وتحديه وأثارة أعصابه بتقافزها أمامه ، كان قد أنهى علبة السيكاير وهو يحاول فى كل مره أن يلقى بسنارته فى المكان الذى ظهرت فيه وأدخر الأخيره لما بعد غداءه ، " بعد ساعه ستكونين على مائدتى أيتها المغروره " هكذا قال لنفسه وهو يعيد تلقيم سنارته بطعم جديد ولكن السمكه أستمرت فى عنادها وتحديها وراحت تمرح أمامه مزهوة بحريتها بينما يقف هو على الشاطىء مسجونا بغيضه وبغريزة الأفتراس ، " لن أدخن السيكارة الأخيره الا بعد أن أحولك الى طبق شهى " رمى السنارة من جديد وبدأ ينتظر ، مر الكثير من الوقت عليه وهو غارق فى حنقه وعيناه لاتغادران الموضع الذى أختفت فيه السمكه أيقن بعد لحظات ان عليه تدخين السيكارة الأخيره .

*كتاب
هذا الكتاب يبدو مملا من أوله ، ومع ذلك استمر فى قراءته ، أكثر من مره أرميه من يدى لأتخلص من شرودى أثناء قراءته ثم أعود لأبدأ من حيث توقفت ومرة أخرى أغيب عنه بعيدا وتضيع السطور وأجدنى مرتحلا فى عوالم أخرى لاأعود منها الا بعد وقت لأجد أصبعى مازال على السطر الذى توقفت عنده .
أنه يثير ضجرى وحنقى وأحيانا أغضب وأثور وألقى به من يدى قاسما بأغلظ الأيمان أنى لن اعود الى قراءته ولكنى بعد حين أبحث عن قصاصة الورق التى وضعتها عند آخر صفحة وصلت اليها . عجيب امرى وأمر هذا الكتاب لماذا أنشد اليه رغم قرفى وأشمئزازى وشرودى كلما تابعت قراءته ، ثم لا أجد نفسى الا مدفوعا برغبة لآاعرف كيف اسميها لمواصلة قراءته ، أنه يجعلنى اتأرجح بين احساسى بالملل وبين انشدادى لمعاودة القراءة وغضبى أحيانا والذى افرغه بأشياء محيطة بى فأرمى بالقلم وبعلبة السيكاير ولا أرمى بالكتاب وفى خضم هذا الجنون أنهيت قراءة الكتاب .

*غروب
أوقف سيارته ليتأمل منظر الشمس وهى تغطس فى اليم الشاسع الممتد مع البصر وقد أصطبغت السماء بلون الغسق الأرجوانى الضارب الى الحمرة ، كان الموج خفيفا ومع ذلك كان صوت البحر يتصاعد فى داخله وكأن عاصفة هوجاء تحرك أمواجه وتضربها بشده على الشاطىء الصخرى ، صوت البحر الآن يطغى على كل الأصوات ، على صوت الطيور الحائمه على أمتداد الشاطىء ، صوت المدينة التى تجاسد البحر وتمتد ملتمعة باللون الأرجوانى الذى صبغ صفحة السماء حيث تلقى الشمس بتحيتها الأخيره على المدينة التى تتهيأ لأمسية شاطئية جميله ، تتجمع نوارس ملتمعة فى مواجهة الشمس الغاربه تحرك أجنحتها فى الرياح الخفيفه التى بدأت الآن تزداد قوة ، تتحرك الصورة الآن وتتداخل اجزاؤها ، هو الآن فى منتصف الصورة حيث تختفى المدينة والنوارس ليكون وحيدا فى مواجهة البحر الذى بدأ الآن يبتلع الشمس ذات اللون الأرجوانى الضارب الى الحمرة تختفى كل الأصوات ويسود صمت مطبق ويتعالى صوت ارتطام الأمواج على الشاطىء الصخرى .

* تاج محل
أقف امام تاج محل مأخوذا بهذا البياض الخرافى للأحجار الرخامية التى تمتص الأضواء ، يمتلىء المكان بآلاف الناس ، هنود وأوربيون ، وآسيويون ، صور وتذكارات وأنا الوحيد المأخوذ بالبياض السحرى للأحجار الرخاميه وتدريجيا تبدأ الأصوات بالخفوت وتختفى تماما ثم يختفى الناس ، فى لحظة يتوقف الزمن ثم يتغير المنظر لأبصر أثنان وعشرون الفا من العمال والمهندسين والمعماريين والنقاشين والخطاطين والرسامين ، ينهمك الجميع فى عمل أشبه بالطقوس ، الجميع يعمل بصمت عجيب وفى وسط الحشد الصامت المنغمس فى العمل أبصر السلطان المغولى شاه جيهان وهو يتأمل الموضع حيث سجى الجسد الذى عشقه جسد ممتاز محل وسط القبه التى لم يكتمل بناؤها ويرسم فى ذهنه صورة الموضع الذى سيضم جسده الى جانبها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ثناء على ابداع
علوان السلمان ( 2011 / 2 / 25 - 16:30 )
بدعت واجدت في بناء النص القصصي القصير جدا تحياتي لك وتمنياتي لك باتوفيق ..

اخر الافلام

.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا


.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس




.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام


.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد




.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش