الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمنيات

طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)

2010 / 3 / 5
الادب والفن


كان يجوع دائماً، عندما كان تلميذاً في الابتدائية. يومها كان يتمنّى
لو أن والده بواب المدرسة، فيأخذ منه نقوداً في كل فرصة،
ويشتري "سندويشة" فلافل، يُسكت بها عويل بطنه النّحيف...
وكبر مع جوعه، وليسكته، فقد عمل في حفر الأراضي فلاحاً مأجوراً...
تمنّى لو أنّ والده مراقب دوام فيضيف له ساعات عمل لم يعملها،
أويختار له الأعمال السّهلة...
كان يتمنى؛ وهو يراقب الشمّس من تحت أشعّتها السوطية اللاّهبة، ويحلم بغيمة تغطيها!!
سافر إلى المدينة بحثاً عن عمل أفضل...
عمل "جلّى صحون" في أحد المطاعم. تمنّى يومها لو أنّ والده يعرف صاحب المطعم، فيتوسط له عنده، حتى ينقله من المجلى إلى
مكان آخر، لا تتشقق فيه يداه...
وعندما كان يزاحم حتى يحجز لنفسه مقعداً في سفرته، تمنّى لو أن والده "جابي باص" فيريحه من عناء البحث عن مقعد,
وعناء الوقوف وسط الباص...
وسجّل في الجامعة، ووقف في الطوابير الطويلة، ليجمع الأوراق المطلوبة،
وينتهي الدّوام قبل أن ينجزها، فينتظر لليوم الثاني.
يومها تمنّى لو أنّ والده موظّفاً في الجامعة فيساعده، ويختصر تعبه...
ولو كان والده مهرّباً، لألبسه كما يلبس زملاءه، فلا يغدو مميزاً بلباسه المحلّيّ...
وتمنّى لو أنّ والده موظفاً كبيراً، فيريحه من عناء البحث عن وظيفة لشهادته المتواضعة...
حين زار السراديب المظلمة، وضرب بقسوة، ودُعست رقبته، ورُكل آلاف المرّات..
حين تشوّه جسده من البصاق والحاجة...
حين حكم حكماً قاسياً بسبب أمنياته الكثيرة...
لم يتمنّ أبداً أن يكون والده محقّقاً أو سجاناً أو قاضياً..!!
لقد كان راضياً، أنّ والده رقمٌ.. فقط رقم.. رقم غير مهمّ..
رقمٌ بسيط… بسيط… في هذا العالم البليد اللانهائي..!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تمنيات
قاسم محمد مجيد الساعدي ( 2010 / 3 / 5 - 13:05 )
في تناغم عذب سار موكب كلماتك في بحر زاخز بمعاني نتوقف في مرافئه
وانقدنا نحو لمعان تلك الامنيات حتى صارت رقما بسيطا في عالم بليد واحمق شكرا لك وسلامي

اخر الافلام

.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا


.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07




.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب


.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج




.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت