الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أصوات من واشنطن حطّمها العقل والزمن

بشار السبيعي

2010 / 3 / 6
السياسة والعلاقات الدولية


منذ سنتين وخلال حملته الإنتخابية التي توجت بإنتصار تاريخي لأول رجل أسود من أصول أفريقية يصل ألى البيت الأبيض في العاصمة الأمريكية واشنطن، كانت تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما واضحة وشفافة نحو طبيعة العلاقات الثنائية بين سوريا وواشنطن التي كان يسعى لها أنذاك تحت إدارته.
واليوم بعد عدة زيارات للمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جورج ميتشل ومحادثات وصفت بالإيجابية في مجال التعاون بين البلدين، وتوجت أخرها بزيارة مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية وليام بيرنز ألى العاصمة دمشق، ورفع حظر السفر للمواطنين الأمريكيين ألى سوريا من قبل وزارة الخارجية الأمريكية. ومع ترشيح الرئيس أوباما الأسبوع الماضي روبرت فورد لمنصب سفير الولايات المتحدة الأمريكية في دمشق، لاتزال هناك أصوات في واشنطن تسعى ألى تخريب منهج سياسة الحوار القائم على الإحترام المتبادل بين البلدين، وزرع الشك والريبة في نوايا العاصمتين واشنطن ودمشق في السعي وراء الإستقرار والسلام في المنطقة.
وليس من المستغرب أبداً أن تأتي هذه الأصوات من نفس الجهات والمؤسسات التي تعمل في الولايات المتحدة الأمريكية وتمول من مؤسسات ومواطنين أثرياء أمريكيين يهود لطالما كانت إنتمائاتهم الأيديولوجية والفكرية تدعم الفكر الصهيوني الناشئ أصلاً في الولايات المتحدة في أوائل القرن التاسع عشر تحت رعاية المبشرين المسيحيين الأوائل للمنطقة، الذين رفعوا شعار عودة "بني إسرائيل" ألى أرضهم الطبيعية في كنعان، والمتشبث في اليمين اليهودي المتطرف اليوم في إسرائيل.
وقد أتاحت لي الفرصة من خلال إقامتي وعملي في الولايات المتحدة لأكثر من ربع قرن أن أتعرف على بعض تلك المؤسسات الفكرية عن قرب من خلال حضوري للندوات التي كانت ومازالت تقيمها تلك المؤسسات بشكل دائم، وأقابل بعض الخبراء والمحللين العاملين فيهم، وأتبادل معهم وجهات النظر والرأي لمنطقة الشرق الأوسط عامة والصراع العربي الإسرائيلي خاصة.
ولم أستغرب أبداً من الآراء العدائية نحو القيادة السورية عندما ألتقيت في العاصمة الأمريكية واشنطن مع الخبير والمحلل السياسي دايفيد شينكر، العامل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. فمن المعروف عن السيد شينكر ولائه وحماسه الفائض للدولة العبرية وإيمانه بأنها الشعلة المضيئة الوحيدة للحرية والديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط. ولكن ماأثار فضولي ورغبتي في لقائه هو التعرف على تلك النخبة من المواطنيين الأمريكيين الذين ينتمون ألى ذلك الفكر الصهيوني ويروجون له في أروقة الكونغرس الأمريكي والبيت الأبيض منذ عقود والسماع منه عن المعتقدات والأفكار وراء تلك الدوافع التي تجعل من هؤلاء الأشخاص أن يقدموا ولائهم الوطني لإسرائيل على ولائهم لموطنهم ومسقط رأسهم في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومع أخذ الدوافع المادية والمنفعة الشخصية لهؤلاء الأشخاص في عين الإعتبار، يبقى السؤال مفتوحاً أمامنا عما إذا كانت الدوافع الدينية والسياسية تلعب الدور الأكبر في صياغ تلك الدراسات والمقترحات الدورية التي طالما تصدرها تلك المؤسسات وغيرها، والتي يمكننا أن نصفها أحياناً بالحيادية الكاملة للدولة العبرية، كالنموذج المثالي للتأثير على صياغة القرارات الأمريكية المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط في واشنطن.
ورغم قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما اليوم على نهج سياسة الحوار المتبادل بين سورية والولايات المتحدة الأمريكية، والأعتراف مؤخراً من قبل جيفري فيلتمان مساعد وزير الخارجية الأمريكية اليوم، و السفير الأمريكي السابق في بيروت وصاحب الخبرة الطويلة في المنطقة، بمحورية الدور التي تلعبه سوريا في إحلال السلام في المنطقة، وفشل الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة الرئيس جورج بوش الأبن بمحاصرة سوريا أستراتيجياً، لانزال نسمع من السيد دايفيد شينكر نفس الإتهامات الباطلة والإستنتاجات الزائفة عن نوايا القيادة السورية في إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين ألى مجراها الطبيعي والتعاون بينهما في إحلال السلام في المنطقة.
فقد كان أخر ماكتب ونشر للسيد شينكر من آرائه المتحفة في جريدة لوس أنجلس في التاسع عشر من الشهر الجاري، إعادة لإسطوانة سياسة المقاطعة الفاشلة التي أتسمت فيها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش والمطالبة بتغيير السلوك السوري بشأن ماسماه الدعم للإرهاب في المنطقة.
يبدو أن البعض من أولئك الخبراء والمحلليين السياسيين في واشنطن عازمون على البقاء في خندق المحافظون الجدد الذي طالما أتسم بالعداء للعالم، ومايسمى بالحرب على الإرهاب، والحروب الإستباقية التي أودت بالولايات المتحدة والعالم ألى الهاوية وأيقظت النعرات الطائفية والدينية في المنطقة العربية والإسلامية والعالم.
نصيحتي للسيد شينكر أن يستيقظ من غفوته التحليلية لواقع الأمور، أو يعتزل عن العمل في هذا المجال إن لم يكن بإستطاعته أو قدرته تحمّل نتائج هزيمة ذلك الفكر الشيفوني الذي رفعه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش والذي بسّط عقدة الأمور في المنطقة في جملة واحدة "إن لم تكن معنا فأنت مع الإرهابيين".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل