الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسؤولية الإجتماعية للشركات

راوية رياض الصمادي

2010 / 3 / 5
الادارة و الاقتصاد



لم يعد تقييم شركات القطاع الخاص يعتمد الربحية فحسب، ولم تعد الشركات تعتمد في بناء سمعتها على مراكزها المالية فقط، فقد ظهرت مفاهيم حديثة تساعد على خلق بيئة عمل قادرة على التعامل مع التطورات المتسارعة في الجوانب الاقتصادية والتكنولوجية والإدارية .

ومن أبرز هذه التطورات مفهوم "المسؤولية الاجتماعية للشركات". حيث أصبح دور مؤسسات القطاع الخاص محورياً في عملية التنمية، وهو ما أثبتته النجاحات التي حققتها الاقتصادات المتقدمة ، إذ أدركت مؤسسات القطاع الخاص أنها غير معزولة عن المجتمع، وتنبهت إلى ضرورة توسيع نشاطاتها لتشمل ما هو أكثر من النشاطات الإنتاجية، بإلاء هموم المجتمع والبيئة اهتماما كافياً ، والأخذ بعين الاعتبار ثلاثية أضلاع التنمية المستدامة بحسب( مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة ) وهي النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي وحماية البيئة.

ثمة تعريفات أو جهات نظر متباينة لـ ( المسؤولية الاجتماعية للشركات ) وفي تحديد شكل هذه المسؤولية. فالبعض يراها بمثابة تذكير للشركات بمسؤولياتها وواجباتها إزاء مجتمعها الذي تنتسب إليه، بينما يرى البعض الآخر أن مقتضى هذه المسؤولية لا يتجاوز مجرد مبادرات اختيارية تقوم بها الشركات صاحبة الشأن بإرادتها المنفردة تجاه المجتمع. ويرى آخرون أنها صورة من صور الملاءمة الاجتماعية الواجبة على الشركات.

إلا أن كل الآراء تتفق على وجود هذه المسؤولية. وقد عرف مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة ؛ المسؤولية الاجتماعية على أنها "الالتزام المستمر من قبل شركات الأعمال بالتصرف أخلاقياً والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعمل على تحسين نوعية الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم، والمجتمع المحلي والمجتمع ككل".

ومن المتفق عليه أن الشركات التجارية والاقتصادية والمالية الوطنية والدولية، على حد سواء، ليست بشركات خيرية ، ولا بد هاجسها الأول تحقيق أكبر عائد من الربح على أصحابها. ومن هنا تبلورت فكرة وجوب تذكير الشركات بمسؤولياتها الاجتماعية والأخلاقية حتى لا يكون تحقيق الربح عائداً عن أمور غير مقبولة أخلاقياً أو قانونياً كتشغيل الأطفال والإخلال بالمساواة في الأجور وظروف وشروط العمل، والحرمان من الحقوق الأساسية للفرد.

علاوة على ذلك، فإن الدور الرئيس الذي تلعبه الشركات، كونها المصدر الرئيس للثروة والتحديث وتوليد فرص العمل، يحتّم عليها القيام بواجباتها الاجتماعية وفقاً للمفاهيم الحديثة، كما أن التطورات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في عصر يتسم بالتغير السريع تحتّم عليها ذلك أيضاً.

ويعتبر تخصيص ما يسمى بـ ( صندوق المسؤولية الاجتماعية ) من أهم آليات تجسيد المسؤولية الاجتماعية للشركات ، ومن الأمثلة على ذلك إقليمياً ، تجربة صندوق المسؤولية الاجتماعية لسوق فلسطين للأوراق المالية الذي أطلق خلال النصف الأول من العام 2006 برؤية استراتيجية تهدف إلى خدمة المجتمع الفلسطيني من خلال عدد من المشروعات ، وصندوق المسؤولية الاجتماعية لمجموعة الاتصالات الفلسطينية، وكذلك الحال بالنسبة لشركة فلسطين للتنمية والاستثمار /باديكو.

وهناك نموذجاً آخر لصندوق المسؤولية الاجتماعية يتمثل في باديكو ومجموعة الاتصالات الفلسطينية مثل مبادرة "الأخوة" الفلسطينية التي أطلقتها المجموعتان، والتي يتم من خلالها توزيع معونات غذائية لـ 40 ألف موظف حكومي تقل رواتبهم عن مبلغ 1500 (شيكل) إضافة إلى نحو 10 آلاف أسرة أسيرفلسطيني .

وعلى الصعيد ذاته أطلقت المجموعتان صندوق "الوفاء لفلسطين" كاستجابة سريعة منذ بروز الأزمة الاقتصادية. كما قدمت باديكو ومجموعة الاتصالات الفلسطينية منحة بقيمة 1.25 مليون دولار لمشروع الربط الأكاديمي للجامعات الفلسطينية مع الشبكة الأوروبية من خلال تقنية (الفايبر )
إن نجاح قيام الشركات بدورها في المسؤولية الاجتماعية يعتمد أساساً على التزامها بثلاثة معايير هي:
 الاحترام والمسؤولية، بمعنى احترام الشركة للبيئة الداخلية (العاملين)، والبيئة الخارجية (أفراد المجتمع).
 دعم المجتمع ومساندته.
 حماية البيئة، سواءً من حيث كينونة المنتَج ( بفتح التاء) صديقاً البيئة وملبياً لاحتياجات المجتمع البيئية ، أومن حيث تقديم ما يخدم البيئة ويحسّن من ظروفها في المجتمع ويعالج المشكلات البيئية المختلفة.

لقد كان ممكناً الارتقاء بأخلاقيات الاستهلاك في العقدين الماضيين بزيادة المسؤولية الاجتماعية للشركات. وبتخفيض الضغط على الموارد الطبيعية المحدودة في العالم ، للحفاظ على حقوق ومصالح الأجيال القادمة ، في وقت يزداد فيه عدد سكان العالم باستمرار ، بما يحقق تلبية السلع الاستهلاكية (غريس وكوهين عام 2005، 147).

لقد أسهم ازدهار التكنولوجيا والعولمة في نمو التصنيع في كثير من البلدان النامية ، وفي آن أصبح المستهلكون أكثر وعيا للآثار البيئية والاجتماعية في حياتهم اليومية وفي اتخاذ قرارات الشراء المتصلة بالاهتمامات البيئية وفق معايير أخلاقية. ومع ذلك، فإن هذه الممارسة لا تزال بعيدة عن الاتساق أو العالمية.

وفي الأردن ، ثمة محاولات لإعادة تقييم الأنظمة الشاملة وتطوير جزء منها بما يتناسب مع المنظومة العالمية ومن هذه الأنظمة الجديدة (حوكمة الشركات ) ، بالتوازي مع الجهود المبذولة لإصلاح وإعادة هيكلة ركائز البنى الاقتصادية ، على نسقٍ يجعلها قادرة على تحمل إفرازات الواقع الجديد المتشابك المصالح مع المعطيات.

وشكل نشوء السوق المالية المؤطرة لنشاطات العديد من القوانين المتفردة مهنياً والمتّسقة مع المنظومة العالمية ، خطوة باتجاه خلق واقع جديد جديرا بالاهتمام. واستجابة نوعية لواقع اقتصادي آخر له متطلباته ألا وهو انضمام الأردن لمنظمة التجارة الدولية.

هذه النقلة الاقتصادية ، تحتم التعايش والتوافق بدقة بمجموعة من الأنظمة واللوائح الإطارية والمحورية ، المعنية بإعادة هيكلة وتطوير البناء الاقتصادي الأردني وفق ( منظومة تلبي إحتياجات ومستلزمات الأطراف الأساسية في المعادلة ) حتى يكون الكيان الاقتصادي الوطني قادراً ومؤهلاً للمنافسة من منطلقات قانونية واقتصادية راسخة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صندوق النقد يتوقع ارتفاع حجم الناتج المحلى لمصر إلى 32 تريلي


.. أرقام تهمك فى خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2025/2




.. بين نيلين - حرب السودان تهدد إنتاج النفط في جنوب السودان


.. كيف هي العلاقة بين البنوك الفلسطينية والإسرائيلية؟




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 27 إبريل 2024 بالصاغة