الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوائل

طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)

2010 / 3 / 6
الادب والفن


طوى رغيف خبز تحت إبطه، وخرج ليكمل اللعب مع أصدقائه على بيدر القرية الجميل...
لفت انتباهه منظر القطن في أذن أحدهم. اقترب منه بحذر، وسأله مستغرباً، لماذا؟!
قال صديقه: "عم تسرح داني.."
لم يفهم. صفّر صديقه ساخراً، ثم نزع القطن من أذنه ليريه سائلاً أصفر مائعاً ذا رائحة كريهة...
هزّ رأسه مشفقاً، ومزّق من رغيفه قطعةً، أعطاها لصديقه المريض،
ولفَّ لقمة لم ينتبه أنّها كبيرة، وتناولها، فعلقت في حلقه.
غصّ. ضرب صدره، وضربه صديقه على ظهره ليساعده كي تمرّ.
عندما انزلقت، رفع رأسه، كانت دموعه تملأ عينيه...
مسحها بكمّه، ونظر إلى السماء.كانت جميلة وصامتة...
عاد إلى البيت متعباً. وقف في باحة الدّار. كانت أمّه
خلف "جاط" الغسيل تتعب وتتنهّد...صرخ بأعلى صوته:
ـ "بدِّي تسرح داني"!!
توقّفت أمه عن عملها، ورفعت نظرها، وهمهمت ساخرة،ومتوعّدة،
ثم عادت لتزرع يديها المبلّلتين بالتعب الأبيض تاركة ولدها، فرفع عقيرته:
ـ بدَّي تسرح داني عم قلّك.." لم ترد.
جلس على الأرض ومارس البكاء، ليثير شفقتها...
خلعتْ فردة حذائها المطّاطيّ بدون أن يراها، وقذفته بها...
مرّت الضّربة خاطفةً، وأصابته في وجهه...
قام بسرعة، وفرّ هارباً خشيةً أن تُصيبه الفردة الثانية...
سكت بين أصدقائه.. سطحوه على الأرض، وأبقوا أنفه مرفوع الفتحتين..
كان يتألم، ويسمع طنيناً عالياً في أذنيه، وكلّما التقت عيناه بعيني أحد من أصدقائه، كان يؤكد
أنّه سقط عن درج البيت...
انقطع الدّم. نهض بهدوء. انزلقت دمعتان من عينيه.
شعر بدوار خفيف...
عندما توازن شعر بهدوء الكون وصفائه وغرابته وجماله..
ابتسم. مضى بدون أن يشكرهم.
هم أكملوا أحاديثهم، وهو عاد إلى البيت خائفاً…!!
في اليوم التّالي. كان أنفه متورِّماً، وعيناه وخدّاه حمراوين،
وكلّما تنخّع، كان يبصق خيوطاً من الدّم المتخثر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا


.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم




.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا


.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07




.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب