الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإضحاك .... ذلك الفن المضني

كامل داود
باحث

(رويَ اêيçï المïèçل ئ الكêçè في الïيوçنيé)

2010 / 3 / 6
كتابات ساخرة


بالضحك ...وبالضحك وحده ، ينفرد بنو الانسان دون المخلوقات الاخرى ولكن اسبابه تختلف بأختلاف المجتمعات وتباين انساقها القيمية ، فقد يكون مااعتاد عليه اهل المدينة مضحكا في القرية والعكس بالعكس ،وكذلك الأمر بين الشعوب والدول ،وهذا ما يصادفنا عند متابعة بعض المشاهد(الكوميدية) الغربية والتي يراد منها الإضحاك فنستغرب حينئذٍ من ضحكهم ،وقد نضحك من ( فطارتهم ) احتراما ،لأنهم نظراؤنا بالخلق ،والا فهو عندنا من قلة الادب، وأحسب ان سلوكهم مشابها لسلوكنا لو انعكست المواقف والاحوال ، ولكن حتى لو اختلفت مصادر الضحك ومسبباته فأنه يبقى نتاج انساني المصدر، وعصارة وعي وتفكير،يمنح الايام ثوبها البهيج ويرفد الذاكرة بخزين لذيذ من الدفء الانساني فلا يمكن ان نتصور الحياة بلا ضحك مهما ثقلت احزانها وادلهمّت الاوقات .
فكم من موقف يمر به الانسان وهو مأخوذ بلجة من الحزن ورغبة في البكاء فيحاصره مشهد امامه لا يقوى على اغرائه ويستحوذ عليه فينفجر ضاحكا وليكن بعدها ما يكون ، فهذه هي النفس الانسانية وهذه هي انفعالاتها ،من الصعب لجمها وليس من اليسر ان نضبط دونها الحدود .
ويكاد الضحك ان ينفرد من بين تلك الانفعالات المتنوعة بقدراته المدهشة على خلق الطلاقة في الوجوه والسماحة والتوافق الاجتماعي بين الناس ،فما ان يوقظه الفرد حتى تشيع البهجة ويسود الانشراح بين اوصال الجماعة ،فمن سحره ضحك الآخرين ومشاركتهم فيه ، ومن يجرب ان يضحَك لوحده يعيش ثواني من الجنون المؤقت ،او على الاقل يفاجأه الآخرون بطلب المشاركة وإلا يتهم بضرب من المس الخفيف ،فهو ممارسة جماعية ولو بين اثنين من ابناء آدم ، شرط ان يكون احدهما مجيدا لفنونه او يحمل من البلادة ما يجعله يواجه الناس بكعس الذي يتوقعون، فيضحكون منه ملء اشداقهم ، ويصبح بعدها، موضوعا للتندر وغرضا لسهام طالبي الضحك ، وصيدا سمينا للباحثين عن ما يبدد الضجر الثقيل،اما إضحاك الآخرين فهو شأن آخر، انه من اصعب الفنون التي تتلاعب بمحيا المتلقين ، فمن السهولة بمكان ان تبكّيهم ولكن اية موهبة فائقة تجعلهم يذرفون الدمع ضحكا وقهقهة؟
والذي يجيد فن الاضحاك يقبض بيسر على ناصية الحديث ويدخل القلوب بغفلة من الرقيب وسرعان ما تتفتح الاسارير وتنبسط الجباه المقطبة وتنقلب الغلظة الى اريحية لينة حتى ترخي حبل المشانق وترفع السيوف عن الرقاب ، فعندما جئ الى المأمون بأحد مدعي النبوة ،أمر وزيره ان يأتي بالنطع والسيف ، وسأله عن معجزته ، فقال صاحب النبوة وهو ينظر الى وجه الوزير المكفهر ، يا امير المؤمنين ان معجزتي هي قدرتي على (نكاح) زوجة هذا الوزير في هذه الساعة ، فنظر الخليفة الى وجه الوزير ولم يتمالك نفسه حتى استلقى على قفاه من الضحك ، ومن بين القهقهات اصدر امره بالعفو عن هذا المتنبي الظريف بعد ان استتابه.
فبالإضحاك حسن التخلص و تمكن ذلك (الزنديق) أن يفلت من حكم محتم بالاعدام المؤكد ، بطريقة اثار بها حافز الضحك في مجلس الخليفة، والعملية ليست بالهينة البسيطة كما تبدو للوهلة الاولى ، بل هي تحتاج الى بديهة مسعفة ، تكون طوع يديه عندما يستدعيها، وارى ان تلك الخصلة من خصال المتنبئين ومَلَكَة تميزوا بها عن غيرهم ، فقد ادار الدائرة على الوزير الذي لو ظفر به لمزقه بأسنانه ،ولكن انّى له ذلك بعد عفو امير المؤمنين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس


.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد




.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد


.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد




.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا