الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الكورد السوريون أيضاً بحاجة إلى (گوران – التغيير)؟

جان كورد

2010 / 3 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


‏الخميس‏، 04‏ آذار‏، 2010
سؤال بسيط، ولكن يبدو أن الاجابة عنه صعبة، ورغم ذلك أحاول القاء الضوء على جوانب من الموضوع، عسى أن يتحرّك عباقرة وأدمغة الحراك السياسي الكوردي (السوري) للاجابة عن السؤال بشكل موضوعي ومفيد...
حركة (گوران – التغيير) وباللهجة الكرمانجية (گوهارتن) ستساهم في الانتخابات العراقية كقوّة معارضة كوردستانية للتركيب السياسي القائم في اقليم كوردستان العراق، وهي تنظيم سياسي من بين ما يقارب (40) حزباً كوردياً في كوردستان العراق، إلاّ أنه التنظيم المعارض الأكثر لمعاناً إعلامياً وتأثيراً فعلياً في الشارع الكوردستاني، وظهر هذا جلياً في آخر الانتخابات البرلمانية في الاقليم الكوردي، حيث أثبتت الحركة نفسها كقوّة معارضة لايستهان بها...وصارت لحركة التغيير شعبية صارخة بين الشباب والمثقفين والطبقات الشعبية المحرومة وبخاصة في المناطق التي كان فيها نفوذ حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني (يكيتي) قوياً من قبل، والاتحاد هوالحزب الذي يقوده المام جلال طالباني، وكان مؤسس حركة التغيير السيد نوشيروان مصطفى نائبه وأحد أبرز قياديه ومحاربيه منذ زمن بعيد...
شرعت حركة التغيير هذه بالهجوم العنيف على قيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني والسياسة الكوردية الرسمية التي وصفتها بأنها سياسة " گه نده لى: الفساد" ، وراحت تتبرأ من كل تاريخ الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي اعتبرته سلسلة طويلة من خيانة الشعب الكوردي والعبث بثروات كوردستان والاجرام السياسي، وكأن السيد نوشروان لم يكن في يوم من الأيام في موقع المسؤولية في الاتحاد، وأنه لا يتحمل وزر تلك السياسات أبداً... وبالمقابل فقد تحرّك الاتحاد الوطني الكوردستاني ليستخرج من مذكراته ودفاتره القديمة الكثير من التصرفات المشينة التي اتهم بها السيد نوشروان دون غيره من مسؤوليه...
المستفيد من انفجار النزاع السياسي داخل صفوف الاتحاد الوطني الكوردستاني ونشوء حركة التغيير هم:
- قبل كل شيء أعداء الكورد وكوردستان المتعطشين لاراقة دماء الشعب الكوردي الذين يراهنون على عودة التحارب الذاتي الذي صبغ الحياة السياسية الكوردية قروناً طويلة من الزمن، إذ بدون الاقتتال الداخلي الكوردي يصعب عليهم فرض سيطرتهم على كوردستان.
- الحزب الديموقراطي الكوردستاني (البارتي) الحليف للاتحاد الوطني الكوردستاني في البرلمان وفي الشارع الكوردي، حيث كانت مناطق معينة في الاقليم الكوردي مستعصية على (البارتي) بسبب عمق وجود الاتحاد الوطني الكوردستاني فيها، ومن خلال خلخلة الوضع سياسياً، يتسنى للبارتي الاستفادة من التناقضات الناشبة في صفوف الاتحاد (يكيتي) والصراعات التي أثارها نشوء ال(گوران)... وباشتداد حدة الخلافات هذه، وتنامي قوة (گوران)، أضطر البارتي إلى الاعلان بأنه مع التعددية الحزبية في كوردستان، إلاّ أنه لايريد التدخّل، لا من قريب ولا من بعيد، في نزاعات ناشبة ضمن حزب من أحزاب كوردستان، وبخاصة إذا كان ذلك الحزب حليفاً له...
- الاسلاميون الذين تنامت قواهم فعلاً، على الرغم من انشقاقاتهم وتمايز جماعاتهم عن بعضها بعضاً، وهم في حملاتهم الاعلامية يصرّون على محاربة الفساد ونشر العدل وتحقيق المساواة، فيلتقون بذلك مع (گوران) شاؤوا أم أبوا في كثير من نقاط الصراع السياسي الذي تخوضه هذه الحركة مع السلطة الاقليمية الكوردية... والاتحاد الوطني الكوردستاني يستخدم ملفات أيام الاقتتال بينه وبين الاسلاميين لاظهار "وحشية" نوشروان مصطفى وما ارتكبه من جرائم بشعة بحقهم، وذلك لدق اسفين انتخابي بين الاسلاميين وبين (گوران) في الأيام القليلة القادمة...
ولكن هناك تأويلات من وراء الستائر لنجاح حركة التغيير التي يقودها الاتحادي العريق نوشروان مصطفى، تقول بأن فكرة تقوية (گوران) في الأصل مشروع تم طرحه بدقة وعناية فائقة من قبل الكورد الحاكمين في الاقليم الفيدرالي وبين حلفائهم الأمريكان، بهدف ايجاد سلطة ومعارضة ديموقراطية متوازنة في الاقليم لسد المنافذ على الإسلاميين الذين يسجلون باستمرار نجاحات كبيرة وتزداد شعبيتهم لأسباب عديدة لامجال لذكرها الآن....
على كل حال فإن الانتخابات العراقية التي ستجري بعد أيام قلائل ستمنحنا فرصة أكبر لتقييم نجاح حركة التغيير أو فشلها في اقناع الشارع الكوردي بأنها البديل المنتظر...
وحيث أن موضوعنا هو كوردستان سوريا، فنكتفي بهذا القدر عن حركة التغيير في اقليم كوردستان العراق...
معلوم أن لأجزاء كوردستان الأخرى تأثير مباشر في السياسة الكوردية في الجزء السوري من كوردستان، على الرغم من وجود تباين واضح وأكيد بينه وبين تلك الأجزاء، من جوانب عديدة... وهناك تنظيمات كوردية سياسية سورية ليست إلاّ توابع لتنظيمات كوردستانية، تؤدي الخلافات ضمن الحزب الكوردستاني إلى انشقاقات في التنظيم الكوردي السوري... سابقاً رأينا كيف أدّى وضع التمزّق ضمن الحزب الديموقراطي الكوردستاني (القيادة المؤقتة) وانفصال السياسي العريق، الشهيد سامي عبد الرحمن عن (البارتي) فترة من الزمن إلى انشقاقات وتمزقات للبارتي الكوردي السوري، ومن قريب كيف نشأ حزب الاتحاد الديموقراطي عن حزب العمال الكوردستاني بعد اختطاف واعتقال زعيمه السيد عبد الله أوجلان، حيث أدّى ذلك إلى اغتيال كوادر مهمين جداً من الكورد السوريين في حزب العمال، ومن ثم تمزّق حزب الاتحاد الديموقراطي ذاته بعد أن دبت الصدوع في جسد حزب العمال الكوردستاني، فانشق (الفرع السوري) منه: الاتحاد الديموقراطي على نفسه، مما أدى إلى اغتيالات أخرى في صف المنشقين، الذين انشقوا بدورهم عن بعضهم أيضاً منذ فترة وجيزة...
هذا يعني أن احتمال تأثير انشقاق السيد نوشروان مصطفى عن الاتحاد الوطني الكوردستاني وتأسيسه لحركة (گوران) في السياسة الكوردية السورية وارد، إلاّ أن ضعف تأثير الاتحاد الوطني (يكيتي) أصلاً في أحزاب كوردستان سوريا قد حال دون حدوث تصدعات في الشريحة السياسية الكوردية السورية...فالحزب الأقرب والأشد التصاقاً بالاتحاد (يكيتي) وبشخصية المام جلال طالباني، الرئيس العراقي الحالي، هو الحزب الديموقراطي التقدمي في سوريا الذي يقوده شيخ السياسة الكوردية الأستاذ عبد الحميد حاج درويش، لايدع مجالاً لأي انشقاق، بسبب ضبطه المستمر لتنظيم الحزب ولو بأساليب غير ديموقراطية، وعدم افساحه المجال لتوسيع قواعد التنظيم أصلاً، وعدم انتهاجه سياسة قد تؤدي في يوم من الأيام إلى تشنجات في الشارع الكوردي... وإن تمرّد بعض قادته كالأستاذ فيصل يوسف على الزعيم الأبدي للحزب لم يصل إلى حد الاعلان عن حركة "تغيير" بعد، وإن ظهر اتجاه كهذا في هذا الحزب فلن يكون له تأثير هام على الساحة السياسية الكوردية السورية التي تجاوزت المرحلة التاريخية التي كان فيها الحزب الديموقراطي التقدمي يشكّل حجر الزاوية في الحياة السياسية الكوردية في كوردستان سوريا... فهناك أحزاب أقوى بكثير، من مختلف النواحي، ولن يعود الشارع الكوردي إلى موالاة سياسات تعود إلى عصر الحرب الباردة أو ما يسمى بسياسة "العمل ضمن الخطوط الحمر" للنظام، فالشارع الكوردي الذي سئم سياسة الغرف المعتمة وعدم الافصاح عن الألم أو التعبير عن الظلم والمعاناة بدأ يفرض نفسه على الأحزاب الكوردية شاءت أم أبت، والفطن الذكي هو من يفهم لغة الشارع ويعمل على بناء سياسته بالتناغم معه لا ضده...
هناك فارق واضح بين الوضع في كوردستان العراق وبين كوردستان سوريا، ألا وهو أن حركة (گوران) تخوض صراعاً مع نظام سياسي تديره أحزاب كوردية على مستوى الاقليم الكوردي، في حين أن المعارضين الكورد السوريين الذين يريدونها حركة تغيير (گوهارتن) لايجابهون بمعارضتهم نظاماً سياسياً كوردياً حاكماً، وانما يطرحون الأفضل والأشجع والأنشط والأصدق بالنسبة للقضية الكوردية، ولايستطيعون جعل الحركة السياسية الكوردية التقليدية هدفاً لهجومهم السياسي، لذلك فإنهم "منافسون" على الساحة الكوردية، ويشتركون مع الحركة في أن خصمهم السياسي في دمشق، وليس في القامشلي وعفرين وكوباني، وهو النظام البعثي الشمولي الأسدي الذي ينكر الوجود القومي للشعب الكوردي وينسج سياساته العنصرية تجاه الكورد وكوردستان على أساس ذلك الانكار... ويعني هذا وجود قاعدة للعمل المشترك بين الحركة السياسية الكوردية التقليدية وأصحاب أفكار ((گوهارتن: التغيير))، رغم تباين المواقف والخلافات والاتهامات المتبادلة...
من ناحية أخرى، إن أجواء الحرية السياسية وحرية الاعلام في كوردستان العراق غير ما هو عليه الجو السياسي العام في سوريا، وهذا لا يسمح للمنادين بالتغيير في اقتناء واستخدام ما يحتاجون إليه لطرح أفكارهم، من مساحة واسعة في الشارع للتعبير عن أنفسهم علناً ودون ارهاق من جانب السلطة، ومن أدوات اعلام ضرورية لتحريك الشارع وتجنيده من أجل أفكار جيدة... كما أن حجم الفساد في الحركة السياسية الكوردية السورية لم يصل بعد إلى ما وصل إليه حجمه في أجزاء كوردستان الأخرى...
وفي الواقع، نرى أن في كل الأحزاب الكوردية السورية من يؤمن بضرورة احداث تغيير جذري في أداء وأفكار وسياسات الحركة الكوردية السورية، وقد حدثت تصدعات بسبب ذلك في العديد من التنظيمات، ونشأت منذ بداية القرن الحالي تنظيمات ذات تطلّعات ونظرات مستقبلية هامة، رغم ضعفها التنظيمي ومحدودية أدائها السياسي (في الخارج مثلاً)، كما أن ظهور تيار كوردستاني قوي في الحركة وخارجها، إضافة إلى نمو متسارع في الاعلام الكوردستاني على أطراف الحركة، ودعوات وجهود لعقد مؤتمرات وطنية كوردستاني – سورية، قد أتاح المجال لوضع أساس أوّلي لفكرة (گوهارتن) في السياسة الكوردية السورية، رغم أن مقاومة التيار الكلاسيكي لايستهان بها، ورغم أن كثيرين من الانتهازيين الذين كانوا يظهرون أنفسهم كطلائع للتغيير وك"مركز" لعملية التغيير ارتموا فجأة في أحضان الكلاسيكيين بمجرّد عرض مناصب حزبية ثانوية عليهم...
ولذا يمكن القول بأن نشوء حركة تغيير (گوهارتن) مشابهة لما نشأ في جنوب كوردستان منوط بتعاون واتحاد كل الذين يؤمنون بالتغيير في صفوف الحركة الكوردية السورية وخارجها، وفي مقدمتهم التيار الكوردستاني بشكل خاص...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة